بقلم .. رجاء حسين
-----------------
تعد علامات الترقيم في الإملاء المصابيح التي تنير ظلام طرقات الكلام ، ودهاليز الجُمل وتفتح لنا شرفات المعاني لننظر منها على المراد من الكلام ، وبدونها قد تلتبس علينا بعض الأمور.
وكما لانستطيع السير في طريق طويل بدون رموز إرشادية توضح لنا معالم الطريق؛ لنسير باطمئنان ،ونحذر من بعض مزالقه الخطرة أحيانًا ، كذلك علامات الترقيم . ونظرًا لما لهذه العلامات من أهمية بالغة في تغيير المعنى المراد إذا نحن أهملناها ، ولم نعطها حقها ؛ فمن الواجب علينا الاهتمام بها في كل مناحي حياتنا ....... كيــــف ؟ هذا ما سنتحدث عنه في السطور التالية : ونـظــرًا لكثرة تلك العلامات فسوف نكتفي بذكر بعضها فقط ، وفي الحقيقة ليس هذا درسًا في الإملاء كما يبدو للبعض للوهلة الأولى، ولكن يمكن اعتباره مدخلًا لنتعلم منه كيفية الاستفادة من تلك العلامات في حياتنا، ومواقفنا، وتجاربنا، وعلاقاتنا الإنسانية . نــظــرة مجملة إلى تلك العلامات كلها نكتشف بعدها أنها تتشعب إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول :
تستخدم فيه العلامات للوقف ، وأخذ قسط من الراحة ، والتقاط الأنفاس، وهذا ضروري لمواصلة القراءة، وهذه العلامات هي : [ ، - ؛ - . ]
القسم الثاني :
وتستخدم فيه العلامات للدلالة على نبرة الصوت التي تعكس انفعالاتنا النفسية المتباينة، ونفهم ذلك من خلال القراءة إذا تم استخدام تلك العلامات الاستخدام الأمثل وهذه العلامات هي : [ ..... - : - ! - ؟ ] القسم الثالث :
يستخدم في الحصر وتتمثل فائدته أكثر في التنظيم أثناء الكتابة ، ويساعدنا أكثر على الفهم الأمثل ، وهذا يتمثل في الأقواس بأنواعها .
مما سبق يمكننا الإلمام بما تفيده هذه العلامات في الآتي :-
-----------------------
أنها تسهل علينا الفهم ، وتيسّر علينا الإلمام بالمقصود.
- أننا نتعلم منها متى نتوقف قليلا أوطويلًا ، ومتى نسكت .
- أنها توفِّر علينا الوقت الضائع في محاولة فهم المعنى المقصود .
- أنها تنظم عملية القراءة بشكل عام وتجعلها أكثر إمتاعا وفائدة .
والآن نأتي إلى بيت القصيد ولنطبق هذا الكلام على حياتنا :-
- بعض الأشخاص في حياتنا يمثلون النقطة التي يجب أن نتوقف عندها لنبدأ سطرًا جديدًا .
- البعض الآخر يمثل فاصلة نتوقف عندها كمحطة لالتقاط أنفاسنا .
- البعض الآخر فاصلة منقوطة ، نتوقف أمامها لنحاول معرفة السبب الجوهري لوجودهم في حياتنا .
- البعض الآخر موجود بين شرطتين، جاء لاعتراض طريق حياتنا ، إما بالخير فنحتفظ بهم ، وإمّا بالشر فنستغنى عنهم .
- بينما يمثل البعض منهم علامة حذف [ ....... ] يجب حذفهم تمامًا من محيط حياتنا كلما أمكن ذلك تخلصًا من أية طاقة سلبية ينشرونها في محيطنا .
- البعض يجب أن نحصره بين قوسين حتى نستطيع فهمه .
- وفريق آخر يمثل لنا [ : ] فهو يروي حكاية من حكايات عمرنا .
- البعض يمثل لنا علامة استفهام كبيرة أو صغيرة عن قيمة وجوده في حياتنا من عدمه .
------------
هكذا نجد أن تعاملنا مع علامات الترقيم على أنها كائنات حيّة يساعدنا كثيرًا في تنظيم حياتنا وتجميلها ، واختصار الكثير من الأوقات الثمينة الضائعة مع البعض ممّن يمثلون لنا أحيانًا عبئًا على حياتنا ، وفي الوقت نفسه تتيح لنا الوقت للاستمتاع بصحبة من نحبهم ويحبوننا ، هؤلاء الذين يعملون على تجميل نصوص كتاب حياتنا ، ويجعلون الحياة أسهل وأروع .
------------
والآن ..وإذا كان كل منا علامة ترقيم في حياة مَن حوله فأنت الذي تختارالعلامة التي تمثلك لتساعد نفسك وتساعد من حولك على التعايش ببساطة ووضوح مع الحياة .
أرقّ التحايا لكل من يمثل علامة ترقيم فاصلة ومفيدة ومريحة لنفسه ولكل من حوله .
----------------
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
بقلم : رجاء حسين