بقلم/ مجاهد منعثر منشد
من دواعي سرور المرء أن يقرأ عن شخصية يحبها وتعامل معها لفترة وجيزة ,فأثر به فكريا ودينيا وسياسيا نتيجة استقامتها ونقاء سريرتها وصفاء وطنيتها التي شحذت همم الغيارى لبناء الوطن, وعقليتها الإسلامية المبتكرة العميقة النوعية .
هكذا شخصية عند اصطفائها من الله سبحانه وتعالى بالشهادة , لا يمكن أن تتحدد بإطار تقديم آيات عزاء لذويهأو ذرف دمعة صادقة لفقدانه أو كتابة كلمات لا تتعدى ترجمة بسيطة لحياته , بل أن تصنيفها من الزعماء العظام وهي جزء لا يتجزأ من تاريخ العراق .
لقد جاءت هذه الإطروحة عن المفكر الشهيد في وقتها لكسر تحدي تهميش عظماء العراق , وسد فراغ علمي أكاديمي تخلو منه مكتبات الجامعات العراقية .
أن الأخت الباحثة فرات الحجاج تقدمت بها الى مجلس كلية الآداب ـ جامعة البصرة لنيل درجة الدكتوراه سنة 2008، و نالت درجة جيد جداً.وهذه الأستاذة اليوم من الكوادر التدريسية في الجامعة المذكورة / كلية العلوم الإنسانية (قسم التاريخ ).
عرضت لنا عن هذه الشخصية المؤثرة في البلد معرفة دقيقة وتفصيلية , ووظفت ارتباطه بأول حزب إسلامي اشتهر داخل البلد في بحثها , لتتحدث عن انبثاق أول حزب إسلامي ذاع صيته مذ انطلاقته عام 1957 إلى أن استهدف هذا التنظيم وضرب من حكومة البعث عام 1971, فقامت الباحثة بالغوص في جذور هذا الحزب وطبيعته وفكره وثقافته والأسس التي قام عليها.
وهنا تتبع الأستاذة دور الشخصية المؤثرة مع تحديدها النهج السليم الذي سارت عليه في هذا التنظيم الإسلامي , وبذلك عرفتنا بالشخصية والحركة المنبثقة من الحزب , وكشفت لنا إسهاماتها ونشاطها في المعارضة العراقية في الخارج , ثم سلطت الضوء على قضايا سياسية مخفية في محافظة البصرة , وكل هذا جزء من تاريخ العراق المعاصر.
هذه التفاصيل تناولتها أ.د/ فرات كدراسة مستفيضة في تمهيد البحث الذي ضم ثلاثة فصول وخاتمة،كتبتها بآليةبحثية أكاديمية علمية .
وقدمت دراسات متعددة في الفصول تناولت فيها سيرة عز الدين سليم ونشاطه السياسي في مدينة البصرة، بدءاً بانتمائه لحزب الدعوة الإسلامية.
وفي الفصل الثاني أوضحتأبرز آراء الشهيد المفكر ومنطلقاته السياسية في القضية العراقية, والحركات الإسلامية في بعض الدول , كما عرضت دراسة عن آرائه في بعض القضايا العالمية مثل دور الولايات المتحدة الأمريكية وسياستها في المنطقة، ومن ثم سياسة يوغسلافيا الداخلية وبعض من أحداث بولندا والصين والسلفادور التي كانت مستعرة آنذاك،
وخصصت الفصل الثالث لفكر وأراء ونهج عزالدين سليم في مفاهيم الدعوة الإسلامية, وتبنيه لطرح تلك المفاهيم كمداليل العمل الإسلامي ومنطلقاته، ومنها دوافع وأساليب هذا العمل وأساليبه ومعوقاته وسلبياته. والمسألة الأخرى المهمة، هي طبيعة النهضة والتغيير في الإسلام، عوامل ركود الأمة الإسلامية وعوامل نهضتها وتغييرها.
أكتفي بهذا القدر من سرد الخطوط العريضة من تفاصيل البحث دون ذكر الحيثيات , تاركا الخيار للقارئ أن يقفز من دراسة إلى دراسة جديدة قيمة ويطلع بنفسه .
لكن ما أود التنويه له , أن بين أيدينا غزارة معلومات وجهد كبير عبرت فيه الأستاذة الكثير من الحواجز لتحصل على مخطوط مذكرات شهيد الوطن , فخرجت بدراسة مكتوبة بأسلوب سردي جميل بانتقاء العبارات والالفاظ الجميلة , لتفتح الباب إلى الآدباء على مصراعية , فلو درسوا هذا الكتاب مع مؤلفات المفكر الشهيد سيكون هناك أنتاج أدبي ككتابة رواية بأسلوب فني عن الأستاذ الراحل عز الدين سليم لطرح مجموعة أفكاره فيها .
خالص الشكر والتقدير إلى أختي الفاضلة أ.د فرات عبد الحسن على هذه الهدية العظيمة , داعين لحضرتها بالمزيد من التوفيق والسداد وتسجيل عملها هذا في ميزان حسناتها .
