الأبيجراما.. فن السهل الممتنع.

2020/11/13

بقلم د. / أيمن خليل

_____________________

تعريف الأبيجراما

هو مصطلح  إنجليزي  مركب من كلمتين يونانيتين الأصل وهما

epos  و  graphein

وهي تعني النقش على الحجر أو الكتابة على الأشياء.. وخاصة الكتابة على شواهد القبور بعبارات مقتضبة مختصرة ومركزة تمجيدا لذكرى الراحلين أو إحياء لذكراهم

وانتشرت هذه الظاهرة في اليونان في بداية القرن السابع عشر إلى أن جاء جون دن و أوسكار ويلد الأوروبيان فحولا هذا النوع من الكتابة إلى فن شعري قائما بذاته بمعايير و خصائص معينة وكان ذلك في منتصف القرن السابع عشر .

وعرّف الأبيجراما الشاعر الإنجليزي كولردج بقوله إنها كيان مكتمل وصغير.. جسده التكثيف و الإيجاز، و روحه الإدهاش و المفارقة. 

ثم تطورت الفكرة وتناقلت عبر أروقة الأدب إلى توصيف الأبيجراما بأنها القصيدة القصيرة التي تتميز بتركيز العبارة وكثافة المعنى .. وتكون إما مدحا أو هجاء أو حكمة .

ويصح أيضا أن تكون جزءًا من قصيدة مكونة من بيتين أو رباعية دون أن يكون لها كيان مستقل.

كان يقصد بالأيبجراما في النقد الأدبي القصيدة القصيرة التي تتميز على وجه الخصـوص بتركيز العبارة وإيجازها، وكثافة المعنى فيها، فضلًا عن اشتمالها على مفارقة، وتكون إما مدحًا أو هجاءً أو حكمة. أما في الشعر فكانت قد تتشكل أحيانا من جزء من القصيدة، يتمثل في بيتين أو رباعية دون أن يكون لها كيان مستقل.

ثم انتقلت الفكرة من الأدب الإنجليزي إلى الأدب العربي عبر التراجم حتى بدأت تتشكل بشكل القصة المكثفة جدا وأطلق عليها مصطلح القصة الومضة لما تملكه من مقومات السرعة والكثافة والتركيز وقوة المفارقة .

ثم قام الأديب المصري "مجدي شلبي" بوضع معايير معينة لها من حيث البناء وعدد الكلمات .

ومن أمثلة القصة الومضة أو الومضة القصصية  بقلمي:

نهايةٌ

 تنفسَ الحلمُ؛ خنقتْهُ اليقظةُ.

نجمةٌ

أضاءَتْ ظلامَهُ؛ غارَتِ المصابيحُ.

عشقٌ

سددَ سهامَهُ؛ أصابَهُ رمشُها.

سيلٌ

هطلتِ الأفكارُ؛ غرقَتِ الرُّؤى.

وكما نرى في هذه النماذج فقد ارتكنت لعناصر التكثيف والتركيز والإيحاء من جهة و الإدهاش والمفارقة من جهة أخرى .

ونحن لسنا بصدد التحدث باستفاضة عن الومضة القصصية كلون أدبي انتشر في السنوات الأخيرة .. قدر حرصنا على تسليط الضوء على أمثلة فعلية لنوعية معينة تمثل الأبيجراما .

ثم تطورت الصورة أكثر وأكثر حتى اختمرت في ذهني فكرة انبثقت عن الومضة القصصية فطرحتُ ( المتلازمة ) على الساحة الأدبية العربية وهي أشبه في البناء بالومضة القصصية لكن تختلف في البناء وزمن الحدوث وبعض التفاصيل الجوهرية

بعض نماذج من المتلازمة :

ولهٌ

لأنَّكِ أسطورةَ عشقٍ.. يتزينُ تاريخُ المحبينَ.

واقعٌ

لأنَّ الوطنَ مريضٌ.. تحتاجُ نفوسُنا العلاجَ.

لذةٌ

لأنَّكِ زادي.. يتناولُني شوقي إليكِ.

أرصدةٌ

لأنَّ القناعةَ ثروةٌ.. خوَتْ خزائنُ الأغنياءِ.

وهذا اللون الجديد ( المتلازمة) من أحدث الألوان حاليا من نوعية الأبيجراما والتي انتشرت أيضا في الآونة الأخيرة على الساحة الأدبية العربية .. وكان لي شرف ابتكار هذا اللون الجديد والذي أثبت وجوده ومكانه وسط ألوان الأدب العربي .

وستبقى فنون الأبيجراما فنون السهل الممتنع والتي اختفت في فترة من الفترات لكن لاحت في الأفق من جديد على يد الأدباء العرب الذين برعوا فيها وأثبتوا جدارتهم ومكانتهم

وسط من ابتدعوا هذا الفن القديم الأبيجراما. — مع ‏محمد شواخ الحسين

‏.

أخترنا لك
أفضل انطلاقة لمحترف مصري... مصطفى محمد على خطى صلاح

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة