عادات مقدسة عند العرب

2020/12/06

بقلم/ مجاهد منعثر منشد

بعض العادات العربية التي سنذكرها انقرضت تماما في وقتنا المعاصر مع العلم هي من المحاسن التي يحتاجها المجتمع في الوقت الحاضر, لاسيما أن غالبية الفئات المجتمعية تعيش حاليا في ظل عقلية البداوة القاسية حيث تجعل من المشكلة الصغيرة التافهة  مشكلة كبيرة ينجم عنها ما يسمى بالكوامة والتي تؤدي في أغلب الأحيان إلى تقاتل أبناء الجلدة الواحدة؛ فيذهب ضحايا من الأبرياء أو تأخذ أموالا طائلة يعد أخذها من وجهة الشرع من المحرمات ماعدا الدية أو الفدية.

ولاشك بأن العادات السيئة المستحدثة ناتجة عن أهواء وأفكار غير أصيلة وبعيده كل البعد عن  الثقافة العربية الأصيلة التي ازدادت جمالا بعد الرسالة الإسلامية.

ولهذا نطلع القارئ الكريم على بعض العادات الأصيلة المنقرضة, والتي منها:

أولا: مسألة الوجه

الوجه إذا قال عربي لآخر  إني في وجهك فقد أمن كل عقوبة مهما كانت الجناية عظيمة والجرم كبيرا, فاذا أهين أو جرح أو قتل مادام في الوجه ,فقد نزل البلاء على أولئك المعتدين, وان كان اعتداؤهم بحق, فمسألة الوجه عند العرب من العادات المقدسة التي لا يجوز خرقها أو هتك حرمتها.

ثانيا: مسالة الدخالة (حماية المستجير)

سابقا كانت القبيلة أو العشيرة الملاذ الآمن لكل طريد وشريد يستجير بأحدهم وقت الشدائد وخاصة عند فقدان أمنه, فكان التقصير في حمايته والمحافظة عليه وإن كان مذنبا يعد أمرا يجلب العار والشقاء للعشيرة كلها.

وكما أنّ شيخ العشيرة أو الوجيه يحب أن يكون مشهورا بالكرم والضيافة فهو كذلك في حماية الجار والدخيل واللاجئ.

والدخيل هو الذي يرتكب ذنبا أو جرما, فيلجأ إلى من دخل عليه يطلب حمايته فيسمى دخيلا.

وليس بالضرورة أن  يدخل الدخيل على رئيس العشيرة أو الشيخ, فربما يطلب من كل قادر على حمايته و مناصرته, فيقول (أنا دخيلك) أو (أنا دخيل على الله وعليك) ,فهنا هو عند العرب نجا إلى مدة ثلاثة أيام حتى يبلغ مأمنه, وعند نهاية المدة يجب على طالب الدخالة أن يبحث عن دخالة في مكان آخر.

وللدخالة قواعد معروفة عند العشائر العربية ليس ذلك فحسب, بل يتباهى العرب بحماية الدخيل, فتعتبر من الشهامة العربية التي من مقتضياتها أن يحمي الدخيل مهما كلفت حمايته من بذل أموال والأنفس ,فلو التجأ مذنب إلى بيت أحد طلب حمايته فإنّ صاحب البيت يحميه بكل ما أوتي من قوة,فاذا حاول أحد اقتحام حرمة البيت للقبض على المذنب فإن مجرد ظهور أي فرد من سكان ذلك البيت (ولو كان امرأه) ورمت وتدا من أوتاده عند الباب ,يكفي في إيقاف من يحاول اقتحام البيت في مكانه لا يتعداه. وأن مجرد اجتياز البقعة التي سقط فيها الوتد يعد خرقا لحرمة بيت المجير وله الحق في هذه الحالة أن يتصرف بأملاك المتجاوزين المغيرين.

واحيانا يلجأ المذنب إلى نفس ذوي خصمه أو العشيرة, فيدخل خيمة من يخشى أن يقتله ويطلب دخالة أي امرأة أو حتى طفل, وإذا ما استطاع الحصول على هذه الدخالة فلا أحد يستطيع أن يمسه بسوء, وفي هذه الحالة يجرد من سلاحه وعتاده وفرسه ويعطى عهدا بأنه في حماية الجماعة ولن يناله احد بأذى.

ثالثا: مسالة حق القصير

القاف تنطق في لفظ القصير كأنها جيم مصرية.

والقصير مقامه مقام الأجنبي في العشيرة, ولكن له حق لا يقل أهمية عن أفراد العشيرة.

ولذلك السنن الاجتماعية لدى العشائر العراقية تدعو إلى مناصرته كمناصرة أفراد العشيرة.

وأما اذا كان القصير فقيرا فإنه يعطى أرضا يقوم بزراعتها ويقدم له العون من أجل تشيد بيت له.

ويعد الاعتداء عليه جريمة خطيرة عليها عقوبة صارمة يصدرها العوارف والفرضة حسب شخصية الجار والمجير.

ويعتبر جريمة لأن الاعتداء عليه يدل على عدم احترام الجماعة في العشيرة ويمس كرامتهم ومكانتهم مساسا شديدا حيث تكون سمعتهم بين العشائر الأخرى خسيسة.

أخترنا لك
مفتي جمهورية: مصر الحد الأدنى لزكاة الفطر هذا العام 15 جنيها ويجوز إخراجها أول رمضان

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة