اثار وباء العنف الاسري المخاوف لدى المجتمع العراقي من الانفلات غير المسبوق في ظل غياب الاجراءات التي تمنع تفكك الاسرة خلال الظروف الصعبة الموبوءة بالازمات وسط ارتفاع حالات الانتحار يوما بعد يوم دون اجراءات حقيقية ملموسة من الحكومة والجهات المعنية لاحتوائه. وقال ناشطون لـ (الزمان) امس ان (العنف الاسري بدأ يجتاح المنازل دون سابق انذار مما يشكل استمرار ذلك خطرا على حياة الافراد داخل المنزل في ظل غياب الرادع او ايجاد معالجات تسهم بحل لغز المشكلات التي تواجه العوائل للقضاء على هذا الوباء الذي اضحى يفتك بالاسرة ويفككها نتيجة الظروف الموبوءة بالازمات). وتحت الضمادات التي تلف جسد ملاك الزبيدي ذات العشرين ربيعاً، كان الوجع أقوى من صرخات الفتاة التي لم تملك سوى الدعاء للنجاة من اثار الحروق التي اصابت جسدها، لكن الموت باغتها فجأة خلف ذلك الوجع والصراخ الذي اختبأت خلفه (جائحة العنف الأسري) التي بدأت تتفاقم خلال الحجر الصحي جراء كورونا. جهود كبيرة ورأى الناشطون ان (هذه الظاهرة بحاجة الى جهود كبيرة تساعد على احتواء الازمة قبل تفشيها بين المجتمع وتصبح عادة لا يمكن السيطرة عليها لان اغلب المشاكل الحالية يمكن ان تحل ببساطة او بردع الاشخاص المتجاوزين ومحاسبتهم حتى لا يفكر الاخرين بأتباع ذلك). وتؤكد المنظمات الأممية العاملة في العراق أنه خلال أسبوع واحد أحصيت تقارير عدة منها اغتصاب امرأة من ذوي الاحتياجات الخاص، واعتداء زوجي وانتحار امرأة جراء العنف الأسري وقيام امرأة بإشعال النار بنفسها للسبب ذاته وكذلك أذية النفس بسبب الإساءة الزوجية المتكررة والتحرش الجنسي بشخص قاصر وغيرها من الجرائم ذات الصلة. لكن الناشطة في مجال حقوق المرأة هناء إدوارد , قالت إن ملاك أرادت فقط زيارة أهلها بعد مرور ثمانية أشهر لكن زوجها رفض ، السماح لها بذلك، لذا هددت بإشعال النار بنفسها، فقال لها زوجها قومي بذلك ففعلتها. كما ان والدة الضحية اكدت ان زوجها شاهدها تحترق لمدة ثلاث دقائق ولم ينقلها إلى المستشفى إلا بعد ساعة بحسب قولها . ومنذ بداية الحجر المنزلي، ازدادت نسبة العنف المنزلي في العراق بنسبة 30 في المئة وحتى 50 في المئة في بعض الأماكن، بحسب تأكيد مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب عطية. وعزت إدوارد ذلك إلى أن (الحجز المنزلي حرم الآلاف من أصحاب المهن من أعمالهم وعائداتهم وكذلك توقف المدارس وبقاء الأطفال في المنازل واحيانا تؤدي الأمور الأكثر تفاهة إلى نقاشات تثير شرارة العنف). وأقدم طبيب يبلغ من العمر 58 عاماً على قتل زوجته، لأنها رفضت السماح له ببيع أرض باسمها للاستفادة من المال، بحسب ما اورده المحامي سجاد حسين . وفي سامراء ، هزت فتاة في العاشرة من عمرها وهي تجهش بالبكاء مواقع التواصل الاجتماعي بعدما كسر والدها ذراعيها جراء الضرب. وقالت الطفلة صبا (لا أريد أن أرى والدي بعد الآن كونه يضربني يوميا). وتمنح المادة 41 من قانون العقوبات العراقي للزوج الحق في تأديب الزوجته وألاطفاله والمعلمين لتلاميذهم في حدود القانون . لكن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان قد اكد لا وجود لمسوغ قانوني اوشرعي يبيح ممارسة العنف بحق افراد الاسرة وان القانون يعد تلك الاعتداءات جريمة يعاقب عليها. وقال خلال لقائه وفدا نسائيا ان (القانون ينص على معاقبة مرتكب جريمة العنف الأسري أياً كانت صفته في الأسرة، إذ لايوجد مسوغ قانوني أو شرعي يبيح ارتكاب ?هذه الجريمة التي تعامل مثلها مثل بقية الجرائم التي يعاقب عليها القانون) واضاف (اصدرنا توجيهات الى المحاكم المختصة بتسهيل اجراءات تسجيل شكاوى العنف الأسري واتخاذ الاجراءات القانونية السريعة والرادعة بحق من يرتكب هذه الجريمة اضافة الى تسهيل اجراءات حصول المرأة على حقوقها في موضوع النفقة وحضانة الأولاد). وأقدم شاب على الانتحار في منطقة جديدة الشط غرب قضاء بعقوبة بمحافظة ديالى بعد توبيخه بشكل حاد من ابيه. إنتحار صبي وتعد الحادثة هي الثانية في ديالى خلال اقل من اسبوع بعد انتحار صبي يبلغ من العمر 12 عام شنقا في منزله في قضاء بلدروز شرق بعقوبة. ويشهد العراق في الاونة الاخيرة ارتفاع جرائم العنف الاسري وحوادث الانتحار اثر خلافات ومشاكل عائلية تدفع بعض النساء الى الانتحار نتيجة حدوث انهيار نفسي وكان اخر حادثة شهدتها مدينة الموصل بأقدام مرأة حامل على اضرام النار في جسدها نتيجة خلاف عائلي مع اهل الزوج ويبدو ان هذا السبب دفع النجفية ملاك الزبيدي الى حرق جسدها وهذا الامر اصبح لا يقتصر على الزوجات بل سجلت حالات تعنيف بحق الابناء والبنات اغلبها ناتجة من ضعف الحالة الاقتصادية للاسرة وانعكاسها بشكل ملحوظ على اوضاع المعيشة وبرغم من وجود تشريع قانون تحت مسمى (مناهضة العنف الاسري) لكن السجال لم يغيب عنه اذ رحب بعض النواب لهذا التشريع الذي قد يتوقع له بأن يحد من تلك الجرائم فيما اعترض اخرون على التشريع الذي يرونه يخالف تعليمات الشريعة الاسلامية. وبين غياب الرادع والقانون وتقبل المجتمع والمشاكل المزمنة .. يبقى مصير ضحايا العنف الاسري والاسباب التي تدفع الى الانتحار مجهولة. |