د. لطيفة شاهين النعيمي
لا شك أن الأسرةَ هي النواة الرئيسية، أو الوحدة الأساسية في بناء المُجتمع، الأمر الذي يتطلب الاهتمام بالخِدمات الوقائية والتوعوية والتثقيفية في سبيل رفع الوعي الأسري، ومساندة الأسر في مواجهة جميع التحديات التي تستهدفها وتضعف من بنيانها وتؤثر على تماسكها واستقرارها وقيامها بأدوارها المنوطة بها.
وفي هذا السياق ينظم معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المُجتمع، مؤتمرًا عالميًا احتفالًا بالذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، وذلك يومي 30 و31 أكتوبر الجاري بمركز قطر الوطني للمؤتمرات، في إطار مؤتمر السنة الدوليّة للأسرة.
ويُقام المؤتمر الذي يُعقد مرة كل عشر سنوات للاحتفال بالسنة الدولية للأسرة، بمشاركة: وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، واللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات بوزارة الخارجية، وبدعمٍ من إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مركز مناظرات قطر.
ويتوقع أن يجمعَ الحدث الدولي الذي يُقام على مدار يومين، أكثر من 2000 مشارك، من بينهم صنّاع سياسات وباحثون وممارسون وأولياء أمور وشباب، وأكثر من 100 متحدث، إضافة إلى 400 شاب وفتاة ينتمون لأكثر من 80 دولة، منهم 150 من داخل قطر، لاستكشاف الاتجاهات المعاصرة الأربعة الرئيسية التي تؤثر على الأسرة، وهي: التغير التكنولوجي، والاتجاهات الديموغرافية، والهجرة والتمدن، وتغير المُناخ.
وستناقشُ جلساتُ المؤتمر تأثير التغير التكنولوجي على الحياة الأسرية، حيث سيتم التركيز على قضايا، مثل: عدم المساواة الرقْمية، وأهمية تطوير السياسات التي تساعد في جعل التكنولوجيا وسيلةً لتعزيز التماسك الأسري، كما سيناقش المشاركون كيفية إعادة تشكيل هياكل الأسرة على مستوى العالم بسبب التغيرات السكانية، بما في ذلك انخفاض معدلات الخصوبة وأنماط الهجرة، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى سياساتٍ تدعم رعاية الأسرة والإدماج الاجتماعي.
ولقد شكلت الأسرة القطرية صورًا ناصعة البياض في المسيرة التعليمية خلال جائحة كورونا، فقد أبرزت وعيًا تربويًا فريدًا في تلاحمها وتعاضدها وإسنادها الفكري لجهد وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في ترسيخ استراتيجية التعليم عن بُعد خلال العام الدراسي، إيمانًا منها بأهمية التعليم في ثقافة المجتمع القطري، ودوره في ازدهار الأمم وتقدّمها، فقد انغمست هذه الأسر بصورةٍ إيجابيةٍ تفاعليةٍ مع كافة مِنصات التعلم الافتراضي، وأبرزت تناغمًا فريدًا مع الجهد العظيم الذي بذلته المدارس والجامعات في تلك الظروف الاستثنائية، وذلك من خلال ممارساتٍ وظيفيةٍ واقعيةٍ لمفاهيم التشاركية والتكاملية ومسؤولية التعلم، وهي بذلك تترجم بشكل واقعي مفهوم المدرسة المجتمعية أو مجتمع المدرسة.
والمتابع للجهد الكبير الذي قدمته الأسرةُ القطريةُ خلال فترة الجائحة يدرك بشكل حقيقي متانةَ البناء الفكري لهذه الأسرة، وعزمها على تفعيل أدوارها الوظيفية بشكل يخدم المجتمع ويعلي من شأنه، فقد بدأت هذه الأدوار تظهر من خلال المشاركة الفاعلة في عمليات التواصل مع المدارس وتقديم الأفكار والمقترحات الإيجابية التي تثري العمل التربوي، ثم انتقلت بعد ذلك إلى المشاركة الفعليّة في عمليات التعلم من خلال الدور الإرشادي التوجيهي للطلبة، وتحفيز المُعلمين وتشجيعهم على تجاوز تلك المرحلة بنجاحٍ مُنقطع النظير.