????ـ نسف التحريف في مقال (الفتوى التي غيرت وجه
العالم)!
????️ـ قراءة في منشور وكالة (شفقنا العراق)..
????ـ بقلم: نجاح بيعي . المقال منشور بتاريخ
29/5/2016م:
????ـ(الفتوى الذي غيرت وجه العالم) هو العنوان الرنّان
للمقال الذي كتبه (سعید المنجدي) واللذي تم نشره على موقع (شفقنا
العراق) بتاريخ 28/5/2016م. لم يكن المقال فقط يحوي على مغالطات
وشبهات, وقراءة خاطئة لما تضمنه خطاب المرجعية الدينية العليا
لـ(فتوى الدفاع المُقدسة) في 14شعبان الموافق 13/6/2014م فحسب,
وإنما حوى على تحريف لأهم بنود ومرتكزات الفتوى المُقدسة, وإخراجها
عن مسار هدفها العام المرسوم له, مثل محدوديّة الفتوى من عدمها!.
وتشكيل الحـ.شـ.د الشـ.عـ.بي بموجب الفتوى أم لا!. واقتصار الفتوى
على التحدي الأمني دون السياسي!.
ولا يغيب عن بال كل مَن قرأ المقال من أن الكاتب كان يهدف من وراء
ذلك التحريف والتشويه إضافة للأهداف السياسية الضيقة, الإساءة لمقام
المرجعية الدينية من خلال تقديم قراءة مغايرة تماماً لفتوى الجهاد
المقدسة كما هو واضح. ولم يكن بمقدورنا أن نحمل الأمر على سبعين
محملاً, لأن الكاتب وعلى ما يبدو كان قد قرأ خطاب الفتوى جيداً,
وراح يؤول ويضع من جعبته ما يريد ويُلائم إطروحته, وطرحه بمقال
يُقحم القارئ به وكأن الخطاب لا يمكن قراءته إلاّ بهذا الشكل
المدلِس . وكنت قد أحصيت (3) ثلاث (تحريفات) لـ(3) ثلاث فقرات
تضمنها خطاب الفتوى المُقدسة, تعتبر من مقومات ومرتكزات فتوى الجهاد
الكفائي, وسأتناول كل فقرة بالرد, بعد ذكر فقرة الكاتب المحرّفة,
منطلقاً من ذات الخطاب المبارك الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه.
⚀ ـ التحريف الأول :
إستهل الكاتب مقاله: بـ(لم تكن فتوى الجِهاد التي أطلقها سماحة
السيد السيستاني (دام ظله الوارف)، مُحددة أو محدودة ، نَظراً
لأسبابِها وأثارِها..)(1).
ذكر أن فتوى الجهاد لم تكن مُحددة أو محدودة, وهذا خلاف نص فتوى
الجهاد باعتبارها محدّدة لقتال التنظيم الإرهابي المسمّى (د11عـش),
ومحدودة لحفظ (الوطن) العراق ومقدساته داخل حدوده, لأن العدو
الظلاميّ كان قد استهدف كُلَّ العراقيين وفي جميع مناطقهم في
البلاد. وإذا ما أردنا أن نسلم بـ(لا محدوديّة) الفتوى فقط من جانب
أنها تخاطب جميع مكونات الشعب العراقي, وتحثّهم على التصدي للعدو
ومقاتلتهم, لأنها مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفة دون اخرى أو بطرفٍ
دون آخر. حيث وردت في الفقرات (أولاً) و(ثانياً) و (خامساً) من خطاب
المرجعية: (أن العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً وخطراً عظيماً..
ومن هنا فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا
يختص بطائفة دون اخرى او بطرفٍ دون آخر..) و(فإنّ المسؤولية في
الوقت الحاضر هي حِفْظُ بلدنا العراق ومقدساته من هذه المخاطر..)
و(إن طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي
الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه، وهذا الدفاع واجب على
المواطنين بالوجوب الكفائي) و(..على المواطنين الذين يتمكنون من حمل
السلاح ومقاتلة الارهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم
ومقدساتهم...عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية)(2).
⚀ ـ التحريف الثاني:
ذكر الكاتب في فقرة تالية أخرى من مقاله: (أصدرَ المرجع الأعلى
السيد السيستاني فتواه بالجهاد الكفائي، لتتشكل بموجبها سرايا
الدفاع المُقدس ـ الحـ.شـ.د الشـ.عـ.بي).
سوف لن أقف عند مصطلح (سرايا الدفاع المُقدس) الذي هو أصلاً من
الأدبيات الأمنية لنظام أحادي شمولي بغيض, في بلد آخر هو جار
للعراق. وأن ربط هذا الاسم بالحـ.شـ.د الشـ.عـ.بي خاصة, يعرب عن
إفلاس الرؤيا وبشكل مفضوح.
الحـ.شـ.د الشـ.عـ.بي لم يتشكل بموجب فتوى الدفاع المقدسة. ولم تكن
الفتوى قد دعت الى تشكيله أو تشكيل أي عنوان مسلح آخر قط. بل كان
جُل خطابها موجه الى القوات المسلحة العراقيّة واستنهاض هممها,
وبنفس الوقت دعت المواطنين للتطوع والإنخراط في القوات الأمنية
تحديداً. حيث جاء في الفقرة (خامساً) من خطاب الفتوى: (ومن هنا فإن
على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح, ومقاتلة الارهابيين
دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم..عليهم التطوع للإنخراط في القوات
الأمنية).
كما أوضحت المرجعية في الخطبة الرديفة لخطبة الفتوى في الجمعة
الثانية الموافق 20/ 6/ 2014م من إن الدعوة كانت إنما للانخراط في
القوات الأمنية الرسمية, وليس لتشكيل ميليشيات خارج أطار القانون.
حيث جاء في الفقرة (ثانياً): (إن دعوة المرجعية الدينية إنما كانت
للإنخراط في القوات الأمنية الرسمية وليس لتشكيل ميليشيات مسلّحة
خارج أطار القانون..).
ويعلم القاصي والداني من أن تشكيل هيئة الحشد الشعبي إنما جاء بعد
إصدار الفتوى بـ(5) خمسة أيام من الفتوى, وبـ(10)عشرة أيام من سقوط
الموصل, بأمر ديواني من مكتب رئاسة الوزراء آنذاك ذي العدد (9852)
في تاريخ 18/ 6/ 2014م, والقاضي باستحداث هيئة لتنظيم شؤون
المتطوعين فقط ترتبط برئاسة مجلس الوزراء باسم (هيئة الحشد الشعبي),
إستناداً لأحكام المادة (78) من دستور جمهوري العراق. وأن هذه
الهيئة مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة, وليس بالمرجعية
الدينية العليا في النجف.
ومن نافلة القول علينا التمييز هنا بين واجبين لقتال العدو د11عــش
وعلينا عدم الإشتباه بينهما:
????️ـ الأول: الواجب الوطني الواقع على عاتق القوات
الأمنية المسلحة العراقية, وهو الدفاع عن العراق ومقدساته (إن دفاع
أبنائنا في القوات المسلحة , وسائر الأجهزة الامنية هو دفاع مقدس..)
و(يا أبنائنا في القوات المسلحة..إنكم امام مسؤولية تاريخية ووطنية
وشرعية..). وأن المرجعية قد خصّت القوات المسلحة العراقية تحديداً
بخطابها (وإنَّ من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله
وأعراضهم؛ فإنه يكون شهيداً إن شاء الله تعالى) لا غير.
????️ـ الثاني: الواجب الشرعي المناط بالمواطنين
المتطوعين. وهم المشمولون بفتوى الجهاد الكفائي. (وهذا الدفاع واجب
على المواطنين بالوجوب الكفائي..).
⚀ ـ التحريف الثالث:
وخطورة هذه النقطة تكمن في التلاعب المقصود, بترتيب التحديات التي
يواجهها العراق وشعبه, حيث أجاز لنفسه وقدم التحدي الإقتصادي على
الأمني, بينما أخفى التحدي السياسي الذي يُعد أسّ المشاكل والتحديات
الأخرى في العراق, منذ تغيير النظام السابق عام 2003م والآن. ولا
أعلم ما السبب الذي جعله يرتب التحديات هكذا حيث ذكر الكاتب: (إنها
الفتوى فقط؛ من باستطاعتها مواجهة التحديات, الإقتصادية والأمنية في
وقتٍ واحد).
طالما حذّرت المرجعية كافة القوى السياسية ومن بيدهم القرار في
البلد, من إتباع السياسات الخاطئة والغير مخطط لها, ووضعتهم أمام
مسؤولياتهم بتجاوز المحاصصات الحزبيّة والطائفيّة, ودعتهم لأن يخطوا
خطوات جادة في سبيل اصلاح مؤسسات الدولة. كما حذّرت من أن الأوان قد
حان لجميع الأطراف, لنبذ العنف تحقيقاً لأهدافهم السياسية, حتى
صرّحت المرجعية بكل وضوح من أن جميع القوى السياسية قد جربت
(الظاهرة الد11عشية) كوسيلة دنيئة لتحقيق أهدافها وفشلت في ذلك. ولا
شك في أن التحدّي الأمني والإقتصادي سببه الأول هو التحدي السياسي
الذي مُني به العراق نتيجة الفساد المستشري والسياسات الخاطئة التي
انتهجتها الأطراف الحاكمة ونهجها المحاصصة السياسية هذا غير
التجخلات الجنبية في الشان الداخلي والتلاعب بالقرار الوطني.
وخطبة الجهاد قد أشارت في الفقرة (ثالثاً) الى دعوة القيادات
السياسية الى ترك التناحر, وأن تعي دورها التاريخي والوطني, وتوحد
موقفها وكلمتها (إن القيادات السياسية أمام مسؤولية تاريخية ووطنية
وشرعية كبيرة.. وهذا يقتضي ترك الاختلافات والتناحر خلال هذه الفترة
العصيبة، وتوحيد موقفها وكلمتها، ودعمها واسنادها للقوات
المسلحة..).
????- وكلمة أخيرة: أن موقعاً كبيراً ورصيناً مثل موقع
(شفقنا العراق) الذي يعمل بـ(5) خمس لغات, وبـ(6) ستة صفحات مستقلة
لـ(6) ستة بلدان كبيرة, والمهتمة بالشأن المرجعي سواء في النجف
الأشرف أو في قم المقدسة ومشهد, كما ويحسبها المراقبون أنها قريبة
من توجهات مرجعية السيد السيستاني, يبقى يتحمل المسؤولية الشرعية
والأخلاقية والإعلامية الكاملة والمباشرة للقراءة التحريفية لخطاب
فتوى الدفاع المقدسة, والهدف الكامن وراءه, الذي تضمنه مقال:
(الفتوى الذي غيرت وجه العالم) لمنجدي.
.
????️ـ المقال كاملا ً منشور على موقع (كتابات في
الميزان) بتاريخ 29/5/2016م:
http://www.kitabat.info/subject.php?id=79017
ــــــــــــــــــ
????️ـ(1) رابط مقال (الفتوى التي غيرت وجه العالم)
للكاتب (سعید المنجدي) على موقع (شفقنا):
http://iraq.shafaqna.com/AR/37827
????️ـ رابط خطبة فتوى الدفاع المُقدسة:
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=164