لا يجب أن يجرّ الكورونا الجوانب المضيئة في حضارتنا إلى دهاليزه. فتسطّر نسخاً قاتمة من العولمة. فتصير خوفاً وفيروسات وأفواج لاجئين وواقعاً متأزّماً.
البشر يا ولدي يخشون الأمراض، وهم يصنعونها. لا أعلم ما إذا كان صحيحاً أنّ الكورونا صُنعت في مختبرات لأسباب ووجهات استعمال محددة، لكني على ثقة من أنها تستعمل ويستثمر بها لهذه الغايات.
الأكيد أنّ الطبيعة تنتقم، ألا فاحذر غضبها. تحاول الطبيعة أن تستعيد سلامها يا صغيري. تحاول أن تخفف ضغوط أولاد البشر وأسواقهم وحضارتهم الساقطة عنها. تحاول الأمكنة أن تستعيد سلامها والحياة جودتها. امتلأت الأمكنة بشراً وأسواقاً ونفايات وتعديات. ضاقت الأرض ذرعاً بنا. الحيوانات الناطقة وغير الناطقة تتمرمر، وكل الخليقة تمتعض. كفانا فتكاً بالحيوان والنبات وكل ما يدب على الكوكب. الطاعون أفقدنا أماديوس موزارت، فانقطع حبل الإبداع الموسيقي. ونحن صنعنا الطاعون بثورتنا الصناعية واكتظاظ المدائن بنا وبطرق إنتاجنا واستهلاكنا. فكان أن فتك بالمدائن وغيّر العوائد. وها هو الكورونا يسلك مسالكه. لا يجب أن ينذر الكورونا باضمحلال كل ما هو حسن في عالمنا.
سيكون للكورونا آثار اقتصادية كبرى وقد بدأت تبان. لكن لا يتوجب عليه أن يظهّر باطنية ولاعقلانية، وكراهية تنهي إرثنا الروحي وثقافتنا وكل التبادل والحوار والتعاون. لا يجب أن يؤدي الكورونا إلى اضمحلال كل ما هو جميل. فلا يبقى من العولمة إلا الأوبئة والنزوح والفقر والعوز واللامساواة والأمّية والإرهاب والمعلومات المضلّلة تنتقل عبر الحدود عبر شبكات التواصل غير الاجتماعية.
لكن لا تحزن يا صغيري، لأنّ عندي رجاء. أؤمن أنّ الأرض ستستعيد سلامها، والحياة دورتها، والبشر إنسانيتهم، فتلد الأمهات للكوكب سلاماً. أؤمن بأن لا بدّ للخير أن ينتصر. فمن يضبط الأزمنة يحرص على أن يكون كل شيء لخيرنا. يحرص على أن نتعلم حتى من الأزمات دروساً تعيدنا إلى مسالك محمودة.