فيض الخاطر.. ماذا تقول النخيل عندما تبوح؟ (1 – 3)

2023/06/21

بين السيرة الذاتية، والرواية، وأدب الرِحلات، يقودُنا كتابُ «حين تبوح النخيل» للدكتورة هدى النعيمي إلى معارج الإبداع في فضاءٍ واسعٍ وشاسعٍ من الأمكنة المُتباعدة على أرض البسيطة، فيما اعتبرته دارُ النشر وهي «دار جامعة حمد بن خليفة للنشر»، سيرةً ذاتيةً تدفعنا إلى تتبع نقطة زئبق تابعت تدحرجها أمام عيني الكاتبة عبر السنين، انطلقت من المدرسة الابتدائية وصولًا إلى الدكتوراه عبر محطات شملت العديد من المدن الشرقية والغربية للدراسة أو للمُشاركة في المؤتمرات والندوات العالمية ذات العلاقة بتخصصها في الإشعاع النووي، حيث تكررت مُشاركاتها في نشاط الوكالة الدولية للطاقة، مُمثلة لبلادها في تلك المؤتمرات والندوات العالمية، والتي أضافت الكثير إلى رصيد المؤلفة الدكتورة هدى النعيمي من تجارب الحياة وإشراقات الأدب، ومعها أعباء الوظيفة التي قادتها إلى تحوّلات مفصلية في حياتها الخاصة والعامة، بعد أن عرفها القارئ العربي كواحدة من مُبدعاته، من خلال أعمالها السردية التي لقيت ترحيبًا من الذين أُتيحت لهم فرصة الاطلاع على هذه الأعمال. وفي النهاية تظل هذه (سيرة مليئة بالتجارب الذاتية في خضم الأحداث المُعاصرة، والحروب والتحوّلات السياسية والاجتماعية في قطر والعالم العربي، مسار أثر وتأثر بمعالم الإبداع والطموح والإصرار على تحقيق التطور. إنها تفاصيل سنوات تغني سيرة كاتبة تستحق أن تقرأ).

والكاتبة وهي «تسرد» قصة حياتها لا تنسى الإشارة إلى بعض المُلاحظات الهامة التي اعترضت مسيرتها أو تلك التي حظيت باهتمام خاص من الكاتبة من الناحية الثقافية، وهي التي تعرّفت على الكتابة في وقت مُبكّر من حياتها، وتبلورت هذه المعرفة أثناء وجودها في القاهرة حيث الحَراك الثقافي الجاذب لمن يهوى الثقافة ويُبدع في جانب من جوانبها، وساعدها على ذلك تعرّفها على الشاعرة زكية مال الله والقاصة كلثم جبر بحكم الزمالة في بيت الطالبات المُبتعثات من دولة قطر في القاهرة للدراسات العُليا أو دراسة البكالوريوس، وكانت القصة القصيرة هي بداية المشوار مع الإبداع، لكن البداية مع الأدب بدأت منذ أيام الدراسة والتعرف على معرض الكتاب في قاعة المعارض التابعة لوزارة التربية والتعليم، وفي الجامعة كانت المكتبة كبيرةً وذات محتوى مُتنوّع، وعن ذلك تقول: (فتحت مكتبةُ الجامعة أمامي أبوابًا واسعةً، وكانت محطتي بين المُحاضرات العلمية، وكانت كتب الأدب والفن والتاريخ والحضارات القديمة هي تسليتي في أوقات الفراغ)، وتُشيرُ الكاتبةُ إلى مادة التاريخ التي لم تكن إلزاميةً في تخصصها في الفيزياء فتقول: (قد تمنح الفيزياء بعض الإجابات الكونية، لكن التاريخ يُفسّر ما يصير اليوم من أحداث، وهي بنات أحداث الأمس لمن يدري ويُدرك، لذلك اخترت مادة التاريخ للساعات المُكتسبة الاختيارية المطلوبة).

أحبّتْ أيضًا قراءة الشعر والرواية، من خلال مكتبة الجامعة، ودسَّت نفسها بين مُحاضرات اللغة العربية والتاريخ، التي لم تكن من ضمن مُتطلبات التخصص الذي اختارته، وممن تعرفت عليه من الشعراء عمر بن أبي ربيعة رائد شعر الغزل في الشعر العربي كما قالت عنه. وذكرت من أشعاره بعض الأبيات ومنها قوله (ص32):

بينما ينعتنني أبصرنني

دون قيد يعدو بي الأغر

والخلل واضح في عجز البيت، وصحته:

دون قيد الميل يعدو بي الأغر

سقطت كلمة الميل فاختل المبنى وتاه المعنى.

وفي أثناء دراستها في جامعة قطر تعرفتْ الكاتبةُ على عددٍ من الشخصيات البارزة التي كانت الجامعة تستضيفهم لتقديم خلاصة تجاربهم ومنهم عالم الفضاء المصري فاروق الباز الذي تحدث عن عمله في وكالة ناسا الأمريكية خلال برنامج «أبولو» وقد أوكلت إليه بعض المهمات الحساسة في هذا البرنامج، كما تحدث عن العديد من الأمور ذات العلاقة في علم الفضاء والفلك، بل شمل حديثه التخصصات العلمية والإدارية والرياضيات والهندسة والفيزياء والكيمياء والذرة والميكانيكا، (فالعلوم تتداخل معًا، بل يجب أن تتداخلَ ضمن فريق مُتجانس لينتج عملًا هائلًا بحجم وضع الإنسان قدمه على سطح القمر).

 

أخترنا لك
خواطر.. صيفٌ ومحطات

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة