بقلم::رنا فضل السباعي
هل فكرت يومًا وأنت تتخذ قرارًا ما، كم أن إرادتك حرة في اتخاذه؟ هل تمعّنت قليلًا في مدى الجرأة والقوة التي تطلّبها اتخاذك لقرار ما في ظل ما يحيط به من ظروف معاكسة؟ هل علمت حقًا مدى مقدرتك على تنفيذ قرارك دون تراجع أو انسحاب قبل اتخاذه؟
إننا نعيش كل يوم ونحن نتخذ الكثير من القرارات على اختلاف أنواعها، مضمونها وحجم تأثيرها وذلك من أجل تنظيم مسار معين أو تصحيح خطأ ما، أو لتحقيق ما نراه الأفضل في مختلف أوجه حياتنا. أي أننا في معظم الأحيان إنما نصل إلى مرحلة اتخاذ قرار بِناءً على ما سَبَقَ من معطيات ومؤثرات دفعتنا إلى التفكر والتمعّن في أهميتها وفيما أحدثته أو ستُحدثه من أثر إيجابي أو سلبي في حياتنا، فلا نجد أنفسنا إلا ونحن نحملها لوضعها في إطار قرار نتخذه بشأنها، لأننا أدركنا أهميتها وبأن القرار من شأنه إسباغ طابع من الجدية في طبيعة علاقتنا مع تلك المُعطيات، جدية تهدف إما إلى الحفاظ عليها، وتنميتها وتطويرها وصولًا إلى ما نأمله منها، وإما إلى تصحيح مسارها، والحد من تأثيرها وصولًا إلى الابتعاد عنها قدر ما أمكن وكل ذلك تحت مظلة قرار يُشعرنا بالالتزام كأولى خطوات التطبيق والتنفيذ دون تلكؤ أو تراجع.
وتبقى معظم القرارات التي نتخذها ونتمسك بها، ساعين بكل جهدنا وقوتنا لتنفيذها، هي تلك التي تتأتى عن إرادة حرة وقناعة ثابتة وتنطوي بشكل كبير على قدر من الوضوح المُسبق بنتائجها، وبما نحن مُقدمون عليه عند تنفيذها، وهو أمر يتوافق تمامًا مع طبيعتنا البشرية وسعيها الدائم إلى الحرية، في القرارات والتصرّفات وإلى الحتمية في معرفة القادم، إذ إن هذه المعرفة تمثل شكلًا من أشكال الشعور بالأمان والاستقرار يجنّب التخبط بالأفكار مع ما هو مجهول وما قد يحمله من مفاجآت قد تكون أكبر من حجم المُقدرات عند حدوثها، فتشكل تحديات ليس من السهل التعامل معها فتصبح عدوًا لنا لأن الإنسان عدو ما يجهله.
إن القرارات هي المركب الذي نحمل عليه أهدافنا ونبحر به بشراعي الجرأة في الانطلاق والقوة على المُضي، ونحن متطلعون إلى ميناء الوصول بكل أمل، فإما أن يصل بنا القرار إلى ما نصبو إليه، وإما أن يعترضه ما يَعوق تقدمه واكتمال تنفيذه وهو ما يدخل في صلب معادلة الحياة: وهي بأن لكل قرار ولكل اختيار ثمنًا لا بد من دفعه، وإن نجاح أي قرار يعني أنك مستعد لدفع ثمن اتخاذه وأنك قوي بما يكفي لتحمّل نتائجه، التي قد تكون مجرد تجربة لم تكتمل رغم التضحيات أو محاولة لتنفيذ هدف لم يتحقق رغم كل الإمكانات.
مدربة حياة – Life Coach