همسة في التنمية.. أثر الفساد الإداري على التنمية البشرية

2023/03/05

عرَّف صندوقُ النقد الدولي الفساد الإداري اصطلاحًا على أنه: « سوء استخدام السلطة العامة من أجل الحصول على مكسبٍ خاص يتحقق حينما يقبل الموظف الرشوةَ أو يطلبها أو يستجديها أو يبتزّها». وقد عرَّفته أيضًا مُنظمة الشفافية الدولية بأنه: « كل عمل يتضمن سوءَ استخدام المنصب ويُحقق مصلحة لفردٍ أو جماعةٍ، وقد تكون هذه مصالح وظيفية تُسهم في تعميم مبدأ الفساد الإداري في المنظمة».

يمكن القول- إذًا- إنَّه سلوك غير شرعي يقوم به الموظف نتيجة لظروف معينة سهلت عليه مُمارسةَ هذه السلوكيات بالمؤسسة، فيستغل مكانته في العمل، والصلاحيات التي يمتلكها كما أراه واضحًا في الوقت الراهن بالمؤسسات الخدمية بالدولة، لتحقيق ربح غير شرعي بكل أو بآخر في سبيل تحقيق منافع شخصية لن يكون قادرًا على تحقيقها باستخدام الطرق الرسمية والشرعية، وهذا مجال احتيال على القانون لم يتم وضع قانون صريح خاص به حتى وقتنا الراهن.

ومن هنا نجد أنواعًا عدة للفساد الإداري التي عايشتها في واقعي المهني بالدولة، قسمتها إلى مجموعة من الانحرافات الوظيفية والتي منها:

– الانحرافات التنظيمية: وهي تبرز في استخدام الصلاحيات الممنوحة لإهانة الزملاء في العمل وخلق بيئة تتسم بعدم الاحترام وفرض العمل بشكل مهين أو تجميد الصلاحيات بشكل غير مُبرر، وهذا سلوك إداري يخلق العداوات في بيئة العمل والمزاجية الوظيفية ومنع الكفاءات من التمكن من صلاحياتهم في العمل بشكل يُسهم في رفع مستوى إنتاجيتهم في العمل.

– الانحرافات السلوكية: وهي التي تتعلق بالموظف، وشخصيته وسلوكه وتصرفاته، وتشمل استعمال سلطته ومنصبه استعمالًا غير صحيح، كانتهاك كرامة عمله، والمحسوبيات، الأمر الذي يؤدي إلى وصول أشخاص غير مؤهلين إلى العمل إضافةً إلى الوساطات، مُطبقين بصورة مثلى (نظام التفاهة) الذي تطرق له د. آلان دونو في كتابه الذي يحمل العنوان نفسه.

– الانحرافات المالية: وتشمل كل مُخالفة مالية يقوم بها الموظف، كمُخالفة القواعد المالية داخل المنظمة، أو تبديد الأموال العامة، عن طريق زيادة الإنفاق من دون داعٍ، على سبيل المثال لا الحصر يتم زيادة الإنفاق في صيغة نثريات يتم استخدامها من الأصول ويتم إصدار صرف مُتكرر على إنفاقها.

– الانحرافات الجنائية: هي الأعمال التي يقوم بها الموظف للحصول على مبالغ مالية غير مشروعة، وليست من حقه، قد تكون على شكل نسبة مئوية من المُناقصات المُعتمدة وخفض أو رفع أو فرض رسوم على المبالغ المُستحقة للاستفادة من فائض الأموال المنقولة وغير المنقولة.

ونجد في نهاية المطاف خللًا في مسألة العدالة في توزيع الدخل، من خلال الجدل المسهب في الحديث عنه، والحديث يقود دائمًا إلى التطرق إلى جوانب ومؤثرات عملت على إنجاح منظومة الفساد الإداري والتي منها: السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدول، بالإضافة إلى المشاكل التي توجدها أنظمة الفساد الإداري في المؤسسات الحكومية والتي تعمل على إنهاك التركيبة السكانية المعتدلة، فالفساد ظاهرة دولية متفاوتة الخطورة من دولة لأخرى، ومن هنا وجدنا العلاقة العكسية التي تحكم انتشار الفساد الإداري والعدالة في توزيع الدخل واضحة من خلال نموذجَين بسيطَين أحدهما خطي والآخر غير خطي.

في ختامِ المقالِ، سنجدُ أنَّ عدم وجود فرض حقيقي للقوانين التي من شأنها أن تحدّ من المُمارسات الإداريَّة غير المُهذبة، يزيد من توغل الفساد الإداري بالدولة، بحيث يخلقُ لنا اعتماديَّة عالية تعمل على تغذية الاقتصاد الدولي، بدلًا من رفع حصة المواطن في الدخل في سبيل دعم الاقتصاد المحلي المُحقق بشكل أو بآخر الاكتفاءَ الذاتي والرفاهية المُجتمعية بالدولة، وذلك ما يحفظ الاستقرار للتركيبة السكانية بالدولة.

خبير التنمية البشرية

أخترنا لك
أليجري يطالب يوفنتوس بالتركيز في الملعب وتجاهل الاضطرابات الخارجية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة