وفاة مرشد الطريقة الكسنزانية في العراق والعالم

2020/07/04

متابعة / صدى الحقيقة

توفي مرشد الطريقة القادرية الكسنزانية في العراق والعالم، الشيخ محمد بن عبد الكريم الكسنزاني، اليوم السبت (4 تموز 2020) عن عمر ناهز 82 عاماً.

وولد الشيخ محمد الكسنزاني عام 1938 في قرية كربجنة، التابعة لناحية سنكاو، التابعة لمحافظة السليمانية، وبعد وفاة والده الشيخ عبدالكريم، تم اختياره مرشداً للطريقة.

وكانت حالة الشيخ محمد الصحية، قد ساءت جداً، مطلع شهر شباط الماضي، حيث تم نقله للعلاج في أميركا.

 

وقال الشيخ مارف برزنجي، وهو أحد المقربين من الشيخ محمد كسنزاني ، "ننتظر عودة جثمانه حيث يرافقه أكبر أبنائه الشيخ نهرو، ومن المقرر أن يصل بطائرة خاصة لإقليم كوردستان"، مضيفاً: "رغم إننا لن نتمكن من منع الناس من القدوم، إلا أنه لن يتم إقامة عزاء رسمي للفقيد، لأننا لا نريد أن يصاب شخصٌ واحد بفيروس كورونا أثناء حضور العزاء".

وحول من سيخلف الشيخ محمد كسنزاني، قال الشيخ مارف لرووداو، "لقد أوصى الشيخ محمد بخلافته لولده الشيخ نهرو منذ 25 سنة، لذا سيكون هو خلفه في قيادة الطريقة القادرية في كسنزان"

............................

سيرة الشيخ الراحل

محمد المحمد الكسنزان بن عبد الكريم الكسنزاني الحسيني (1938-ت 4 يوليو 2020) هو صوفي عراقي وشيخ الطريقة الكسنزانية اسمها الطريقة العلية القادرية الكسنزانية وتسمى أختصاراً بـ الطريقة الكسنزانية ويقع المقر الرئيسي لهذه الطريقة في محافظة السليمانية في شمال العراق. ويدعو الشيخ محمد الكسنزان الناس جميعاً إلى توحيد الله وعبادته والرجوع إليه من خلال محاضراته اليومية ومن خلال مرشدي الطريقة الكسنزانية المنتشرين في جميع أنحاء العالم.

 

وأما اسم الكسنزان الذي يُطلق على عائلة الشيخ فهو لقب أُطلق على جدهم عبد الكريم الأول. وكسنزان كلمة كردية تعني لا يعلم عنه أحد، وسبب إطلاق هذا اللقب على هذا الشيخ هو انقطاعه لمدة أربع سنوات عن الناس مختلياً في أحد جبال قرداغ، وهي منطقة تقع في ضواحي مدينة السليمانية وتعني الجبل الأسود، وحينما كان يُسأل أحد الناس عن الشيخ يقول (كسنزان) أي لا أحد يعرف. وبعد عودته من الجبل جرى هذا اللقب على ألسنة الناس عَلَماً للطريقة العلية القادرية الكسنزانية التي تبنى مشيختها الشيخ عبد الكريم الأول وأبناؤه وأحفاده من بعده.

فاسم الكسنزان هو لقب عائلة واسم طريقة وله معناه الاصطلاحي. وأما اسم العشيرة التي ينتمي أليها الشيخ محمد الكسنزان هي عشيرة السادة البرزنجية والأب الأعلى لهذه العشيرة هو الشيخ عيسى البرزنجي الذي كان أول من سكن في برزنجة في شمال العراق.

ولادته ونشأته

ولد السيد الشيخ محمد الكسنزان الحسيني في قرية كربجنة التابعة لناحية سنكاو من محافظة كركوك في شمال العراق فجر الجمعة الرابع عشر من شهر صفر سنة 1358 هـ أو 15 نيسان/أبريل سنة 1938 م

 

وهذه القرية التي ولد فيها الشيخ هي موطن مشايخ الطريقة الكسنزانية، ومنذُ سنواته الأولى التي قضاها في كربجنة كان شيخ الطريقة هو والدهُ السيد الشيخ عبد الكريم الكسنزان الذي أُنيطت به المشيخة من قبل أخيه الأكبر حسين الكسنزان والذي كان يُطلق عليه ولا زال لقب (السلطان). والسلطان حسين هو الذي سمى المولود الجديد للشيخ عبد الكريم محمداً وقال فيه مبشراً أنه سيكون ولي زمانه وسيكون في الطريقة ذا سلطان وجاه روحي واسع.

 

نشأ الشيخ محمد في هذه الأجواء الروحانية. أما والده الشيخ عبد الكريم الكسنزان الذي تولى مشيخة الطريقة فكان من كبار الشخصيات الدينية والأجتماعية وعلى يديه كَثُرَ عدد المريدين وتوسعت الآفاق في الإرشاد والتربية والسلوك.

دراسته

 

أخذ الشيخ محمد الكسنزان الطريقة عن والده وأخذ معها علوم التصوف بموسوعية كبيرة وكان ذا ملكة فكرية وقد تهذّبت وتكاملت هذه الملكة في دراسته وتعلّمه إذ أخذ العلوم الشرعية على يد كبار علماء عصره وفقهاء مصره في مدرسة كربجنة الدينية فدرس العلوم العربية والإسلامية على يد كبار علمائها منهم الملا كاكا حمه سيف الدين والملا علي مصطفى المُلقّب بعلي ليلان والملا عبد الله عزيز الكربجني. وللشيخ مكتبة علمية نادرة حوت آلاف الكتب والمخطوطات التي جمعها بمشقة كبيرة، فقد واضبَ على مراجعة دار المخطوطات ومكتبة الأوقاف العامة ومكتبة الحضرة القادرية الشريفة سبعة عشر عاماً بصورة مستمرة يدخل المكتبة في بداية الدوام الرسمي ولا يخرج منها إلا في نهايته. وأما علوم التصوف النقلية فقد تعهدها بالدرس والبحث، وأكبر شاهد على ذلك هو ما تضمنه إنجازه الكبير موسوعة الكسنزان فيما أصطلح عليه أهل التصوف والعرفان التي تُعد فريدة في بابها.

جلوسه على سجادة المشيخة

Emblem-scales.svg

هذه المقالة بها ألفاظ تفخيم تمدح بموضوع المقالة، مما يتعارض مع أسلوب الكتابة الموسوعية. يرجى حذف ألفاظ التفخيم والاكتفاء بالحقائق لإبراز الأهمية.

 

إن الجلوس على سجادة المشيخة في نظر أهل الطريقة، هو اختيار وتعيين من الله تعالى ويتم أختياره لهذه المهمة المقدّسة ليكون دائماً موضع نظرِ الله ورعايته، فيفيضُ عليه ما يفيض من أنوار ويمدُّهُ بما يشاء من مدد ليكون أهلاً للوراثة والقيام بمهامها من هداية الناس إلى طريق الحق والإيمان والدعوةِ إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبث الخير والنور والسلام بين الخلق والقيام بمهام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومهام التربية الروحية للأتباع والمرُيدين.

 

وهكذا كان الأمر بالنسبة للشيخ، ففي آخر زيارة قام بها السيد الشيخ عبد الكريم الكسنزان لأضرحة المشايخ الكسنزانية في قرية كربجنة كان السيد الشيخ محمد الكسنزان بصحبته وكان في تلك الزيارة عدد كبير من الخلفاء والدراويش والمحاسيب والأتباع.

 

وبعد أن انتهى حضرة الشيخ عبد الكريم الكسنزان من مراسيم الزيارة، كانت علامات السرور تعلو وجهه وقال «يا أولادي الدراويش منذ اليوم يكون السيد الشيخ محمد شيخكم وهذا امر أساتذتنا، ومَن أطاعه فقد أطاعنا، ومن أحبه أحبنا، ومَن خرج عن أمره فقد خرج عن أمرنا» ثم نظر ملتفتاً إالى أضرحة المشايخ قائلاً «أنا أودعكم الآن وستكون هذه آخر زيارة لكم، وهذا وكيلكم الذي أوكلتموه - مشيراً إلى نجله الشيخ محمد».

 

كان هذا الحدث إيذاناً بانتقال مشيخة الطريقة من حضرة الشيخ عبد الكريم الكسنزان إلى حضرة السيد الشيخ محمد الكسنزان وتحقق ما أخبر به الشيخ من أنها كانت آخر زيارة لآبائه وأجداده، فقد أنتقل إلى الرفيق الأعلى في عام 1398 للهجرة الموافق للعام 1978 للميلاد بعد زيارته الأخيرة بفترة وجيزة. وقد أرَّخ وفاته الشيخ محمد عمر القرة داغي رئيس علماء السليمانية في مرثِّيتهِ بحق الشيخ عبد الكريم الكسنزان فقال:

 

 

وفَاتُكُم كارِثةٌ عبدُ الكريم                  تأرِيخُكُم في جنة الخلد مقيم

ونقتطف أبياتاً من قصيدةٍ في رثاء الشيخ عبد الكريم الكسنزان قالها الشيخ العلامة عبد المجيد القطب مادحاً خَلَفَهُ الشيخ محمد الكسنزان:

غَابَ عَن أنظارِ أربابِ الوَفَا              مُرشِدٌ مِن أهلِ بيتِ المصطفى

سِّيدٌ عن سيدٍ عن سيدٍ                    كُلِّهُم حَازُوا العُلا والشَرَفَا

رَحَلَ الشَيخُ وَقد أورثنا                    لوعةً في قلبنا وأسَفَا

رَحَلَ الشَيخُ نَعَم لكنَّهُ                       أسداً خَلَّفَ ثم أنصَرَفا

ذَهَبَ الشَيَخُ وأبقَى بعدهُ                   ذهباً يَعرِفُهُ مَن عَرَفَا

لَم يَمُت شيخٌ تَجلَّى بعدهُ                   مَن حَذَا حَذوَ أبيهِ وَأقتَفَى

 

وهكذا قام الشيخ محمد الكسنزان مقام والده الشيخ عبد الكريم الكسنزان بعد وفاته، وتولى أمور الطريقة والإرشاد، وبايعه الخلفاء والدراويش أستاذاً وأباً روحياً سنة 1398 للهجرة الموافق لسنة 1978 للميلاد.

خلواته

 

كان الشيخ محمد المحمد الكسنزان قد دخل عدة خلوات في عهد والده، وكانت أولى خلواته بعد ستة أشهر من توليه أمور الطريقة والمشيخة وكان ذلك في العشرين من شعبان سنة 1398 للهجرة الموافق لسنة 1978 للميلاد، وقد صحبه عدد من الدراويش والخلفاء حيث جلس كل منهم في خلوته بعد أن تعلموا نظام الخلوة وأورادها وآدابها من أستاذهم إثر محاضرة ألقاها الشيخ قبل الدخول إلى الخلوة بنِّية خالصة.

 

ودخل الخلوة الثانية سنة 1399 للهجرة الموافق لسنة 1979 للميلاد، وصحبه ضعف عدد الدراويش الذين دخلوا معه الخلوة الأولى وطبّق عليهم نظام الخلوة كاملاً وخرج كل واحدٍ منهم بنصيبه منها.

إنجازاته العلمية والصوفية

 

في مجال البحث والتأليف والإصدارات الصوفية، له العديد من المؤلفات، التي طبع منها:

 

    كتاب الأنوار الرحمانية في الطريقة العلية القادرية الكسنزانية.

    نشر كتاب: جلاء الخاطر من كلام الشيخ عبد القادر.

    كتاب الطريقة العلية القادرية الكسنزانية.

    موسوعة الكسنزان فيما أصطلح عليه أهل التصوف والعرفان.

 

    الرؤى والأحلام في المنظور الصوفي.

    خوارق الشفاء الصوفي في الطب الحديث

 

وله عدد آخر من الكتب والرسائل تحت الطبع منها

 

    الكرامات في طور جديد.

    الكسنزان والإنسان.

    التصوف..قانون السماء الأول.

    الدعاء مخ العبادة.

    إطالة الشعر في الإسلام.

    السبحة في الإسلام.

    الخلوة في الإسلام.

    التكايا بيوت الله.

    المولد النبوي وأهميته في العصر الحديث.

    البيعة والمعاهدة عند الصوفية.

 

إنجازات علمية أُخرى

    تأسيسه كلية الشيخ محمد الكسنزان الجامعة، والتي تضم إلى جانب قسم علوم الشريعة والتصوف وحوار الأديان، أقسام أُخرى في علوم الاقتصاد والسياسة والقانون واللغة وعلوم الحاسبات والرياضيات التطبيقية، وهو بلا شك إنجاز يظهر مدى تفاعل الشيخ محمد الكسنزان مع متطلبات العصر الذي يعيش فيه وتفاعله معه بالوسائل العصرية التي تناسبه. وهذه الكلية العلمية الإنسانية هي بمثابة نواةٍ لجامعة كبرى يكون لها فروع في جميع دول العالم المتحضر كما يأمل الشيخ.

    إنجازه لتقويم إسلامي رائدٍ، وهو التقويم المحمدي وفيه أطروحة علمية دقيقة في الحسابات مستندة إلى علم الفلك ويؤرخ الأحداث نسبة لولادة الرسول محمد .

    تأسيس المجلس المركزي للطرق الصوفية في العراق.

    موقع التصوف الأسلامي وهو نافذة يطل من خلالها توجه السيد الشيخ محمد الكسنزان على العالم بأسلوب صوفي معاصر غير مسبوق ليعكس الجوانب المشرقة والأنفتاحية للتصوف الإسلامي على الآخرين.

    موقع الطريقة العلية القادرية الكسنزانية وهو موقع متخصص بنهج وأسلوب ومبادئ الطريقة الكسنزانية، وهو بمثابة اللسان الناطق عنها للعالم، والصورة المعبرة عن جوهرها ومضمونها.

    تأسيس المركز العالمي للتصوف والدراسات الروحية في عام 1415 للهجرة الموافق للعام 1994، ويتخصص هذا المركز في البحث في حالات الشفاء الفوري الخاصة بخوارق وكرامات الطريقة الكسنزانية التي تُثبت وجود الذات الإلهية والمقارنة بين هذه الخوارق من جهة وبين الظواهر الباراسايكولوجية من جهة أُخرى وإثبات فشل الأخيرة أمام خوارق الطريقة الكسنزانية، إضافة إلى دراسات أخرى يتم بحثها في هذا المركز على أيدي باحثين متخصصين.

أخترنا لك
فنلندا والسويد تأملان الانضمام للناتو بحلول الصيف

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة