تقديم/ رجاء حسين
=========
مقال: الدروس الخصوصية حرام حرام!
منذ صغري وأنا أكره الدروس الخصوصية؛ لأسباب عديدة؛ كان أهمها وقت أن كنا طلابا هو هذا التمييز العنصري الذي يمارسه بعض المدرسين ضد الطلاب الذين لا يأخذون دروسا خصوصية معهم، وكان يزيد من حدة هذا التمييز العنصري البغيض الدلال الذي يعامل به من كانوا يأخذون تلك الدروس أثناء الحصص المدرسية، ويزيد الطين بلة عندما يتعمد أحد المدرسين إهمال الشرح في الفصل لدفع الطلاب إلى الاستعانة به، مع كل مايترتب على تلك التصرفات من إحساس بالظلم والقهربدون أن يكون لك حولا ولا قوة على مجابهة كل هذا الظلم، وكان مما يلطف حدة الأمر أحيانا هو وجود نوعية أخرى من المدرسين لاعلاقة لها بما سبق؛ فكونهم يعطون دروسا خصوصية لبعض الطلاب لم يكن مبررا لتعاملهم بشكل مختلف مع بقية الطلاب؛ فالكل سواء في الحصة، والاهتمام للجميع، والشرح يحكمه الضمير اليقظ الذي يعمل موقنا أن الله يراه ويرى عمله، وبالطبع كان هؤلاء محل حب واحترام الجميع، وبالرغم من مرورعشرات السنين إلا أن الأمرتقريبا يسيربالطريقة نفسها فما الجديد؟
الجديد هو تلك الحملة الشرسة على المعلم، والتي ربما لم تكن موجودة في أيامنا، الكل ينظر ويهاجم ويسب ويلعن، ويزيد البعض فيعلق كل مشاكل العملية التعليمية برقبة المعلم؛ فهو في نظرهم الطماع الجشع الذي يسعى لاستنزاف أموال أولياء الأمورعن طريق الضحك عليهم ودفعهم إلى الاستعانة به بشكل خاص؛ ووصلت المبالغة في الهجوم إلى المطالبة بالقبض على أي معلم يضبط بممارسة الجرم المشهود!
وليس خفيا على أحد ما ينجم عن كل ذلك من إساءة بالغة للمعلم؛ والتسبب في إيذائه نفسيا واجتماعيا وماديا ومهنيا الخ، بدون أن يلقي أى أحد بالا لكل ذلك، ويحق لنا أن نتساءل: ما السر في تلك الهجمة الشرسة على المعلم؟ وما مبرراتها؟ وهل يستحق المعلم فعلا أن يهاجم بهذا الشكل؟
حقيقة تتداخل الأمور بشكل عجيب مثير للدهشة أحيانا وللغضب أحيانا أخرى ثم يصبح الأمر برمته مثيرا للغضب والاشمئزاز من كل تلك التهم التي تلصق بالمعلم؛ والتي تجعلني أصرخ بكل ألم: نعم الدروس الخصوصية حرام؛ وهي عمل غير لائق للمعلم! ولايجوز له ممارسته تحت أي مسمى! ولكن فقط في حالة واحدة حتى نكون منصفين، وحتى يكون لكل تلك الاتهامات محل من الاحترام والمصداقية وحتى يسري سيف العدل على الجميع فيجب علينا اعتبار كل ما يأتي مندرجا تحت بند (تجريم الممارسة) ووضع كل عمل مما يأتي جنبا إلى جنب مع عمل المعلم بالدروس الخصوصية:
اعتبار أن ممارسة الطبيب لمهنة الطب خارج مجال المستشفى الذي يعمل به هو عمل غير لائق يحاسب عليه
اعتبار أن ممارسة المهندس لمهنة الهندسة خارج مجال الشركة التي يعمل بها هو عمل غير لائق يحاسب عليه
اعتبار أن ممارسة المحاسب لمهنة المحاسبة خارج مجال الشركة التي يعمل بها هو عمل غير لائق يحاسب عليه
اعتبار أن ممارسة السائق لمهنة القيادة خارج مجال الأصلي الذي يعمل به هو عمل غير لائق يحاسب عليه
فإذا حدث ذلك بالفعل يمكننا أن نضيف لما سبق:
اعتبار أن ممارسة المعلم لمهنة التدريس خارج مجال المدرسة التي يعمل بها هو عمل غير لائق يحاسب عليه
ولما لم يكن من المنطق ولا من العقل أن يحدث ذلك فلن يكون أمامنا إلا مناقشة الموضوع بكل حيادية وعدل من جميع جوانبه حتى نستطيع التوصل إلى حل عادل ومنطقي بشأن مسألة الدروس الخصوصية وللحديث بقية
وحتى نلتقي نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا معنا
أرق تحياتي/ رجاء حسين