أَوشك على الموت (قصة قصيرة)

2024/07/30

قصة (الجريح جعفر مطر دحام المنصوري)

بقلم / مجاهد منعثر منشد 

في ليلة مقمرة حزم أمتعته، هرول يبلل روحه العطشى، يطوف بجسده النحيف بين المحافظات المحتلة سخر عنفوان شبابه لمواجهة داعش.

كلما حس بالجوع والعطش تذكر ظمأ الحسين وآله، وانتسابه لفرقة العباس القتالية، يستنهض همة موقفه من قمر بني هاشم .

ثلاث سنوات مضت، في ليلة صقيع باردة أصابه قناص بطلقة اخترقت جهة رأسه اليمين وخرجت يساره، تدحرج أسفل الساتر قابضا على زناد سلاحه.

 نقل للمشفى، أصابته غيبوبة عدة أيام دون تناوله الطعام والشراب سألته كيف استمرت حياتك؟

أجابني بصوت متقطع: يأتيني شخص طويل يرتدي عمامة بيضاء وجهه كالقمر لا يكلمني، بضع طعاما لذيذا بفمي ويسقيني ماء ثلاث مرات يوميا!

 محيت ذاكرته برهة من الزمن وعادت ضعيفه بمرور الوقت، يصرخ أه أه،  يحتضن حقيبته طوال الوقت،

 يصرخ رافعا يده خذوني معكم، خذوني  معكم.

......................

ـ حكاية (الجريح  جعفر مطر دحام المنصوري)

عام 2015 تأمل قائد الفرقة صُغرَ سِنِّهِ ، أَمره بالعودة لدراسته ، تفاجئ بالآمر انتفضت غيرة رأسه دون انهماك في التفكير والرد، رفض قرار قائده !

من يعرف شجاعته يستهجن سِنِيَّ عمره ،فاجأ الجميع بإجابة كأَنها مثابة شاطئ رست عليه سفينة ،أَصر في الذهاب لسوح الوغى .

      التحق  مع سرايا عاشوراء اللواء الثامن ، شارك كمقاتل في معارك تحرير آمرلي ،جرف النصر، الصقلاوية ، صحراء النخيب ،بيجي، الضلوعية ،بلد ، جبال حمرين، وآخرها الموصل .

استمرَّ جهادُهُ عامين ، رفض بعض الأَحيان الإجازة ليبقى مقاتلا فوق السواتر !

يوم 17|3|2017حدثت إصابته أَثناء هجوم عنيف في مدينة الحضر | الموصل .

رن مسامعي بحشرجة صوت متقطع ، بعد ثلاث سنوات تكدس العدو أَمامه في ساعة مواجهة رهيبة كان أزيز الرصاص فيها كزخات مطر، أصيب بنيران قناصة نخرت رأَسه من جهة اليمين وخرجت من الجهة اليسرى.

ضاقت أَنفاسه أَثناء نقله للمشفى الميداني ، عملوا له فتحة رغامية في البلعوم نقل بعدها لمدينة الطب ، بقي هناك شهراً وخمسة أَيام فاقداً للوعي، يتنفس اصطناعياً ثم نقل إلى مشفى الكفيل خمسة عشر يوماً أثناء هذه الفترة استعاد وعيه .

استقرت حالته على نطق غير مفهوم ، عملية تنفس (فتحة رغامية)، عوق القدمين وصعوبة حركة اليدين ضعف الذاكرة .

واعتقد من كان يأتيه أثناء غيبوبته حسب وصفه هو حامل لواء الحسين عليه السلام أبو الفضل العباس عليه السلام .

التفتُ لوالده ذي اللحية الناصعة كالثلج ، طرقتُ مسامعَهُ بسؤال: بعد إفاقته هل عرفَ مَنْ حوله؟

ـ ردَّ قائلاً: مُحيت ذاكرتُهُ برهةً من الزمن، وعادت ضعيفة بمرور الوقت عَرَفَنا خلالها.

 وأَردف ...

ينادينا بصراخ رافعاً سبابته لحقيبته ، يحتضنها دائماً ، زاره وفدٌ من لوائه ،عاد يصرخ يناديهم خذوني معكم .

أخبروه نعود إليك لنأخذك .

انابتني قشعريرة، دمعت عيناي كقطرات غيث ، أَهو الثبات أَم اليقين بما وعد الله المجاهدين ؟

كما كان القائد الحاج المهندس يزور عوائل الشهداء في مدينة الميلون شهيد أَخبروه بتواجد جريح من الحشد الشعبي .

تفاجأ جعفر بزيارة المهندس له ، أَمطرهُ المهندسُ بقبلٍ أَبوية على مكان اصابته ويديه وقدميه ،وهمس بأذنه اليمنى سأرسلك للعلاج على نفقتي الخاصة إلى المانيا .

بعد شهر من اللقاء استشهد القائد، وبقت هوية الشهيد الحي جمع صور أَبي مهدي المهندس .

.........................

مجمع جعفر الطيار التأهيلي (س) :2024 م .

766

أخترنا لك
كلمات من القلب.. الكاريزما الأسرية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة