لماذا؟.. «زر عقله»

2024/01/17

بقلم //فريدة العبيدلي

مقولةٌ شعبيّةٌ مُتداولةٌ في مُجتمعاتنا الخليجيّة، تُقال عندما يتغيّر سلوكُ الإنسان من شخصٍ مُتفائلٍ مُقبلٍ على الحياة، يتصف بالبساطة والاتزان في التعامل مع المُحيطين به، إلى أن يُصبحَ شخصًا يميل للعزلة والانطواء والخوف من التعامل مع الآخرين، ما يُثير تساؤل المُحيطين به من أهل وأصدقاء عن أسباب التغيّر الواضح في سلوكه، ما الذي جَدَّ وكان سببًا لهذا التغيير الواضح في سلوكياته وتعاملاته الحياتية هل «زر عقله» ؟

نعيش عصرًا تكثر فيه التحديات الحياتيّة التي يواجهها إنسان اليوم، التي تبدأ عند البعض مع امتحانات الثانوية العامة وما يُصاحبها من مشاعر القلق والتخوّف من عدم الحصول على مجموع يؤهله لدخول الجامعة ودراسة تخصص يُساعده على خوض مُعترك الحياة المهنية بنجاح.

دخول الحياة المهنية ليس بالأمر اليسير لدى البعض، لما تتطلبه الوظيفة من حُسن التعامل مع المُحيطين من رؤساء ومرؤوسين ومع متُطلبات الوظيفة واختصاصاتها، ما قد يؤثر على اتزان الإنسان واستقراره النفسي، وأسلوب تعامله مع من حوله في بيئة العمل.

وتأتي مرحلة تكوين الأسرة بمُتطلباتها من مسؤوليات جسام، ووعي والتزام وحُسن تعامل مع الطرف الآخر، وحُسن تربية الأطفال ورعايتهم، كل مرحلة في حياتنا تُشكّل تحديًا حقيقيًا للفرد بمُتطلباتها الأساسية، وقد تُشكّل هذه المُتطلبات والمسؤوليات والالتزامات لدى البعض شعورًا بالعجز عن القيام بها كما هو مُتوقع منه من قِبل المُحيطين به في الأسرة والحياة المهنية، ما يُشكّل ضغطًا نفسيًا على مشاعر الإنسان وعلى موازين التفكير لديه، يدخل على إثره في دُوامة الشعور بالإحباط والاكتئاب، وعدم القدرة على العمل والإنجاز، والخوف من النظرة الاجتماعيّة المُحيطة به، التي يُطلق فيها عبارة «زر عقله».

ما دور المُجتمع في التعامل مع من يزر عقله؟

دور المُجتمع أساسي ومُهم جدًا في عملية الاحتواء والأخذ بيد الفرد لمُساعدته على تخطي المشاعر السلبية التي أثرت على نفسيته وتعاملاته الحياتيّة، وأن يبدأ ذلك من قِبل المُحيطين به من أفراد الأسرة، الأهل والأصدقاء، ومن ثم يأتي دور المُجتمع بمُستشفياته ومراكزه الطبية وكوادره المهنية من أطباء وفنيين مُختصين من ذوي الخبرة والكفاءة في مُعالجة هذه الفئة من الناس، ممن يحتاجون لعلاج نفسي مُكثف، ينتشلهم من مشاعر العجز والفشل والاضطراب الفكري المؤثر سلبًا على شخصياتهم وتعاملاتهم الحياتيّة، ليعودوا لمُمارسة حياتهم وأدوارهم الطبيعية في الحياة،

الاهتمام بهؤلاء الأفراد أسريًا ومُجتمعيًا يُشكّل طوقَ نجاةٍ ينتشلهم من مشاعر العجز، والفشل الذي مرّوا به، لينقلَهم إلى مشاعر الاستقرار النفسي والتعامل مع ظروفهم الحياتيّة بسلاسةٍ واقتدارٍ.

أخترنا لك
جونسون: لا يمكننا أن نوهم أنفسنا بانتهاء كورونا

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة