في كتابها رحلة الألف ميل، ترصد الصحفية وعالمة المصريات البريطانية إميليا ادواردز الكثير عن مصر ومحافظاتها التي ارتحلت لها عبر مركب نيلي «ذهبية» حتى وصولها لمعبد رمسيس الثاني في أسوان، لتأخذ السبق في رصدها ل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني ، في يوم مولده 21 أكتوبر، ويوم تتويجه ملكا على مصر 21 فبراير، وكان ذلك في الفترة من 1873 إلى 1874.
ارتحلت إميليا أدوارز، للصعيد في وقت كانت الذهبيات تنتشر في النيل كوسيلة مواصلات وهي الذهبيات التي سيرها توماس كوك مؤسس الشركة، والذي قام بشراء الخطوط النهرية لنقل السائحين من القاهرة حتى الشلال الأقصى، كما قام بشراء خطوط البوستة «البريد» ونقل المسافرين من أسيوط إلى الشلال؛ حيث قاموا بوضع الكثير من الوابورات والذهبيات في نهر النيل، وقضت إميليا حوالي 6 أشهر بجوار معبد أبو سمبل، تمكنت خلالها من ملاحظة ظاهرة تعامد الشمس وتركزها على وجة الملك رمسيس الثاني داخل قدس أقداس معبده يوم 21 فبراير 1874، كما اكتشفت مقصورة «تحوت»، والتي تعرف باسمها «مقصورة إميليا ادواردز».
في بداية ستينيات القرن الماضي، تم نقل معبد أبو سمبل بعد تقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالي، إلى موقعة الحالي، لت تعامد الشمس يومي 22 أكتوبر و22 فبراير، حيث تدخل الشمس من واجهة المعبد لتقطع مسافة 200 متر لتصل إلى قدس الأقداس الذي يضم تمثال رمسيس الثاني جالسا، ويحيط به تمثالا رع حور أختي و(آمون)، وتقطع الشمس 60 مترا أخرى لتتعامد على تمثال الملك رمسيس الثاني وتمثال آمون رع إله طيبة، صانعة إطار حول التمثالين بطول 355 سم وعرض 185 سم.
ويقول الخبير الأثري الدكتور نصر سلامة، لــ«بوابة الأهرام»، إن ثروت عكاشة، وزير ال ثقافة الأسبق، روى قصة الإنقاذ في كتابه إنسان النوبة؛ حيث انبثقت فكرة الإنقاذ العالمية لآثار النوبة، ومن بينها معبد أبوسمبل الذي يمثل إحدى المعجزات الهندسية في العالم القديم، خلال لقائه مع سفير أمريكا ومدير متحف المتروبولتان.
كان معبد أبوسمبل مغطي بالرمال وقد وصفه بوكهارت الرحالة السويسري وهو مغطي بالرمال وقد استطاع المكتشف الإيطالي بلزوني إزاحة الرمال عن معبد أبوسمبل مستعينا بقوته الجسدية، حيث استطاع بضخامة جسده أن يعمل بنفسه في إزاحة الرمال، وحين فتح مدخل المعبد فوجىء بشخص قصير إيطالي يدعى فيناتي يمر بمركب على النهر فاستضافه وقام بإدخاله المعبد.
رصدت إميليا ادواردز، في كتابها الشخصيات التي قابلتها في مصر مثل الريس حسن، الذي كان يقود المركب «القبطان»، والرحلة الشاقة التي صارت بها من جبل أبوفايدة بالمنيا؛ حيث كان النهر ينحدر وينفتح بشدة، ووصفت كيف كان المصريون في نهر النيل يدفعون مراكبهم بعصا طويلة، كما وصفت عمال السخرة الذين ينساقون للعمل.
كما سردت كيف كان البحث عن عباس، في أحد المقاهي بمدينة إسنا بالصعيد؛ لأنه كان يعرف مكان المعبد في إسنا، كما سردت كيف ركبت حمارا لمدة 3 ساعات كي تستكشف معبدا بالصعيد، ورصدت شجرة النخيل المرسومة علي معبد رمسيس الثاني بأبوسمبل وقصتها مع شيخ الشلال الذي صاحبها إلى جزيرة فيلة؛ حيث كان ملازما على تدخين الغليون والتبغ كما شرحت بالتفصيل العادات والتقاليد في أسوان آنذاك.
ويضيف نصر سلامة، «أغلب المؤرخين يؤكدون أن تسمية أبوسمبل ترجع لفتى صغير كان يرشد السائحين والمستكشفون لمكان المعبد»، مؤكدا أنه تكلف إنقاذ معابد النوبة نحو 40 مليون دولار، وكانت الأيدي العاملة بالكامل من المصريين، ونقل معبد أبوسمبل على بعد 210 مترا من مكانه الأصلي ويرتفع حوالي 65 مترا عن سطح الأرض، واستغرق بناء المعبد 20 عاما في عهد رمسيس الثاني ، حتى تم الانتهاء منه، وتم تنفيذ محور المعبد بحيث يسمح باختراق قدس الأقداس مرتين في العام.
ويطالب سلامة، بعمل احتفال للتعامد بعيداً عن تقاليد فرق الفنون الشعبية مستوحي من القصص الفرعونية، لافتا إلى أن هناك قصص شهيرة يمكن تمثلها في الاحتفال مثل أسطورة إيزيس وأزوريس، سنفرو والحكماء، خوفو والحكيم جدي، الأخوين، العاشقين والتمساح، سنوهي، هلاك البشرية وغيرها.
وتابع: إنه بعد انتهاء رحلة أدواردز قامت عام 1882، بالتبرع بمكتبتها وتأسيس صندوق لاستكشاف مصر عام 1882، وقد توفيت في شهر إبريل من عام 1892، إثر إصابتها بإنفلونزا حادة، ودفنت في كنيسة القديسة مريم العذراء في بريستول، في مقبرة وضع عليها شكل المسلة وعلامة عنخ.