إسرائيل توسّع العملية إلى قلب رفح... وتقصف «المواصي الآمنة»

2024/05/28

الضربة الجديدة جاءت وسط جهود لتهدئة عاصفة الغضب بعد المجزرة الأولى... ومخاوف على مصير المفاوضات

قتلت إسرائيل مزيداً من الفلسطينيين في أقصى جنوب قطاع غزة في ضربة جديدة على خيام النازحين في منطقة المواصي التي يفترض أنها «آمنة»، فيما تقدمت الدبابات بشكل مفاجئ إلى وسط مدينة رفح، معلنة بذلك توسيع العملية التي بدأت محدودة في المنطقة الشرقية، وأصبحت تطاول كل المحافظة التي نزح منها حوالي مليون فلسطيني بفعل الهجوم المستمر.

وقصفت إسرائيل خيام النازحين في منطقة المواصي غرب رفح وقتلت 21 فلسطينياً على الأقل، بعد يومين من قتلها 45 نازحاً في مجزرة قصف مركز النازحين التابع للأمم المتحدة شمال غربي مدينة رفح، في مشهد مروع جلب الكثير من الغضب والانتقادات الدولية.

وقال مركز الإعلام الحكومي في غزة إن جيش الاحتلال قتل 72 نازحاً خلال 48 ساعة عبر قصف خيام النازحين في مناطق زعم أنها آمنة غرب محافظة رفح. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن الاحتلال ارتكب مجزرة جديدة الثلاثاء. وأوضحت لجنة الطوارئ في محافظة رفح أن «الاحتلال ارتكب مجزرة حرب وإبادة جماعية جديدة استهدفت خيام النازحين في المناطق الآمنة، في مواصي رفح، ما أدى لاستشهاد أكثر من 20، وعشرات الجرحى أكثرهم من النساء والأطفال».

ووفق الدفاع المدني الفلسطيني فإن إسرائيل استهدفت المركز بـ4 قذائف مدفعية. وأظهرت مقاطع فيديو جثامين ومصابين ونساء يبكين بين الخيام في منطقة المواصي التي يوصي الجيش الإسرائيلي جميع النازحين بالتوجه إليها بوصفها منطقة آمنة.

ولجأ مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى منطقة المواصي ومناطق أخرى قريبة في خان يونس ودير البلح بعد بدء الهجوم الإسرائيلي على رفح قبل أسابيع قليلة.

وكان مليون ونصف المليون فلسطيني يحتمون في رفح بعدما فروا من أهوال الحرب في شمال ووسط وجنوب القطاع، لكنهم اضطروا لخوض تجربة أخرى في نزوح لا يتوقف.

وشوهد آلاف الفلسطينيين ينزحون من رفح إلى المواصي ومناطق أخرى بفعل توسيع إسرائيل عمليتها.

وقالت «الأونروا» الثلاثاء إن نحو مليون شخص فروا من رفح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مؤكدة أن ذلك «حدث مع عدم وجود مكان آمن للذهاب إليه وسط القصف ونقص الغذاء والماء وأكوام النفايات». وأضافت: أصبح تقديم المساعدة والحماية أمراً شبه مستحيل في قطاع غزة.

وكانت إسرائيل وسعت عمليتها في رفح الثلاثاء، وأعلن الجيش الإسرائيلي إدخال لواء جديد للقتال في المنطقة، في دليل على توسيع العملية البرية. واللواء الجديد (بيسلاح) عبارة عن مدرسة قتالية، لكن في أوقات الطوارئ يتم استخدامه لواء وقوة عاملة بكامل طاقتها. ويقاتل اللواء الجديد إلى جانب اللواء المدرع 401، ولواء الناحال، واللواء 12. وشوهدت دبابات إسرائيلية للمرة الأولى الثلاثاء وسط رفح بالقرب من مسجد العودة، أحد المعالم الرئيسية هناك، فيما احتدمت الاشتباكات المسلحة بين قوات الجيش المتقدمة والمقاتلين الفلسطينيين.

وقال جيش الاحتلال إنه قتل مسلحين ودمّر بنى تحتية، فيما يواصل كذلك العمل بالقرب من محور فيلادلفيا على الحدود المصرية لتدمير أنفاق «حماس».

وقالت «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس»، إن مقاتليها يواصلون التصدي للقوات المتوغلة، وفجروا منزلاً مفخخاً بقوة إسرائيلية في جنوب مدينة رفح، وأوقعوا أفرادها «بين قتيل وجريح».

وجاء الهجوم الجديد على خيام النازحين في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل تهدئة عاصفة الغضب والانتقادات الدولية عقب المجزرة الأولى التي وقعت في رفح.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن قواته استهدفت مسؤولين بـ«حماس» في رفح، في هجوم أودى من غير قصد بحياة آخرين كانوا بالمنطقة. وزعم هاغاري أن الجيش قصف خارج المنطقة الإنسانية، ويواصل التحقيق في الهجوم ولم يصل بعد إلى سبب الحريق الذي اندلع في الخيام، وأودى بحياة الفلسطينيين.

وخرج هاغاري للتصريح في محاولة لامتصاص غضب العالم، وفي وقت يخشى فيه الجيش من أن يؤدي ما حدث في رفح إلى قيام محكمة العدل في لاهاي بالانعقاد مرة أخرى، وإصدار أوامر إضافية ضد إسرائيل.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف مجزرة رفح بأنها حدث مأساوي يحقق فيه الجيش.

وفي الوقت نفسه، أعلنت رئيسة النيابة العسكرية، اللواء يفعات تومر يروشالمي، عن تعيين فريق تحقيق تابع لهيئة الأركان المشتركة للتحقيق في الحاد

وتعتزم إسرائيل عرض مقطع الفيديو لهذا الهجوم أمام مسؤولين دبلوماسيين من أجل التوضيح بأن الهجوم كان يستهدف المبنى الذي يوجد فيه مسؤولو «حماس»، وأن المبنى كان على بُعد 30 متراً من الخيام التي اشتعلت فيها النيران.

ومن بين أشياء أخرى تحاول إسرائيل كذلك إقناع الولايات المتحدة بأنها لم تتجاوز الخطوط الحمراء في رفح.

وتجري إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تقييماً حول ما إذا كان القصف الإسرائيلي على مخيم للنازحين في رفح يمثل انتهاكاً لـ«الخط الأحمر» الذي رسمته.

وقال مسؤول أميركي إن حادث رفح (الأول) من المرجح أن يزيد الضغط السياسي على بايدن لتغيير سياسته تجاه الحرب في غزة.

وذكر موقع «أكسيوس» أن هذا التقييم الأميركي جاء بعد منح واشنطن الضوء الأخضر للإسرائيليين للقيام بعملية عسكرية محدودة في رفح تستجيب للمحاذير الأميركية المتعلقة بسلامة المدنيين، والاطلاع المسبق على خطط العملية.

وتخشى الولايات المتحدة من أن العملية في رفح قد تضر أيضاً بمحاولات دفع اتفاق هدنة في غزة.

وكانت إسرائيل سلمت، الاثنين، مقترحها لصفقة تبادل أسرى مع «حركة حماس»، للوسيطين المصري والقطري، الذي يتضمن استعداداً للتحلي بالمرونة فيما يتعلق بعدد الرهائن الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى والإنسانية من الصفقة، بالإضافة إلى الاستعداد لمناقشة مطلب حماس بـ«الهدوء المستدام» في غزة.

وقالت مصادر لقناة «كان» الإسرائيلية إن توسيع العملية العسكرية في رفح يضع عراقيل أمام المحادثات مع «حماس».

وكانت «حماس» هددت أكثر من مرة أنها لن تجري أي مفاوضات فيما ترتكب إسرائيل المجازر في رفح.

وقالت «حماس» في بيان إن «استمرار العدو الصهيوني في استهداف خيام النازحين غرب رفح، وارتكابه مجزرة جديدة راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى، وإمعانه في تحدّي قرارات محكمة العدل الدولية، عبر قراره الاستهداف المباشر والمتعمد لأكبر عدد من المدنيين، يضع العالم أجمع، أمام استحقاق المسؤولية القانونية والأخلاقية، للوقوف في وجه هذه السياسة الإجرامية وحالة الهيجان والتعطش للقتل والدماء، وحالة الاستهتار التي تدير الظهر لكل القيم الإنسانية والقرارات الدولية والمؤسسات القضائية».

أخترنا لك
المُضمَر والمُعلن في قصيدة: (تبحث عنّي فيها)

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة