خواطر.. إلى متى؟

2023/02/27

إلى متى سيُعاني العالم من التفكير في قضايا عالقة وتزداد تعقيدًا، ومن مُستجدات مُتشابكة فوق أسطحٍ آيلة للانهيار، الكوارث الطبيعية والحروب والأوبئة في تزايد، وبغض النظر عن المُسمّيات والمُسببات، فالمُعاناة الإنسانية والخسائر في الأرواح لم تعد تتناسب مع التطور العلمي حول العالم، خاصة بعد توالي الزلازل في مناطق يتكدس فيها المنكوبون والمُهجّرون.

الأمر الذي يتطلب إيجاد حالة توازن بين الحضارة والطبيعة، ولا بُدّ للعلماء أن يكونوا على رُشد بقدسية الأنفس البشرية والحالات الإنسانية، أكثر من التكنولوجيا التي أصبحت تعود عليهم بالوبال، ولا بد من تطوير النظام العالمي للإغاثة والاستجابة للكوارث.

كلما تعمّقنا في تاريخ العالم وحاضره نشعر أن الهجرات أمرٌ حتميّ يُساهم في إعادة تشكيل التوزيع السكاني ودمج الحضارات، ثمة حكمة ما لا نجد لها تفسيرًا، لكن علينا تقبّلها.

هل هناك تحليل موضوعي مبنيّ على قواعد وإحصاءات علمية ضمن الظروف المُتغيرة؟ وهل حَقًّا يؤخذ في الاعتبار أن النفس البشرية هي الأكثر تأثرًا وتغيّرًا ولا أحد يعرف مدى صلاحها إزاء انقلاب الأحوالِ.

لا ذنب لضحايا الحروب والتهجير والزلازل بواقعهم المُرّ، كما لم يكن للمُتضررين بأزمة وباء كوفيد-19 ذنب يُذكر، لكنهم ضحايا التداعيات الاقتصادية التي زلزلت اقتصاد بلادهم، فأين العقول المُدبّرة والحلول الناجعة لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه؟

والله إنّه لميراث صعب، ميراث أجيال من الشعوب المغلوبة على أمرها نتيجة ما آلت إليه بلادهم، قضايا مُتراكمة ليس لهم ذنب بها سوى الانتماء العِرقي أو الجغرافي الذي قد يقتصر على الأسماء والأوراق الثبوتية وقصص مُتواترة تحتمل الزيادة والنقصان، أجيالٌ وُلِدَت في ظل ظروف مقيتة، سواء في بلادهم أو بعيدًا عنها، تائهين بين كتب التاريخ بكل ما سجّل من حقائق وأساطير وبين وثائق ومُعاهدات لا تحمل توقيع أحد منهم أو من آبائهم، أجيالٌ ترعرعت في ظل ثقافات وأديان مُتعددة واكتسبت لغات ومفاهيم مُختلفة بكل ما تحمل من إيجابيات وسلبيات.

مواليد هذه الأيام يدفعون ثمن أخطاء الراحلين الذين لم يتسنَّ لهم حل الأزمات السابقة في حينها، واكتفوا بحياة آمنة تمنحهم مع أبنائهم حقوقًا إنسانيّة بعد فقدان الأمل في قُدرة القائمين على حلول جذريّة.

لماذا لم تستورد دول الشرق الأوسط من اليابان أفضل الطرق للبناء الآمن في مناطق الزلازل مثلما استوردت العربات الخفيفة منها والثقيلة؟

ها نحن في 2023، ومشاهد الموت والدمار تكتسح الشاشات، وتجلدنا الضمائر بلا ذنب، مُجرد خواطر تعيث في الفؤاد تساؤلات صمّاء، فأين المسؤولون في الدنيا قبل الآخرة عن القتل، والتشرد، والجوع، والتهجير؟

وما قيمة العلم بلا أخلاق، وما قيمة الدول التي لا تُؤمِّن مواطنيها وتؤويهم في السلام والحرب، من الطفولة حتى العجز؟

حضارات زائفة تلك التي قضت على المشاعر الإنسانية ولم تدرك وتتدارك نعمة الموارد الطبيعية، ولم توجد توازنًا بين النمو السكاني وكل ما يلزم البشر من بيئة صحيّة، وغذاء، وعلم، وأعمال.

إلى متى كل هذه المُعاناة؟ لقد تعبنا من مجرد المُتابعة، فكيف بهؤلاء البشر؟

 

أخترنا لك
هكذا دافع خبير بريطاني عن الصين بشأن «كورونا»

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة