(الجريح حسن جفات سلمان جودة)
بقم / مجاهد منعثر منشد
تخللتْ رائحة عشق الحسين أَنسجتَهُ الرقيقَةَ ، تركَ وظيفة الشركات الاهلية ،ركض سَافِرَ الوجهِ تطوعاً لسوح الوغى .
تلقَّى تدريبه في معسكر التاجي ، التحق بساحة المنازلة ،تأهب للمعاناة، تلظت أَمعائه جوعا ،يبست شفاهه من الظمأ ، تعرَّض لمواقف صعبة ، أيعلم بأَنَّه جريح؟
يسمع حكاياته وليد ، فتى مندفعٌ بحماسة ، يتمتم مع نفسه هل يوافق أَبي صاحب الحسينية ؟
أكيد سينطق أَنت أَكبر أخوتك ، وأَنا عسكري في الشرطة الاتحادية ، أيثني من عزمه ؟
انحنى فوق رأس حسن ، همس بأذنه اليمنى : كلَّمَ والدي: اذهب معك .
أَخبرَ عمَّهُ ، ردَّ عليه : هذه فتوى عامة لا مانع لدي ، ضعه بواقع الحال .
غمرته سعادة ، صعدا لجبهة القتال ، قاتلا بين اشداق المنايا عشرة أيام ومنحا إجازة .
وصلا المنزل ، استنشق حسن نفساً عميقاً وزفر الهواء ببطء وشدَّ الرحال ماشياً على قدميه لزيارة أَربعين الحسين ، عاد قبل الزيارة بخمسة أَيام .
التحقا سوية في الشتاء، تسابقا لسوح وغى بيجي كالليوث ، دارت معركة حامية الوطيس مع داعش .
بزغ قرص شمس الصباح استدار شاخصاً بصره شاهد شظايا ودماً بوجه حسن وظهره ، ناداه صارخا : هلمَّ الى الطبابة .
ردَّ عليه : كلا ، واستمرَّ يقاتل .
عصر اليوم هدأت النيران أَلحَّ عليه زملاؤهُ أَن يتعالج ، أَصرَّ وليد مرافقته ، أَقنعه بالمكوث .
ركب بمفرده مع سائق سيارة الشرطة الاتحادية ، وصلا السوق خرقت كتفه الأَيمن اطلاقة قناص العدو .
أوشكت الشمس على المغيب ، اختزن وجعه ، ألمه ، أَنينه ، ثخن بالنزيف ، يَفَقُدُ الوعي بين حين وآخر ، طافت روحه بمعركة، خاطبه ابن عمِّه :ارجع يا حسن ... أرجع ... كأنَّهُ يشعر بعائلته وأَطفاله .
التقطت مخيلته صورة لحاق روح وليد مع أَنصار الحسين ..
.............................
ـ حكاية (الجريح حسن جفات سلمان جودة)
تولد 27|4|1991 | البصرة / قضاء المدينة .
متزوج ولديه ثلاثة أَطفال ، كان موظفاً في شركات النفط الاهلية ،
قال للصوت لبيك صباحا مدى الزمن عندما دقَّ نفير الدفاع المقدس كان من الجنود المجندة ،نبأه صدق ووعده عشق ،لم يختر العيشَ، وحمد الله الذي شرَّفه بالقتال .
بخطوات متسارعة تطوع بالحشد الشعبي مع فوج السادة الحيادر في منطقة سكناه ، وبعد انهائه التدريبات تنسب على لواء السادس .
شارك بمحاور معارك تحرير قاعدة سبايكر ، تحرير شارع سبايكر ـ بيجي ، تحرير مستشفى العوجة ، تحرير شارع سبايكر ـ سامراء ، وأَخيرا بيجي منطقة الحجاج .
تعرض لمواجهة العدو في قتال عنيف استمر ثلاثة عشر يوما ، نال نصراً بوسام جريح مرتين بنفس اليوم المصادف يوم أربعينية الإمام الحسين عليه السلام 13|12|2014 ،
نوع الإصابة ،الأولى شظايا طلق ناري أَصابَ جبهته وظهره ، الثانية طلق قناص في كتفه اليمن استقرت بالقرب من شرايين القلب أَدَّت إلى كسر العضد الأيمن وشلل الاطراف السفلى .
التقى سماحة المرجع آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (أَدام الله ظله الوارف ) مع مجموعة من أخوته الجرحى الابطال ، انهمرت دموعه أثناء حديث سماحة المرجع الأعلى لتقوية ثباتهم وعزمهم ، وطلبوا جميعهم من سماحته الدعاء لهم ، رد عليهم (حفظه الله وأَمدَّ في عمره): أنتم مَنْ تدعونَ لي .
وكان قد التقى مرتين بالقائد الشهيد الحاج أَبي مهدي المهندس أثناء زيارته للجرحى الراقدين في مجمع جعفر الطيار التأهيلي ، قال الجريح : لم يقصِّر معي بكل طلباتي منه ، وكذلك مع اخوتي الجرحى وقال لهم حرفيا: أَيّ شيء تحتاجون له من إمكانيات من علاج أَو سفر خارج البلاد لغرض اجراء عملية فأَنا بخدمتكم ، وزوَّجَ شباباً من الجرحى ووفَّرَ سكناً لمن لا يمتلك مسكناً .
ومن ضمن احتياجات الجريح حسن ، ذكر بأنَّ معاملة منحه مليوني دينار كانت متوقفةً ،فاطلع الشهيد على تقارير الجريح فقال لا تحتاج إلى كتابنا وكتابكم ، وأخرج قلمه وكتب في ورقة صغيرة تسليمه المبلغ فوراً، فأخذها حسن إلى مكتب هيأة الحشد في البصرة واستلم المبلغ بنفس اليوم .
أما المواقف التي لا ينساه في متحف ذاكرته :
1.الشهيد ابن عمه وليد خالد ناصر مواليد 1996 الذي استشهد بعد إصابته بيومين .
2.أثناء إصابته الثانية عند نقله إلى الطبابة في قاعدة سبايكر وفوجه لا يعلم بتلك الإصابة كانت الغيبوبة تلاحقه بين حين وآخر ، وعندما استعاد وعيه رأى نفسه في صالة تعجُّ بالشهداء وبجرحى مبتوري الأَيدي والأقدام ، ثم نقلوا بطائرة إلى المطار .
وصل المطار وهو يرتجف من صقيع البرد ، ينزف ، يرى كل جريح وشهيد من الذين معه يأتيهم وفد من تشكيلاتهم ، إلا هو فلا يعلم أحد به ، إلى أن رفعوا أسمه للقيادة فجاءه وفد من لوائه اصطحبه بإسعاف لمستشفى الكاظمية التعليمي .
.......................
مجمع جعفر الطيار التأهيلي / 2024