تجربة حياة.. قوتك بين الإهدار والاستثمار

2023/05/27

بقلم //رنا فضل السباعي

وهل نحن بكُلنا في وجودِنا، في حركتِنا، في حضورنا مع الحياة برغباتِنا ومساعينا وحضور الحياةِ معنا في عطاياها ومُكافآتها غير طاقة تتحرك في تفاعلها ما بين التجدد والوَهْن -على قياس ما نتلقاه وما نواجهه- وقوة تتأسس على منحنى ما تخلفه التجارب من قناعات حيال نظرتنا لأنفسنا وحيال قدرتنا على تطويع الصعوبات مهما كلف الأمر من تضحيات ثمنًا لنكون حيث نريد حقًا أن نكون.

إن كياننا ينطلقُ في حركته مع الحياة من خلال ما نختزنه من قوة بمُختلف أوجهها، هذه القوة إنما تتأتى من طاقة تتجسد بقوة وصحة الفكر الذي ننتهجه، بمناعة الروح التي نحملها وقدرتنا على حمايتها من الانكسار، بحجم الثقة بما نمتلكه من مُقدرات ومهارات، بتوافق بين ما نقوم به وبين ما نعتقده من قيم وأخلاقيات، وفي كلها ككل في طاقة تتولد من صدقنا مع الذات بمعرفة وتقدير قيمة ذلك كله فينا ومن نحن معه من نسيج الكل ومن معرفتنا ببصمات تميزنا وتفردنا من هذا الكل، فنحملها بكل جرأة لنعبر عن «من نحن» وما لدينا بكل فخر واعتزاز، فنوثق بحضورنا وأقوالنا وأفعالنا من نكونه كقيمة إنسانية أولًا وما بإمكاننا أن نؤديه من دور على مسرح الحياة كقيمة فكرية ثانيًا.

الأمر كله يتمحور في أساسه حول طاقتنا ومدى معرفتنا أين تستثمر فتتعزز وأين تستهلك فتضعف. وكي نصل إلى هذا الحد من الإدراك، لا بد من أن نعي أولًا بأن البوصلة أو مؤشر الاتجاهات الذي يوجه طاقتنا نحن من نمتلكه وليس أي ظرْف أو أي شخص أو أي شيء آخر. نعم إننا نحن من يعلم حقيقة أين تتوجه طاقتنا وكم يصرف منها في هذا التوجّه وكم نريدها أن تبقى حيث هي أم لا.

إننا نحتاج أن نواجه أفكارنا ومشاعرنا وأن نعيد دراسة اهتماماتنا ورغباتنا كي نكتشف أين هي المكامن التي تستهلكنا في الوقت وفي الجهد والتي تأخذ منا مقابل ما تمنحنا الكثير. أين هي الفجوات التي تجعلنا نتعثر في سيرنا نحو ما نريده من أهداف وما نطمح إليه من أمنيات، قد يكون الأمر شعورًا بالكره أو بالاستياء تجاه شخص أو وضع ما، قد يكون اعتقادًا بأنك المسؤول عن مشاكل الآخرين وبأن طاقتك ما وجدت إلا لإيجاد الحلول لها وإسعادهم، قد يكون مجرد رأي أو انتقاد اخترت أنت أن تأخذه دون أي تمحيص أو تدقيق فاعتبرته واقعًا وحقيقة وغيرها الكثير من المواقف مما قد يستهلك طاقتك فيهدرها دون طائل.

إننا حتى في أشد الظروف صعوبة وأحلكها سوادًا، يبقى لنا الخيار في الطريقة التي نريد أن نتفاعل بها مع ما نواجهه، وهذه القدرة على الاختيار تحتاج إلى لغة نعتمدها مع أنفسنا تنطلق من الوعي بما يحيط بنا وبتأثيره على مشاعرنا وعواطفنا وما يخلقه هذا التأثير من هوة بين عقلانية الفكر وبين اتزان التصرّف. هذا الرابط بين الوعي بالمشاعر ومحاولة تفهمها بعقلانية الفكر وترجمتها تصرفًا مُتزنًا مهما بلغ الموقف صعوبة هي المُعادلة التي تستحق أن تستثمرَ فيها طاقتك فتتعزز بها قوتك وخياراتك فلا يصدر عنك ولا تسعى معها إلا حيث تريد أنت لا حيث تفرضه عليك الظروف ويحملك عليه الآخرون.

أخترنا لك
تقرير: تخوف إسرائيلي من تعاظم قوة الأسطولين التركي والمصري

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة