فضلا عن دورها المباشر في التقليل من وطأة الاوبئة والجائحات، كثيراً ما تؤكد منظمة الصحة العالمية خاصة في الآونة الأخيرة على التضامن وتأمين الوحدة الدولية المنتظمة لعدم إشراك الأزمات الصحية في الملفات الأخرى السياسية على وجه الخصوص، وتشير بالحرف الواحد الى ما هو أشد من الجائحة وأقسى من الوباء حسب ما جاء في تصريح لمديرها العام  تيدروس أدهانوم غيبريسوس مضيفاً، أن تسييس جائحة كورونا جعلها أسوأ، بل "التهديد الأكبر" الذي يواجهه العالم الآن بدرجة أكبر من الوباء نفسه كما أكد في إطار منتدى صحي دولي في دبي أن "العالم في حاجة ماسة إلى الوحدة الوطنية والتضامن العالمي".

ولكن السؤال، هل يخلو رد الفعل لدى مدير منظمة الصحة العالمية على ما يسميه "تسييس الجائحة" من خطاب سياسي ناشئ هو الآخر، جرى استقطابه رويداً وبدأ تشكله في جميع الأنظمة الصحية في العالم إذ دخل الفاعلون الأساسيون في البنى الصحية عبر مراكز الإستقطاب والاهتمام الجماهيري في العالم ما حملهم قدراً كبيراً من الجنبة السياسية المباشرة أو تسييس الظاهرة حتى عدًوا وكأنهم جزء من بروتكول دولي جديد، يمنحهم سلطة معنوية عليا.

وإذا كان "كوفيد -19" قد دخل بحسب علماء الى مختبر علم الاجتماع الوبائي من خلال المتغيرات البيئية والمحيطية فان المتغير الجديد نفسه، سيمنح علم الاجتماع السياسي مراقبة قدر من إيجاد الذرائع السياسية ورد الفعل لزج المنظمة الصحية الدولية في المناورة وتحميلها هذا النزاع الإضافي المستجد.

وبالرغم من أن مدير منظمة الصحة العالمية قد تجنب ذكر أية تفاصيل لما تعرضت إليه منظمته من انتقادات حادة، لكنه فتح الباب على موضوعة مستحدثة في حيادية المنظمات العالمية، يستكملها الارشيف الاعلامي في استحضار الاتهامات وتبويبها منها، انتقاد الولايات المتحدة، المنظمة بالضعف والبطء وتركيز اهتمامها على الصين في التصدي للوباء  وما دعا إليه عدد من الدول الاعضاء في المنظمة الى مراجعة ادوار ومهام المنظمة الدولية في التصدي للوباء وتمكينها من أداء دور اكبر واسرع في مكافحة الجوائح. في هذا السياق من الفعل ورد الفعل، دخلت المنظمة العالمية نزاعاً مستجداً يضاف الى دورها في التصدي لكورونا المستجد، ويعيد صياغة وجودها من جديد.