(الجريح حسين عبد الحسن طالب الأبريهي)
سلم البندقية لرفيقه متسائلا: وما أفعل بمخزن واحد؟
ثم تولى تعبئة مخازن العتاد لجماعته .
رمقه القائد مستغربا: أين بندقيتك؟
رد: سلموني مخزنا واحدا وبدوري سلمتها إلى رفاقي.
سأله: ما اسمك؟
أجاب: حسين
هل تعرفني؟
كلا .
أسر إليه: أنت أبني يا حسين سأرسلك إلى مديرية المدفعية و اتمنى أن أراك أشرس مجاهد.
رد متشوقاَ: بودي رمي العدو .
تبسم الحاج ,همس له بتؤدة :هناك ستشبع رماية .
بعد شهر أصبح قداحا ومسدد مدفع انبرى يرمي داعش دون هوادة.
مرَّ شهرانِ ، تفقَّدهم القائد ، سلَّم عليه قائلاً : ما هو وضعُكَ؟
ـ هزَّ براسِهِ، نطقَ : تمام التمام يا حاج .
ضمَّه إلى صدره مبتسماً, طبع قبلة شفتيه على خديه هامساً: أريدك هكذا دائما كما اتمنى صعودك رصد حتى تتسلم ضابط موقع.
عام 2016 تحركت القطعات استعداداً لهجوم على جزيرة الصينية ، كلما تقدموا استهدفهم مدفع هاون العدو من مسافة مئتي مترٍ ، أَبلغوه الإحداثيات ، رفع يده باتجاه فقاعة المدفع حرفها قليلا ، رمى ، تشظى جسد عدوه ومدفعه كالرماد بلهيب نار .
طل القائد ملهوفا، كان متجهاً نحو الكيارة ، أَبصر تقدم القوات ، انحرف بعجلته لزيارة الكتيبة ، طلب حضور مسدد الهدف.
حاول الاختباء، لم يفعل ذلك طلبا للشهرة والشكر، صمم القائد على رؤيته،
عندما رآه سأله: أنت قالع الهاون وصاحبه من مكانه؟
أجابه: نعم.
لثمه ، قبله بجبهته ,أمر له بكتاب شكر يليق ببطولته، أهداه خمسمائة ألف دينار، رفض لكن إصرار القائد أجبره على القبول.
وافق قائلا:
نصف المبلغ لروح أم البنين، أما الآخر فيوزع على المحتاجين من جماعتي.
في الشهر السادس من العام نفسه هجم داعش بحدود منطقة الكيارة، أشتد تبادل النيران، سقطت قنبلة بالقرب من موقعه، تطايرت الشظايا، نخرت ظهره ثلاث منها، فتح عينيه، وجد نفسه، راقدا بمشفى سامراء، ضمدت جراحه، منح إجازة.
طأطأ راسه مهموماً قائلاً: تطالبونني بالعودة لمنزلي؛ أتبضع لاسرتي بتيتة وطماطم؟! سأبقى هنا.
عاد يقاتل لمدة 40 يوما، نزل مجازا مدة أسبوع، علم بحرق أوراق إصابته الفورية بالمشفى.
بعد شهر التقى القائد الشهيد، طلب منه أن يأتيه إلى بغداد.
هل حقق القدر اللقاء مجددا بينهما؟!
........................
بقلم / مجاهد منعثر منشد / وحدة التوثيق // مجمع جعفر الطيار التأهيلي / 2024.
