نجاح بيعي
كتبت هذه المقالة بتاريخ 5-7-2017
فاجعة الكرادة . حيث لا دماء هذه المرّة البتة , فالأطفال والنساء
والرجال كلهم احترقوا وتفحموا , ولم يخلفوا سوى الرماد والسخام !.
الفجيعة ولحجمها المهول , أدانها العالم أجمع , والعالم أجمع لم ينصف
من نفسه الشعب العراقي . وأدانها سياسيوا العراق أجمع , وساسيي العراق
أجمع لم ينصفوا من انفسهم الشعب العراقي . فالمذبحة تمّت على أيدي
الجميع , وتحت أنظار الجميع , وعلى مسرح العالم العاهر الذي يضم
الجميع !.
فإذا كانت مذبحة الكرادة كغيرها من المذابح الكبرى السابقة , لها
طابعها الطائفي وأنها تمّت بحق الشيعة لا غيرهم , يعني ذلك أن يد
الأجنبي تكمن ورائها , بالدعم والتمويل والغطاء السياسي . والأجنبي
هذا قد يكون جارنا القريب الذي نتقاسم معه الحدود , وقد يكون البعيد
الذي يكمن خلفها , عند الطرف الآخر من العالم العاهر . وبما أن
الأجنبي كالشيطان بعينه يتنزّه عن مباشرة الدناءة بيده , لذا فهو
يعتمد على أذناب عراقيين بلا حياء , ممن هم في العملية السياسية ,
متلفعين بعناوين القداسة والنزاهة والثقافة , عراقيون مردوا على
النفاق واستهانوا بدم أبناء جلدتهم , حتى أريق بكل مكان , مقابل بعض
مكاسب دنيئة هنا وهناك .
وبغض النظر عن شركاء الوطن والوطنية , من الأحزاب السنيّة والكردية ,
والتي لا نبرّء أحد منهم فهم بالسوء كأقرانهم وأسوأ , نوجه الحديث الى
الأحزاب الشيعيّة ومن لفّ لفّهم ممن انضوى تحت يافطة التحالف الوطني
كمسمى فقط , باعتبارهم الزعماء والقادة المتصدّين للحكم في العراق ,
لنعرف من هو المدان والعميل والمتواطئ بإراقة الدم ( الشيعي ) العراقي
, وكان أداة قاسية وبلا رحمة للأجنبي المقيت .
جميع الأحزاب والكتل والتيارات الشيعية في العراق , ككيانات سياسية
تمتلك أجنحة مسلحة عاملة على الأرض العراقية . وكل جناح مسلح يمتلك
جهاز استخبارات , وهذا الجهاز الاستخباري مهمته رصد وجمع واستقصاء
ومتابعة وتحليل المعلومات عن العدو المفترض .
ماذا لو وضعت الزعامات السياسية وأحزابها الوطن والمواطنين وحرمة
دمائهم نصب أعينها , وشُكلت غرفة عمليات استخباراتية , تضم أجهزة
استخبارات كل فصيل مسلح تابع لها , والتي يبلغ تعدادها اليوم أكثر من
( 70 ) فصيل مسلح !. قسم منها يعادل جيش نظامي برمته . ويبلغ تعداد
المقاتلين المنضوين تحت إمرة هذه الفصائل أكثر من ( 120 ألف ) مقاتل
!. وإذا ما حسبنا ( المتطوعين اليوم لقتا داعش ) فيبلغ العدد أكثر من
( ثلاثة ملايين ) عنصر !. وقاموا بمهمة جمع واستقصاء ومتابعة وملاحقة
وتحليل المعلومات عن العدو داخل بغداد , وداخل المحافظات والمدن
الأخرى في العراق . مع التحري والإستقصاء والتفتيش شارع شارع , وزقاق
زقاق , وبيت بيت , ودكان دكان , كما هو معمول عندهم لتأمين مكاتبهم
ومقراتهم الحزبية , فضلا ً عن منطقة ( الخضراء ) قطعا ً ستكون النتائج
مبهرة للجميع , وصادمة للعدو ,وسيعثرون على الخلايا النائمة والكامنة
والهائمة والسائمة والقائمة والقاعدة ( وسمّهم ما شئت ) سيتمّ الكشف
عن أسرار واعاجيب وخفايا هذه الخلايا , وأماكن تواجدها ومصادر تمويلها
وطبيعة عملها , والقضاء عليها نهائياً !. الأمر يحتاج الى وقفة شريفة
لا غير , لردع العدو( البعث ــ القاعدة ــ داعش ــ .... ) الذي يفترض
أن يكون عدوّ لهم قبل أن يكون للشيعة ولكن :
(( نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيبٌ سوانا )) !.
ــ فالعدو الذي يتشكل ويلبس في كل مرّة قناع دموي جديد , ليس عدوهم بل
هو عدّو الشيعة فقط لا غير ؟!. ويستهدف الشيعة لا غير ؟! فالأحزاب
قادرة على حماية نفسها , والزعامات والقادة قادرون على حماية أنفسهم ,
مقابل عزلة الشعب الأعزل !؟.
إذن .. فالأحزاب المسلحة قادرة على إنقاذ الشعب العراقي , ووقف نزيف
الدم المستباح منذ ( خمسة عشر سنة ) ولم تفعل !؟. ولن تفعل !؟.
وتصدّها أولاً أجنداتها الداخلية الحاكمة , كالاستحواذ على المال
والسلطة والنفوذ , والاستقواء على مثيلاتها لمحقها وسحقها , وهذا هو
الإختلاف التناحر بعينه . كما ليس لمصلحتها أن ترى الدولة ومؤسساتها ,
قوية وذات نفوذ وسلطة وتؤدي مهامها , لأنها تؤثر على مستقبلها .
وثانياً أجندات الأجنبي والإرتماء بأحضانه بلا خجل أو حياء !.
والوقاحة كل الوقاحة اندفاع الزعامات والقيادات السياسية , جريا ً على
العادة المتبعة بعد كل فاجعة وكارثة ( كفاجعة الكرادة ) بالعنتريات
والمهاترات ظنا ً منها أنها إدانات واستنكارات , وترتفع عقيرتها
الوطنية المزيفة , لترمي اللوم والتقصير على هذا وذاك , لتخفي عوراتها
وخيانتها وتواطؤها وتقاعسها . وتكشف للجميع وبشكل مفضوح مدى شعورها
باللذة وهي ترى مسلسل اهراق الدم اليومي !.
ــ " هل لديكم مخاوف من وقوع فتن طائفية في العراق ؟ " .
سؤال صحيفة نيويورك تايمز , لمكتب سماحة السيد السيستاني عام 2004 م ,
واجاب سماحته : " لا مخاوف من هذا القبيل إذا لم تتدخل أطراف أجنبية
في شؤون العراق ! " .
ــ " إنّ السياسيين الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية يتحمّلون
معظم المسؤولية عمّا آلت إليه الامور، فإنّ كثيراً منهم لم يراعوا
المصالح العامّة للشعب العراقي بل اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية
والطائفية والعرقية " / جواب رقم (5) لأسئلة الصحافة الفرنسية ــ في
20/ 8 /2015 م .
ــ " إن القيادات السياسية امام مسؤولية تاريخية ووطنية وشرعية كبيرة
, وهذا يقتضي ترك الاختلافات والتناحر خلال هذه الفترة العصيبة،
وتوحيد موقفها وكلمتها ، ودعمها واسنادها للقوات المسلحة .. " ./ خطبة
جمعة اعلان الجهاد الكفائي في 13/6/2014م .
ــ " إن دعوة المرجعية الدينية إنما كانت للانخراط في القوات الأمنية
الرسمية , وليس لتشكيل ميليشيات مسلّحة خارج أطار القانون , فإن
موقفها المبدئي من ضرورة حصر السلاح بيد الحكومة واضح ومنذ سقوط
النظام السابق , فلا يتوهم احد إنها تؤيد أي تنظيم مسلح غير مرخّص به
بموجب القانون.. " . / خطبة جمعة 20/6/2014م .