المرأة العراقية والإبتزاز الألكتروني

2020/05/15

زاهد الشرقي

تُعد صفة (الشَّر) أحدى أهم الأسلحة التي يستعملها ضعاف النفوس بهدف إيذاء الأخرين بكافة الطرق (الجسدية والمعنوية والنفسية والمالية)،وعلى مر التأريخ كانت هناك وقائع وحوادث عديدة شاهداً على بشاعة تلك الأنفس. وأبرز تلك الأفعال الشريرة هي (الإبتزاز)،والذي يُعرف بأنه الحصول على المال أو المنافع من شخص تحت التَّهديد بفضح بعض أسراره أو غير ذلك.

وبعد ثورة الحداثة في مجال التكنولوجيا والاتصالات وازدياد عدد مستخدمي الأجهزة الحديثة في التعامل مع مواقع التواصل الإجتماعي والتطبيقات الأخرى برزت ظاهرة جديدة وخطيرة هي الإبتزاز الإلكتروني وقد تعرضت لها كافة شرائح المجتمع. ولكن الفئة الوحيدة التي عاشت خطورة هذا النوع هي النساء بكافة أعمارهن او صفاتهن الإجتماعية لما للمرأة من تعامل خاص.

ففي العراق بعد عام 2003 تعددت وسائل الإتصالات والتواصل المختلفة. واصبح للملايين من الناس القدرة على استخدام المواقع المختلفة والتطبيقات على شبكة الأنترنت عن طريق أجهزة الحاسوب او عبر الهواتف النقالة (الموبايل). ولقد بدأت عمليات الإبتزاز الإلكتروني منذ زمن ليس بالقريب،ولكن أغلبها كانت نتائجها معروفة عن طريق رضوخ الضحية للمطالب. لكون المجتمع لا يمكن له التسامح مع أي خطأ قد تقع فيه المرأة مع غياب واضح لأي قانون او تشريع خاص بتلك الجريمة. ناهيك عن الخوف من التوجه للقضاء بسبب ما يترتب عليه ذلك من (فضيحة) وفق ما تفكر به الضحية لها ولعائلتها.

ومع مرور الوقت كثُرت هذه الحوادث في العراق،وجميعها يندرج ضمن خانة الجريمة التي من خلالها يتم إجبار الطرف الأخر على الرضوخ بكافة الطرق. ولا تختلف إلية تلك الجرائم بشيء عن بعضها. ولكنها تترك أثراً نفسياً مؤلماً بداخل المرأة التي تتعرض للإبتزاز الإلكتروني مع عقاب قد يصل حد الموت من قبل عائلتها او المقربين منها في حال افتضاح الأمر،وانتشار تلك المعلومات والصور ومقاطع الفيديو والمكالمات التلفونية الخاصة لعامة الناس.

ولعل أهم طرق الحصول على المعلومات التي يستخدمها المجرمون من أجل الإبتزاز :.

اولاً : عن طريق الحوارات الشخصية عبر مواقع التواصل او المكالمات الهاتفية أو التطبيقات ثم تتحول لتبادل المعلومات الشخصية والصور او مقاطع فيديو للضحية ثم بعد مدة تبدأ عملية إجبار الضحية على عدة مطالب أبزها المال او الحصول على رغبة جنسية.

اختراق صفحة

ثانياً : عن طريق اختراق الصفحة الشخصية في مواقع التواصل والتطبيقات مثل الأخرى الإنستغرام،بالإضافة إلى اختراق الهواتف الذكية. كل تلك الامور تجري من أجل غاية واحدة فقط إلا وهي الحصول على معلومات شخصية وصور ومقاطع فيديو تعود للضحية.

ثالثاً : الحصول عن طريق شخص أخر مقرب او لدية معرفة سابقة بالضحية على تفاصيل مهمة مع صور او مقاطع فيديو.

رابعاً : قطع العلاقات مثل الخطوبة او الطلاق او الصداقة مما يجعل بعض الرجال مع كل الاسف يتجه نحو الإبتزاز للطرف الأخر الذي كان في يوم من الأيام قريب منه.

خامساً : الثقة الزائدة وقلة الوعي وعدم المعرقة بمراحل تأمين الحساب الشخصي والحفاظ على المعلومات الخاصة من قبل بعض النساء والفتيات.

لكن في المدة الأخيرة حدثت نقلة نوعية في مجال متابعة ومحاسبة مرتبكي جرائم الإبتزاز الإلكتروني من قبل الجهات المختصة العراقية المتمثلة بوزارة الداخلية،صاحب ذلك تعاون من قبل الضحايا من النساء في الإبلاغ من أجل إيقاف المجرمين عن حدهم عن طريق التبليغ الرسمي او عبر أرقام هواتف خصصت لهذا الغرض مع تحرك واضح من قبل منظمات ومؤسسات مجتمع مدني تهتم بالمرأة وتدعوا لحمايتها وفق قوانين وأنظمة تُشرع بهذا الخصوص.

ولقد تحدث العميد غالب العطية مدير الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية بأتصال هاتفي حول الأمر وأوضح أن واجب عملهم يتمحور اولاً في الوقاية واستباق وقوع الجريمة عبر رفع الوعي المجتمعي لدى شريحة المواطنين كافة،وبالأخص النساء عن طريق ندوات الإرشاد المستمرة من قبلهم بكافة محافظات العراق مع أهمية التأكيد على تأمين المواقع الخاصة والمعلومات الشخصية والصور وغيرها حتى لا تقع بأيادي الاخرين.وأضاف أنه (في حال وقوع الجريمة فأن الشرطة المجتمعية تكون سنداً مع الضحية عن طريق التحرك المباشر والفوري معها. وتوفير الحماية وسرية المعلومة والتعامل لحين الوصول إلى الإجراءات القضائية التي تُعد مفصلاً مهماً في أنهاء الملف).

واكد العطية : بأن التعامل مع هكذا نوع من الجرائم ليس بالأمر الهين في مجتمعنا،ولكن مع الوقت أصبح للوعي مكان لدى الناس. كما إن أيمانهم بقدرة الجهات الرسمية ساهمت في تحركهم وعدم الاكتفاء بالصمت.مطالباً من أي امرأة تتعرض إلى الإبتزاز إلى عدم الخوف والإنصياع لأي تهديد مهما كان نوعه. والإتصال بالرقم (497) من على كافة شبكات الهواتف لأجراء اللازم او عن طريق التواصل مع البريد الخاص في موقع وزارة الداخلية العراقية.

من جهة أخرى ذكرت رئيسة منظمة حواء للإغاثة والتنمية الدكتورة بثينة المهداوي،إن منظمتها وبالتعاون مع منظمة الانترنيوز اطلقت حملتها (للحد من ظاهرة الابتزاز الالكتروني) عبر هاشتاق (#لتسكتين_مو_من_حقه ). والدعوة إلى الإبلاغ عن طريق الإتصال بالشرطة المجتمعية على الأرقام المخصصة لذلك.

ايقاف جريمة

وأضافت المهداوي أن (على الجميع التحرك من أجل إيقاف هذه الجريمة بحق المرأة لما لها من أثار سلبية على المجتمع والمستقبل بصورةٍ عامة).

وأكدت : بأن منظمتها ماضية في سبيل التواصل مع كافة المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني من أجل العمل على نشر التوعية والتحذير من خطورة الصمت أمام تلك الجرائم. لأن المرأة إنسان له حقوق وعليه واجبات،ولابد من توفير غطاء حماية يضمن لها حقوقها التي قد تتعرض للإنتهاك من قبل البعض السيء.يبقى الإبتزاز الإلكتروني جريمة مثل باقي الجرائم تبقى بحاجة إلى وعي وإدراك من النساء لتنجب الوقوع في شباكها مع أهمية الحماية لكافة الصفحات الشخصية والهواتف النقالة. بالإضافة إلى عدم الانجرار وراء رغبة أي شخص مهما كان تطلب تبادل المعلومات الشخصية وكافة الأمور الخاصة الأخرى من صور ومقاطع فيديو ومكالمات قد تحتوي على كلام يسبب حرجاً على الضحية في المستقبل. وعدم الانصياع لمبدأ التهديد من الشخص الذي يعمل على الإبتزاز وقطع التواصل معه فوراً،والابتعاد عن المشادات معه قدر الإمكان . وعدم تحويل أي مبالغ مالية او تحقيق أي رغبة أخرى مع التحرك الفوري بإتجاه الجهات المختصة من أجل ضمان الخلاص وإيقاف المجرمين عند حدهم. كما إن تحرك المؤسسات الرسمية والمنظمات المهتمة بحقوق المرأة أصبح فعالاً من الأيام لأنه ساهم برفع نسبة الإيمان والوعي بأن هناك طرق عديدة للحد من تلك الجريمة البشعة.

أخترنا لك
تجربة حياة.. الأنوثة بين الشكل والفكر

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة