الاجتماع التمهيدي لمجلس كورونا العالمي .. الاستعداد للجلسة الأولى
بعد مباغتة العالم بزيارة مربكة والعبث شرقا وغربا؛ مما تسبب في تغييرمنظومة حسابات الكرة الأرضية؛ حتى اضطرت إلى ارتداء كمامة ضخمة لحماية نفسها؛ والاستحمام بكل أنواع المطهرات والمنظفات التي تسببت في إيذاء جهازها التنفسي أكثر مما أفادها؛ إلا أن الأمر لم يمرمرور الكرام؛ ولم يمنع من موت الآلاف من البشر، فضلا عن الآلاف الذين تزدحم بهم المستشفيات، وتعرض أحوال البشر المعيشية للتوقف تقريبا، وغيرذلك من أحداث كبرى؛ مما جعل الظروف مهيأة لتقييم الأوضاع من قبل المسئولين في الجانب الكوروني؛ وقد أعلن زعيم المجلس أنه قد حان الوقت لانعقاد الجلسة التاريخية لبرلمان كورونا العالمي المخيف؛ ولأن زعيم المجلس شخصية ديمقراطية تؤمن بتعدد الآراء، وبحق كل كائن حي عاقل رشيد في إبداء رأيه الحر في أي موضوع عام؛ فقد ترك للجميع الفرصة لاختيارالمكان الذي ستعقد فيه الجلسة الأولى لبرلمان كورونا العالمي؛ ورغم حدوث بعض المناوشات في البداية بين بعض الأعضاء على مكان انعقاد الجلسة التاريخية؛ إلا أن الرأي استقرأخيرا على أن يكون مكان الجلسة فوق قمة الهرم الأكبر بناء على رأي الزعيم الكوروني العظيم، مفندا بذلك رأي من كانوا يصرون على أن تنعقد الجلسة في مارينا، فأين موقع مارينا من التاريخ؟ ليس لها ثقل تاريخي يشفع لهم الموافقة على رأيهم، فضلا أن ميزانية المجلس لا تحتمل هذا البذخ غير المبرر، فلم يجدوا حلا سوى الصمت التام والاحتفاظ برأيهم فيما بينهم لاسيما بعد أن سمعوا أن الإدارة هناك تستخدم نوعا قويا من المطهرات قد يودي بحياتهم جميعا، وانسحب الأمرعلى أصحاب الرأي القائل بالتوجه إلى بلاج المعمورة؛ فالفرصة سانحة الآن للاستمتاع بجمال البحروالشاطئ بعيدا عن التلوث البشري الرهيب؛ فقد علموا أن الشاطئ هناك أصبح خاليا تماما من جنس البشر؛ وتعالت ضحكاتهم عندما أخبرهم أحدهم أن البشر خائفون من جنس كورونا المرعب، ومع ذلك فقد احتفظوا بحقهم الكامل في رفع شكوى إلى زعيم المجلس بخصوص الإهانة الجارحة التي لحقتهم من فريق مارينا؛ فقد اتهموهم علانية أنهم دقة قديمة، وأن هذه المعمورة من أيام أجدادهم؛ أما أصحاب الرأي أن تنعقد الجلسة داخل منخارأبي الهول العظيم، فلم يصمدوا طويلا للدفاع عن رأيهم هذا أمام الحجج القوية التي ساقها زعيم البرلمان ومعاونوه من لجنة الحكماء؛ حيث رأوا أنهم لابد للأمانة العلمية والتاريخية والأخلاقية أن يبتعدوا تماما عن منخارأبي الهول؛ خوفا عليه من العدوى خصوصا في ظل نقص الإمكانيات الطبية التي سيحتاجها لولاسمح الله أصيب بالفيروس واستطاع أحدهم التسلل خفية إلى رئتيه، وأنه لو أصابه أي مكروه فسيظل ذنبه معلقا في قرون كل أعضاء المجلس الكوروني، فضلا عن احتمال تعرضهم للملاحقات القضائية ومطالبتهم بتعويضات ضخمة عندما تهدأ الأمور، وهذا ما لن يستطيع واحد من الأعضاء تحمله نفسيا أوأخلاقيا، فضلا عن خوف الجميع من أن تحل فوق قرونهم لعنة أبي الهول إذا غضب منهم، وهكذا ظل الجدال دائرا بين أصحاب الرأيين، حتى صاح أصغرالأعضاء سنا المعروف بالفيلسوف الكوروني قائلا في ملل واضح وهو يضع ساقا على ساق: كفاكم جدلا؛ لو كنتم تهتمون بحصص التاريخ لعرفتم أن منخار أبي الهول قد ذهب مع الريح بطلقة من طلقات مدافع نابليون في حملته الاستعمارية على المحروسة، رد أحدهم بحدة: لاتظلم نابليون هل رأيته وهو يصوب مدفعه على منخار أبي الهول؟ أجاب آخر: نعم نعم هذا ما درسناه في التاريخ، لقد سجل المؤرخون هذا الأمر فعلا، ثم لماذا تدافع بحرقة عن نابليون هل هو قريبك؟! رد بحدة: ليس قريبي ولكن لا يجب أن نغتاب الآخرين ونلقي عليهم التهم جزافا، قال آخر: إنها ليست تهما ياصديقي إنها حقائق تاريخية، وهنا ترك الزعيم الوفد المرافق والتفت إليهم صائحا في غضب: ماهذا؟! يبدوأنكم تعلمتم الجدل السوفسطائي لكثرة مخالطتكم للبشر؛ ألا تلاحظون أنكم ابتعدتم عن الموضوع الأساسي، وأضعتم الوقت الثمين في مناقشات هامشية لاتهم أحدا الآن؟! أف لكم! هل نسيتم أننا في حالة حرب الآن ولامجال لتضييع وقتنا الثمين؟! انتهى الأمر؛ سوف تُعقد الجلسة التاريخية أعلى قمة الهرم الأكبر! صاح الأعضاء مهللين: أجل أجل ما أروع الوصول إلى قمة الهرم الأكبر! رد الزعيم مبتسما في فخر: نعم ستكون قمة تاريخية قلبا وقالبا لن ينساها أحد؛ فسوف يسجلها التاريخ بحروف من كلورأقصد من نور؛ سوف تأتي وسائل الإعلام العالمية لمتابعة الحدث العظيم؛ وسوف تثبت الكاميرات الحديثة في كل مكان، نحن الآن على قمة الشهرة، فقد أصبحنا حديث العالم بكل ما حققناه من إنجازات، عليكم جميعا أن تكونوا على مستوى الحدث؛ فهل أنتم مستعدون؟! رد الجميع بقرون شامخة: مستعدون مستعدون
إلى اللقاء لمتابعة أحداث الجلسة الأولى
أرق تحياتي/ رجاء حسين