تجربة حياة …..دور الأفكار على أنواع الشخصية

2023/01/21

بقلم/ رنا فضل السباعي

لماذا نختار أن نفكرَ بطريقة سلبية، وأن نتوقعَ في أغلب الأحيان بأن ما سيحدث هو أسوأ الاحتمالات ؟ لماذا نترك تفكيرنا السلبي يسير بنا كقطار لا يعرف التوقف، حتى يستهلك بسيره طاقتنا، فتخضع معه حالتنا النفسية لعصارة عاطفية مُنهكة قلما نخرج معها دون أذى معنوي ووهن جسدي؟

من المُتعارف عليه أن أفكارنا هي النواة التي منها يتولد كل تصرف نأتيه ويتوقد كل شعور نعيشه بإيجابياته وسلبياته، إنها تُمثل القاعدة في نموذج من التصاعد الحلزوني الذي تتشكل فيه دائرة تصرفاتنا، وردات فعلنا، وعواطفنا ونوعية شخصيتنا ككل، فتكون كفرع، مُتطابقة مع أصلها وقاعدتها سواء في كم الوعي الذي تظهره بما يحدث، أو في مدى الحكمة والقوة في التصرف أو بنسبة الإيجابية في تصور النتائج.

لذا، فإن السعي إلى تغيير أي من مُخرجات الأفكار إنما يحتاج الى الرجوع للأفكار نفسها في المقام الأول والتوقف عندها لمعرفة أسبابها، ومدى واقعية تلك الأسباب، وهل هناك أي جدوى من بقائها، وبتساؤلاتنا تلك سيكون بمقدورنا أن نتعرفَ بكل وضوح على مصدر ما نحمله منها هل هي نتاج نمط من التربية اعتدنا مُمارسته حتى استوثقنا كنوع من العادة ؟ أم هي حصيلة تجارب مررنا بها فتركت فينا خلاصتها ؟ وعندها سنمتلك على الأقل رؤية واضحة تمكننا من معرفة ما هي وكم أنها تتحكم بنا فعلًا دون أي تفحص أو تدقيق.

إننا من حيث طبيعتنا البشرية نميل إلى تغليب السلبية في التفكير، لأننا نعتقد أنها تُشكل نوعًا من الحماية إذ إننا وبتصورنا لحدوث أسوأ الاحتمالات، نعتبر أن أنفسنا قد تهيأت – على الأقل – ناهيك عن إمكانية اتخاذ إية إجراءات احترازية مُسبقة فنعتقد بأن مفعول ما تصورناه – فيما لو حدث – أخف وطأةً لأن مجرد توقع حدوثه قد منع عنه صفة الصدمة أو المُفاجأة غير المحسوبة، نعم هذا التوقع كان ضروريًا في الحياة التي عاشها الأسلاف الأوائل لحماية بقائهم واتخاذ دفاعاتهم ضد أية أخطار طبيعية تتهدد حياتهم، أما في عصرنا الحاضر وحياتنا اليومية الوفيرة الخيارات والحلول والتسهيلات، أية ضرورة قصوى قد تتهدد وجودك وتتطلب منك توقع الأسوأ والعيش في هاجسه بشكل مُستمر حتى تنطبع شخصيتك بهذا النهج السلبي من التفكير؟ وكم هي نسبة الأفكار السلبية التي تحكمت بك وقد تحققت فعلًا في الواقع فكان تحققه خاليًا من الأثر بسبب توقعه؟

إن توقع الحدوث لا يعني بأي شكل من الأشكال أن أنفسنا وعواطفنا وردات فعلنا قد اكتسبت بهذا التوقع المناعة التي تقيها من الخضوع لأثر ما سيحدث بل على العكس، وإنما ما يفعل ذلك حقيقة هو تفسيرنا الشخصي لما حدث فعلًا، وما نتخذه على ضوء هذا التفسير من خطوات وإجراءات حياله.

بالمُقابل فإن الأفكار التي تُفسر كل محنة تحدٍ، و كل أزمة اختبار، فيها من القوة ما يُتيح لها أن تجعلَ الصوت الذي ينذر بتوقع الأسوأ خافتًا مُقابل الانشغال بتقييم الأحداث بكل تعقل واعتراف دون أي تهرب أو إنكار فتكون الشخصية التي تمتلك هذا النوع من الأفكار شخصية إيجابية، ينصرف تركيزها وطاقتها على ما لديها من إمكانات للتعامل مع ما تواجه وفي تصورها على الأغلب بأن كل شيء سيكون على ما يُرام.

راقب أفكارك ونمط تحركها ما بين الإيجابية والسلبية، تمعن قليلًا فيما تُحققه لك من مكاسب وما تكبدك إياه من خسائر والتأثير الذي ستُحققه في كل من الحالتين، فإما أن تختار البقاء حيث أنت، وإما أن تسعى لمُمارسة العمل على الأفكار ممارسة أقل نتائجها تشكيل نوعية الشخصية التي تريد أن تظهر بها أمام نفسك وأمام العالم كله.

أليس هنالك الكثير من الحلول والبدائل التي يمكن أن تجعلَ الأمور أكثر سهولة ويسرًا؟

توقع الحدوث لا يعني بأي شكل من الأشكال أن أنفسنا وعواطفنا وردات فعلنا قد اكتسبت بهذا التوقع المناعة التي تقيها من الخضوع لأثر ما سيحدث بل على العكس، إذ وإنما ما يفعل ذلك حقيقة هو تفسيرنا الشخصي لما حدث، وما نتخذه على ضوء هذا التفسير من خطوات وإجراءات حياله.

أخترنا لك
زوار أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) في ضريح الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة