علي إبراهـيم الدليمي
صدر حديثاً للروائي الفلسطيني د.عاطف سلامة رواية جديدة تحت عنوان “ندبة المرايا” عن دار موزاييك للدراسات والنشر والتوزيع في إسطنبول، والتي تقع في 208 صفحة من القطع المتوسط، ويتوزع السرد فيها على عدة شخصيات، من دون أن يلغي ذلك وجود شخصية محورية تستحوذ على الحيز الأكبر منها، وينتمي أبطال الرواية إلى الفترة الزمنية الواقعة بين انتفاضة 1987 وحتى وقتنا الحالي.
تجري أحداثها الأساسية في مدينة غزة الفلسطينية، ويتوزع السرد على ثلاث حقب رئيسية، وهي فترة إنتفاضة 1987 حتى توقيع اتفاق أوسلو 1993 وتسلم السلطة الفلسطينية ادارة الشأن الفلسطيني في الضفة والقطاع، وصولا إلى الانقلاب العسكري 2007 التي قامت به حركة حماس وتسلمت زمام الادارة في قطاع غزة، وما بينها من أحداث وتحولات.
يتقاسم أحداث الرواية عدة أبطال وشخصيات، إلا أن القصة الرئيسية تبقى قصة بطل رئيسي للرواية، هو خالد “الصقر”، الذي يسرد سيرة الحقب الثلاث من سجنه، إنطلاقاً من معايشته لجميع الأحداث والتي لعب فيها دوراً مهماً، لا سيما شخصية الوغد المتسلط الذي لا تأخذه رحمة، سواء بالتهريب أو تلقي الرشاوي، أو حتى بتعذيب ضحاياه وصولاً للقتل.
كما تتناول الرواية الوقائع والأحداث التي مرت خلال الفترة الزمنية المذكورة بجرأة عالية، حيث أن الكاتب هنا وعلى غير العادة، فهو لم يسلط الضوء على ما هو وردي، وإنما جسد الوجه الآخر لأصحاب النفوذ وعكس فسادهم واستغلالهم وسطوتهم وتحكمهم بالعباد من خلال استغلال المناصب وقوة السلاح.
وكذا، تكشف الرواية الألاعيب الساقطة التي كان يمارسها أولئك الذين كانوا من المفترض أن يكونوا حماة على أمن البلاد والعباد، وكيف يمكن أن يتحول ويتبدل ممثلو الحكومة تبعاً لمصالحهم وشهواتهم إنتقاما لتاريخ أسود يعود لأفعال الفرق الضاربة التي تأسست أبان انتفاضة 1987.
الرواية تحكي بسردية ممتعة حكايات ما تعانيه المجتمعات العربية، وتظهر قسوة التسلط والكذب والنفاق، يقول الدكتور عبد الوهاب الأزدي الاستاذ في جامعة محمد الخامس بالمملكة المغربية والناقد الفذ ذو الرؤية الثاقبة في مقالة تحت عنوان” مقص عاطف يهاب المرايا”، جسد خلالها رؤيته لرواية “ندبة المرايا” فحل لغزها وحللها وربط فك مقصها بتوقيع فك “المقص” في رسومات الكاريكاتير.. لتكتمل الصورة ويتضح المشهد، فقال: قرأت الرواية الجديدة “ندبة المرايا” للفنان والكاتب المسرحي الفلسطيني، الدكتور عاطف سلامة، فقد اشتهر عاطف في رسوماته الكاريكاتورية بتوقيع “المقص” الذي يؤدي أدوارا طلائعية في المجتمع والدولة لا تقل أهمية عن نكاية حنظلة في رسومات ناجي العلي.
لم يقنع مقص عاطف بالجداريات ولا بخشبات المسرح، فقد قطع الطريق نحو عالم الرواية، جاعلا من سارده ومن متواليات السرد في هذا العمل الإبداعي الممتع ندوبا تجترح المجتمع الفلسطيني جراء ممارسة السلطة والفساد واستهلاك الشارع للتسلط وللكذب والنفاق.
“صقر” هو خالد الذي يحمل على وجهه ندبة مقص في حادثة. يهاب رؤية وجهه على المرايا، ويهاب استعادة حقيقته على المرايا. حقيقة ضابط فاسد مرتشْ، وقاتل لنفسيته السادية وقاتل لطموحات مجتمعه في الأمن والأمان.. وفي غد أفضل.
د.عاطف سلامة مبدعا لا يشق له غبار.. وكاتبا ممتدا بمقصه على خرائط وحدود الوطن العربي.
أما الأستاذ غسان أبو حطب من جامعة بير زيت فكتب يقول: هنيئًا للكاتب والقارئ والمكتبة العربية رواية “ندبة المرايا” فهي رائعة وموفقة.. هذه مرآتك يا دكتور عاطف سلامة، التي كشفت ندبات بعض من يلتحفون عباءة الدين والوطن، لتكشف عورات وعوار الواقع وشخوصه وأبنيته السياسية والإجتماعية والثقافية، نعم لقسوة هذه المرايا من أجل استعادة الوعي المفقود استعدادًا لمواجهة ما هو آت من أزمات وكوارث على كل المستويات، نعم لكشف المستور وتعرية الفاسدين، اي كانت ألوانهم.
أما الأستاذة الأديبة ناهد سكيك فقالت:”تشرفت بقراءة الرواية الجريئة الجميلة للدكتور الأديب عاطف سلامة “ندبة المرايا” وقد كانت رواية جديدة لا يستطيع القارئ ان يبدأ القراءة الا وقد وصل إلى نهايتها لسلاسة السرد وسهولة التعابير وقربها الوطيد من الواقع ولو انه كان مراً في أغلب الصفحات وأجمل ما فيها نهايتها فلم تكن نهاية سعيدة كالأفلام العربية ولا مأساوية كالبعض الآخر وإنما نهاية واقعية تتناسب مع احداثها الواقعية وان احداثها لازالت تتكرر رغم إختلاف الاسماء والمسميات والاماكن.. فشكراً لإثراء المكتبة الفلسطينية برواية توثق واقعنا المعاش مع التمنيات ان تكون الرواية المقبلة اكثر اشراقا وتفاؤلا وتروي أيضا احداث حقيقية ايجابية… وفقك الله.
من جهته كتب الناقد الأستاذ زهير السيلاوي من قطر: “قرأت رواية “ندبة المرايا” بنهم المتعطش لأحداثها، فالأديب والفنان الأصيل هو من يخرج من رحم المأساة ، وهو الذي يتفاعل مع مآسي أهله وشعبه بشجاعة قد تعرضه للمساءلة ان لم يكن للخطر، والدكتور عاطف سلامة بهذه الرواية يسير في حقل الغام، فقد عرى المستور، وكشف الغطاء عن المستخفي ، للوصول لحقيقة معاناة الشعب مع السلطة السادية. أعتقد ان احداث الرواية تنطبق على شعوبنا العربية وانظمتها السادية القمعية.
ولا انسى هنا أن أشيد برسومات الفنان سلامة الكاريكاتورية، التي اتابعها، والتي تحمل في ثناياها هموم المواطن على مختلف اطيافه، لذلك لا غرو اذا اطلقوا عليكم فنان الشعب. فعلا انتم فخر لكل فلسطيني وعربي شريف.
هذه كلمات من إنسان بسيط، صدرت من قلب يعتمل بالآسي لما آل اليه الحال، فكانت كلماتك ورسوماتك تحكى ما في النفس، وفقك الله، ولا كسر لك قلماً ولا ريشة.
من جهته كتب الاستاذ عبد الصمد اليحياوي من المغرب يقول: “د.عاطف سلامة الاديب الفنان الذي سينصفه التاريخ، فقساوة العزل بقطاع غزة لن تصمد طويلا ليصل صوت سلامة سالما الى كل الضمائر الحية في هذا الوطن.
أما الأستاذة ماجدة الشريف فقالت : “للوهلة الأولى استمتعت وشردت لأعيش نهاية رائعة ولكني فوجئت بالقفلة واغلاق الباب حقيقة واقعية مؤلمة، دام نبض قلبك. بدوره الصحفي عماد الخوالدة كتب يقول: “رغم أنني لست ناقدا أدبياً.. الا انني استطيع القول بأن رواية الدكتور عاطف سلامة “ندبة المرايا” هي مرآة حقيقية لواقعنا دون تزييف أو تجميل، أظهرت ما تم التستر عليه من خلال تزييف الحقائق؛ ما أوصلنا أو ساهم في دمار واقعنا الحالي و ما وصلت إليه الأمة العربية من تشرذم وتشرد. من الراوية: “شدة الحرارة تؤثر على ثقل اللسان أثناء الحديث، وكأن السجين قد شرب زجاجة كاملة من الفودكا الروسية، فيدور سكرانا مكانه دون هدف، ويتسلل الملل إلى عضلات الجسم فيصبح الجميع كسالى لا يقوون على الوصول حتى؛ إلى الصنبور لشرب جرعة من الماء الملوث، فهذه قصة بحد ذاتها، فإذا ما عطش السجين فإن رحلة البحث عن قطعة القماش المخصصة لتصفية الماء، تتطلب سؤال الجميع عنها، وعلى الأغلب تكون مع أحد المساجين إذ يستخدمها لتجفيف عرق جبينه، أو يضعها تحت إبطه، أو مع آخر يجفف بها عرق صدره الشعور، أو مع سجين آخر وضعها على وسادته ونام عليها، وحين يجدها ويضعها على بوز الصنبور تكون المياه مقطوعة”.
الجدير بالذكر أن د. سلامة إلى جانب أنه روائي وعضو الإتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، فإنه أيضا فنان كاريكاتير وكاتب صحفي وسيناريست
فلقد صدر له العديد من الكتب والمؤلفات أهمها: الصحافة والكاريكاتير/ غزة 1999ألبوم كاريكاتير “حنظلة يعود من جديد” 2003 والكاريكاتير.. سلطة السخرية والفن المشاغب حيفا/ دار كل شيء للنشر والتوزيع 2018 الكاريكاتير.. فن اختراق التابوهات حيفا/ دار كل شيء للنشر والتوزيع 2018 وألبوم كاريكاتير “المقص” غزة/ دار الكلمة للنشر والتوزيع 2018مشهد من غزة “4 مسرحيات” غزة / دار الكلمة للنشر والتوزيع 2019.