أتقدَّم لمقام سيدي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني
أمير البلاد المفدى، وللحكومة والشعب الكريم بأسمى آيات التهاني
والتبريكات بمناسبة اليوم الوطني، وما شهدناه من احتفالات مُصاحبة
لليوم الوطني بدولة قطر، سنجد أن موضوع الوطنية والمواطنة في
الدولة القطرية المُعاصرة، من أهم الموضوعات المُتفردة في الطرح
والمعبرة أيضًا عن الفكر السياسي المُعاصر عمومًا، والإسلامي منه
على الخصوص، وسنجد أنها من أهم المُفردات المُعبرة عن التنشئة
الاجتماعية والسياسية المُعاصرة لأفراد المُجتمع المدني، لذلك فإن
الشعور بالانتماء الوطني والقومي هو أحد أهم العوامل الدافعة
للنهضة والتنمية بالدولة، ومن جهة أخرى سنجد أن العديد من القضايا
السياسية والاجتماعية تعبّر في طرحها عن طموح وآمال وأهداف الشعوب
المُساهمة في مجالات التطور ومكافحة الفساد، وفي التوضيح للمفاهيم
المطروحة سندرك أن من أهم هذه العناصر المكونة للكيان الوطني:
أولًا: مفهوم الوطنية والمواطنة وما يشكله من ملامح وطنية مُستمدة
من التاريخ الخاص بنشأتها، والمُفردات اللغوية والمصطلحات
المتناولة في دائرة المنطقة الجغرافية الخاصة بالوطن.
ثانيًا: موقف الفكر الإسلامي من الوطنية والمواطنة في الدولة
الحديثة، من خلال المُمارسات الفطرية لشعوب المنطقة والمعبرة عن
حب الوطن وإنسانية الانتماء، بما في ذلك الملامح العصبية القومية
وموقف الإسلام منها.
ثالثًا: مرتكزات المُواطنة المُعبرة عن الرؤية الوطنية وعوامل
النهضة التي تعمل القيادة على تطوير آلياتها، ورسم خطط استراتيجية
نحو مستقبل أفضل و استقرار أمثل لشعوب المِنطقة تحت مظلة حدودها
الجغرافية.
في الختام يعبرُ الوطن عن كيانه السياسي في إطاره الجغرافي
المُحدد، وانتماء المواطن للوطن وفق رؤية القانون تقوم على حقوق
مدنية وسياسية تخضع لواجبات تُجاه وطنه، وهو بذلك يملك حق
المُساهمة في الحياة، والإدراك بأن الانتماء للوطن ليس مجرد
ارتباط بالأرض أو مصدرًا للعيش واستمرار الحياة، وإنما الانتماء
يجب أن يقوم على أسس و معايير أساسية ترسم الحقوق والواجبات،
مُستنبطة من إحساس المرء بحريته وكرامته وإنسانيته في وطنه، وبذلك
فإن الإشكالية المُتعلقة بالهوية الوطنية باتت مهددة بقوة ناعمة
تهدف إلى طمس الوطنية، وإخضاعها لقيم وسلوك المجتمعات الاستعمارية
وإغراق الدول بالتبعية في ظل العولمة واتساع ظاهرة الاتصالات
ووسائلها المتنوعة، التي يراد من خلالها طمس الهويات وتغريب
الأفكار الاجتماعية، إلا إذا استطاعت الدولة الاستغناء عن التبعية
الغربية والتعزيز من الهوية الوطنية الأصيلة الغنية بالثقافة
الأصيلة وترسيخ المفهوم الوطني الدافع إلى رسم الكيان الحقيقي
للدولة.
خبير التنمية البشرية