السحر والشعوذة‮ ‬يلقى رواجاً‮ ‬في‮ ‬العاصمة‮ ‬

2020/07/24

بغداد‮ -‬علاء محمد
استمرت ظاهرة السحر والشعوذة في‮ ‬المجتمعات والحضارات القديمة وبقيت على مر العصور وهي‮ ‬من الظواهر التي‮ ‬انتشرت بكل المجتمعات بغض النظر عن المستوى الثقافي‮ ‬للشعوب‮. ‬ولا‮ ‬يزال اصحاب هذه المهن‮ ‬يلقون استجابة في‮ ‬البلاد نتيجة قلة الوعي‮ ‬الثقافي،‮ ‬ويقول قاضي‮ ‬محكمة تحقيق مدينة الصدر حارث عبد الجليل إن‮ "‬مجتمعنا العراقي‮ ‬ومن خلال عملنا في‮ ‬محاكم التحقيق لمختلف مناطق بغداد فقد وجدنا هذه الظاهرة تنمو في‮ ‬الأحياء الراقية والأحياء الشعبية على حد سواء مع الفارق من حيث انتشارها،‮ ‬فهي‮ ‬تنتشر في‮ ‬الأحياء الشعبية اكثر منها في‮ ‬الأحياء الراقية واغلب الدجالين من الرجال‮ ‬يتخذ مسمى الروحاني‮". ‬ويضيف عبد الجليل أن‮ "‬اسبابا ثقافية وراء انتشارها وهي‮ ‬قلة الوعي‮ ‬ومنها اسباب مادية تدفع الجاني‮ ‬لامتهان مهنة السحر والشعوذة والدجل فضلا عن اسباب معنوية تتمثل بالحاجات والأمنيات الشخصية للضحية‮". ‬
وأضاف عبد الجليل أن‮ "‬وسائل التواصل الاجتماعي‮ ‬ساهمت في‮ ‬انتشارها بشكل واسع حيث اصبح من السهل على الدجالين عرض خدماتهم للناس عن طريق صفحات وحسابات على هذه المواقع‮  ‬والتي‮ ‬تكون‮ ‬غالبيتها بأسماء وهمية وكذلك اصبح من السهل على الضحية الوصول اليهم بل وصل الأمر الى أطلاق قنوات فضائية متخصصة بهذا المجال عن طريق ارقام هواتف والتي‮ ‬تعد هي‮ ‬الخطوة الأولى لاستدراج الضحية‮". ‬وأشار إلى أن‮ " ‬الأسلوب الدارج لدى هؤلاء الدجالين هو الاتفاق على مبلغ‮ ‬معين مقابل حصول الضحية على مراده وعادة ما‮ ‬يكون‮  ‬دفع المبلغ‮ ‬على دفعتين الأولى عند الاتفاق والثانية بعد انجاز العمل وحصول المراد وفي‮ ‬حال لم تحصل الضحية على مرادها تكون الدفعة الأولى‮ ‬غير قابلة للرد بحجة انها كانت تكاليف لشراء مواد لإنجاز العمل وبالتالي‮ ‬فأن الضحية لا تستطيع المطالبة بالمبلغ‮ ‬المدفوع مقدماً‮ ‬بسبب الاتفاق على عدم ارجاعه أو بسبب خوفها من علم ذويها‮"‬،‮ ‬لافتا إلى أن الآونة الأخيرة لوحظ تطور هذه الظاهرة بواسطة طريقة ابتزاز الضحية مادياً‮ ‬والتي‮ ‬تصل جسدياً‮ ‬من خلال مقاطع فيديو تصور للضحية بأي‮ ‬شكل من الأشكال أو صور كانت الضحية قد ارسلتها للجاني‮ ‬بحجة حاجته لها لإكمال اعمال السحر والشعوذة ففي‮ ‬هذه الحالة‮ ‬يقوم الجاني‮ ‬بالمطالبة بمبالغ‮ ‬نقدية او استغلال الضحية جسدياً‮ ‬مقابل عدم نشر الصور أو المقاطع على شبكة الانترنت وهذه الحالة عالجتها المادة‮ ‬452‮ ‬من قانون العقوبات رقم‮ ‬111‮ ‬لسنة‮ ‬ 1969المعدل وتعتبر هذه الجريمة جناية‮". ‬وتابع القاضي‮ ‬حارث عبد الجليل‮ "‬هذه الجريمة اصبحت من الجرائم الاجتماعية الخطرة لما لها من عواقب كارثية في‮ ‬حال حاولت الضحية حل الموضوع بنفسها دون علم اي‮ ‬من ذويها خشية الفضيحة وبالتالي‮ ‬قد تجبر الضحية الحصول على مبالغ‮ ‬مالية بأي‮ ‬شكل من الأشكال لدفعها الى الجاني‮ ‬اما دوافع الناس للجوء الى مثل هؤلاء الدجالين فهي‮ ‬على الغالب مسائل شخصية كأن تكون الضحية فتاة وتأخرت بالزواج او مطلقة وترغب بالعودة الى طليقها أو قد تكون الضحية شاب أو رجل ويرغب بالحصول على عمل أو‮ ‬يعتقد ان بإمكان هؤلاء الدجالين لديهم القدرة على جعل الضحية مقبول لدى الجميع وكلامه مسموع أو‮ ‬يطلب زيادة في‮ ‬رزقه و‮ ‬غير ذلك من الأمور‮"‬،‮ ‬موجها النصيحة لكل المواطنين عدم اللجوء الى مثل هؤلاء الدجالين والاعتماد على ارادة الله سبحانه وتعالى وفي‮ ‬حال تعرضهم الى مضايقات التوجه الى اقرب مركز للشرطة أو مكتب لمكافحة الإجرام ليأخذ القانون دوره وبالتالي‮ ‬الحد من هذه الظاهرة التي‮ ‬باتت تشكل خطرا مجتمعيا حقيقيا ومكافحتها تقع على عاتق الجميع‮". ‬
وعي‮ ‬ثقافي
فيما‮ ‬يقول قاضي‮ ‬محكمة تحقيق الرصافة احمد مكي‮ ‬إنه‮ "‬في‮ ‬ظل‮ ‬غياب الوعي‮ ‬الديني‮ ‬والثقافي‮ ‬اخذت اعداد زبائن هؤلاء السحرة والمشعوذين في‮ ‬الازدياد‮"‬،‮ ‬لافتا إلى أن‮ "‬الفئة الاكبر من مرتادي‮ ‬أماكن هؤلاء من النساء،‮ ‬فتارة ترغب المرأة في‮ ‬تحسين صورتها بعين زوجها وابعاده عن العلاقات الخارجية،‮ ‬وتارة اخرى تعتقد المرأة بانها واقعة تحت تأثير عمل السحر الذي‮ ‬تسبب في‮ ‬حدوث المشاكل بينها وبين زوجها،‮ ‬واحيانا تظن انها لن تحصل على الزوج المناسب الا بواسطة السحر او انها تحت تأثير عمل السحر مما تسبب في‮ ‬عدم زواجها،‮ ‬وهنا‮ ‬يأتي‮ ‬دور السحرة والمشعوذين في‮ ‬استغلال ما تصبو اليه النساء واقناعهن بانهن لن‮ ‬يصلن الى اهدافهن الا بهذه الاعمال‮". ‬وأضاف مكي‮ ‬أن‮ "‬قلة من الضحايا‮ ‬يقومون بالابلاغ‮ ‬عن تلك الحالات تحت خشية الفضيحة او النتائج السلبية العائلية التي‮ ‬تتعرض لها الضحية بعد اكتشاف الامر من قبل عائلتها،‮ ‬الا أنه في‮ ‬حال ابلاغ‮ ‬الضحية‮ ‬يتم اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المتهم وبشكل سريع وفوري‮ ‬وقد تم القاء القبض على عدد من المتهمين في‮ ‬القضايا المعروضة علينا واعترفوا بارتكابهم الجريمة وتم احالة قضاياهم الى المحكمة المختصة وصدرت احكام بحقهم،‮ ‬وقد اعتمدنا في‮ ‬الكثير من الحالات التي‮ ‬القي‮ ‬فيها القبض على المتهمين على تشكيل فريق عمل ونصب كمين للمتهم والقاء القبض عليه اثناء ارتكابه جريمته‮ (‬بالجرم المشهود‮)". ‬
وأوضح‮ "‬الدجالون‮ ‬يعتمدون في‮ ‬عملهم على كتاب ويتم اللجوء‮  ‬الى المخططات والرسومات للقيام بالسحر مستشهدا بحادثة لمتهمين اثنين‮ ‬يعملان في‮ ‬الدفاع المدني‮ ‬قاما بانشاء صفحة على موقع الفيس بوك ادعيا بانهما‮ ‬يعملان بالسحر ولديهم القدرة لحل‮  ‬المشاكل الزوجية وفك الاعمال‮"‬،‮ ‬مضيفا‮ " ‬تواردت العديد من الطلبات على تلك الصفحة من قبل الاشخاص وكان جميعهم من النساء وكان اغلب الطلبات تتعلق بالقيام باعمال لحل المشاكل الزوجية‮". ‬ويذكر القاضي‮ ‬احمد مكي‮ ‬أن‮ "‬المتهمين كانوا‮ ‬يطلبون من الضحية فتح الكاميرا والتعري‮ ‬بشكل كامل وكتابة بعض الكلمات والعبارات على مناطق حساسة من جسدها بعدما كانا‮ ‬يقومان بحفظ المحادثة وبعد ذلك اللجوء لتهديد الضحية بدفع مبالغ‮ ‬مالية او الانصياع الى رغبتهما في‮ ‬ممارسة الجنس معهما وبخلافه‮ ‬يقومان بنشر صور الضحية وهي‮ ‬عارية على مواقع التواصل الاجتماعي‮" ‬،‮ ‬ويبين أنه بعد ورود اخبار من قبل احد الضحايا صدر قرار من قبلنا بتشكيل فريق عمل ونصب كمين للمتهمين والقاء القبض عليهما بالجرم المشهود وتم ضبط بعض الرسومات والاوراق التي‮ ‬تحتوي‮ ‬على كتابات تتعلق باعمال الشعوذة بحيازة المتهمين والتي‮ ‬كانت تستخدم في‮ ‬خداع الضحايا‮". ‬فيما لفت القاضي‮ ‬احمد مكي‮ ‬إلى أن‮ " ‬القانون العراقي‮ ‬لم‮ ‬يجرم اعمال السحر والشعوذة ولم‮ ‬يعاقب ممارسيها،‮ ‬الا ان الاجراءات القانونية تتخذ بحق المتهم في‮ ‬هذا النوع من الجرائم وفقا لاحكام المادة‮ (‬456‮) ‬من قانون العقوبات العراقي‮".‬
أخترنا لك
الروح مادة أم فكرة... عقل أم شعور... شكل أم مضمون... فرضية أم واقع؟

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة