محور فيلادلفيا... أزمة برزت متأخرة في حرب غزة وتحولت إلى هدف

2024/01/17

لم تضع إسرائيل محور فيلادلفيا ومنطقة معبر رفح ضمن أهداف الحرب التي حددتها على قطاع غزة، لكن هذه القضية قفزت إلى السطح في الآونة الأخيرة، وأصبحت محوراً رئيسياً لأحاديث كثيرة من المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي تحدث في أكثر من مناسبة عن الحاجة إلى السيطرة الأمنية الإسرائيلية على هذه المنطقة، وفق ما أوردته «وكالة أنباء العالم العربي» في تقرير.

الشريط الحدودي المعروف أيضا باسم «ممر صلاح الدين» الذي يمتد 14 كيلومتراً على الحدود بين قطاع غزة ومصر من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً، تحوَّل إلى نقطة خلاف بين السياسيين الإسرائيليين وسط اتهامات من أعضاء في مجلس الحرب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بالتهرب من الإجابة عن مستقبل المنطقة، بما فيها معبر رفح الذي تسيطر عليه حركة «حماس».

وترفض مصر سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا، متسلحة بمعاهدة السلام الموقعة عام 1979، وكذلك اتفاقية أوسلو الثانية في عام 1995، حيث تم الاتفاق على بقاء المنطقة شريطاً آمناً.

ويمثّل هذا المحور منطقة عازلة بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، بعدما كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب من قطاع غزة عام 2005، في تحرك يُعرف باسم «فك الارتباط».

وفي العام نفسه، وقَّعت إسرائيل مع مصر بروتوكولاً سمي «بروتوكول فيلادلفيا»، لا يلغي أو يعدل اتفاقية السلام التي تحد من الوجود العسكري للجانبين في تلك المنطقة؛ لكنه سمح لمصر بنشر 750 جندياً على الحدود مع غزة، بصفتهم قوة شُرَطية لمكافحة الإرهاب والتسلل.

خلافات وآراء

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس أرسل قائمة مطالب لنتنياهو وأراد إجابات سريعة لها، ومن بينها قضية محور فيلادلفيا، وأشارت إلى أن غانتس لا يؤيد على ما يبدو فكرة احتلال هذه المنطقة.

وطالب غانتس بضرورة بحث مسألة «اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة» والاتفاق على كل تفاصيلها بما فيها قضية معبر رفح ومحور فيلادلفيا.

ويتوقع مراقبون أن ينسحب غانتس من مجلس الحرب إذا ما استمرت الخلافات مع نتنياهو حول جملة من المسائل منها قضية اليوم التالي في غزة، وكيفية إدارة شؤون القطاع.

وقال دان هاريل، القائد السابق للقيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، في تصريحات لهيئة البث الإسرائيلية: «من يريد السيطرة على ما يحدث في قطاع غزة من ناحية التسليح فلا بد أن يسيطر على محور فيلادلفيا».

وأضاف: «هناك معضلة خطِرة للغاية، فالجميع يدرك أنه من دون السيطرة على المحور في غزة فإن قدرة حماس على العودة وإعادة تأهيل نفسها ستكون عالية جداً».

ويرى المحلل العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات أن الإسرائيليين مرتبكون، «لا يعرفون ما الذي يريدونه في ظل الفشل في تحقيق أهداف الحرب»؛ لذلك تقفز قضايا جديدة مثل قضية محور فيلادلفيا وغيرها.

وأضاف أن سحب إسرائيل المزيد من قواتها من قطاع غزة «هو دليل على التخبط والفشل».

ويعتقد عريقات أن قرار احتلال محور فيلادلفيا ليس سهلاً، خاصة في ظل المعارضة المصرية لهذا الأمر، وأن هناك صعوبة في قفز إسرائيل على اتفاقيات السلام الموقعة مع القاهرة.

ارتباك

المحلل السياسي هاني المصري يرى أن الحلبة السياسية الإسرائيلية تشهد صراعاً وارتباكاً. وقال للوكالة: «هناك فوضى وارتباك، وأعضاء مجلس الحرب يدعون نتنياهو للتوقف عن المماطلة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتخطيط للحرب».

وأشار إلى أن هناك دعوات من أعضاء بمجلس الحرب لإعادة تقييم أهداف الحرب وتقديم نسخة محدَّثة تأخذ في الاعتبارات ما حدث في الأشهر الماضية.

وتابع: «كل ما يسعى إليه نتنياهو هو البقاء في الحكم، ولا يهمه أي أمر آخر. هو لا يستمع لأي نصيحة لا من الإدارة الأميركية ولا حتى من حلفائه في الائتلاف الحكومي، ومنهم وزير دفاعه يوآف غالانت؛ والاتفاق الوحيد بينهما هو على استمرار الحرب».

ونوه المصري إلى ما تحدث به رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي، أمس، حين دعا إلى تحديد أهداف نهائية للحرب حتى لا يتم تقويض ما حققه الجيش في غزة.

وقال المحلل السياسي: «هذا التصريح ليس بسيطاً، وهو في غاية الأهمية بسبب حجم الخلافات حول مستقبل غزة، فهناك من يريد احتلالها وهناك من يريد السيطرة على محور فيلادلفيا بالكامل وإقامة مناطق عازلة، وهناك من يريد تهجير الفلسطينيين وعودة الاستيطان، وآخرون يريدون عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة».

وفي مطلع الأسبوع، قال نتنياهو إن السيطرة على المنطقة الحدودية مع مصر لعزل حركة «حماس» أحد أهداف الحرب. وأشار إلى عدة خيارات من بينها نقل قوات إلى محور فيلادلفيا، لكنه أكد أن القرار لم يتخذ بعد.

الرفض المصري

أكدت وزارة الخارجية المصرية أن السلطات المصرية «تضبط بشكل كامل» حدودها مع قطاع غزة.

كما أكد مصدر أمني مصري مسؤول لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أن مصر لن تسمح لإسرائيل بالسيطرة على محور فيلادلفيا تحت ذريعة وقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، وقال إن بلاده قادرة على ضبط حدودها مع غزة بشكل كامل.

وأضاف المصدر: «ضبط الحدود مع قطاع غزة هو مسؤولية مصر، واتفاقية السلام تمنع إسرائيل من القيام بتحركات عسكرية في محور فيلادلفيا، ومصر لن تسمح بذلك».

وتطرق القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان خلال حوار مع الوكالة، أول من أمس، إلى ما يدور من حديث عن السيطرة على محور فيلادلفيا، وعدّ ذلك «مساساً بالسيادة المصرية وعدواناً مباشراً عليها».

وتابع أن مثل هذه التصريحات «تكشف حقيقة وطبيعة المشروع الإسرائيلي وعدوانيته، حيث لا يرى حلاً لأزماته إلا بالمزيد من العدوان والمساس بالسيادة المصرية».

أخترنا لك
أبيات بحق أمير خفاجة بقلم // الشاعر علي جاسم العبيدي

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة