بقلم / مجاهد منعثر منشد
بعد أن أرخى الليل سدوله , وعانق النوم أرواح الناس , ظلت عيوني ساهرة
لا يزورها النعاس !
هواجس الأفكار جذبتني تحت الغطاء , أفكر بما فعلت في يومي وماذا سأعمل
لغدي , وخوفا من ساعتي هذه إذا أقبل الموت اثناء رقادي .. تركت
التفكير بحياتي , واستولى الخوف على عقلي من الأجل المحتوم .
وبدأت تراودني إيحاءات شيطانية لأعود للانشغال بدنياي وأبعد عن الحق ,
انتبهت ونهضت من مخدعي وسرت لحديقة المنزل فتبللت قدماي من ندى الليل
, ورأيت كيف نسجت السماء نقابأً من ضي القمر والنجوم ,رفعت أكف
الضراعة وأنفاسي تسيل مع الهواء لبارئها , ها أنا بين يديك يامولاي
أغفر لي ذنوبي وتقبل مني اليسير واعف عن الكثير , ولا تجعل عقبات
المطامع احلامي وركوبي , ولا المتاعب تثقل جفوني , ولا أشباح الخوف
والقنوط تعذب فؤادي , وخلصني من وساوس شيطاني .
توضأت وصليت وتلوت الآيات , سمعت نداء المؤذن لصلاة الفجر , فارتعشت
واقشعر بدني وكأن الشيطان خرج من جسدي , وزال الهم واليأس عن صدري
.
وبعد أن أزيح الستار عن ظلمة الفجر وانبسطت أكف النهار بظهور قرص
الشمس تناولت الفطور وأطرب مسامعي زقزقة العصافير وتسبيح الديك ,
فشعرت بالأمان , إذ قذف الخالق حكمة في قلبي : ( الإفراط بحب الدنيا
كالثمرة إذا نضجت سقطت واندثرت ) , و(عشق الله نظام يسودنا به عقولنا
تديرنا وتطمئن قلوبنا وتنير بصيرتنا ) .
فقررت السعي بأن أنال حكمة من سنا ضياه وأسهر من كل شهر ليلة لله.