هكذا فعل الإمام العسكري (ع) في ولادة المهدي المنتظرعليه السلام

2023/03/07

الشيخ حسن الصفار

إذا كانت الظروف الأمنية تفرض اختفاء الإمام المهدي أثناء حمله، وفي أول يوم من ولادته حتى عن عمته حكيمة التي شهدت لحظات الولادة، فكيف إذن تطمئن الجماهير المؤمنة التي يشغلها التفكير في مستقبل الرسالة ويسودها القلق على مصير حركة التوعية والتغيير الخطيرة.

وهي تتلهف وتحترق شوقاً لقدوم الإمام الثاني عشر الذي أكدت عليه الأحاديث وبشرت به الرسالات السماوية.

لقد كان على الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أن يوفق بين الأمرين المهمين: كتمام الأمر وإخفائه عن السلطة وعيونها وإعلام الجماهير المؤمنة بولادة قائدها المنتظر.

لذلك فقد قام الإمام العسكري (عليه السلام) بدور الإعلام الهادئ الحكيم.. وذلك حسب الوسائل التالية:

1- كلف أحد أصحابه الثقاة بتوزيع كمية كبيرة من الخبز واللحم على شخصيات بني هاشم ووجهاء الفئة المؤمنة وبطريقة عير مثيرة، وذلك للاستبشار بمولد الإمام المنتظر.

فقد ورد عن أبي جعفر العمري قال: لما ولد السيد (إشارة إلى الإمام المهدي) قال أبو محمد العسكري: ابعثوا إلى أبي عمرو فبعث إليه فصار إلى الإمام.

فقال له الإمام العسكري (عليه السلام): اشتر عشرة آلاف رطل خبز وعشرة آلاف رطل لحم وفرقه حسبة على بني هاشم وعقّ عنه بكذا وكذا شاة[1].

وعن محمد بن إبراهيم الكوفي: أن أبا محمد الحسن العسكري بعث إلى بعض من سماه لي شاة مذبوحة وقال: هذه من عقيقة ابني محمد[2].

وعن الحسن بن المنذر عن حمزة بن أبي الفتح قال: كان يوماً جالساً فقال لي: البشارة ولد البارحة مولود لأبي محمد (عليه السلام) وأمر بكتمانه، وأمر أن يعق عنه ثلاثمائة شاة، فقلت: وما اسمه؟ فقال: يسمى محمد[3].

ويتحدث إبراهيم صاحب الإمام العسكري (عليه السلام) فيقول: وجّه إليَّ مولاي أبو محمد بأربعة أكبش وكتب إليّ:

 (بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذه عن ابني محمد المهدي، وكُلْ هنيئاً وأطعم من وجدتَ من شيعتنا[4]).

2- أخبر بعض أصحابه الموثوقين شفوياً بولادة الإمام المهدي، فقد أعلم أبا هاشم الجعفري، كما أخبر أبا طاهر البلالي، وصرّح أما أحمد بن إسحاق بن سعد بقوله: الحمد للّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي، أشبه الناس برسول اللَّه، خُلقاً وخَلقاً، يحفظه اللَّه في غيبته، ويظهره فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً[5].

3- كتب عليه السلام رسائل إلى زعماء المجتمعات الإسلامية التي تدين بالولاء لأهل البيت يخبرهم بولادة الإمام المنتظر، بمختلف بلدانهم ومناطقهم.

فقد كتب رسالة إلى موسى بن جعفر بن وهب البغدادي جاء فيها: (زعموا أنهم يريدون قتلي فيقطعون هذا النسل، وقد كذّب اللَّه عزّ وجلّ قولهم والحمد للّه[6]).

وبعث (عليه السلام) رسالة إلى كبير علماء قم -إيران- أحمد بن إسحاق قال له فيها: (( ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً، وعن جميع الناس مكتوماً، فإنا لم نظهر عليه إلا الأقرب لقرابته والولي لولايته، أحببنا إعلامك ليَسُرَّك اللَّه به مثل ما سرَّنا به، والسلام[7]).

وعن علي بن بلال: خرج إليَّ مرة من أبي محمد الحسن بن علي العسكري قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم أخرج إليَّ مرة قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده[8]).

كما كتب (عليه السلام) إلى أمه يعلمها بولادة القائم[9].

4- كان (عليه السلام) يغتنم فرصة تواجد خواص أتباعه أو يتعمد جمعهم في مجلسه ليعرّفهم على الإمام المهدي مباشرة ويؤكد لهم أنه هو إمامهم الثاني عشر.

يقول معاوية بن حكيم ومحمد بن أيوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري، قالوا: عرض علينا أبو محمد الحسن بن علبي (عليه السلام) ولده ونحن في منزله وكنا أربعين رجلاً، فقال: هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي في أديانكم لتهلكوا أما إنكم لا ترونه بعد يومكم هذا.

قالوا: فخرجنا من عنده فما مضت إلا أيام قلائل حتى مضى أبو محمد[10].

وعن عمر الأهوازي قال: أراني أبو محمد بابنه وقال: هذا إمامكم من بعدي[11].

ويتحدث أبو غانم الخادم عن أحد هذه المواقف فيقول: ولد لأبي محمد (عليه السلام) مولود فسمّاه محمداً، فعرضه على أصحابه يوم الثالث وقال: هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتد عليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً[12]).

وهكذا انتشر الخبر في صفوف الجماهير المؤمنة ليزرع الأمل في قلوبها بمستقبل الرسالة المشرق على يد الإمام الثاني عشر، وليبدد غيوم القلق والتشكيك من نفوسها.


[1] منتخب الأثر، ص341.

[2] المصدر نفسه، ص343.

[3] المصدر نفسه، ص343. 

[4] الإمام المهدي، ص126.

[5] منتخب الأثر، ص342.

[6] المصدر السابق، ص342.

[7] المصدر السابق، ص344.

[8] الإمام المهدي، ص127.

[9] المصدر السابق، ص127.

[10] منتخب الأثر، ص355.

[11] المصدر السابق، ص356.

[12] الإمام المهدي، ص132.

أخترنا لك
البيان الصادر من مكتب سماحته (دام ظلّه) حول الزلزال الذي ضرب الاراضي التركية والسورية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة