بقلم | مجاهد منعثر منشد
صرح دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي- أثناء غزو العراق وتدميره- بأن المعركة بعد غزو العراق واحتلاله هي معركة العقل والوجدان والصورة.
نعم نقل الصورة الزائفة في عرض مسلسل (ليلة سقوط) الذي مثله نخبة من النجوم العرب والعراقيين المنحدر أغلبهم من كردستان العراق.
هذا المسلسل كتبه الكاتب المصري مجدي صابر وأخرجه السوري ناجي طعمي، وأنتجته شركة بلا حدود لصاحبها د. قيس الرضواني، تلك الشركة التابعة للحزب الديمقراطي بقيادة السيد مسعود برزاني.
يتحدث حول مدة حقبة تاريخية سوداء أثناء سيطرة كابوس تنظيم داعش على الموصل وأطرافها، إذ يفاجأ المشاهد بإبراز دور البيشمركة في الملحمة البطولية لمواجهة جرذان العصابات التكفيرية، ويهمش بكل وقاحة وجرأة الدور البطولي الأساسي لمجاهدي الحشد الشعبي وسائر القوات الأمنية العراقية المشاركة في التحرير؟!
هذا ما يرجع شريط ذكرياتنا إلى وراء لنتأمل في فكرة مسلسل (ليلة سقوط) من ناحية الدور المعاكس، فنجدها مستوحاة من السينما الأميركية الهوليوودية، فبمجرد متابعة حلقاته الأولى تذكرت مقالتي المنشورة بعنوان قراءة في كتاب (قصص لا ترويها هوليوود مطلقا/ لهوارد زن). هكذا عمل درامي ببذخ مالي عالٍ يغير أحداثا ووقائع تاريخية لا زلنا نعاصرها كشهود وأحياء، هل يمكن فيه تلميع صورة البشمركة بثلاثين حلقة بين ثناياها الخدعة البصرية وإخفاء دورها السلبي الذي يشهده آلاف الأيزيديين؟
باعتقادي مجرد الإجابة على بعض الأسئلة التي تدور في مخيلة المشاهدين لإحداثه، سنجد الحقيقة:
ـ أين كان تصدي قوات البيشمركة في خط المواجهة قبل فتوى الجهاد الكفائي؟
ـ أليس قوات البشمركة أول من هربت أمام تنظيم داعش، ثم انسحبت من سنجار يوم 3/8/2014 دون مقاومة، فمن زحف لتحرير الموصل؟
ــ ألم يستنجد السيد مسعود برزانيبالجنرال الحاج الشهيد قاسم سليماني وزملائهعندما آلتأربيل بالسقوط على يد داعش ؟
ـ أين دور أبرز قائد في الحشد الشعبي الشهيد الحاج أبى مهدي المهندس في هذه الملحمة الوطنية , فمن كلف بعض المصادر بشراء الإيزيديات من عصابات داعش وتهريبهن جوا وبرا إلى بغداد ؟
ـ كيف يغض النظر عن الشهداء من الحشد الشعبي وقوات مكافحة الإرهاب وسائر القوات الأمنية التي تصدت زاحفة ببسالة لتحرير الموصل وأطرافها ؟
إذن في هذا العمل الدرامي وقعت مغالطات مقصودة و خضعت لتزبيفالحقائق التاريخية الناصعة والواضحة على مرأى ومسمع العراقيين , إذ أعطى مساحة واسعة لقوات البيشمركة في حين كان دورها سلبي وأقل تأثيرا بكثير ليس ذلك فحسب , فبعد تحرير الموصل عندما كانت تلك القوات لها بعض النقاط القريبة من أربيل وكركوك ظهر بينهم بعض العملاء لداعش حيث يقوم هؤلاء بفتح مصابيح الشحن ليلا كإشارات للعدو عند تقدم الحشد الشعبي أو أثناء خروج المجاهدين لمهمة الاستطلاع .
طيب .. لماذا تقديم هذه الصورة المسيئة عن الأيزيديينومع الفتيات الأيزيديات اللواتي تم خطفهن ؟
لقد حملت حلقات المسلسل هفوات كثيرة كتقديم الصورة لوضع المتهم الإرهابي مكبل اليدين في قفص الاتهام أمام محكمة الاستئناف وهذا مخالف للقانون العراقي , وأيضا المحاكم التي تختص بقضايا الإرهاب هي المحاكم الجنائية وليست محاكم الاستئناف .
بالنسبة لي ( ليلة سقوط ) مسلسل ثقيل يفتقد لعنصر التشويق رغم وجود عشرات الممثلين البارعين بينهم من دول عربية إلا أنهم أخفقوا في اللهجة العراقية فكانت هزيلة ومضحكة على ألسنتهم , كما أن عدد الممثلين الذي بلغ مائة وثلاثون ممثلا كان أدائهم بارع بالتلاعب وقلب الحقائق وتزييفالتاريخ .
ومن الواضح نقل وقائع تراجيديا المسلسل تحولت من مسألة إنسانية إلى مسألة سياسية لاتمت بصلة للواقع و بعيدة عن ما عانته المكونات العراقية , فنستطيع القول عن تلك الاحداث بأنّهدعاية سياسية وخصوصا لا تشاهد العلم العراقي الوطني , بل من يرفرف علم الاكراد .
وأخيرا العيون لا تعاني الكمد والأذنين ليست صماء كما اللسان ليس أبكم ....لا غفلة ولا تجاهل إلى حقبة تاريخية لازالت في الذاكرة طازجة .