زهرة الصباح {58}

2020/08/26

الاعتدال (4) {لاأحد يساعد الملائكة!}

تقدمها لكم / رجاء حسين

============    

الدين المعاملة؛ فالإسلام ليس دينا منعزلا عن حياة المسلم؛ وقد جاء ليحفظ للإنسان كرامته وإنسانيته، وكلما ارتقى الإنسان في خلقه كان أقرب إلى الله ورسوله، كما جاء في الحديث الشريف: (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ولهذا أمرنا الله بالتزام  مكارم الأخلاق والتمسك بها، وجاء الأمر بالعمل بها في القرآن والسنة النبوية؛ كما أننا أمرنا بالتحلي بصفات طيبة تجعل هذه الأخلاق في الاتجاه الصحيح؛ ومن أهم هذه الصفات صفة {الاعتدال} والتي هي بمثابة البوصلة التي توجه جميع الأخلاقيات والتعاملات في حياتنا اليومية،و علمنا أن الوسطية الحقيقية هي المنهج الذي أراده الله لنا، ورغم ذلك نجد البعض منا يبالغ في الحب والعطاء لمن يحبهم  لدرجة الذوبان في حياتهم ونسيان أو تناسي حياته هو!  قد تكون واحدا من هؤلاء!

  وربما استيقظت من أحلام ثقتك وعشمك بهم على صفعة خذلانهم لك في الوقت الذي احتجتهم فيه!

فما الخطأ الذي ارتكبته حتى تقابل بكل هذا الخذلان ممن أحببتهم وتفانيت في إسعادهم؟! 

 الحلقة السابقة رأينا بعض المبررات التي قد تخطر على بالك عندما تفكر في سبب موقفهم الغريب من وجهة نظرك، والآن دع عواطفك تجاههم جانبا قليلا، تسلل من عباءة ثقتك المطلقة وعشمك الكبير بهم؛ لترى الموقف بوضوح وحيادية، وترى الصورة واضحة:

الحقيقة أنك لم تحبهم بشكل طبيعي متوازن؛ بل تجاوزت حد الاعتدال والاتزان في مشاعرك تجاههم؛ وأن هذا دفعك من حيث تدري أو لا تدري إلى التفاني من أجلهم، وأن هذا التفاني قد جاوز الحد المعقول أيضا!

 هم رائعون لأنك لم تتوقف لتسمح لنفسك برؤية إن كانت روعتهم معك تعود لطبيعتهم؟ أم لأنك لم تدع لهم مجالا ليكونوا غير ذلك؟! لأنك دوما معطاء، خدوم، صادق، تضحي براحتك وسعادتك من أجلهم، هل تذكرت الآن؟

كم كنت متعبا وتظاهرت بأنك على خير ما يرام من أجلهم! كم كنت تعيسا في بعض الأوقات، ولم تظهر ذلك أمامهم خوفا على مشاعرهم، فأضفت لنفسك ألما مضاعفا بكتمانك لما تتألم منه؟ هل تذكرت كم كنت تتجاوز عن زلاتهم معك حفاظا على الود بينكم؟

نعم لابد أنك تذكرت كل ذلك، فهي أمور لاتنسى بسهولة، تذكرت أنك كنت في نظرهم الملاك! والملائكة ليسوا بحاجة للمساعدة! ليسوا بحاجة لمن يربت على أكتافهم ليطمئنهم؛ فهم دوما مطمئنون!

 كنت جملا صبورا تتحمل العطش إلى كلماتهم الطيبة التي لم تكن تسمعها منهم أبدا! فما حاجتك إلى ري مشاعرهم، نعم لقد نسيت أو تناسيت في خضم مغالاتك في مشاعرك تجاههم أنك إنسان مثلهم، تخطئ وتصيب، تكون أحيانا هادئا وأحيانا أخرى عصبيا، مرتاحا أحيانا وأخرى تكون متبرما لسبب ما، لا لقد كنت تجاهد نفسك لتظهر دوما في أبهى صورة أمامهم، الخطأ ليس عندهم  ياصديقي؛ أنت الذي قدمت لهم الرسالة تلو الأخرى: بأنك لست بحاجة إليهم، وأنك من الصلابة والشموخ والتماسك لدرجة أنك لن تسقط يوما ما! لقد كنت تتظاهر بتثبيت أركان نفسك ودق أوتادها لتنصب خيمة وهمية  من القوة  تحميك طوال الوقت، وحرَّمت على الآخرين النظر إلى داخل تلك الخيمة؛ حتى لا يروا بعض جوانب ضعفك  الإنساني، فلا تتعجب كثيرا إن تركوها تتهاوى فوق رأسك وحدك!

 لا تكن جملا حتى لاتموت عطشا!

ولا تكن ملاكا فالملائكة لا يحتاجون المساعدة! 

غدا  مع  زهرة جديدة

كن كزهرة الياسمين ..رائحتها تريح الأعصاب وتولد شعورا بالثقة والتفاؤل ومرآها يولد شعورا بالحب والسعادة.

أرق تحياتي/ رجاء حسين

 

أخترنا لك
إسرائيل تتهم إيران بالاعتداء على إحدى سفنها في خليج عُمان

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة