مشروع قانون بالكونغرس يدين التدريبات العسكرية في بريتوريا
تشهد العلاقات بين أميركا وبريتوريا توتراً متنامياً على خلفية
مناورات عسكرية أجرتها جنوب أفريقيا مع روسيا والصين، وبدأ هذا
التوتر في اتخاذ منحى جديداً، حيث يحاول مشرعون أميركيون تمرير
مشروع قانون يدين بريتوريا ويدفع الإدارة الأميركية إلى مراجعة
علاقاتها معها. وبحسب تقرير أورده موقع «ديفينس ويب»، أمس
(الثلاثاء)، فإنه في 21 فبراير (شباط) الماضي، تم تقديم تشريع جديد
في كونغرس الولايات المتحدة (مجلس النواب)، من قبل النائب جون جيمس،
العضو الجمهوري عن ولاية ميشيغان، الذي حال إقراره «سيجعل الولايات
المتحدة مفوضة لاتخاذ موقف ضد جنوب أفريقيا».
المشروع أُحيل إلى لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية، برعاية جيمس
وتم دعمه من 5 مشرعين جمهوريين إضافيين، ولم يظهر أي مشرع من الحزب
الديمقراطي حتى الآن دعمه لمشروع القانون.
ويشجب المشروع المناورات العسكرية التي أجرتها جنوب أفريقيا مع
الصين وروسيا، والتي اختتمت نهاية فبراير الماضي. ويدعو إدارة
الرئيس جو بايدن إلى إجراء مراجعة شاملة للعلاقة بين الولايات
المتحدة وجنوب أفريقيا.
وبحسب الموقع، فإن المشروع يدعو حكومة جنوب أفريقيا إلى إلغاء جميع
التدريبات العسكرية المستقبلية مع جمهورية الصين الشعبية وروسيا
وإعادة الانضمام إلى التدريبات التي تقودها الولايات المتحدة، مثل
مناورات Cutlass Express، كما يدعو بريتوريا إلى «احترام ميثاق
الأمم المتحدة ومعارضة الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا، وتعزيز
المرونة السياسية لرفض الرؤية الاستبدادية للحزب الشيوعي الصيني
لجنوب أفريقيا، والحفاظ على سيادتها الوطنية من خلال تقليل اعتمادها
على الشركات الصينية في القطاعات الرئيسية مثل تكنولوجيا المعلومات
والاتصالات»، من بين أمور أخرى.
وتعرضت التدريبات العسكرية الثلاثية بين جنوب أفريقيا والصين
وروسيا، التي أجريت في الفترة من 17 فبراير حتى نهايته، قبالة
الساحل الشرقي لجنوب أفريقيا، لانتقادات متكررة من قبل المسؤولين
الأميركيين.
وكان ممثل القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) الجنرال كينيث
إيكمان، تحدث عن المناورات قائلاً إن واشنطن لا تريد إجبار شركائها
الأفارقة على الاختيار في التعاون العسكري بين الولايات المتحدة
وخصومها - روسيا والصين»، لكنه أشار إلى أن بلاده «واضحة بشأن
الآثار المزعزعة للاستقرار والسلبية لمنافسينا على النظام الدولي
الحر والمفتوح والمستقر في بعض أجزاء أفريقيا»، وقال: «هذا النظام
في خطر».
وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، في يناير (كانون
الثاني) الماضي، أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من قرار جنوب
أفريقيا بإقامة المناورات، وقالت إن بلادها لديها مخاوف بشأن أي
دولة تجري مناورات مع روسيا.
وخلال زيارة له إلى بريتوريا في يناير، وجّه مسؤول السياسة الخارجية
في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، انتقادات للعلاقات الوثيقة التي
تقيمها البلاد مع موسكو في خضم الأزمة الروسية الأوكرانية، وقال إن
المناورات العسكرية بالنسبة للاتحاد الأوروبي «ليست أفضل الأمور»،
مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي «لا يطلب من بريتوريا أن تختار طرفاً»،
لكنه يطلب منها «أن تستغل علاقاتها الجيدة مع موسكو لإقناعها بوقف
الهجمات».
وقالت وزارة الدفاع بجنوب أفريقيا في يناير الماضي: «لها الحق في
إدارة علاقاتها الخارجية بما يتماشى مع مصالحها الوطنية» وانتقد
الرئيس سيريل رامافوزا الانتقادات الموجهة لبلاده.
ويرى الخبير المصري في الشؤون الأفريقية عطية عيسوي أن «هناك توتراً
وغضباً مكتوماً يسود العلاقات بين أميركا وبريتوريا من بين أسبابها
المناورات العسكرية الأخيرة والموقف الجنوب أفريقي من الحرب الروسية
الأوكرانية».
وقال عيسوي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك ملفات أخرى من بينها موقف
بريتوريا من إسرائيل وانتقاداتها لسياسات تل أبيب العنصرية تجاه
الشعب الفلسطيني». ويعتقد أنه «رغم التوتر الحالي فإنه من مصلحة
الطرفين الإبقاء على علاقات جيدة».
وأضاف: «تتمتع جنوب أفريقيا بنفوذ كبير في القارة التي توليها
واشنطن اهتماماً متزايداً، لذا فإن واشنطن لن تخاطر بفقدان العلاقات
مع بريتوريا». وقال: «من جهة بريتوريا، فإن البلاد تتمتع بعلاقات
سياسية واقتصادية وتبادل تجاري ضخم مع واشنطن والاتحاد الأوروبي،
وهو ما لا تريد بريتوريا خسارته خاصة في ظل التداعي الاقتصادي الذي
تعيشه البلاد الآن». وأشار عيسوي إلى أن «بريتوريا تضع في اعتبارها
كذلك النفوذ الأميركي والغربي على مؤسسات الإقراض الدولية، علاوة
على تأثير مواقفهم على توجه الاستثمارات الدولية في القارة».