ضوء أخضر.. عِشْ حياتك كأنك في رمضان.. تجد الآخرة عيدًا

2025/03/29

بقلم|د. لطيفة شاهين النعيمي

رَمَضَانُ ليس مُجرّد شهر في التقويم، بل هو منهج حياة ومدرسة تُعلّمنا الصبر، والإخلاص، والتقوى، والعطاء. كثيرون يشعرون في رمضان بروحانية خاصة، وارتباط أقوى بالله، وتوازن بين متطلبات الدنيا ومتطلبات الآخرة، لكن، ماذا لو استمرت هذه الروح طَوال العام؟

نلاحظ أننا في رمضان نلتزم بالصلاة في أوقاتها، ونحرص على قراءة القرآن، ونمتنع عن المحرمات بوعيٍ تام، ونشعر بلذة الصيام ونعيش معاني الإحسان، فنعطف على الفقراء، ونمدّ يد العون لمن يحتاج، هذه السلوكيات ليست محصورةً في رمضان فقط، بل يمكن أن تكونَ نهجًا دائمًا في حياتنا.

لو أدركنا أن اللذة الحقيقية ليست في ملذات الدنيا، بل في القرب من الله، لما انقطعنا عن القيام لصلاة الفجر بعد رمضان، ولما هجرنا المصحف حتى العام القادم، ولما توقفت أيدينا عن الصدقة بعد انتهاء الشهر الكريم، إن من يعيش حياته كأنها رمضان، يكون في حالة دائمة من الإقبال على الله، فيجد في الآخرة عيدًا حقيقيًا، حيث الجزاء الأكبر والفرح الأعظم.

ومما لا شك فيه أن رمضان مدرسة في ضبط النفس، حيث نمتنع، ليس فقط عن الطعام والشراب، بل عن الغضب، والغِيبة، والنميمة، ونحاول أن نحسن أخلاقنا، فكيف لو واصلنا هذا النهج بعد رمضان؟ لو تعاملنا مع الآخرين بلطف، وحافظنا على الصدق، وكنا كرماء على مدار العام، فسنحيا بسلام داخلي وسنكون أقرب إلى رضا الله.

الاستمرارية هي التحدي الأكبر، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»، فلا يشترط أن نصوم كل يوم، أو نقوم الليل كله، لكن الحفاظ على الحد الأدنى من العبادات والطاعات هو ما يجعلنا على الطريق الصحيح.

من يعيش بروح رمضان طَوال السنة، سيجد الراحة والطُمَأنينة، وسيرى حياته تتغير للأفضل، وعند لقاء الله، سيجد أن الآخرة قد أصبحت له عيدًا حقيقيًا، حيث الفوز العظيم والنعيم المقيم، فلنحاول أن نعيش كل يوم وكأنه رمضان، فحينها سنحظى بعيد لا ينتهي في الآخرة.

الإيمان الصادق لا يرتبط بزمن معين أو مَوسم خاص، بل هو أسلوب حياة دائم، وقد حذّر العلماء من أن يكون المسلم «رمضانيًا» فقط، أي يزداد إيمانه في رمضان ثم يعود إلى الفتور بعد انتهائه، فالله رب الشهور كلها، وليس رب رمضان فقط، وكما يقول الحسن البصري: «إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلًا دون الموت»، أي أن العبادة والطاعة ليست محدودة بشهر، بل تستمر حتى نلقى الله.

والمؤمن الحق هو الذي يكون «ربانيًا»، أي يعبد الله في كل الأوقات، ويحرص على الطاعات في رمضان وغيره، فكما أننا نبتعد عن المعاصي في رمضان، ينبغي أن نجاهد أنفسنا للثبات بعده، لأن الاستقامة ليست مؤقتة، بل هي طريق مُمتد حتى الجنة.

وكل عام وأنتم بألف خير،،،

أخترنا لك
الصحابي المصلوب ميثم التمار

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة