فريدة العبيدلي
بعد دخول الشهر الكريم بيوم فاجأ الابن أباه طالبًا منه أن يهديه سيارة في نقصة رمضان، نظر إليه أبوه باستغراب مُتسائلًا لماذا سيارة؟ وما علاقتها بنقصة رمضان؟
وعقب الأب قائلًا: سيارة مرة واحدة يا بني؟ من الذي قال لك إن في نقصة رمضان يتهادى الناس بالسيارات؟.
رد عليه ابنه: صديقي جاء اليوم للمدرسة بسيارة جديدة، وعندما سألناه عنها قال لنا إن والده اشتراها له هدية في رمضان، وإن أمه قالت له إنها نقصة رمضان من والده له، أنا كذلك أريد أن تهديني سيارة في نقصة رمضان هذا العام، وقد اتفقت أنا وزملائي في الصف بأن نطلب من آبائنا أن يهدونا سيارات في رمضان.
ذهل والده مما يسمع ورد عليه قائلًا بهدوء:
هل يستطيع آباء أصدقائك الذين اتفقت معهم، أن يشتروا لهم سيارات يقدمونها لهم كهدايا رمضانية، نظر الابن لوالده قائلًا: لا أدري، عندها واصل الأب حديثه قائلًا:
يا بني على الأبناء ألا يثقلوا كاهل آبائهم بطلبات تفوق قدراتهم المادية، وعلينا ألا ننظر لما يشتريه أو ما يمتلكه غيرنا من مُقتنيات، كل فرد منا له دخل مادي معين يصرف من خلاله على نفسه وأسرته.
لكن لماذا ربطتم طلبكم للسيارة بنقصة رمضان؟ التي أصبحت ظاهرة اجتماعية في السنوات الأخيرة، هل تعي يا بني ما تعنيه نقصة رمضان؟ رد عليه ابنه: إنها هدية تعطى في الشهر الكريم، وقد رأى أمه مشغولة منذ عدة أيام بإعداد نقصة رمضان لأهلها وصديقاتها، ومعظم مشترياتها هدايا ثمينة.
هزّ الأب رأسه مُرددًا الله يرحم أيام زمان، كان الأهل والجيران يرسلون لبعضهم بعضًا قبل الإفطار بعض الأطباق الرمضانية المتعارف عليها في الشهر الكريم كالثريد، والهريس، واللقيمات، والبعض يتهادون بالتمر وغيره من السلع الاستهلاكية المُستخدمة في رمضان، بينما يقوم البعض الآخر بالتعاون مع الجمعيات الخيرية بإعداد موائد الرحمن في الأحياء للصائمين من العمال والمحتاجين وغيرهم.
لكن أن تطرأ مُستجدات على العادات الرمضانية الجميلة، لتأخذ منحى آخر تحت مُسمى نقصة رمضان، ويتهادى البعض فيها بما خف وزنه وغلا ثمنه حتى ارتفع سقف الهدايا لتطلب أنت وأصدقاؤك من آبائكم شراء سيارات لكم، هذا ما لم أسمع به من قبل.
رمضان يا بني شهر العبادة والصيام والقيام وقراءة القرآن والصدقات، وفعل الخيرات، وليس شهر التفاخر بشراء السيارات، ادعُ أصدقاءك غدًا على مائدة الإفطار، وسنذهب بعدها لنصلي التراويح معًا، سائلين المولى العلي القدير أن يتقبلَ صيامَنا وقيامَنا وصالحَ أعمالنا.