ويتجدد اللقاء مع (قهوة يوم الجمعة)

2020/06/19

تقديم/ رجاء حسين

القراءة الكنزالمهمل والجنة المنسية

أسعد الله صباحكم بكل خير مع {قهوة يوم الجمعة}

=========

القراءة

الكنزالمهمل والجنة المنسية

ومع ضياع البعض في دروب ومتاهات الوحدة، ورغم تعدد الطرق التي نهرب بها بعض الوقت، يبقى المنقذ الحقيقي لنا من الضياع في متاهات الوحدة، والبطل الذي له الفضل الأكبرفي إنقاذنا وإضاءة مشاعل المعرفة لتنيردروبنا وتهدينا هووقت القراءة

القراءة، هل هي مجرد هواية يمارسها البعض لمجرد قضاء الوقت؟!

إن كانت كذلك؛ فلاضير إذن من عدم ممارسة البعض لها، كباقي الهوايات التي يمارسها البعض دون الآخر؛ مثل الرسم الموسيقى السباحة الخ، قد يرد البعض على ذلك بقوله: ولكنها الحقيقة؛ فبينما نجد البعض يعشق القراءة ويقضي بها معظم وقته، نجد آخرين علاقتهم بالقراءة لا تتعدى قراءة كتبهم الدراسية المقررة، حيث تنتهي تلك العلاقة الواهية بمجرد الخروج من الاختبار بعد أن يصب الطالب ما بعقله والذي حشره حشرا رغما عنه لمجرد آداء واجبه والحصول على درجات مناسبة تؤهله لما يريد الوصول إليه! وماذا بعد خروجه من الاختبار؟ الإجابة: لا شيء! نعم، المقصود حرفيا: لا شيء! فلاشيء يبقى بعقله، ولماذا يحتفظ به وقد أدى الغرض المطلوب؟ وحتى نضع الأمورفي نصابها الصحيح؛ وقبل أن نلوم الطالب على اتباع هذا المبدأ، ننظربموضوعية إلى ما دفعه لذلك؛ وهذا أمريطول الحديث فيه، وله مقال آخر، ونعود إلى ما بدأناه وعلاقة ما ذكرته بموضوع القراءة وأهميتها، كلنا نعلم أن الإنسان هو: روح وجسد، نعم، وماذا بعد؟ السؤال الأول: هل يستطيع الإنسان الحياة بدون أن يمد جسده بالطاقة عن طريق الغذاء؟ الإجابة: قديستطيع لفترة من الوقت الامتناع عن الطعام والشراب، فيبدأ الجسم يتعامل مع المخزون الاحتياطي الموجود بالجسم، ومع مرور الوقت يبدأ المخزون في النفاد، وتبدأ مجموعة من الأعراض تظهرعلى الإنسان، وبالطبع تكون أعراضا سلبية، يعبر عنها الجسم في شكل هزال، إرهاق، ضعف الذاكرة، شحوب الوجه، عدم القدرة على القيام بأية نشاط،الخ، والسؤال الثاني هنا: وما علاقة ذلك بموضوعنا الرئيس، القراءة؟!

والإجابة: إذا اتفقنا على ما سبق قوله؛ سيكون من اليسيرالاتفاق على ما سيقال؛ فهل نحن متفقون؟ عزيزي القارئ: إذا كانت إجابتك بلا، فنحن لم نتفق على أرضية مشتركة ننطلق منها لبقية رحلتنا، ونأسف لإزعاجك بما كتب؛ فلاتتعب نفسك في متابعة بقية المقال، ويكفي أنك أسعدتنا بوجودك، ونأسف لك لتحملك عناء قراءة السطور السابقة، وإذا الإجابة نعم؛ فأهلا وسهلابك معنا في بقية رحلتنا، فلنبدأ الرحلة الآن:

اتفقنا أن الجسم يحتاج للغذاء، وبما أن الإنسان كما اتفقنا روح وجسد، فمن الظلم البين أن نهتم بواحد منهما على حساب الآخر، فنسرف في تدليله، ونمنحه كل ما يحتاجه من طعام وشراب وحلوى وتسلية، وترفيه، بينما نترك الآخروحيدا يعاني الإهمال ويشكو آلام الوحدة، والجوع والعطش، ونحن لا نأبه له، بل ننظر إليه باستخفاف، أو نهمله وكأنه سقط متاع، أعتقد أن هذا ظلم بين، أليس كذلك؟! أكاد أرى أحدهم يبتسم ساخرا: وكيف سنطعم الروح؟ وكيف سنمنحها كل ماسبق؟ الحقيقة أن الروح لها غذاء وإن كان يختلف في نوعيته عما يحتاجه الجسد؛ ويكون ذلك عن طريق غذاء العقل، القراءة، ثم القراءة، ولو كان في قوله تعالى (اقرأ) وأنها أول مانزل من الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن الأمرقد تكرر ثلاث مرات من سيدنا جبريل، لكفى، ولكن ليكون الأمرواضحا، سنغوص معا قليلا في أعماق عالم القراءة؛ لنستكشف عالم اللآلئ، التي يزخر بها، القراءة هي مصدر الفعل قرأ، وقرأ الكتاب؛ أي تتبع كلماته المكتوبة بنظره، ناطقا لها أوتتبعها صامتا، وله معان أخرى أيضا، والسؤال هنا: متى تحصل الفائدة من القراءة؟ والإجابة: أنه رغم تعدد أغراض القراءة؛ فالفائدة لا تتم بمجرد أن نمرمرورالكرام على الكلمات؛ فلابد من فهمها والتمعن في معانيها، وقراءة ما بين السطور، وكلما تمعن القارئ فيما يقرأه زادت الفائدة المرجوة، وبالتالي زاد الاستمتاع بالقراءة، والإحساس بقيمتها، وإذا كانت القراءة في حد ذاتها متعة رائعة يقطع بها القارئ الوقت ويقضي بها على الملل، إلا أن الفوائد التي تتحقق بها؛ إضافة إلى ماسبق من أنها أول مانزل من الوحي، تجعلها ملكة متوجة في عالم الهوايات والمهارات والضروريات الحياتية، القراءة هي البساط السحري الذي يطيربنا إلى أزمنة مختلفة، أزمنة ماضية لم نكن فيها، وأزمنة حاضرة قد لانستطيع التواجد مع أصحابها في الحقيقة لتباعد الأماكن، وأزمنة قادمة لا تتسع لنا حياتنا القصيرة لبلوغها ورؤية ما قد يحدث فيها، وينقلنا إلى أماكن مختلفة، أماكن قد تبعد عنا أوتقرب منا، ولكننا لانتمكن من زيارتها في الحقيقة، القراءة هي الشرفة السحرية التي تجعلنا نرى ماحولنا بعيون الآخرين، فنقارن بين رؤيتنا ورؤاهم لنصل إلى الرؤية السليمة لأمرما، القراءة هي الحديقة السحرية التي نقابل فيها الآخرين نطلع على أفكارهم، يخبرونا بما مروا به من أحداث على ألسنتهم، أو ألسنة أبطالهم في القصص والروايات، نقترب منهم أكثر، ندخل إلى عقولهم، نطالع ما بها من أفكار، نحب بعضها، ونؤمن ببعضها، تكون لنا دافعا للتقدم والنجاح، أونتعلم من تجاربهم السابقة ما يفيدنا ويمنعنا من الوقوع في الأخطاء، فيوفرون علينا بعض المعاناة، ويوفرون لنا الوقت، نتخذ من بعضهم أصدقاء لنا، نلجأ إليهم كلما انتابنا شعوربالوحدة وعزوجود الأصدقاء بقربنا، القراءة هي خير مرشد لنا في متاهات الوحدة، ورغم أهمية كل ماسبق كأدلة على أن القراءة ضرورة إنسانية حياتية لا غنى عنها؛ يظل الهدف الأكبر والأهم لممارسة القراءة، لم يذكر بعد، وهو في رأيي المتواضع ما يجعلها بحق كنزا مهملا، نخسر كثيرا بعدم الاهتمام به ويتجدد اللقاء

حتى يتجدد اللقاء نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه أرق تحياتي/ رجاء حسين

أخترنا لك
نجوم أوربا يعودون إلى مساقط رؤوسهم للحجر الصحي بسبب جائحة كورونا

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة