بغداد وباريس نحو «خارطة طريق» للتعاون المشترك

2020/09/03

ارتدت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «القصيرة» لبغداد ثوب الاهمية البالغة، باعتبارها العاصمة الثانية بعد بيروت، التي يختارها ماكرون لطرح «مبادرة أممية للسلام بالمنطقة»، مع التأكيد على سيادة العراق ومنع التدخلات الخارجية. 

 

وتأتي الزيارة في ظل جهود كبيرة يبذلها العراق من اجل إلحاق هزيمة نهائية بالإرهاب، والسيطرة على جائحة كورونا، مع مساع مستمرة للابتعاد عن شبح التوترات بين الحليفين الاميركي والايراني في المنطقة.

واختتم ماكرون مساء أمس الاربعاء زيارته لبغداد، بعد اجراء لقاءات مع الرئاسات الثلاث، سبقتها مراسيم استقبال رسمية، بينما شهدت اللقاءات مباحثات بشأن التعاقدات العراقية الفرنسية في ما يتعلق بالتسليح، والتوغل التركي داخل الاراضي العراقية.

 

جلسة مباحثات ثنائية

وعقد رئيس الجمهورية برهم صالح، في قصر بغداد، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جلسة مباحثات ثنائية تناولت علاقات الصداقة وسبل تطويرها، وتوسيع آفاق التعاون البنّاء في المجالات كافة بما يخدم المصالح المتبادلة، فضلاً عن مناقشة آخر التطورات على الساحتين العربية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.كما ركزت المباحثات التي أجراها الرئيسان العراقي والفرنسي على تنشيط الاستثمار والاستفادة من الخبرات المتبادلة، وتنسيق الجهود لمكافحة فيروس كورونا والحد من تداعياته الوبائية والصحية والاقتصادية.

واكد رئيس الجمهورية برهم صالح «الحرص على إقامة أفضل العلاقات مع فرنسا، المبنية على التفاهم والتنسيق، انطلاقاً من العمق التاريخي لها»، مشدداً على التزام العراق بنهجه الثابت في بناء علاقات متوازنة مع دول الجوار والأصدقاء والحلفاء، والاعتماد على التعاون والشراكة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية سبيلا لبناء جسور الترابط بين شعوب المنطقة بعيداً عن سياسة المحاور وفرض الإرادات.

وأضاف أن «العراق يتطلع باهتمام إلى دعم المجتمع الدولي لجهوده في تعزيز سيادته الكاملة، وحفظ أمنه ومنع الخروقات العسكرية على أراضيه، بينما أشار إلى وجوب ديمومة العمل المشترك لمواصلة الحرب على القوى الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها والتصدي للفكر المتطرف.

ووصف الرئيس صالح، خلال المؤتمر الصحفي، نظيره الفرنسي «بالصديق  العزيز»، مثمنا الدور الفرنسي المتميز بمساعدة العراق في مواجهة الإرهاب وتحقيق الانتصار عليه بفضل تضحيات العراقيين وصمودهم.

وبشأن الجانب الاقتصادي ذكر أن هناك العديد من المشاريع والعقود التي سيتم إعلان مجموعة منها، والتي من المؤمل أن تخدم الاقتصاد العراقي والعلاقات بين البلدين. وقال رئيس الجمهورية: «نتطلع لزيارة طويلة من الرئيس ماكرون العام المقبل، يزور فيها مناطق مختلفة، فصديقنا حريص على دعم العراق ودعم تطلعات شعبه في الحياة الحرة الكريمة».

 

شراكة عراقية ـ فرنسية

من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ان زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بداية حقيقية لشراكة عراقية فرنسية، بينما اشار الى ان السيادة العراقية خط أحمر.

وقال الكاظمي في مؤتمر صحفي مع ماكرون: «أنا سعيد بزيارة ماكرون لبغداد، وفرنسا شريك مهم للعراق».

واضاف «نحن مهتمون بتوسيع الشراكة مع فرنسا»، مشيرا الى ان «هناك الكثير من جوانب التعاون بين العراق وفرنسا».

وتابع «نسعى لتفعيل العمل بوثيقة التفاهم الستراتيجي بين البلدين»، لافتا الى ان «فرنسا قدمت الدعم للعراق في حربه ضد داعش».واكد «اننا سنعمل على تذليل كل التحديات أمام الشركات الفرنسية»، مقدما شكره لـ«ماكرون على اهتمامه بحماية سيادة العراق، لأن السيادة العراقية خط أحمر».

 

تعزيز الدبلوماسية البرلمانية

كما استقبل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، واكد رئيس البرلمان دعم السلطة التشريعية للحكومة العراقية؛ من أجل المضي بخطوات التعاون المشترك بين البلدين، التي تنعكس على مصلحة الشعبين الصديقين.

كما شدد الحلبوسي على تعزيز الدبلوماسية البرلمانية، وتفعيل العمل النيابي للسلطتين التشريعيتين في كلا البلدين الصديقين .

بدوره، أوضح الرئيس الفرنسي خلال لقائه الرئاسات الثلاث، «حرصتُ على زيارة العراق، وهي زيارتي الأولى له بعد عدة زيارات وزارية، وذلك لنعبر عن دعمنا للعراق وللمرحلة التاريخية والديمقراطية التي يمر بها».واضاف ماكرون أن «هناك تاريخاً يربط بين بلدينا، ولقد قاتلنا الإرهاب معا وسنستمر»، مشيداً بشجاعة القوات المسلحة العراقية.

كما أكد الرئيس الفرنسي رغبة بلاده بتعزيز الشراكة مع العراق، معلناً وضع خارطة طريق مشتركة للتعاون بين البلدين.وافاد بأن رئيس الجمعية الفرنسية سيتواصل لتنسيق التعاون بين البرلمانين؛ من أجل الانطلاق بتطبيق الستراتيجية في عموم مناطق العراق، مشيراً إلى أن فرنسا تدرك التحديات التي تواجه العراق، وهي إلى جانبه.

ولفت الى أن «بلاده تقف إلى جانب العراق في الحفاظ على سيادته وأمنه واستقلاله»، موضحا «أهمية مواصلة التنسيق والتعاون في الحرب على الإرهاب ومنع عودة تهديده لشعوب العالم، وضرورة مضاعفة الجهود الدولية لتحقيق السلام ومنع التوتر في المنطقة».

كما اكد استعداد بلاده للالتزام بتأمين مصادر الطاقة للعراق، بينما اشار الى ان فرنسا ستدعم المشاريع المهمة ومنها مترو بغداد.

 

تعاون اقتصادي وأمني

الى ذلك، أوضح عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية عامر الفايز ، أن «فرنسا لها رغبة وتوجه بأن تضع بصمة وتكون عنصرا فاعلا في ترتيب اوضاع المنطقة»، مشيرا الى ان «العراق من الدول المهمة والبارزة اقتصاديا».

واضاف ان «الهدف الرئيس للزيارة هو التعاون الاقتصادي بين فرنسا والعراق ودعم الاقتصاد العراقي، وبالمقابل لا تخلو الزيارة من اهداف سياسية».

ولفت الفايز الى أن «العراق لديه ارض خصبة للاستثمار الخارجي، وفرنسا تريد دوراً مهماً في عملية البناء والاعمار والاستثمار»، مؤكداً أن «الزيارة لا تخلو من التعاون المشترك في المجال الأمني وتبادل المعلومات بين الطرفين».

من جهته، اعتبر المحلل السياسي صباح العكيلي أن الزيارة أتت لتبني ملف المنطقة، ولتثبيت النفوذ الفرنسي والدفاع عنه في ظل انشغال الولايات المتحدة الاميركية في الانتخابات الرئاسية، مؤكدا ان ماكرون حمل مبادرة أممية لتثبيت السلام بالمنطقة، وان العراق يمثل اليوم طرفا مؤثرا في السياسة الإقليمية.

وأوضح العكيلي، أن الرئيس الفرنسي أطلع العراق عليها، لمعرفة رؤيته السياسية، ولا سيما أن العراق يعد اليوم أهم طرف مؤثر في أي حدث إقليمي بالمنطقة.

أخترنا لك
سرية قاصم الجبارين تتبنى ثلاثة عمليات ضد الامريكان في العراق

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة