ـ وقـفـة قـصـيـرة مـع الـمُـنْدس!

2020/10/26

ـ وقـفـة قـصـيـرة مـع الـمُـنْدس!

 

ـ(المُندس مِن اندسَّ أي: اندفن . واندسَّ فلانٌ: دخل في الشيء. واندسّ في الفراش خشية البرد.

ـ إندسَّ بين النَّاس: إختفى. أي تسلّل خفية بينهم. اندسّ بين الأشجار ـ المتظاهرين .. وهكذا!

ـ أهل اللغة هنا يتكلمون عن شخص مُفرد في مقابل الجماعة. فالمُندس شخص واحد اندسّ واختفى بين الناس (لغرض ما). وإذا قلنا هناك (مُندسين) فهذا يعني وجود جمهرة من الناس (جماهير غفيرة) تكون حاضنة يختفي بها المُندسين بحيث يتحقق (الإختفاء التام) بينهم ولو فتشت عنهم لم تجدهم .

ـ هذا الوضع في حال يتم الإندساس بين الناس فقط والإختفاء بينهم ومن غير إحداث (جلبة أو فوضى أو شغب ما أو حتى أدنى تصرف) ما من شأنه أن يفضحه ويكشف هويته بين الناس الذين اختفى بين ظهرانيهم.

ـ ذن.. الوصف أعلاه لا يمكنه أن يصمد أمام البعض الذي يحب أن يطلقه على (المُندسين) كما حصل في التظاهرات المطلبية وخصوصا ً في مدينة البصرة.

ـ والذي حدث مؤخرا ً في مدينة البصرة حتى كان الخراب والحرق والسلب والنهب والإعتداء على الممتلكات العامة والخاصة, لم يكن من (مُندس أو مُندسين) اختفوا بين المتظاهرين. لأن المُندس لا يفعل مثل تلك الأفاعيل .

ـ الذي حدث هو شخوص جمهرة من الناس ولم يكونوا قد أتوا من كوكب آخر, ولم يكن عددهم (عشرة أو مئة أو ألف حتى) بل آلاف, جاؤا على مسمع ومرأى من الناس الباقين, وجابوا الشوارع بلا لثام أو غطاء رأس بهتافات واضحة لا لبس فيها ولحظها كل من رآها , غير مُختفين وكأنهم أشباح أو مُتخفين كأنهم جنّ، ومشوا من أمام كامرات الصحافة والإعلام والفضائيات ـ وإعلام وكامرات هواة مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة, متوحدين ومتكاتفين لهم هدف مُحدد ووجهة مُحددة وعمل يجب أن يقوموا به وينجز عن وعي وتصميم وإرادة مُسبقة.

ـ إذن هؤلاء ليسوا مُندسين والمُندس منهم براء!.

ـ مَن يكونون إذن؟؟.

- هذا السؤال يُجيب عليه ربما: مَن أخلى الشوارع حينها من رجالات الأمن ومن عناصر حفظ النظام.

ـ يُجيب عليه مَن انسحب وتقهقر من واجبه في حماية الممتلكات العامة والخاصة.

ـ يُجيب عليه مَن كان يعرفهم واستشعر خطرهم قبل وقوع الكارثة. وأقصد المخابرات والاستخبارات والأجهزة الأمنية ذات العلاقة.

ـ تُجيب عليه الحكومة المحلية أو المركزية أو الدولة ذاتها بمؤسساتها كافة.

ـ يُجيب على هذا التساؤل بالذات مَن أطلق تسمية (مُندس) عليهم. وكان يهدف من وراء ذلك خلط الأوراق، وذر الرماد في العيون والسكوت عن الجرائم كما حدث وسكت مرارا ً وتكرارا ً, وأقصد به السياسي (الفاسد الفاشل) والقابع بين جدران منطقته (الخضراء) المُحصنة بالمؤامرات والخدع والكذب والزيف!.

السياسي الفاسد والفاشل يعرف جيدا ً مَن يكونون هؤلاء والى مَن ينتمون!. فمن خلال تجربة الخمسة عشر سنة الماضية صار واضحاً عند القاصي والداني, بأن هؤلاء ما هم إلا أذرع للسياسيين الفاسدين القابعين في أعلى الهرم في الدولة, يبطشون بهم أقرانهم من الخصوم هناك. وليّ أذرعهم وفرض إرادتهم من أجل كسب مصلحة سياسية قذرة, أو تحصيل مصلحة حزبية مقيتة، أو لنهب مال عام أو لأجل سلطة أو نفوذ ـ ولكن ساحة الثأر كما في كل مرة هي قاعدة الهرم المتمثلة بالناس والمجتمع. وذاكرة العراقي حافلة بصورة الدمار والخراب والحرق والنهب والسلب والقتل والتفجير التي يخلقها هؤلاء المرتزقة العابثون والتي تنعكس سلبا ً على المجتمع والدولة في آن واحد.

ــــــــــــــــــ

ـ المقال منشور على موقع (كتابات في الميزان) في تاريخ 8/9/2018م:

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&url=https://www.kitabat.info/subject.php%3Fid%3D124594&ved=2ahUKEwiQi_v2ldLsAhXLjqQKHaPPAzkQFjAAegQIARAB&usg=AOvVaw19RjkNpGImQu5899xa2xdf&cshid=1603712372179

 

 

أخترنا لك
الرقم الخامس

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف