خواطر.. أُمهات.. ولكن

2023/05/31

بقلم//نجوى معروف
كوني إحدى الأمهات القائمات على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالبيت والأبناء، فلا بُد من الإفصاح عن امتناني لإنجاز المُعاملات الحكوميّة والماليّة والعائلية إلكترونيًّا، إنّها رفاهية لا يشعر بقيمتها إلا من وقفوا في الطوابير قديمًا وأتاح لهم العُمر مواكبة الجديد.
لقد أرهقتني تلك المهمّات لسنين طويلة، بدءًا من المدارس وقبول الجامعات والإقامات وغيرها، وأعلم أن أغلب النساء أصبحن يتحملّن أعباء كثيرة لم تقم بها أمهاتنا وجدّاتنا، وأن أعداد المُتكفلات بأبنائهن في تزايدٍ يتوازى مع أعداد الرجال المُتهربين من المسؤوليّة، وهي ظاهرة يمكن القول إنها حديثة على المُجتمعات العربيّة، خاصة أنّنا وُلدنا لآباء كرّسوا حياتهم لبيوتهم، وليغفر الله لي ولكل أمٍ رُبّما ضلّت السعي في التربية، بعد أن أثقلت الأعباء كاهلها.
إلا أن الأمومة نعمة تستحق الحمد، فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا، لكنها وظيفة بلا إجازات ولا ضمانات تَعِدنا بمُستقبلٍ مُريحٍ مهما اجتهدنا في الرعاية والأداء التربوي، فالتوفيق من عند الله، وصلاح الأبناء واستغناؤهم عن معونة الأهل، لم يعد مُقتصرًا على مدى تَحَمّلهم المسؤوليّة، بل هو مرهونٌ بحظوظهم في الحياة.
ورُغم الإيمان بالقدر وحُسن الظن بالله، إلا أن القلق من الهرمِ كثيرًا ما يداهمني، خاصة أن أبنائي ليسوا مواطنين، وقد يغتربون للعمل والاستقرار أينما يرزقهم الله، إنّه واقع الحياة وظروفها، لكن التدريب الذاتي على تقليص المخاوف بالتفاؤلِ، وترجيح الإيجابيات فرضُ عيْن.
فإذا كان الذكاء الاصطناعي جديرًا بالاهتمام والتبني، فما بالكم بالذكاء البشري والقدرة على التأمّل لاستنباط سلوكٍ يُحافظ على التوازن النفسي والمُجتمعي، ويجعلنا نصمد أمام رياح التغيير الآتية عبر القارات، بكل ما تحمل من تبْر الحضارات وغبارها المُلوّث.
ثَمّة حِقبة ركدت بها العزائم واستسلمت العقول لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة، بطريقة غير مجزية، تدفع ثمنها النساء غاليًا.
التدّبُر أمر رَبّاني، والفِطرة السليمة تقودنا للخير، ورفعُ الهِمَم يتجسّد في مؤازرة الأنثى للذَكَر، ورعاية ودعم الرجل للمرأةِ أيًّا كان الرابط الأسريّ بينهما، ولا مجال للمفاضلة، فالتكامل أساس الوفاق، وكل ما ترجوه المرأة هو تطبيق قوله تعالى «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض»، ففي ذلك إنصاف للطرفين.
وتبدأ القصة في التنشئة الأولى، وتربية الوالدين لأبنائهم الذكور منهم والإناث بشكلٍ سويّ، العدل قبل المساواة، الاستحسان والثواب قبل العقاب على التهرب من تأدية المهام والمُحاسبة على التقصير.
توظّفت المرأة مثل الرجل، لأن المُجتمع يحتاج لها كمُعلمة وطبيبة ومُمرضة، لكن ذلك لا يُلزمها بأن تقومَ بكافة المسؤوليات تجاه الجميع، وكأنها المسؤول الأول والأخير.
أحاول تجاوز التفكير برفاهية الأمهات في الماضي، والمُفارقة أن أمّهاتنا يريننا أكثر حظًّا لتوفّر العمالة المنزليّة وقيادة السيّارة، وتنوّع الأنظمة الدراسيّة، والأهم ما تُتيحه الدولة من وظائف ومناصب بَيّنت قدرات المرأة القطرية وتميّزها في مختلف القطاعات والمجالات.
ولم يتعارض ذلك مع دورها الرئيس تجاه ذويها، كونها ابنة وأختًا وزوجة وأُمًا، فالمرأة بطبيعتها مُتعددة الوظائف، والجميل أنّ علاقتها مع الذات الأنثويّة تزداد انسجامًا وإقبالًا على اللياقة الجسدية والنفسيّة مع الاهتمام بالمظهر العام، فتجدها تزداد تألّقًا يومًا بعد يومٍ تحت عباءةٍ تُبرز هُويتها الوطنيّة والدينيّة.
ولا بُدّ لنا معشر النساء من تقديم الشكر والثناء على ما وفرّته لنا الحكومة الرشيدة من دَعْمٍ وفُرصٍ تمتاز بها دولة قطر عن غيرها.
فإن وُجدَ التقصير والتفكك الأسري، لا تلوموا من سنّ القوانين لصالح الجميع، بل ابحثوا عمّن استهتر بدورهِ وسلّم خريطة الطريق ودَفّة القيادة لغيره.
أخترنا لك
الحشد الشعبي ينفذ عملية مسح وتفتيش شمال سامراء

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة