بقلم/ مجاهد منعثر منشد
21 رجب أنجبت الرباب بنت امرئ القيس بن عدي قمرها الجديد العلوية الطاهرة أميمة , وقيل آمنة, الملقبة بسكينة بنت الإمام الحسين عليه السلام .
استنشقت عبير الوفاء من أمها الرباب المرأة الوفية للحسين التي عاشت عام واحد من بعد شهادته , عام البكاء والحزن ,إذ اقتلعت سقف بيتها وبقيت تحت حرارة الشمس، ولما كانت تسألها زينب عليها السلام عن فعلها هذا، تقول: كيف أستظل بظل وبعيني رأيت جسد الحسين تصهره رمضاء كربلاء. و ماتت حزناً وكمداً على زوجها وإمامها.
تغذت السيدة سكينة من فكر أبيها سيد الشهداء , وارتشفت من أخلاقه وعلمه , وتزينت من قداسته حلل الإيمان.
تجمعت فيها خصال الإخلاص والإيمان والفضيلة, وشغف بها وأمها أبوها , فقال :
لعمري إنني أحب داراً ***تكون بها سكـينة والرباب
أحبهما وأبذل جلّ مالي***وليس لعاتب عندي عتاب
شهد له الإمام الحسين عليه السلام بعشق الله تعالى , منذ أن أتى الحسن المثنى بن الحسن بن أميرالمؤمنين عليه السلام يخطب إحدى ابنتيه. فاطمة أوسكينة ,فقال له أبا عبد الله : اختار لك فاطمة فهي أكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أما في الدين فتقوم الليل كله و تصوم النهار كله، وفي الجمال تشبه الحور العين. وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله فلا تصلح لرجل.
عقد قرانه سيد الشهداء يوم الطف على عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب , و أُمّه رملة ، وهي أُمّ القاسم بن الحسن عليه السلام. فعبد الله بن الحسن أثنان : أحدهما : عبد الله الأكبر الملقّب بأبي بكر ، وهو زوج السيّدة آمنة بنت الحسين الذي لم تتزوج غيره . والثاني : هو عبد الله الأصغر الذي لم يبلغ الحلم .
خرجت سليلة النبوة ,بضعة الحسين خامس أصحاب الكساء و سيد أهل الإباء مع أبيها إلى كربلاء , وهي آخرمن ودعته وجدها منحازة عن النساء ، باكية العين ، كسيرة الفؤاد , اكب عليها يقبلها في لهفة وحنان ، ثم رفع رأسه وقال في شجاعة واشفاق :
« هلا أدخرت البكاء ليوم غد ؟ تجلدي يا حبيبتي واصبري إن الله مع الصابرين » .
وفي حملته الأخيرة والتي نادى فيها: «يا سكينة يا فاطمة يا زينب (يا أم كلثوم) عليكنّ مني السلام»، فنادته سكينة: يا أبه استسلمت للموت؟ فقال: «كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين»، فقالت: يا أبه ردّنا إلى حرم جدنا، فقال (ع): «هيهات لو ترك القطا لنام»، فتصارخن النساء، ثم أقبل على أخته زينب، وقال لها: «أوصيك يا أخية بنفسك خيراً، وإني بارز إلى هؤلاء القوم». فأقبلت سكينة وهي صارخة، وكان يحبها حباً شديداً، فضمّها إلى صدره ومسح دموعها، وقال:
سيطولُ بعدي يا سكينةَ فاعلمي منكِ البكاءُ إذا الحمامُ دهـاني
لا تُحرقي قلبـي بدمعكِ حسرة ما دامَ منّي الروحُ في جثماني
فـإذا قُتلـتُ فأنتِ أولى بالذي تأتينـهُ يا خيـرةَ النســـــــــــــــوانِ
وبعد مقتل الحسين عليه السلام تحمّلت مرارة السبي من أرض الطف إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، ولشدة ما كانت عليه من الصون والحجاب، لما دخلوا الشام قالت لسهل بن سعد الساعدي (صاحب رسول الله(ص): قل لصاحب هذا الرأس - أي حامل رأس الحسين - أن يقدم الرأس أمامنا حتى ينشغل الناس بالنظر إليه، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله(ص).
رجعت مع الإمام زين العابدين ونساء العترة إلى المدينة، وبقيت فيها عابدة زاهدة، كان قد غمرها الحزن على أبيها وأهلها حتى أدركتها الوفاة، في يوم الخميس (5 ربيع الأول سنة 117هـ)، ودفنت في المدينة.