لم يعبأ بتحذير زميله له من أزيز قناصة قريبة, استمر في مزاحه قائلا:
وعدت صاحب الزمان إذا جبت ولد.... تمتم مع نفسه بصوت خافت :
شنو إذا جبت ولد؟
لم ينسهم الضحك التزام الحذر من العدو, أخبره صديقه عن رؤياه له في المنام , كان على عجالة من أمره , سأله عن وجهته وعن مدى شوقه إليه، لكنه طلب منه ان يتركه يذهب لأنه ينوي الزواج.
سأله في المنام متعجبا:
ألم تتزوج قريبا أتنوي الزواج ثانية؟!
استيقظ على شوق لرؤيته.
أستغرب مدى تشوقه عند رؤيته وكأنهما لم يلتقيا منذ زمن!
سأله: ما بك؟
رد: أدفع صدقة
ابتسم مستفسرا: هل رأيت رؤيا؟
أجابه: ليس مهما لكن أدفعها .
استنكر أن تأتيه الشهادة ويدفعها بصدقة ,كما أخبر صديقه الذي
قام بدفع ألفي دينار لفقير نيابة عنه.
بدت له ملامح الشهادة , أخذ يردد قصيدة يم اذكريني.
دارت معركة الثرثار الشرسة، اتخذ مع زملائه مواضعهم في مواجهة العدو.
كانت المسافة بين الفريقين لا تتجاوز ثلاثمائة متر، تعانق هتافاتهم السحاب: لبيك ياحسين ... لبيك يازهراء .... لبيك يا عراق.
عندما مازحه صديقه أثناء القتال طالبا منه أن يجعل أمه تبحث له عن عروس، رد عليه مشيرا بيده:
ماذا تريد بالزوجة؟ ألا ترى الحور العين؟
أهلكه العطش، أسرع مهرولا باتجاه صاحبه، رمى نفسه عليه من شدة نيران داعش.
طلب منه مشاغلة العدو ريثما يصلي .
كاد يموت من العطش .
ألقى إليه أحد الأبطال بقنينة ماء، وقعت على مسافة أمتار بعيدا عنهم، كثافة الرصاص حرمتهم من تناول شربة ماء، ضحك بوجه السيد قائلا:
يبدو أن الله سبحانه وتعالى يريد معاقبتك بالموت عطشا. رد باسما:
ـ إذا عاقبني فأنت مشمول أيضا لأنك عطشان .
تذكر صديقه كلمات السيد صباح ذلك اليوم (وداعا والملتقى عند الحسين)، غمغم: (حبيبي علي وداعا والملتقى في الرجعة!)
وجه بندقيته نحو العدو. خرقت قلبه رصاصة قناص، اليوم وفى بوعده، حلقت روحه إلى السماء تردد:
لا أستشهد حتى أتزوج.
.............................
بقلم // مجاهد منعثر منشد | قصة شهادة الشهيد البطل السيد حسين سامي البطاط