كبح جماح مشاعره الولائية مدافعاً عن مقام السيدة زينب -عليها السلام- بضعة شهور، أَحسَّ عام 2013 بحدث ما!
غمرته سعادة صدور فتوى الجهاد، سأَل نفسه: من أَين لي أُجور الالتحاق؟ كيف سأترك أَطفالي دون حليب؟ هل تبقى الأسرة دون قوت يومها؟
أَبصرتْ زوجتُهُ ملامحَ وجهه وبدت بتساؤلاتٍ ذاتية ، تذكرت قول ممثل المرجعية (يجب على الزوجة أَن تحثَّ زوجها)، بادرت قائلة: هذه قلادتي الذهب تصرف بمبلغها.
ابتسم، شكرها، عصراً أَمَّنَ احتياجاته، صباحاً أنطلق يحمل سلاحه الشخصي بين سيول المتطوعين.
شاطر الموت أثناء عدة معارك مدة أَربع سنوات، ذات ليلة في منطقة الثرثار برد قارس، ووضع سيء، كان مرهقاً، أغمض جفنيه منتصف الليل، حلقت روحه برؤية منامية كأن قطعات الحشد يتقدمون ويقودهم رجل نوراني يحمل بيده اليمنى عصا يومئ بها نحو العدو، خاطبهم: أولادي أريد همتكم، لا تدعوهم يصلون المراقد المقدسة، فأنتم من لبَّى فتوى المرجعية.
وفي عام 2017 نفسه استنشق هواء كركوك، تخطى بقدميه منطقة الزاب مع زملائه، فتشوا منازلها بحثا عن أَسلحة العدو، فتح دولاباً خشبياً، رأى حُليةً ذَهبيةً، خبَّأها بجواريب، دفنها تحت شجرة في حديقة المنزل، قص ورقة كتب فيها رقم جواله وعبارة أَرجو الاتصال بي، وضعها مكان الذهب.
بعد شهرين، رنَّ جواله، رد: نعم.
أخبره المتصل: أنا صاحب منزل وجدت رقمك؟
سأله: من أين منطقة؟
إجابة: كركوك/ الزاب.
أردف قائلا: لكم أمانة مدفونة في حديقتكم، وصف له المكان والعلامة الدالة.
غلق الجوال، بعد هنيئة عاد متصلا: شكره.
نطق بسرور: نحن أبناء الفتوى.
في هجوم جبال عين الدبس، وقف وزميلاه يلتقطون أنفاسهم المتعبة، ساروا بين التلال، انفجرت عليهم عبوة ناسفة، استُشهِدَ رفاقه، خرقت شظاياها رأسه، قدمه، جروح أخرى طفيفة...
....................
بقلم مجاهد منعثر منشد: وحدة التوثيق | مجمع جعفر الطيار التأهيلي | مديرية العلاقات والرعاية الاجتماعية والصحية | هيأة الحشد الشعبي .