رؤية نقدية لرواية “سنوات التيه” للكاتبة شاهيناز الفقي.. بقلم : مجاهد منعثر الخفاجي

2020/01/24

الروائية والقاصة الأستاذة/ شاهيناز الفقي من جمهورية مصر العربية الشقيقة / عضو اتحاد كتاب مصر .

 

 غرست الكاتبة المبدعة فسيلة أدب في مزرعتها , فأكرمت النخلة الأدبية , ليتذوق المجتمع العربي حلاوة إنتاجها الذي يشبه طعم الرطب .

 

حدثتها فأذنت أن أقتطف رطباً جنياً مما  زرعته  أناملها ,فشعرت بطعم طاب لي مذاقه ، تمتعت الكاتبة بنفس طويل جعلها تكتب شيئا جديدا بإبداع ملفت للنظر مع الالتزام والتقيد ببعض أسس كتابة الرواية العربية , فكتبت روايتها حسب ميولها وأفكارها الوضاءة وتراكمها الثقافي النابع من ذاتها .

 

 لقد تحررت شاهيناز الفقي في رواية (سنوات التيه) من عبودية الروايات السائدة كما نرى مساحة التشابه و التمايز مع ما هو سائد على مستوى الفكرة و المضمون و التقنيات السردية , فابتعدت عن أسلوب التشابه والتكرار والنمطية. لتخطو خطوتها الأولى لعودة الرواية النفسية إلى ساحة الأدب العربي حيث عكفت على قراءة علم النفس ودرست الشخصيات نفسياً . فخرجت روايتها نفسية اجتماعية. فالخط العام للرواية عن فكرة الزمن والهروب من الواقع والتشبث بذكريات الماضي عن الطريق السبات والغيبوبة الاختيارية للتحليق بالخيال نحو سعادة مؤقتة , بمعنى أن الزمن في الروية هو الزمن السابق (أشياء لا رابط بينها) في الزمن المألوف ..

 

و تلقي الكاتبة الضوء على الفساد المنتشر في واقعنا المعاصر وانهيار الاخلاق وانعدام العدالة وممارسة الفساد بشكل مهني , وتكمن معالجة القضايا بأن هذا الهروب فشل والحل الأفضل هو مواجهة ومعايشة الواقع وإن كان مريرًا مؤلمًا.

 

 و الرواية تحتمل العديد من التأويلات وتفتح ملفات لكثير من القضايا الشائكة في مجتمعاتنا العربية.

 

  أن الاستاذة شاهيناز نجحت كروائية مبدعة بامتياز من خلال قلمها القدير , ,فتحررت من فكرة عتبة العنوان المتداولة حيث لا يمكن أن يتوصل إليها قارئ أو ناقد إلا بعد قراءة أكثر من نصف الرواية , إلا أنها اختارت العنوان بدقة جعلته يعبر عن أحداث الرواية والحالة التي تمر بها بطلتها . وسخرت ذكاءها في الأداء والوعي الفني لتشد القارئ من خلال وضوح عمق الفكرة في الاحداث , فحاولت ألا ترهق ذهن المتابع بالغموض فينفرعن مواصلة القراءة, أنما وضعت مفاجأة تتصاعد الأحداث فيها بشكل درامي تجعل المتتبع يبحث عن  الحقيقة ويريد أن يمسك خيطا منها وكلما أمسك به فلت منه ليجده في النهاية ,

 

 لذلك يتشوق القراء لهذا الاسلوب السحري , فهذه الرواية الشيقة ضمت بين ثنايا سطورها إثارة ومتعة وخيال ,و أبدعت الكاتبة في رسمها للشخوص وتصورهم ووصفها للاماكن بتكثيف واضح ، لغة الرواية محكمة تميزت بالحرفية والتوازن والتناغم بين السرد و الوصف و الحوار، وبين اللغة و الشخصيات والمواقف.  كما امتازت ببراعة الوصف لبواطن الأشياء وظواهرها بتكثيف درامي . وغرست الأمل في نفس القارئ ؛ بالأقوال التي صاغتها وصرحت بها على لسان الشخصيات , كقول (المشاعر السلبية التي نشعر بها تجاه شخص ما هي ليست كراهية بقدرما هي تنفيس عن غضب مكبوت وحب طاغ لا نستطيع دفعه أو نسيانه) . وقولها على لسان بطلة الرواية : (أبي كان يقول لي إن حركة الكون تسير باتجاه التسامح و المحبة والمشاعر الطيبة ..أما في الكراهية فنحن نعاند الكون، ونسير في الاتجاه المعاكس لفطرتنا ..و في هذه الحالة لا نؤذي إلا أنفسنا).

 

الرواية بانوراما طب علم النفس , اجتماعية , ثقافية أدبية ..وتمثل التجديد بالرواية العربية بقلم المرأة ، أهنئ الروائية المبدعة على روايتها الرائعة والتي أعتبرها من أجمل ما قرأت في الروايات المعاصرة.

شاهيناز-الفقي

أخترنا لك
مدير وكالة «الطاقة الذرية» يزور طهران في «الأيام المقبلة»

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة