تيسير البلاغة في كتب التراث

2020/07/21

د. بن عيسى بطاهر

بن عيسى بطاهرلقد وُصفت البلاغة العربية منذ نشأتها الأولی بالجفاف والجمود، ووُصفت مناهج روّادها بالتکرار والتعقيد؛ ولعل ذلک ناتج من علاقة البلاغة بالفلسفة وعلم الکلام. وقدامى البلاغيين قد عُنوا بقضية تيسير البلاغة في مصنّفاتهم، وقد تعرّضوا لها كلٌّ بمنهجه الذي ارتضاه لنفسه ولكنّه التيسير الذي يناسبُ عصرهم ويلبّي حاجات الناس في ذلك العصر، وبالأسلوب الذي رأوه مناسبًا لأذواقهم. وقد تجلّت وسائل التيسير عند قدامى البلاغيين أكثر ما تجلّت في التلخيصات والشروح، مع إضافة ما يمكن إضافته إلى السابقين، وهو الأمر الذي يعين على استيعاب الدرس البلاغي.

وأمّا مظاهر التيسير فقد تجلّت في عناصر مختلفة يتعلّق بعضها بالمنهج، وبعضها بالموضوعات، وبعضها بالمصطلحات، وبعضها الآخر بالشواهد والنصوص، وسنتحدّث في هذه الدراسة عن هذه العناصر لاستجلاء جوانب منها قد تساعد في معرفة تطوّر التفكير البلاغي في كتب التراث.

المنهج المتبع في هذه الدراسة قائم على دراسة الأسباب التي أدت إلى التعقيد في مسائل البلاغة العربية، ومناقشة آراء الدارسين بشأن قضية تأثير الفلسفة في البلاغة، ثمّ دراسة بعض ملامح التيسير في المصادر البلاغية القديمة، مع الإشارة إلى جهود العلماء الذين اهتموا بالتيسير وهم القزويني وابن الأثير، مع التركيز على جهود يحيى بن حمزة العلوي أحد أبرز البلاغيين الذين اهتموا بتيسير البلاغة في القرن الثامن الهجري.

الکلمات الدليلية: البلاغة العربية، کتب التراث، التعقید، التيسير.

المقدمة:

مرّ علمُ البلاغة بمراحل مختلفة إلى أن تحدّدت معالمه، واستُقرِئَت قواعده، وقد مثّلَ كلَّ مرحلة من هذه المراحل عددٌ من الدارسين المبرّزين الذين أسهموا في تأسيس العلم وتطويره، واجتهدوا في وضع النظريات والتصوّرات والمصطلحات التي تخصّه وتحدّه، وقد كانت أولى هذه المراحل تلك التي عُنيت بتسجيل الملحوظات، ومثّلها عددٌ من الأدباء والعلماء الأعلام منهم أبو عبيدة، والجاحظ، وابن قتيبة وغيرهم، وجاءت المرحلة الثانية التي اهتمت بوضع الدراسات والأبحاث ذات الطابع الأدبي والعلمي المميّز، وقد ظهر في رحابها عددٌ من الدارسين والنقاد البارعين، منهم من عُنيَ بدراسة الإعجاز القرآني مع السعي إلى الكشف عن خصائصه اللغوية من أمثال الرماني، والباقلاني، والخطّابي، ومنهم من عُني بدراسة الأدب بصورة عامة مثل قدامة بن جعفر، وعبد الله بن المعتز، وأبو هلال العسكري، ثمّ جاءت مرحلة الازدهار التي أفادت كثيرًا من الدراسات التي سبقتها، وأضافت إلى علم البلاغة نظرات جليلة، ونظريات جديدة كان لها الفضل في تأسيس هذا العلم وصياغته وتطوّره مضمونًا ومنهجًا وأسلوبًا، ومثّل هذه المرحلة خير تمثيل شيخ البلاغيين عبد القاهر الجرجاني، وأمّا المرحلة الرابعة فقد كانت معنيةً بتحديد المصطلحات، وصياغة القواعد النهائية لهذا العلم، ومثّل هذه المرحلة خير تمثيل أبو يعقوب السكاكي، وتلميذه القزويني، ومع أنّ أغلب الدراسات استمرت بعد ذلك في السير على ما قرّره السّكاكيّ والقزويني، إلاّ أنّ هذه المرحلة عرفت بعضًا من العلماء المجدّدين الذين أضافوا إلى الدرس البلاغي من النظرات والأفكار ما لا يمكن إنكاره من أمثال ابن الأثير، وحازم القرطاجنّي، والعلوي.

إنّ البحث في تطوّر علم البلاغة قد يوصل الباحث إلى تبني جملة من الآراء والرؤى بشأن تنوّع مناهج البلاغيين في تناول الدرس البلاغي عبر تلك المراحل، وسيلحظ أنّ مرحلة النظم التي مثّلها عبد القاهر الجرجاني هي محور الدراسات البلاغية التي جاءت بعد ذلك على الّتتالي، وهي الأصل الذي نبتَ فيه علم البلاغة إلى أن استوى عوده واستقام، وسيلحظ – أيضًا- أنّ المرحلة الرابعة مرحلة غنيةٌ بدارسي البلاغة من الأعلام الذين كانت لهم إضافات جليلة، ولا سيّما تلك الإضافات التي هدفت إلى تيسير البلاغة لدارسيها في بيئاتها المختلفة، وسَعت إلى إيضاح مشكلاتها، وصياغة مصطلحاتها العلمية بعد الاستفادة من ذلك التطوّر الكبير في مجالات العلوم المختلفة، فضلاً عن التجديد في الشواهد والنصوص والاهتمام بدراستها وتحليلها، ولهذه الإضافات في الدراسات البلاغية المتأخرة أهمّيتها التي لا يمكن إهمالها أو تجاوزها حين النظر في تاريخ تطوّر البلاغة عبر عصورها وبيئاتها المختلفة، مع مراعاة الظروف والأسباب التي رافقت ذلك التطوّر.

وإذا كانت البلاغة العربية في مرحلتها الأخيرة قد وُصفت بالجفاف والجمود، ووُصفت مناهج علمائها بالتكرار والتعقيد، فإنّه لا بدّ للدارس من النّظر بعين الإنصاف إلى التراث البلاغي القديم، والبحث بدايةً في الأسباب التي كانت وراء التعقيد والغموض اللذين لوحظا في بعض مسائل هذا العلم، ولا سيّما في علاقة البلاغة بالفلسفة وعلم الكلام، وما أثاره الدارسون المحدثون بشأن هذه القضية، ثمّ دراسة جهود قدامى البلاغيين في تيسير الدرس البلاغي من خلال الوسائل كالتلخيصات والشروح، ومن خلال المناهج، والموضوعات، والمصطلحات، مع الإشارة إلى جهود الخطيب القزويني الذي يمثّل المدرسة الكلامية، وابن الأثير الذي يمثّل المدرسة الأدبية، ويحيى بن حمزة العلوي الذي يمثّل امتزاج المدرستين.

وهذه الدراسة ضرورية في سياق البحث في قضية تيسير البلاغة في العصر الحديث، هذه القضية التي مازالت الدراسات بشأنها محدودةً إذا ما قُورنت بقضية تيسير النحو العربي، ذلك أنّ الاتجاه إلى دراسة علم الأسلوب بالإفادة من معطيات علم اللغة الحديث linguistics قد طغى على الساحة الأدبية والنقدية، وغدا الاهتمام منصباً على تتبّع ما يجدّ في الدراسات الغربية بشأن الأسلوبية، وهو الأمر الذي أدى إلى الهجوم على البلاغة القديمة، والدعوة إلى البلاغة العصرية، أو علم الأسلوب.

قبل الحديث عن هذه القضية المهمّة في مسألة التعقيد وأسبابه، لا بدّ من الإشارة إلى ثلاثة أمور مهمّة: أولاً: كانت أهداف البلاغيين في دراستهم للبلاغة إمّا دينية، أو تعليمية، أو نقدية، فالهدف الديني مرتبط بدراسة الإعجاز البياني في القرآن ومحاولة بيانه وتعليله، والهدف التعليمي هو تعليم الناشئة فنون القول والكتابة بعد شيوع اللحن وفساد الألسنة، والهدف النقدي يتّصلُ بتمييز الكلام الحسن من الرديء، والموازنة بين القصائد والخطب والرسائل، والبحث عن أسرارها الجمالية (مطلوب، 1973: 36-32)، ولاختلاف الأهداف كان لا بدّ من التفريق بين نوعين من أنواع البلاغة القديمة: البلاغة العلمية، والبلاغة التعليمية، فالعلمية هي التي تُعنى بصياغة القواعد وتفسيرها وتعليلها مع مراعاة التنظير والتفسير والوصف العلمي، وهذا النوع من البلاغة لا يُراعى فيه التسهيل بقدر ما يراعى فيه التبصّر والوصول إلى الحقيقة، ونلحظ ذلك عند السّكاكي مثلاً، وأمّا البلاغة التعليمية فهي التي تسعى إلى تبسيط القواعد وتيسيرها وشرحها وتقديمها إلى المتعلّمين في ثوب مهذّب، كما هو الحال في منهج القزويني والعلوي.

ثانيًا: ضرورة التفريق بين تيسير البلاغة عند القدماء وتيسير البلاغة في العصر الحديث، وذلك لاختلاف الأسباب والظروف، يقول عبد الكريم خليفة: «إنّ الأسباب التي دفعت الدارسين إلى تناول موضوع العربية تيسيرًا أو تسهيلاً، تجديدًا أو إحياءً، مختلفة تمامًا عن الأسباب التي دفعت أئمة العربية في عصر ازدهارها الحضاري للتصدي لهذا الموضوع بعينه تيسيرًا أو تجديدًا أو إحياءً» (خليفة، 1986: 34).

ثالثًا: ضرورة التفريق في هذا السياق أيضًا بين مسألتين: فلسفة البلاغة، والبلاغة المُفلسفة، فالبلاغة المفلسفة يُقصد بها البلاغة التي امتزجت بالأفكار والتصوّرات والمصطلحات الفلسفية، فهي بلاغة تختلط بالفلسفة حتى صارت كأنها جزءٌ منها، وأمّا فلسفة البلاغة فالمقصود منها تعليل القواعد البلاغية، والبحث عن أسرارها وأهدافها وغاياتها، وما فيها من قيم جمالية وفكرية، مثلما يقال في علوم أخرى فلسفة التربية، وفلسفة الأديان، وغير ذلك (عباس، 1989م: 299).

التعقيد وأسبابه في علم البلاغة:

أشار بعض البلاغيين قديمًا إلى التعقيد والغموض اللذين اكتنفا علم البلاغة بعد عبد القاهر الجرجاني، فقد ذكر القزويني في مقدّمة كتاب التلخيص أنّ مفتاح العلوم للسكاكي أعظمُ ما صنّف في علم البلاغة، ولكنّه غير مصونٍ عن الحشو والتطويل والتعقيد (القزويني، د. ت: 21)،  ورأى ابن الزملكاني أنّ علم البيان من أجلّ العلوم وأفضلها قدرًا، ولكنّه لغموضه ودقّة رموزه استولت عليه يدُ النسيان، وألحقه القصور بخبر كان، وليس فيه من المصنّفات إلاّ القليل (ابن الزملكاني،1987: 26). وقال العلوي في الطراز:"إنّ مباحث هذا العلم (البلاغة) في غاية الدقّة، وأسراره في نهاية الغموض، فهو أحوج العلوم إلى الإيضاح والبيان" (العلوي، 1983: 6)، فهذه إشارات واضحة لبلاغيين مشهورين إلى قضية الغموض والتعقيد التي تسربت إلى مباحث البلاغة.

وملاحظة هذا التعقيد في مسائل البلاغة، جعلت هؤلاء الدارسين يسجّلونه في مصنّفاتهم، وقد حرّك هذا الأمرُ هِممَهم وجعلها متوجّهة إلى التصنيف والتأليف في هذا العلم بغرض إيضاحه وتيسيره لطالبيه، وتكثير مصنّفاته لدارسيه كما هو الشأن في علوم العربية الأخرى كالنّحو واللغة، وإذا سلّمنا بهذا التعقيد الذي سلّم به بعض قدامى البلاغيين مما دعاهم إلى البحث عن وسائل التيسير والإيضاح بالاختصار والشرح، فإنّه من الواجب البحث بدايةً في أسباب هذا التعقيد الذي لحق بعلم البلاغة وقادها إلى عهودٍ وُصفت بالجمود والتكرار، وندرة الإبداع وقلّة الفائدة (ضيف، د. ت : 272 و273)، وعند البحث في جملة هذه الأسباب فإنّنا نجدُ أنّ تأثير الفلسفة وعلم الكلام في البلاغة هو السبب الأبرز الذي عُنيت به الدراسات الحديثة أشدّ العناية (السيد، 1996م : 115 وما بعد)، وقد ثارت بشأنه مناقشات لا يزال صداها موجودًا حتى الآن، ومع أهمّية هذا السبب في هذا السياق؛ فإنّ هناك أسباباً خارجية أخرى لا تقلّ أهمّية عنه كان لها أثر بيّن في قضية التعقيد الذي لحق بالبلاغة مثل نشأة البلاغة في بيئة المتكلّمين والأصوليين، وكون الأكثرية الغالبة من علماء البلاغة من غير العرب، وارتباط البلاغة بقضية إعجاز القرآن، وتراجع الأدب وعزلة العربية في العصور المتأخرة، ولا سيّما بعد القرن الخامس الهجري، ودراسة هذه الأسباب من شأنها الإسهام في الكشف عن الظروف التي رافقت تطوّر البلاغة منذ النشأة إلى عهود الازدهار والاستقرار، ووصولاً إلى عصور التراجع والتكرار.

جهود القدامی في تيسير البلاغة:

بذل علماء البلاغة الأقدمون جهودًا كبيرةً في صياغة القواعد والنظريات التي تشكلّ بها علم البلاغة وتطوّر على مدى الأجيال، إلى أن أصبح من علوم العربية الأساسية التي لا يستغني عنها الدارس الراغب في اكتساب ملكة البيان والفصاحة، وموهبة فهم النصوص وإدراك أسرارها الجميلة، وبسبب دقّة مسائله، ووعورة مذاهبه فقد عُني العلماء بتيسيره للدارسين، وقد اشتهر منهم القزويني الذي يمثّل المدرسة الكلامية، وابن الأثير الذي يمثّل المدرسة الأدبية، والعلوي الذي جمع بين المدرستين، وسنتحدّث هنا بإيجاز عن أبرز الإضافات التي أضافها هؤلاء في هذا الاتجاه.

كان ابن الأثير ثائرًا على الفلسفة وعلم الكلام، وأراد بكتابه الشهير "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر" تقويم المنهج البلاغي بالعودة إلى دراسة الأدب بنصوصه الجميلة، واعتماد الذوق حاكمًا على معرفة الجمال بدل اللجوء إلى القواعد والأحكام النظرية.

امتاز كتاب المثل السائر بخصائص ومميّزات كثيرة جعلت منه مصدرًا أساسيًا للبلاغة والنقد في القديم، وقد اقتربت مسائله إلى حدٍ ما من البلاغة والنقد الحديثين، فقد كانت نظرة ابن الأثير إلى المباحث والموضوعات البلاغية، وأسلوبه في تناولها قائمين على استخدام الذوق والتجربة الشخصية دون التسليم المطلق بالأحكام النظرية المجرّدة (رجب، 1989: 19)، فهو يتعامل مع النصوص تعامل الناقد والمحلّل لها، ويستثمر ذلك كلّه في تذوّق جمالها وتدريب الدارسين على معرفة المهارات البلاغية واكتسابها عن طريق معايشة الأدب لا القواعد الجافة.

لقد عدّ كتاب المثل من أمّهات كتب البلاغة لأنّه درس فنون البلاغة دراستين: إحداهما: دراسة قاعدية فيها تحديد للمصطلحات مع تصحيح لأخطاء السابقين، وثانيهما: دراسة نقدية كشف فيها عن العيوب التي يقع فيها مستعملو تلك المسائل في أدبهم وكتاباتهم (ابن الإثير، د. ت، ج1: 23).

إنّ نفور ابن الأثير من الأسلوب القاعدي الشبيه بمناهج الفلاسفة والمتكلّمين قد جعل لدرسه البلاغي مَيزة خاصّة، وذلك بالعودة إلى النصّ الأدبي وتحكيم الذوق في فهمه، فالذوق هو في رأيه وحده الكفيل بتحقيق النفع، لأنّ الدُربة والإدمان عليه أجدى للدارس نفعًا، وأهدى له بصرًا وسمعًا (السابق: 28)، وبهذا المنهج  كان ابن الأثير أحد المجدّدين في درسه للبلاغة، وأحد الذين أسهموا في تهذيبه وتيسيره وتقريبه للدارسين في القرن السابع الهجري.

وأمّا القزويني فقد عُني بقراءة المصنفات البارزة في علم البلاغة مثل دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة لعبد القاهر، ومفتاح العلوم للسكّاكي، وقد لاحظ أنّها محتاجة إلى الشرح والإيضاح في بعض جوانبها، وإلى الاختصار والترتيب في بعض جوانبها الأخرى، فاتجه إلى "مفتاح العلوم" للسكّاكي لما رأى فيه من شمولية وترتيب، فقام بتلخيص الجزء الثالث منه الخاص بعلم البلاغة وسمّاه "تلخيص المفتاح"، وهو العمل الذي ذاع صيته بين الدارسين فيما بعد.

وألّف القزويني كتابهُ الإيضاح في علوم البلاغة ليكون كالشرح للتلخيص، فشرح ما أشكل، ووضّح ما كان محتاجًا إلى مزيد بيان، ورتّب فصوله ترتيبًا متقنًا، واستشهد لمسائله بالشواهد الشارحة من غير إطالة في الشرح والتفسير، وقد اعتمد فيه مصادر أخرى ذكرها في مقدّمة الإيضاح مثل الأسرار والدلائل وغيرهما(القزويني، 1989: 70 و71)، وهو ما جعل منه عملاً جليلاً في علم البلاغة، من حيث الترتيب والتقسيم وتنظيم المباحث، ومن حيث الاستيعاب والاستقصاء والتحليل، ومن حيث الجمع والاعتماد على أمّهات المصادر والمظان، ومن حيث كثرة التطبيقات وطريقة العرض الأدبية (السابق: 67).

ومنهج القزويني في تيسير درسه البلاغي قائم على تهذيب المسائل وتحقيقها، وترتيب المادة البلاغية وتنظيمها، وإيراد الشواهد وشرحها، وتعريف المصطلحات بالتعاريف الواضحة الموجزة، والتعبير عنها بالأسلوب الواضح من غير تكلّف ولا وعورة، وهو ما يجعله في مقدّمة المناهج التي اتجهت إلى تيسير البلاغة وتبسيطها عند القدماء، ولعلّ هذا هو الذي جعل الدارسين من بعده يهتمون به أشدّ الاهتمام، ويعدونه مرجعهم الأساس في إحراز فنون البلاغة.

وأمّا العلوي فقد كان من البلاغيين البارزين في عصره، وعند الاستقراء والقراءة في تاريخ الدراسات البلاغية، نلحظ أنّه أحدَ أبرز الذين دعوا وسعوا إلى تيسير علوم البلاغة في القديم، وهو الأمر الذي ميّز منهجه في كتابه الطراز عمّا سبقه من كتب البلاغة، قال في بيان منهجه:"يمتاز هذا الكتاب عن سائر الكتب المصنّفة في علم البلاغة بالترتيب الذي يُطلع الناظر من أول وهلة على مقاصده من التسهيل والتيسير، والإيضاح والتقريب، لأنّ مباحث هذا العلم في غاية الدّقة، وأسراره في نهاية الغموض، فهو أحوج العلوم إلى الإيضاح والبيان، وأولاها بالفحص والإتقان" (العلوي، 1983م، ج1: 6).

لقد أشار العلوي إلى تلك الصعوبة التي بدأت ملامحها تطغى على الدرس البلاغي في عصره، وأصبحت الحاجة داعية إلى التبسيط والتيسير اللذين يأخذان بأيدي الدارسين إلى معرفة مقاصد هذا العلم وفنونه بأيسر الطرائق، وأفضل السبل.

وقد وُفق العلوي إلى حدٍّ كبير في مسعاه ومنهجه، على الرغم من سيطرة النزعة الكلامية، وأسلوب الخطاب السائدين في عصره على جوانب من كتاباته، فقواعد البلاغة معروضة بصورة هي أفضل ترتيبًا وأسلوبًا ومنهجًا ممّا نجده عند السّكاكي، والقزويني، ومن سار على نهجهما من الشرّاح والملخّصين، ومع أنّه لم يطّلع على كتابي عبد القاهر الجرجاني "الدلائل" و"الأسرار"، إلاّ أنّه كان معجبًا بهما، وقد أفاد ممّا نُقل منهما في  الكتب التي اطّلع عليها، وخاصّة كتاب المثل السائر لابن الأثير.

ويستند تيسير البلاغة عند العلوي على ثلاثة عناصر هي: تنظيم المادة البلاغية، وتحديد المصطلحات البلاغية بأسلوب جديد، وإيراد الشواهد والأمثلة من النصوص المتنوّعة وتحليلها، وسنعرض  لهذه العناصر بشيءٍ من الإيضاح لبيان أهمّيتها في جهود تيسير الدرس البلاغي في كتب التراث.

مناهج تيسير البلاغة في المصادر القديمة:

أشار البلاغيون القدامى في مقدّمات مصنّفاتهم إلى منهجهم في دراسة البلاغة، وتحدّثوا عن الإضافات التي أضافوها إلى السابقين بما يميّز منهجهم، ونجد في بعضٍ من تلك المقدّمات من أشار في منهجه إلى قضية التيسير والإيضاح لمسائل علم البلاغة، تلك المسائل التي لوحظت الدقّة في أبحاثها، والوعورةٍ في مسالكها، وهو أمرٌ كان يحتاج معه الدارس الراغب في معرفة أسرار البلاغة واستيعاب دلائلها، إلى سلوك أصعب السبل وأعسرها، فهذا القزويني يتحدّث في تلخيصه عن منهجه الرامي إلى التيسير والتبسيط فيقول:"كان القسم الثالث من مفتاح العلوم الذي صنّفه الفاضل العلامة أبو يعقوب يوسف السكاكي أعظم ما صُنف فيه من الكتب المشهورة نفعًا، لكونه أحسنها ترتيبًا، وأتمّها تحريرًا، وأكثرها للأصول جمعًا، ولكنّه غير مصون عن الحشو والتطويل والتعقيد، قابلاً للاختصار، مفتقرًا إلى الإيضاح والتجريد، ألفت مختصرًا يتضمن ما فيه من القواعد، ويشتمل على ما يحتاج إليه من الأمثلة والشواهد، ولم آل جَهدًا في تحقيقه وتهذيبه، ورتبته ترتيبًا أقرب تناولاً من ترتيبه، ولم أبالغ في اختصار لفظه تقريبًا لتعاطيه، وطلبًا لتسهيل فهمه على طالبيه" (القزويني، د. ت: 22و 23).

فقد أشار القزويني صراحة إلى قضية التعقيد في بلاغة السكاكي فضلاً على الحشو والتطويل، وذكر أنّه يهدف إلى التسهيل والإيضاح، وتقريب البلاغة إلى الدارسين في ثوب مهذّب جديد، وكان من العلماء الذين سعوا أيضًا إلى أن يكون منهجهم متميّزًا في هذا الجانب يحيى بن حمزة العلوي حيث قال في كتابه الطراز:"أرجو أن يكون كتابي هذا متميّزًا عن سائر الكتب المصنّفة في هذا العلم بأمرين: أحدهما: اختصاصه بالترتيب العجيب، والتلفيق الأنيق الذي يُطلع الناظر من أول وهلةٍ على مقاصد العلم، ويفيده الاحتواء على أسراره، وثانيهما اشتماله على التسهيل والتيسير، والإيضاح والتقريب، لأنّ مباحث هذا العلم في غاية الدّقة، وأسراره في نهاية الغموض، فهو أحوج العلوم إلى الإيضاح والبيان" (العلوي، 1983م، ج1: 6).

والعلوي متأثّرٌ بابن الأثير كبير التأثّر (صوفية، 1984م: 194)؛ فقد أخذ عنه وسار على نهجه في الإكثار من تحليل الشواهد والنصوص، وقد كان ابن الأثير أحد الداعين بالفعل لا بالقول إلى تيسير البلاغة والعودة بها إلى الذوق الأدبي، فقد قال في المثل السائر:"واعلم أيّها الناظر في كتابي أنّ مدار علم البيان على حاكم الذوق السليم الذي هو أنفع من ذوق التعليم" (ابن الأثير، د. ت، ج1: 38)، ولعلّه يقصد بالتعليم ما يُعطى للدارس من نظريات وقواعد علمية ليحفظها ويعيها، وهو ما كان يسميه بالآلات أيضًا حيث قال:"ومَلاكُ هذا كلّه الطبع فإنّه إذا لم يكن ثمّ طبع فإنّه لا تغني عن تلك الآلات شيئًا" (السابق: 40). ومن أجل هذا كلّه حمل حملة عنيفة على المنطق والفلسفة ورأى في رجالها من أمثال ابن سينا وغيره رجالاً مغرورين، وأنّ كلامهم لغوٌ لا يستفيد به صاحب الكلام العربي شيئًا (نفسه، ج21: 5 و6).

واتّجه بدر الدين بن مالك إلى تيسير البلاغة بعدما لاحظ غموضًا في كتبها الأساسية، ولا سيّما كتاب المفتاح للسكاكي، فقد قال عن كتابه المصباح الذي لخّص فيه المفتاح:"فجاء كتابًا له حظّ من التحقيق، وحسن التهذيب، في مزيد الإتقان، وجودة الترتيب، على أني لم أبلغ بمقدار لفظه حجم أدنى المطولات، ولا بالتضييق على معانيه غموض أكثر المختصرات، وسميته كتاب المصباح" ( ابن مالک، د. ت :3).

ومن العلماء الذين سعوا إلى تيسير بلاغة عبد القاهر وترتيبها ترتيبًا جديدًا الرازي الذي قال:"لما وفقني الله تعالى لمطالعة هذين الكتابين (الدلائل والأسرار) التقطت منهما معاقد فوائدهما، ومقاصد فرائدهما، وراعيت الترتيب مع التهذيب، والتحرير مع التقرير" (الرازي، 1985م: 75)، ولكنّ الرازي مع جهوده البارزة في الترتيب والتهذيب يبدو أنّه لم يوفّق في الجانب الأسلوبي لغلبة النزعة الكلامية على تعابيره، وأمّا ابن الزملكاني فقد اتجه إلى تبسيط دلائل الإعجاز بأسلوب أيسر من أسلوب الرازي، ولكنّه أسرف في المسائل النحوية، وقد قال في كتابه التبيان:"غير أنّه [أي عبد القاهر] واسعُ الخطو، كثيرًا ما يكرّر الضبط، فقيدٌ للتبويب، طريدٌ من الترتيب يُملّ الناضر، ويُعشي الناظر، وقد سهّل الله تعالى جمع مقاصده وقواعده، وضبط جوامحه وطوارده، مع فرائد سمح بها الخاطر، وزوائد نقلت من الكتب والدفاتر" (ابن الزملكاني، 1987م: 27).

ففي هذه الأقوال من الإشارات ما يدلّ على أنّ قدامى البلاغيين قد عُنوا بقضية التيسير في مصنّفاتهم، وقد تعرّضوا لها كلٌّ بمنهجه الذي ارتضاه لنفسه، ولكنّه التيسير الذي يناسبُ عصرهم ويلبّي حاجات الناس في ذلك العصر، وبالأسلوب الذي رأوه مناسبًا لأذواقهم، وهم سواء وُفقوا في ذلك أم لا فإنّهم كانوا يكتبون استجابة لما يتطلّبه محيطهم الاجتماعي والثقافي والمعرفي. وقد تجلّت وسائل التيسير عند قدامى البلاغيين أكثر ما تجلّت في التلخيصات والشروح، مع إضافة ما يمكن إضافته إلى السابقين، وهو الأمر الذي يعين على استيعاب الدرس البلاغي، وسنتحدّث بإيجاز عن هاتين الوسيلتين لكونهما من أكثر الوسائل استعمالاً وشيوعًا بين القدماء.

(1) التلخيصات:

التلخيص عملية قد تتجلّى في صورتين: تقليدية وإبداعية، فأمّا التقليدية فهي التي تُعنى بالنقل الأمين المركّز لمضمون النّص، أو الاستخراج المباشر لأفكار النّص الرئيسة، وأمّا الإبداعية فهي التي تُواجه النصّ وتقوّم اعوجاجه وتُضيف إليه الإضافات اللازمة (طه، 1998م: 331). وقد ظهرت التلخيصات وانتشرت بصورتيها في كثير من الدراسات البلاغية بعد عبد القاهر، وإن كان قد اشتهر منها على وجه الخصوص تلخيصُ القزويني لمفتاح العلوم للسكّاكيّ، وانتشار التلخيصات بعد السّكاكيّ وعبد القاهر يدلّ على اهتمام قدامى البلاغيين بعملية التلخيص باعتبارها منهجًا ووسيلة إلى الإيضاح، وطريقة ضرورية لتبسيط مسائل البلاغة وعلومها الدقيقة.

(2) الشروح:

انتشرت الشروح عند البلاغيين المتأخرين الذين عُنوا بكتاب التلخيص للقزويني، فقد انكبوا على شرحه بمناهج مختلفة، وانتقد كثيرٌ من الدارسين هذه الشروح باعتبارها سببًا في جمود البلاغة وتراجعها، فقد تحدّث محمد رشيد رضا عن ذلك فذكر أنّ المتكلّفين من المتأخّرين هم الذين سلكوا بالبيان مسلك العلوم النظرية، وفسّروا اصطلاحاته كما يفسّرون المفردات اللغوية، ثمّ تنافسوا في الاختصار والإيجاز، حتى صارت كتب البيان أشبه بالمعمّيات والألغاز، ورأى أنّ من أثر فساد ذوق اللغة اختيار هذه الكتب (الشروح) حتى صارت "حواشي السّعد" (أي التفتازاني) تطبع وتنسخ، وكادت كتب عبد القاهر تمحى وتُنسى. (انظر مقدمة رشيد رضا في أسرار للجرجاني، 1939م: د).

وأمّا مظاهر التيسير فقد تجلّت في عناصر مختلفة يتعلّق بعضها بالمنهج، وبعضها بالموضوعات، وبعضها بالمصطلحات، وبعضها الآخر بالشواهد والنصوص، وسنتحدّث بإيجاز عن هذه العناصر لاستجلاء جوانب منها قد تساعد في معرفة تطوّر التفكير البلاغي في كتب التراث.

(أ) التيسير في المنهج:

كان المنهج الذي سار عليه عبد القاهر في درسه البلاغي متميّزًا في دفاعه القويّ عن نظريته في النظم، وفي تحليلاته الدقيقة للنصوص، وفي استدلالاته الموفّقة على المسائل، وغير ذلك من المحاسن التي أثارت إعجاب السابقين واللاحقين على حدٍ سواء، ولكنّ منهجه هذا على ما فيه من أصالة وإبداع شابه شيءٌ من الغموض والوعورة في عرض تلك المسائل، ولعلّ من أسباب ذلك افتقاده إلى التبويب والتنظيم والترتيب، وهي العناصر التي اتجه الدارسون إلى استكمالها بعد ذلك، وتقديمها إلى المتعلّمين في ثوبٍ جديد أكثر سهولةً ويُسرًا، وكانت تجربة الرازي في نهاية الإيجاز رائدة في هذا الاتجاه، فقد أعاد ترتيب مسائل البلاغة وبوّبها تبويبًا جديدًا، ولولا أنّ نزعته الكلامية قد أثّرت على أسلوبه وطريقته في العرض لكان لكتابه شأنٌ آخر عند دارسي البلاغة، ثمّ اتجه السكّاكي بعد ذلك إلى صياغة مصطلحات علم البلاغة، وترتيب مفرداتها في أبواب ثابتة بعد أن وزعها بين علمي المعاني والبيان، وذلك بعد أن لاحظ تلك النقائص المنهجية في كتب عبد القاهر، وقد وُفق السّكاكي في منهجه النظري هذا، غير أنه وقع في ما وقع فيه الرازي من صعوبات أسلوبية سببها نزوعه إلى طرائق علم الكلام في عرض القضايا وتحديد المصطلحات.

واستمرت جهود التيسير بعد السكّاكي عند طائفة من البلاغيين من أمثال القزويني، وابن الزملكاني، والعلوي، وابن الأثير، وابن قيم الجوزية، وغيرهم، وقد كان  لكلّ دارسٍ منهجه الخاص في دراسة البلاغة قد لا يختلف كثيرًا من حيث المضمون عمّا قرّره عبد القاهر والسّكاكي، ولكنّه من حيث ترتيب المادة العلمية وطريقة تناولها مباينٌ لمناهج الآخرين، ولعلّه من المفيد الإشارة هنا إلى أنّ من أبرز الذين حاولوا التيسير في المنهج ابن الأثير ثمّ يحيى بن حمزة العلوي، فأمّا ابن الأثير فأراد دراسة البلاغة بمنهج الأدباء لا المتكلّمين، وأما العلوي فحاول الجمع بين المدرستين الكلامية والأدبية، مع السعي إلى إبداع منهج جديد في التبويب والترتيب يكون أكثر تبسيطًا ويسرًا للدارسين.

(ب) التيسير في الموضوعات:

وجد البلاغيون المتأخرون صعوبةً في بعض المسائل البلاغية التي عرض لها عبد القاهر والسكّاكي، ومكمن هذه الصعوبة دقّةُ تلك المسائل، وجفاف أسلوبها، وكثرة تقسيماتها، وتنوّع مصطلحاتها، وانعدام الدقّة في صياغتها، فضلاً عن اللغة الفضفاضة وكثرة المتعاطفات، وقد أشاروا إلى شيءٍ من هذا في مصنّفاتهم، وحاولوا التيسير في تلك المباحث، سواء بإعادة ترتيبها وفق أبواب محدّدة لا تجهدُ القارئ في بحثه كما فعل القزويني في كتابه "الإيضاح"، وكما فعل بدر الدين بن مالك في كتابه المصباح، وابن قيم الجوزية في كتابه "الفوائد المشوّق إلى علوم القرآن"، وسواء بتبسيط مادتها وشرح مسائلها العويصة كما فعل ابن الزملكاني في كتابه "التبيان في علم البيان المطّلع على إعجاز القرآن" وغيره، وسواء بالتجديد في الأمثلة والنصوص لإيضاح ما كان محتاجًا إلى توضيح من تلك الموضوعات والمصطلحات الدقيقة كما فعل ابن الأثير والعلوي.

(جـ) التيسير في المصطلحات:

تطوّرت مصطلحات البلاغة على مدى الأجيال حتى استقرّت في كتاب مفتاح العلوم للسكّاكي، ثمّ في كتاب التلخيص للقزويني بعد أن أخذت دلالتها العلمية ومعناها الدقيق (مطلوب، 1972م: 7)، وقد اختلف البلاغيون كثيرًا بشأن تحديدها وبيان ماهيتها، الأمر الذي ترتّب عنه ذلك التوسّع والإكثار منها في العصور المتأخرة، ولرغبة العلماء في تحديد تلك المصطلحات تحديدًا علميًا دقيقًا بالإفادة من علم الكلام، فقد شاب بعضها غموض وتعقيد لاحظه العلماء في مصطلحات السّكاكي على وجه الخصوص، فكان الاهتمام بعد ذلك بإعادة النظر في تلك المصطلحات من أجل صياغتها من جديد صياغةً تحقّق للدارس فهمًا ميسورًا، وقد بذل القزويني جهودًا جليلة في هذا الشأن، ثمّ تبعه العلوي الذي أفاد كثيرًا من آراء ابن الأثير التي انصبت كلّها في مراجعة المصطلحات البلاغية وصياغتها بأسلوب أدبي تعليمي.

ولمعرفة تطوّر المصطلح البلاغي والاطلاع على جهود العلماء في تحديده وتيسيره اخترنا في هذا البحث مصطلح "البلاغة"، وأوردنا جملة من التعريفات لأشهر البلاغيين، وهي تمثّل البدايات الأولى للمصطلح، إلى أن تطوّر ونضج واستقر في كتب البلاغة كما هو مبيّن في الجدول الآتي:

مصطلح البلاغة أهل الاصطلاح

لا يكون الكلام يستحق اسم البلاغة حتى يسابق معناه لفظَه، ولفظُه معناه فلا يكون لفظه إلى سمعك أسبقَ من معناه إلى قلبك.  الجاحظ (255)

توصيل المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ الرماني (386)

البلاغة كل ما تبلغُ به قلب السامع فتمكنه في نفسه كتمكّنه في نفسك مع صورة مقبولة ومعرض حسن. العسكري(395)

خصوصية في كيفية النظم وطريقة مخصوصة في نسق الكلم بعضها على بعض. عبدالقاهر الجرجاني (474)

بلوغ الرجل بعبارته كنهَ ما في قلبه مع الاحتراز المخلّ والإطالة المملّة. الرازي (606)

هي بلوغ المتكلم في تأدية المعاني حدًّا له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقّها وإيراد التشبيه والمجاز والكناية على وجهها. السكاكي (626)

وأما بلاغة الكلام فهي مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته. القزويني (739)

البيان عبارة عن الوصول إلى المعاني البديعة بالألفاظ الحسنة. العلوي (749)

يلاحظ من خلال الجدول السابق أنّ تعريف البلاغة قبل عبد القاهر كان قائمًا على إبراز الغاية من البلاغة، وهي في توصيل الكلام إلى قلب المخاطب والتأثير فيه، وهو ما يسمى بالإبلاغية في العصر الحديث، وأمّا مفهوم البلاغة بعد عبد القاهر فقد اصطبغ بصبغة علمية ركزّت على خصائص هذا الكلام الذي يقنع ويؤثّر في الآخرين، وأصبح مفهوم البلاغة معنيًا بخواص التركيب، والمقام الذي يُؤدى فيه وهو ما يُعرف بمقتضى الحال، ولعلّ هذه النظرة العلمية التي بدأها عبد القاهر هي التي جعلت من البلاغة علمًا له قواعده وأصوله الواضحة، فالانتقال من البلاغة الذوقية إلى البلاغة النظرية، ومن الحديث عن الأهداف إلى الحديث عن الخصائص واضح أشدّ الوضوح في تطوّر مصطلح البلاغة بعد عبد القاهر، كما أنّ الاتجاه إلى التيسير كان منصبًا على الإيجاز في تعريف هذه المصطلحات واختصارها قدر الإمكان، مع مراعاة الدقّة في اختيار الألفاظ، فقد حرصوا على أن يكون المصطلح البلاغي جامعًا مانعًا، وأن يكون ضمن دائرة علم البلاغة لا يخرج عنه.

(د) التيسير في الشواهد والنصوص:

يمثّل الشاهد القرآني أحد أبرز الشواهد البلاغية وأكثرها حضورًا في كتب البلاغة الأصلية، ولم يكتف البلاغيون بالشاهد القرآني الذي عدوه في أعلى مستويات البلاغة، وإنما اختاروا من نصوص الأدب شعره ونثره ما يكون منسجمًا مع نظرياتهم ومسائلهم البلاغية المتعلّقة بالألفاظ والمعاني، والنظم والتراكيب، وقد لوحظ أنّ مثل هذه النصوص الأدبية التي نجدها في بلاغة عبد القاهر ومن سبقه من البلاغيين والنقاد قد قلّت وانحصرت في بلاغة المتأخرين بعد السكّاكي، وسبب ذلك غلبة المادة النظرية على المادة الأدبية، ومع ذلك كلّه فقد نبه بعض البلاغيين على أهمّية العناية بالشواهد والنصوص الأدبية في تيسير الدرس البلاغي، فكان السعي إلى الإكثار منها وتحليلها، وتنويعها وتجديدها، واشتهر منهم في هذا الاتجاه ابن الأثير الذي ذاع صيته بصنيعه في كتابه المثل السائر، ثمّ تبعه العلوي الذي كان له منهج خاص في انتقاء النصوص، والعناية بها شرحًا وتحليلاً وتذوقًا.

وأشار أحمد مطلوب إلى أنّ البلاغيين المتأخرين أدخلوا نصوصًا جديدة في كتبهم، ولذلك فقد كان نمو البلاغة العربية في القديم ملمحًا من ملامح حيويتها وقدرتها على استيعاب الجديد، فضلاً على أنها لم تتوقف عند عصر الاستشهاد في الأمثلة التي ذكرتها، وإنما تجاوزته وواكبت الأدب، وفي البديعيات نصوصٌ جديدة لم تذكرها كتب البلاغة الأولى، وهي نصوص تمثل العصر الذي أُلفت فيه، وقد استخرج البديعيون منها فنونًا جديدة وهي على الرغم مما قيل فيها صورة لأدب تلك العهود. (مطلوب، 1998م: 880).

(أ) تنظيم المادة البلاغية:

أراد العلوي أن يكون درسُه البلاغي متميّزًا بالتيسير والإيضاح، ولا يتيسّر ذلك إلاّ باتباع منهجٍ في التأليف قائمٍ على ترتيب وتبويب مناسبين لهذه الغاية، لكي يكون فيه عونٌ للطالب على سهولة الوصول إلى مطلوبه، وقد كان العلوي على علمٍ بقصور كثير من المؤلفات البلاغية في هذا الشأن، وخلوّها من الترتيب الجيّد للمسائل، والتبويب المتوازن للموضوعات، وكان يعلم أنّ من عناصر التجديد التي يمكن أن يضيفها، ويجعلها مَيزة في كتبه حسن توزيع المادة البيانية وترتيبها، وهي مَيزة مرتبطة بهدفه من التيسير، وقد أشار إلى ذلك في مقدّمة كتابه الطراز (السابق: 6).

وأفاد العلوي من معرفته العميقة بعلم الكلام وعلم الأصول لوضع منهجٍ متميّز في الترتيب، ولولا أنّه أسرف في التقسيمات والتفريعات لكان منهجه هذا متسقًا تمامًا مع غايته في تيسير قواعد البلاغة، وكتابه الطراز من أهمّ الكتب التي تأثرت بعلم الكلام، لأنّ الكتب التي عاصرته لم تنتهج مثله في العرض والتحليل، والحصر والتقسيم، وإنّما اتجهت إلى تلخيص القزويني تشرحه أو تنظمه. (مطلوب، 1973م: 274).

وقد رتّب العلوي مادته البلاغية في فنون ثلاثة:

الفنّ الأول: في المقدّمات التي يستعان بها على تحديد علم البلاغة وبيان مفهومه، وموضوعاته، ومنزلته بين العلوم الأدبية الأخرى، وتوضيح الفرق بين الفصاحة والبلاغة، ومعاني الحقيقة والمجاز، إلى غير ذلك من المقدّمات التي تمهّد السبيل إلى مقاصد العلم وأركانه.

والفنّ الثاني: في المقاصد، وهي المباحث المتعلّقة بعلوم البلاغة الثلاثة، علم المعاني، والبيان، والبديع، وشرح مصطلحاتها، وبيان أقسامها وخصائصها المميّزة لها عن غيرها.

والفنّ الثالث: في التتمّات، وهي المباحث المكمّلة لعلوم البلاغة، مثل فصاحة القرآن، وبلاغته وإعجازه، وبيان آراء العلماء في وجوه الإعجاز، والوجه المختار منها.

وقد يتّفق هذا الترتيب مع بعض المناهج الحديثة الداعية إلى تيسير البلاغة من حيث إلغاء التقسيم الثلاثي، وجعل البلاغة قسمًا واحدًا، وبحث موضوعاتها مستقلة، أو بحث مستوياتها الثلاثة: الصوتي، والتركيبي، والدلالي، وهي: علم المعاني، وعلم البيان، وعلم البديع، بعد تجريدها مما علق بها من مباحث أبعدتها عن هدفها، وتذوّق الأدب الرفيع (مطلوب، 1998 م: 880).

(ب) تحديد المصطلحات البلاغية:

يتميّز المنهج البلاغي عند العلوي بالاستقصاء، فلم يترك شاردةً ولا واردةً من مسائل البلاغة إلاّ عرضها عرضًا مفصّلاً دقيقًا، واستعان في ذلك بآراء العلماء السابقين والمعاصرين له، وعرض لكلّ مسألة من مسائل البلاغة التي قد يعتريها خلل أو قصور في المفهوم، فبيّن الأوهام التي وقع فيها غيره مدليًا برأيه، ومصحّحًا للمفاهيم البلاغية التي سادت قبله.

وقد اهتم العلوي اهتمامًا كبيرًا بالمصطلح البلاغي، وناقش بشأنه كبار العلماء السابقين من أمثال الجرجاني، والزمخشري، وابن الأثير، وغيرهم، وما من مصطلح إلاّ له فيه نظرات تقويمية، ولعلّ الذي ساعده في ذلك معرفته الواسعة بعلم الكلام، وتمكّنه البارع من الحجاج والمجادلة، ورغبته الأكيدة في تجديد الدرس البلاغي، وسعيه في أن تكون لكتاباته إضافات أخرى لم يتنبّه إليها البلاغيون ودارسو الإعجاز، قال محمد أبو موسى:"والحقّ أنّ العلوي قد شغل جزءًا كبيرًا من كتابه في مناقشة البلاغيين في تعاريف هذا العلم، وبيان ماهياته، وتحديد مسائله، وناقش البلاغيين وخطّأهم جميعًا فيما ذكروه من حدود، ولم يسلم واحدٌ منهم حتّى الجرجاني الذي أسّس هذا العلم - كما يقول العلوي – لم يكن تعريفه مبرأً من عيب، والملاحظ أنّ مناقشاته لهم، وبيانه وجه الفساد فيما ذكروه كانت مبنية على معرفة دقيقة، بما يجب أن يتوفّر في الحدود من الشروط والقيود" (ابو موسی، د.ت: 594).

ولم يُخطِّئ العلوي البلاغيين جميعًا في آرائهم، بل إنّه أثنى على الكثير من المسائل، ومدح أصحابها، ولم يكن يُخطئ إلاّ ما كان يراه خطأً، ويُقدّم الدليل على ذلك، وأما إلى أيّ مدى وُفّق في هذا الجانب فيمكن القول إنّ تعريفات العلوي ليست في مستوى واحد من حيث وضوحُ الدلالة على المقصود، على الرغم من دقّة العلوي في اختيار الألفاظ  وفي تحديد المصطلح، ذلك أنّ أثر الثقافة الكلامية بدَا واضحًا في بعض التعريفات، مع أنّ التوفيق قد حالفه في كثير من المصطلحات في كتابه الطراز.

لقد حوت كتبُ العلوي مصطلحات بلاغية ونقدية كثيرة، "وكان منهجه عند ذكر أي مصطلح من المصطلحات أن يقوم أولاً بتعريفه في اللغة، ثمّ يحدّد مفهومه الاصطلاحي، ويأتي بعد ذلك بالشواهد الدالة على هذا المصطلح من القرآن الكريم، ومن كلام النبي – صلى الله عليه وآله سلّم – ومن كلام الإمام علي بن أبي طالب (ع) ثمّ من كلام فصحاء العرب، وكبار شعرائها، وهذه هي طبقات الكلام ودرجاته، فالقرآن هو المثل الأعلى للفصاحة والبلاغة، ويليه كلام النبي عليه السلام، فكلام الإمام علي، ثمّ كلام الأدباء والبلغاء، وهذا منهج انفرد به العلوي" (زايد، 1988م: 12).

إن العناية بتعريف المصطلحات البلاغية وتحديدها ومراجعتها مراجعةً دقيقةً، وبألفاظ واضحة الدلالة لهي من أهمّ الأهداف في تيسير الدرس البلاغي في القديم، كما أنّ تصفية البلاغة ممّا علق بها من مصطلحات، ومسائل بعيدة عن روحها، والسعي إلى توحيد هذه المصطلحات، والأخذ بأكثرها دلالة على الفنّ البلاغي، كلّ ذلك من الملامح الضرورية في تيسير المصطلح البلاغي وتطويره في العصر الحديث (مطلوب، 1998 م: 881).

(جـ) التنويع في الشواهد وتحليل النّصوص:

لعلّ من السمات الواضحة في منهج العلوي البلاغي الاهتمام الكبير بالشواهد البلاغية، ويتّسع هذا الباب ليشمل نماذج متنوعة من الشواهد التي تأتي في سياق شرح المصطلحات البيانية، ومناقشتها وتوضيحها، وقد اختار العلوي منهجًا فريدًا قائمًا على اختيار الشاهد القرآني أولاً، ثمّ الشاهد من الحديث النبوي الشريف، ثمّ الشاهد من كلام الإمام علي بن أبي طالب (ع)، ثمّ الشواهد من كلام العرب شعرًا ونثرًا كما ذكر في السابق، والملاحظ أنّه جعل كلام الإمام علي(ع) في مرتبة ثالثة بعد القرآن الكريم والحديث الشريف، وذلك لمحبّته الشديدة لآل البيت الذين ينتسب إليهم، ثمّ لإيمانه ويقينه ببراعته في الفصاحة والبيان (العلوي، 1990م: 27 – 19).

وقد اقتضى منه هذا المنهج أولاً: تقديمَ شواهد النثر على شواهد الشعر، وثانيًا: ذكر نماذج أخرى من النصوص التي لم يذكرها غيره من البلاغيين في الاستشهاد وتوضيح المسائل، وقد كان العلوي مجدّدًا في هذا الجانب، حيث أضاف إلى درسه البلاغي ما رآه محقّقا للتيسير والوضوح، وفضلاً على ذلك لم يكتفِ بإيراد هذه الشواهد، بل قام بتحليلها تحليلاً أدبيًا، للكشف عن بلاغتها، وهو بعمله هذا يختلف عن كثير من البلاغيين المعاصرين له (زايد، 1988م: 12).

وهذا المنهج في حقيقته هو عودٌ إلى طريقة شيخ البلاغيين عبد القاهر الجرجاني، الذي ذاع صيته بمنهجه البارع في اختيار الشواهد وتحليلها، والسعي إلى استجلاء مواطن الجمال فيها.

ولعلّ الإكثار من الشواهد والأمثلة من النصوص الأدبية القديمة والمعاصرة له، ثمّ تناولها بالتحليل والشرح يدلّ على ذوق العلوي في حسن الاختيار أولاً، ثمّ في براعته في الشرح والتحليل ثانيًا، انظر كيف تمّ له اختيار شاهد من القرآن الكريم في باب الكناية، وهو قوله تعالى:"أيحبُّ أحدُكم أن يأكلَ لحمَ أخيهِ ميتًا فكرهتموه" (الحجرات:12)، وقد حلّلها مستخرجًا ما فيها من نكتٍ بلاغية، وأسرارٍ تركيبية، فمن ذلك قوله:"قوله تعالى "أيُحبّ أحدكم"، إنّما جعله محبوبًا لما جُبلت عليه النفوس، ومالت إليه الأهواء من الإسراع إلى الغيبة، والإصغاء إلى من يتحدّث بها، مع ما فيها من الحَظرِ، ووعيد الشرع، فلهذا صدّرها بالمحبة، مشيرًا إلى ما ذكرناه، ويؤيّد ما ذكرناه أنّه أتى فيها بلفظ المحبّة، ولم تجئ بلفظ الإرادة، دالاً بذلك على موقعها في النفوس، وتطلّع الخواطر إليها، ولفظ الإرادة يُعطي هذا المعنى، ولا يتمكّن في الأفئدة تمكّن المحبّة؛ فلهذا آثره" (العلوي، 1983م، ج1: 400).

ولعلّ منهج العلوي هذا ينسجم تمامًا مع دعوته إلى تيسير البلاغة، فاختيار النصوص بعناية، وتذوّق البلاغة فيما استحدث من فنون أدبية تعبّر عن الحياة المعاصرة، ثمّ تحليل تلك النصوص تحليلاً أدبيًا بعيدًا عن التقعيد، قريبًا إلى الفطرة والطبع، لإدراك ما فيها من قيمٍ معنوية، وفوائدَ أسلوبية، كلّ ذلك من العناصر الأساسية في تيسير البلاغة عند العلوي.

النتیجة:

خلُصت هذه الدراسة إلى أنّ تيسير البلاغة قضيةٌ قد عرض لها البلاغيون القدماء في كتاباتهم ودراساتهم، وذلك لأسباب يتعلّق بعضها بالتعقيد والغموض اللذين لحقا ببعض مسائلها ومصطلحاتها، وقد بدأ الاتجاه نحو التيسير بعد ظهور بلاغة السّكاكي الصعبة في طرائقها - التي كانت تلخيصًا وامتدادًا لبلاغة عبد القاهر – ومن ثمّ انتشارها في الآفاق، وعناية العلماء بها تهذيبًا وتيسيرًا وتلخيصًا.

ويُوصلُ البحث في أسباب هذا التعقيد والغموض إلى أنّ تأثير الفلسفة وعلم الكلام في البلاغة هو السبب الأبرز الذي عُني به الدارسون المحدثون، ومع أهمّيته وتأثيره في البلاغة العربية؛ فإنّ هناك أسبابًا خارجيةً أخرى لا تقلّ أهمّية عنه كان لها أثرها البيّن في هذه القضية، مثل نشأة البلاغة في بيئة المتكلّمين والأصوليين، وكون الأكثرية الغالبة من علماء البلاغة من غير العرب، وارتباط البلاغة بقضية إعجاز القرآن، وتراجع الأدب وعزلة العربية في العصور المتأخرة، لا سيّما بعد القرن الخامس الهجري.

وكان ابتعاد بعض البلاغيين عن مجال البلاغة وجوهرها، والخروج عن إطارها بالاعتماد على موضوعات فلسفية ومنطقية مجرّدة، واستخدام أساليب المناطقة والمتكلّمين في كتاباتهم، هو الأمر الذي أسهم في شيءٍ من التعقيد الذي لحق بالبلاغة، لاسيّما في اطراد المصطلح البلاغي وتنوّع استخداماته، ولكنّه أمرٌ كان له ما يسوّغه في البلاغة القديمة، وخاصّة إذا علمنا أنّ هؤلاء البلاغيين كانوا في غالبيتهم من الفقهاء والأصوليين والمتكلّمين والفقهاء.

وبذل علماء البلاغة الأقدمون جهودًا كبيرةً في صياغة القواعد والنظريات التي تشكلّ بها علم البلاغة وتطوّر على مدى الأجيال. واشتهر من المتأخرين الذين سعوا إلى التيسير: القزويني الذي برع في ترتيب المسائل وعرضها بأسلوب واضح، وابن الأثير الذي اهتم بالنصوص الأدبية وتحليلها اعتمادًا على الذوق الفنّي، والعلوي الذي استند في تيسيره للبلاغة على ثلاثة عناصر هي: تنظيم المادة البلاغية، وتحديد المصطلحات البلاغية بأسلوب جديد، وإيراد الشواهد والنصوص المتنوّعة وتحليلها.

 

د. بن عيسى بطاهر

جامعة الشارقة

................

المصادر والمراجع:

1- ابن الأثير، ضياء الدين (د.ت): المثل السائر في أدب الكاتب والشعر، تحقيق أحمد الحوفي وبدوي طبانة، ط دار نهضة، مصر القاهرة.

2- الجرجاني، عبد القاهر (1991م): أسرار البلاغة، تحقيق محمود شاكر، ط1 مطبعة المدني، جدّة.

3- خليفة، عبد الكريم (1986م): تيسير تعليم العربية في التراث، مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة،  ج58.

4- الرازي، فخر الدين (1985م): نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز، تحقيق بكري شيخ أمين، ط1 دار العلم للملايين، بيروت.

5- رجب، رفيقة عبد الله(1989م): العناصر الأسلوبية في كتاب المثل السائر لابن الأثير، مكتبة كلية الآداب، جامعة عين شمس.

6- زايد، عبد الرزاق أبو زيد(1988م): المصطلحات البلاغية والنقدية في كتاب الطراز للعلوي،  ط1 مكتبة الشباب، القاهرة.

7- ابن الزملكاني، عبد الواحد بن عبد الكريم (1987): التبيان في علم البيان المطّلع على إعجاز القرآن، تحقيق أبو القاسم عبد العظيم، ط1 المطبعة السلفية بنارس الهند.

8- السيد، شفيع (1996م): البحث البلاغي عند العرب، ط2 دار الفكر العربي، القاهرة .

9- صوفية، محمد مصطفى (1984م): المباحث البيانية بين ابن الأثير والعلوي، ط1 المنشأة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس ليبيا.

10- ضيف، شوقي (د.ت): البلاغة تطوّر وتاريخ، ط دار المعارف، القاهرة.

11- طه، عبد الرحمن (1998م): اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، ط1 المركز الثقافي العربي، بيروت.

12- عباس، فضل حسن(1989م): البلاغة المفترى عليها بين الأصالة والتبعية، ط 1 دار النور، بيروت.

13- العلوي، يحيى بن حمزة (1990م): الرسالة الوازعة للمعتدين عن سبّ صحابة سيّد المرسلين، ط1 مكتبة التراث، صنعاء.

14- ------------ (1983م): الطراز المتضمّن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، ط دار الكتب العلمية، بيروت.

15- القزويني، محمد بن عبد الرحمن الخطيب (1989م): الإيضاح في علم البلاغة، ط الشركة العالمية للكتاب، بيروت.

16- -------------------- (د.ت): التلخيص في علوم البلاغة، ضبط وشرح عبد الرحمن البرقوقي، ط دار الفكر العربي.

17-  ابن مالك، بدر الدين (د.ت): المصباح في المعاني والبيان والبديع، تحقيق حسين عبد الجليل يوسف، ط مكتبة الآداب القاهرة.

18- مطلوب، أحمد (1998م): تيسير البلاغة، مجلّة مجمع اللغة العربية بدمشق، ج 4 مجلد 73 .

19- -------- (1972): مصطلحات بلاغية، ط1 مكتبة العاني، بغداد.

20- مناهج بلاغية (1973م): ط1، وكالة المطبوعات الجامعية، الكويت.

21- أبو موسى، محمد( د.ت): البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري،  ط 1 دار الفكر العربي، القاهرة.
أخترنا لك
رواية سويدية تدين الإرث العنصري في جنوب أفريقيا

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة