كان
يستوجب علي كجزء من الوفاء لثلاثة من قمم الابداع في السرد
، ان اكون موجودا في هذه الجلسة ومشاركا بها لكن قبل الموعد
تكلفت بمهمة في مجال عملي تعذر حضوري هذه الجلسة ! فسارعت
الى جمعية الثقافة للجميع واعتذرت من رئيس الجلسة وقدمت له ورقة كنت
انوي ان اشارك فيها اهالي هؤلاء المبدعين . ننشر هذه الوقة
في صفحتي وولراحلين (قيد الابداع) رغم رحليهم الذكر الطيب
ولروحهم السلام.
استذكار الروائي الراحل
محمد علوان
رحل الروائي والقاص محمد علوان جبر يوم 2020 522 لأصابته
بجلطة دماغية ،وكانت صدمة حزينة للوسط الثقافي والادبي في
العراق، لأنه يعد أيقونة تهتم بالهموم الثقافية وتقدم
رؤية في مجال الاصلاح والتطوير والتحديث .وهو من اصحاب القلوب
النقية الذين كثيرا ما يختارون الموت عندما ينعدم امامهم الامل
في الاصلاح ، فهو يرى أنه ما فائدة زيادة أيام، أو شهور،
وحتى سنوات نعيشها ليزداد عذابنا! نعزي أنفسنا برحيلك .. ولك
الذكر الطيب ولروحك السلام
الروائي الراحل محمد علوان جبر (في رواية ذاكرة ارانجا)
لا اعلم هل هي نبؤة الروائي محمد علوان جبر بإن الموت قد يكون
قريبا منه وهو يضع على لسان احدى شخصياته في رواية(ذاكرة
ارانجا) هذه العبارات” وفي يوم بات بعيدا جدا، أخبرني سلام
بحزن شديد أنه يعاني من الآم هائلة في رأسه ترافقها أصوات
يسمعها وهي ترن في رأسه..صوت واضح يضرب رأسي
كالألم..يقول لي الصوت ..ستموت قريبا يا سلام”ص.20الشخصيات
الروائية عند (محمد علوان جبر) يتم رسمها بشكل فني وفيها بعد
تشكيلي جميل ومتداخل مع السلوكيات والمواقف والاحداث، وتفاعلها
مع الامكنة، شخصيات إنسانية قادرة بسبب خصوصيتها ان تخاطب القارئ
في كل مكان رغم اختلاف الاماكن واللغات والعادات والتقاليد وسبل
المعيشة وتبدل الازمنة.
استذكار الروائي الراحل حميد الربيعي
اي حزن تتركه فينا وانت ترحل بعيدا حاملا معك كل هموم
العراقيين ،والتي كانت رواياتك وقصصك تفيض بمعاناتهم الشخصية
والعامة، كنت تبحث في شخصياتك الروائية عن القيم والمعدن
الاصيل، تعيش بهدوء وتبدع بصمت وترحل بدون وداع، تبقى اعمالك
الابداعية تخلد ذاكراك يا افضل الحكائين واجمل القاصين. في
روايته (جدد موته مرتين) وهل الموت قابل للتجديد ايضا! نعم
انها العتبة الغرائبية في مدرسة السرد لدى الربيعي، فلا يصطدم
القارئ ان يكون استهلال الرواية بهذا الشكل "- حين سئل عن
وظيفته رد بتلقائية:- أخصي الرجال" تلك الجملة التي قيلت
ببرود وبلا ابالية في حفلة رأس السنة " هو يستمدها من عبارة
التهديد في الموروث الشعبي (والله اخصيهم) او بعبارة السخرية
والانتقاص (شبيكم خاصيكم) ولا يضع السارد (الروائي) هنا
هذه العبارة في الأماكن الشعبية بالرواية (الصدرية)
(عكد الاكراد) (قنبر علي) ( الفضل) (الكسرة) (الحيدر
خانة) (منطقة السراي) (الرحمانية) ولا في احياء مدينة
"نجم الفحام" صاحب العبارة الغريبة (الناصرية) بل هو
يقولها للقنصل العراقي في (النمسا)! لأن"القنصل هو من تطفل
عليه واستخرج بالتدريج هذه الجملة اللعينة"ص 5 ويصف السارد
(نجم الفحام)"قميء، وقصير، منظره يوحي بالهزء..تلبسني
هذا الرجل بالتمام والكمال وضيعت حياتي سدى في البحث والتنقيب
عنه، بدءا من فيينا ومرورا بمسقط رأسه في الناصرية وانتهاء
بمطاردته في خصي الرجال في شوارع بغداد"ص6 اذن
الروائي الذي غادر العراق عام 1979 لأسباب سياسية الى
(الكويت ثم دول المغرب العربي وليبيا انتهاء بالنمسا) يوحي
للقارئ بأنه يريد اصطياد شخصيته الروائية (الفحام) من داخل
النص الروائي ، والرواية تتعدد فيها مستويات السرد بين الروائي
(العليم) او على لسان الشخصيات في الرواية. لك الذكر الطيب
يا صديقي ولروحك السلام.
استذكارالروائي الراحل
اسعد اللامي
-السيرة الذاتية بواقعية انتقادية
لا يملك الروائي (اسعد اللامي) الوقت الكافي ليكتب
رواية للتسلية او لكسب الشهرة والمال، انها رواية بمثابة
(الوصية) فهو كان يعالج من مرض السرطان ، وينتظر
(الموت) هذا ما سمعه من طبيبه الهندي " السيد "كريم فيصل
"، يؤسفني أن أخبرك أنك في المرحلة الأخيرة من مرض
السرطان.وأن ما تبقى لك في الحياة من عمر محصور بين العشرة أشهر
والسنة في أفضل الأحوال"ص 98 وهذا ما جعله يتسابق مع
الزمن (كان علي أن أنتهي من هذا النص بسرعة لأسباب تتعلق
بالبقاء على قيد الحياة ) ، وبعد هذا التنويه ، تأتي
الشكوى على لسان الشاعر (رعد زامل) وهو يلوم ويعاتب
(الامبراطور بسبب حروبه، والأب بسب وجوده ،والاصدقاء بسبب
خذلانهم ) "عليهم جميع/ أن يصلحوا حياتي/ التي أفسدوها/
وسأكف عن ملاحقتهم/ وأكتفي بالنعيب/ شاهدا كالبوم على هذا
الخراب" ص6.اين حصل الروائي اسعد اللامي على حافز كتابة هذه
الرواية الذاتية والواقعية، والتي لا تخلو من مراجعة لتاريخ
العراق المعاصر من 1980 لغاية الان"أنت كاتب، خاطبني الطبيب
الهندي مبتسما، أضاف ماذا تكتب؟ أجبته، هل تعرف سلمان رشدي
يا دكتور، هل سبق لك أن قرأت روايته المعنونة أطفال منتصف
الليل، في الحقيقة أنا أتوق لكتابة رواية مشابهة لروايته هذه.:
يس .. أجاب الطبيب الهندي، "ميد نايت جلدرن" رواية عظيمة
بالتأكيد، أنها تفكك تاريخ الهند بشكل رائع وحيوي
"ص.98
العبوة الرابعة
يبدو لي عنوان الرواية غريب ومثير، فكلمة (العبوة) هي
سلاح يستخدمه الارهابيون في عمليات الاجرامية ويطلق عليها
(العبوة الناسفة) ولكن ان تكون لها (احلام )و(ترقيم) هو
ما يزيد العنوان غموضا "أنتهت الحروب، هكذا آمل ويأمل معي
الناس الذين أكتووا بنيرانها منذ أكثر من ثلاثين عاما، يمكنني
القول بثقة إنها بدأت من العام 1980 وهي مستمرة حتى الآن"ص104
ومن هذه العبارة يتضح ان الرواية سوف تقوم بمسح مرحلة الحروب وهي
بمثابة العبوات الثلاثة (الحرب العراقية الايرانية 1980
الحرب العراقية – الكونية) 1991 )احتلال العراق )
2003 ، وتضاف اليها العبوة الرابعة موضوع الرواية"عبوات ما
بعد الحروب، عبوات ما بعد الفزع، عبوات ترميم الشروخ، وتطبيب
الأمراض، وخياطة الجراح وتعويض الأعضاء المبتورة للأبدان
الناقصة"ص.104وقد تكون استخبارات العسكرية – الشعبة الرابعة –
التي سجن فيها البطل هي ما يوحي الروائي الراحل بهذا
العنوان!