كلمات من القلب ….خِفّة الظل إلى متى؟

2023/03/12

تشتكي من أنه خفيف الظل، فكما ذكرت يمزحُ مع كل البشر، لدرجة أنها كرهت الخروجَ معه، حيث تقول: زوجي شخصيتُه ضعيفة مهزوزة يريد أن يُغطّيها بكريمة ثقيلة حتى لا يُكتشف ضعفُه.

يمزحُ ويُغيّر المواضيع؛ لأنَّه لا يواجه، فهو ضعيف الشخصيَّة ولا يمكن أن يُدير حوارًا دون الخروج عن النصِّ، لدرجة أنني قرَّرت أن أصارحه تخيَّلي- يا دكتورة- قرَّرت أن أواجهه.

هي مُتزوِّجة منذ ١٢ سنة منه، وهو بهذه الشخصيَّة، فهل صراحتها ومواجهتها ستوصلها لشيء؟

قلت لها: قد يكون لديه ردَّة فعل عصبيَّة، أو ينسحب أو يكون لديه رد غير منطقي.

تحاورنا في الاستشارات كثيرًا؛ لأنها كانت مُصرِّة على أن تواجه- كما تقول- سخافاته، وكلامه غير الموزون، وحركاته الطفوليَّة.

أخيرًا ظهرَ الضوءُ الأخضر، وانطلقت؛ لأنَّها كانت في فترة انتظار ضوء أحمر لسنوات، وبعدها انتقلت للضوء الأصفر، والآن هي تنطلقُ في هذه الجلسة تحمل إشارة الانطلاق، ولكن كانت تنتظرُ فرصةً.

في المطعمِ بدأتِ الحركاتُ والتصرفاتُ والكلماتُ مع النادلة، ضحِك وكلمات لتلطيف الجو، وأخذ يسأل: «ماذا ستغدِّيننا، وماذا ستختارين، أنت ذكيَّة تختارين

على ذوقِك، وأخذ يمزحُ، ما اسمُك وعمرُك، وكيف ترين عملك، أسئلتُه غريبةٌ جدًا».

ولكن هو يرى أنه ظريفٌ خفيفٌ وغير مُعقَّد، وأنَّ الجميع يحبه؛ لأنه سلسٌ في تعاملِه معهم، عمومًا بعد لحظات المرح والاستخفاف مع النادلة ذهبت هي، وظللت أنظر إليه بتعجبٍ وحَيْرة، وليست غَيْرةً، ولكن يمكن القليل منها، ما علينا.

قلتُ له: اسمح لي أن أصارحك بشيء، قالَ: خيرًا، وظل يستظرفُ.

قلت له: أحترمك وأحبك، لكن أسلوبك لا أحبُّه، لأنه يُعطي انطباعًا بخفتك، وعدم جديتك في شيء، قالَ لي: حُرية شخصيَّة، ولكن أنت تغيرين، وأراد قَلْبَ الطاولةِ عليَّ.

في لحظة صمتٍ تذكرتُكِ يا دكتورة، لن أردَّ قلتُ في نفسي: لن أحاول أو أناقش أو أفتح مثل هذه المواضيع مرة أخرى؛ ليس لأني لا أريد مواجهته، ولكن لأني لا أريد أن أدخل في حوارٍ عقيمٍ معه.

انتهينا من العشاء، خرجت وعندي تصالح مع نفسي، بنفَس عميق ابتسمتُ، وقلتُ: الأمر انتهى، مرَّت الأيامُ، وسبحان الله! حدث ما توقعتُه، حاولت أن تكوِّنَ زميلتُه صداقةً معه في العمل، مُعجبةً بخفَّة دمه بأسلوبه.

كيفَ عرفتِ؟، ثمَّ اشتكى من أنَّها تُطارده، وتُحاول أن تجذبه لها، شعر أنه مضغوط غير مرتاح لا يحب أن يدخل في قصص هو غني عنها.

طبعه اجتماعيّ خفيف الظل، ولكنَّه يتعدَّى الحدود دون أن يفكر، قلت له: كلُّ ما هو مطلوب إعادة النظر، هل فعلًا تصرَّفت خارج المألوف دون قصد؟.

قالت – يا دكتورة-: زوجي هذا طبعُه، لا أجادله أو أطلب منه أن يتغير لي لذاته؛ لأنه قد يتعرض لمواقف يُفسّرها غيره خطأ، وليست الرسالة المطلوبة، ويستقبل سلوكه وتصرفاته دون تفكير من زوجي بأنه إعجابٌ أو أيٌّ من المُسميات.

دكتورة، فقط، لا أحب طريقته لأنها تدل على ضعف شخصيَّته أمامي.

حينما يشعر المُسترشد في العلاقة الزوجية أن الطرف الآخر ضعيف أو مهزوز الشخصية قد يواجهه أو يرحل بصمتٍ أو يستغل هذه الشخصيَّة لصالحه، وآخر قد يدعم ويطور القصة، هنا هل هذا طبع فيه أم اكتسبه من المُحيط؟، الواضح أنه مُكتسب؛ لأنها قالت: عندما كان طفلًا يعمل أي شيء ليرضي أمه أو أباه، ويستخفّ دمه الضاحك حتى يبقى مقبولًا لديهما.

تقول: أشفقت عليه، ولكن لا أحب سلوكه ولا أريدُ أن أفعل شيئًا، فقط أنسحبُ عند الحاجة.

تفهّمت مشاعرَها، وتأكَّدت أنَّها أخذت العلاقة لاتجاه أفضل دون تجريحٍ أو تصادمٍ معه.

قالت: هو قلَّت تصرفاتُه، وأصبح يتحّسب ويتأكَّد أنه يُفكر قبل أن يتكلم، ولكن لا أريده أن يفعل هذا فقط من أجلي، بل عن اقتناعٍ.

بطاقة إرشاديَّة:

خفّة دمك مطلوبة في حدودها، فلا تجعلها ثقلَ دم.

أخترنا لك
يارسولَ اللهِ

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة