لا تبقوا لاهل هذا البيت باقيه (1) تحالف بنو اميه وقريش واليهود يسعى لاستئصال بني هاشم والقضاء على الاسلام

2020/10/17

 

 

 تحالف بنو اميه وقريش واليهود يسعى لاستئصال بني هاشم والقضاء على الاسلام

 

 الباب الاول

 

الفصل الاول - اليهود والنصارى يعرفون محمدا (ص) كما يعرفون ابنائهم

الفصل الثاني - الحسد يقود الى الخطيئه

الفصل الثالث - هاشم بن عبد مناف وأميه

الفصل الرابع- عبد المطلب بن هاشم وحرب بن اميه

الفصل الخامس - محاولات قريش وبنو أميه واليهود قتل محمد (ص)

 

 

الفصل الاول

 

اليهود والنصارى يعرفون محمدا ( صلى الله عليه واله) كما يعرفون أبنائهم

 

 روى أحمد بن حنبل بإسناده عن رسول الله (صلى الله عليه واله ) أنه قال:

 كنت أنا و علي نورا بين يدي الرحمن قبل أن يخلق عرشه بأربعة عشر ألف عام

 وقال الحمويني في فرائد السمطين (1)

عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

خلقت انا وعلي بن أبي طالب من نور عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل ان يخلق الله عز وجل آدم بأربعة عشر الف سنة، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين بجعل النصف في صلب أبي عبد الله وجعل النصف في صلب عمي أبي طالب، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الآخر، واشتق الله تعالى لنا من أسمائه، فالله عز وجل المحمود وانا محمد، والله الاعلى وأخي علي، والله الفاطر وابنتي فاطمة، والله محسن وابناي الحسن والحسين، وكان اسمي في الرسالة والنبوة وكان اسمه في الخلافة والشجاعة فانا رسول الله وعلي سيف الله.

نور محمد ينتقل مِن صُلبٍ إِلَي صُلبٍ فِي أَصلَابِ الطّاهِرِينَ وَ أَرحَامِ المُطَهّرَاتِ حَتّي انتَهَى إِلَي صُلبِ عَبدِ الله

عَن أَبِي ذَرّ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ :

سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ (صلى الله عليه واله) وَ هُوَ يَقُولُ خُلِقتُ أَنَا وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ مِن نُورٍ وَاحِدٍ نُسَبّحُ اللّهَ يَمنَةَ العَرشِ قَبلَ أَن خَلَقَ آدَمَ بأِلَفيَ‌ عَامٍ فَلَمّا أَن خَلَقَ اللّهُ آدَمَ (عليه السلام )جَعَلَ ذَلِكَ النّورَ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد سَكَنَ الجَنّةَ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد هَمّ بِالخَطِيئَةِ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد رَكِبَ نُوحٌ (عليه السلام) السّفِينَةَ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد قُذِفَ اِبرَاهِيمُ (عليه السلام ) فِي النّارِ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ فَلَم يَزَل يَنقُلُنَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن أَصلَابٍ طَاهِرَةٍ إِلَي أَرحَامٍ طَاهِرَةٍ حَتّي انتَهَي بِنَا إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ فَقَسَمَنَا بِنِصفَينِ فجَعَلَنَيِ‌ فِي صُلبِ عَبدِ اللّهِ وَ جَعَلَ عَلِيّاً فِي صُلبِ أَبِي طَالِبٍ وَ جَعَلَ فِيّ النّبُوّةَ وَ البَرَكَةَ وَ جَعَلَ فِي عَلِيّ الفَصَاحَةَ وَ الفُرُوسِيّةَ وَ شَقّ لَنَا اسمَينِ مِن أَسمَائِهِ فَذُو العَرشِ مَحمُودٌ وَ أَنَا مُحَمّدٌ وَ اللّهُ الأَعلَي وَ هَذَا عَلِيّ (2)

عَن أَبِي الجَارُودِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ (عليه السلام )عَن قَولِهِ عَزّ وَ جَل:

 (وَ تَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ)   

قَالَ يَرَي تَقَلّبَهُ فِي أَصلَابِ النّبِيّينَ مِن نبَيِ‌ّ إِلَي نبَيِ‌ّ حَتّي أَخرَجَهُ مِن صُلبِ أَبِيهِ مِن نِكَاحٍ غَيرِ سِفَاحٍ مِن لَدُن آدَمَ (عليه السلام )

 إن الله أخذ ميثاق نبيه (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء أن يؤمنوا به و ينصروه و يخبروا أممهم بخبره

قال تعالى:

(وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ ) (ال عمران 81 )

ومعنى ذلك  إن الله أخذ ميثاق نبيه (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء أن يؤمنوا به و ينصروه و يخبروا أممهم بخبره واتباعه عند ظهوره

(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ )

     ذكرالقرآن الكريم ان أهل الكتاب يعرفون محمدا (صلى الله عليه واله)  في كتبهم السابقة، باسمه وصفته وهيئته كما يعرفون أبناءهم

 قال تعالى:

(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )( البقره 146)

 كما يجدون إسمه مذكورا في كتبهم قال تعالى:

 (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)(ال عمران 157)

 وقد بين الحق سبحانه وتعالى أن أهل الكتاب يعلمون حق اليقين نبوة محمد (صلى الله عليه واله) وصدق دعوته قال تعالى:

(وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )(البقره 146)

 وأعلن عيسى بن مريم (عليه السلام ) إسم محمد

(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بني  إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)(الصف6)

وقد أخبر القرآن الكريم أن هناك من آمن به من أهل الكتاب فقال:

 (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (القصص 52-53) 53

 وقال ابن إسحاق:

حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:

 أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله( صلى الله عليه واله) قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه ، فقال معاذ بن جبل، وبشر بن البراء بن معرور، وداود بن سلمة:

 يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد (صلى الله عليه واله) ونحن أهل شرك، وتخبرونا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته ، فقال سلام بن مشكم، أخو بني النضير: ما جاءنا شيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم )

 فأنزل الله تعالى:( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين)  ( البقره 89 )

نبّوة محمد (صلى الله عليه واله ) في الكتب السماوية

1-  سفر التثنية

جاء في سفر التثنية في الإصحاح الثالث والثلاثين:

(جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سَعير، وتلأْلأ من جبال فَارَان، وأتى من ربْوات القدس، وعن يمينه نار شريعة لهم )

: قال د. فاضل السامرائي

 ( وهذا النص ينطبق تماما على سيدنا محمد، فقد ذكرت هذه البشارة مواطن الرسالات الثلاث، فقد ذكرت (سيناء): وهو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى، و(ساعير ) في أرض الخليل، وهو موطن عيسى، و(فاران) وهي مكة كما هو معلوم من كتب اللغة، وكتب أهل الكتاب ) (3) 

 فذكر النص أن الرب سبحانه وتعالى استعلن من جبل فاران أي من جبل مكة، وهذا ما حصل فقد نزل الوحي على سيدنا محمد في أعلى جبال فاران، وهو جبل حرا فيه غار، وفاران باتفاق أهل العلم هي مكة

2-  سفر أشعيا

  وجاء في سفر (أشعيا) في الإصحاح الحادي والعشرين:

 ( 13 وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين 14 هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء، وافوا الهارب بخبزه 15 فإنهم من إمام السيوف قد هربوا، ومن أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة، ومن أمام شدة الحرب 16 فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قَيْدَار وبقية عدد قسي إبطال بني قيدار؛ لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم)

هذا النص فيه دلالة صريحة على نبوة محمد (صلى الله عليه واله) فقد نزل الوحي على محمد في الوعر في بلاد العرب في غار حراء وهو جبل وعر ولم ينزل في السهل (4) 

 وقوله:

(فإنهم من أمام السيوف قد هربوا، من أمام السيف المسلول، ومن  أمام القوس المشدودة ومن أمام شدة الحرب)

 ينطبق على محمد الله عليه وسلم فقد اجتمع عليه رجال من قريش لقتله (صلى الله عليه واله) فأنجاه الله منهم، وقد حاربته قريش حربا شديدة لا هوادة فيها مدة ثلاثة عشر عاما

ثم أشار هذا النص إلى وقعة بدر التي وقعت بعد سنة واحدة من الهجرة وذكر انتصار الرسول (صلى الله عليه واله ) فيها قال النص: « فإنه هكذا قال لي السيد مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل (5)

 وهذا الذي حصل فإنه بعد سنة كسنة الأجير انتصر (صلى الله عليه واله ) وجبابرة قيدار قد هلكو

وبنو قيدار هم العرب ـ كما هو معلوم ـ فإن قيدار هو ابن إسماعيل

   3- إنجيل يوحنا

جاء في إنجيل يوحنا في الإصحاح الرابع عشر 26 قول عيسى عليه السلام:

 (والفَارْقلِيط روح القدس الذي يرسله الأب باسمي هو يعلمكم كل شيء ويذكركم كل ما قلته لكم )

 وجاء في الأجوبة الفاخرة:

(والفارقليط عند النصارى الحماد، وقيل الحامد، وجمهورهم أنه المخلص، ونبينا (صلى الله عليه واله) مخلص الناس من الكفر ) (6)

 والوصف بالحمد  ينطبق تماما على سيدنا محمد (صلى الله عليه واله )، فمن أسمائه : محمد، وأحمد، كما جاء في الحديث قال النبي  لي خمسة أسماء:

(أنا محمَّدٌ، وأحمدُ، وأنا المَاحِي الذي يمحو الله به الكفر، وأنا الحَاشِر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العَاقِب )

أي الذي يمحو الكفر ويعفي آثاره. (7)

  4 - أنجيل برنابا

 جاء في الإصحاح 39 :14 من هذا الإنجيل:

(فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصها: لا إله إلا الله محمد رسول الله )

 وجاء في الإصحاح الحادي والأربعين 29:

(فاحتجب الله وطردهما الملاك ميخائيل من الفردوس 30: فلما التفت آدم رأى مكتوبا فوق الباب: لا إله إلا الله محمد رسول الله )

 وفي الإصحاح الرابع والخمسين يتكلم على يوم الحشر إلى أن يقول:

 ( ثم يجيئ الله بعد ذلك سائر الأصفياء الذين يصرخون: اذكرنا يا محمد )

  وفي 97: 14: ( أجاب يسوع أن اسم مسيا عجيب) إلى أن يقول: ( قال الله: اصبر يا محمد…17 أن اسمه المبارك محمد

  وفي 17 :112: (ولكني متى جاء محمد رسول الله المقدس تزال عني هذه الوصمة

   وفي 163: (أجاب التلاميذ: يا معلم من عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه الذي سيأتي إلى العالم؟: أجاب يسوع بابتهاج قلب: إنه محمد رسول الله )

اليهود يتوسلون الله بالنبي محمد (ص) قبل نبوته

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تعالى أخبر رسوله بما كان من إيمان اليهود بمحمد (صلى الله عليه وعلى اله) قبل ظهوره، ومن استفتاحهم على أعدائهم بذكره،

قال (عليه السلام): ” و كان الله عز و جل أمر اليهود في أيام موسى (عليه السلام) و بعده إذا دهمهم أمر، أو دهتهم داهية أن يدعوا الله عز و جل بمحمد و آله الطيبين، و أن يستنصروا بهم، و كانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد (صلى الله عليه وعلى اله) بسنين كثيرة يفعلون ذلك، فيكفيهم الله البلاء و الدهماء و الداهية

ثلثمائه يهودي ينتصرون على ثلاثه الاف بمحمد وال محمد(صلى الله عليه و اله)

وفي تفسير الامام العسكري (ص 393  )يقول:

 و كانت اليهود قبل ظهور محمد( صلى الله عليه وعلى اله) بعشر سنين تعادي أسد و غطفان- قوم من المشركين- و يقصدون أذاهم، فكانوا يستدفعون شرورهم و بلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد و آله الطيبين، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد و غطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود و هم ثلاثمائة فارس، و دعوا الله بمحمد و آله فهزموهم

فقالت أسد و غطفان بعضهما لبعضهم: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل فاستعانوا عليهم بالقبائل و أكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، و قصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم، فألجئوهم إلى بيوتها، و قطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، و منعوا عنهم الطعام، و استأمن اليهود فلم يأمنوهم، و قالوا: لا، إلا أن نقتلكم و نسبيكم و ننهبكم

فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع؟

 فقال لهم ذوو الرأي منهم: أما أمر موسى أسلافكم و من بعدهم بالاستنصار بمحمد و آله الطيبين؟

أما أمركم بالابتهال إلى الله عز و جل عند الشدائد بهم ؟ قالوا: بلى

 قالوا: فافعلوا

فقالوا: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما سقيتنا، فقد قطع الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا، و تماوت ولداننا، و أشرفنا على الهلكة فبعث الله تعالى لهم وابلا ، ملأ حياضهم و آبارهم و أنهارهم وأوعيتهم و ظروفهم،

 فقالوا: هذه إحدى الحسنيين ثم أشرفوا من سطوحهم على العساكر المحيطة بهم، فإذا المطر قد آذاهم غاية الأذى، و أفسد أمتعتهم و أسلحتهم و أموالهم، فانصرف عنهم لذلك بعضهم، لأن ذلك المطر أتاهم في غير أوانه، في حمارة القيظ، حين لا يكون مطر

فقال الباقون من العساكر: هبكم سقيتم، فمن أين تأكلون؟ و لئن انصرف عنكم هؤلاء، فلسنا ننصرف حتى نقهركم على أنفسكم و عيالاتكم، و أهاليكم و أموالكم، و نشفي غيظنا منكم

فقالت اليهود: إن الذي سقانا بدعائنا بمحمد و آله قادر على أن يطعمنا، و إن الذي صرف عنا من صرفه، قادر على أن يصرف عنا الباقين

ثم دعوا الله بمحمد و آله أن يطعمهم، فجاءت قافلة عظيمة من قوافل الطعام قدر ألفي جمل و بغل و حمار محمله حنطة و دقيقا، و هم لا يشعرون بالعساكر، فانتهوا إليهم و هم نيام، و لم يشعروا بهم، لأن الله تعالى ثقل نومهم حتى دخلوا القرية، و لم يمنعوهم، و طرحوا أمتعتهم و باعوها منهم فانصرفوا و بعدوا، و تركوا العساكر نائمة ، فلما بعدوا انتبهوا، و نابذوا اليهود الحرب، و جعل يقول بعضهم لبعض: إن هؤلاء اشتد بهم الجوع و سيذلون لنا

قال لهم اليهود: هيهات، بل قد أطعمنا ربنا و كنتم نياما، جاءنا من الطعام كذا و كذا، و لو أردنا قتالكم في حال نومكم لتهيأ لنا، و لكنا كرهنا البغي عليكم، فانصرفوا عنا، و إلا دعونا عليكم بمحمد و آله، و استنصرنا بهم أن يخزيكم

فأبوا إلا طغيانا، فدعوا الله تعالى بمحمد و آله و استنصروا بهم، ثم برز الثلاثمائة إلى ثلاثين ألفا، فقتلوا منهم و أسروا واستوثقوا منهم بأسرائهم، فكان لا ينالهم مكروه من جهتهم، لخوفهم على من لهم في أيدي اليهود

 

المصادر

(1) الحمويني في فرائد السمطين ط النجف ص ٢٩ وفي ط بيروت ج ١ ص ٤١، باسناده

( كما أورد الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ ص ٧٠٥. والگنجي الشافعي في كفاية الطالب ط النجف ص 314 و 315. والرياض النضرة ج 2 ص 164، والقندوزي في ينابيع المودة، ص 10)

 (2) (معاني الاخبار)

(3) ( نبوة محمد من الشك إلى اليقين(ص: 257)

(4) (  نبوة محمد من الشك إلى اليقين(ص: 261)  

(5) (  نبوة محمد من الشك إلى اليقين(ص: 261)

 (6) ( الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة: لشهاب الدين أحمد بن إدريس المالكي القرافي(ص: 424)  

 (7) (غريب الحديث لأبي عبيد 4 /305)

 

 

الفصل الثاني

 

بنو اميه واليهود وقريش والنصارى يحسدون محمدا على النبوه

الحسد  يقود الى الخطيئه

 

دعونا نلقي نظره على الحسد وكيف فعل فعله في الامم السابقه والنتائج الكارثيه التي تسبب بها

فما هو الحسد ؟

الحسَد: هو أن يرى الإنسان لأخيه نعمةً، فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه

اسباب او نتائج الحسد

النقاط التاليه هي أهم اسباب الحسد وقد ينشا الحسد من واحده او اكثر من هذه الاسباب وقد تكون بعض هذه النقاط  ناتجه عن الحسد على راي الغزالي في كتاب احياء علوم الدين 

 أولا - العداوة والبغضاء

وهذه أشد أسباب الحسَد؛ فإن مَن آذاه شخص بسببٍ من الأسباب، وخالفه في أمرٍ ما بوجهٍ من الوجوه، أبغَضه قلبُه، وغضب عليه، ورسخ في نفسه الحقدُ، والحقد يقتضي منه التشفِّيَ والانتقام

وقد تكون العداوه والبغضاء من نتائج الحسد الذي حدث بفعل سبب اخر كالكبر والعصبيه العنصريه كما حدث لابليس حين تكبر وظن أن أصله من النار والنارأفضل من الطين فتكبر وحسد ادم وعصى الله ونصب العداوه والبغضاء لادم وبنيه الى يومنا هذا

 (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) [الإسراء: 63]

 (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(الحجر 39)

وقد تكون العداوه ناتج عن حسد حدث بسبب حب الرئاسه مثلا او خبث النفس وسوء الاصل والمنبت مثلما حصل لبني أميه مع بني هاشم حيث ناصب بنو اميه بني هاشم العداوه الى يومنا هذا وسالت بسبب ذلك الحسد الدماء الغزيره 

  ثانيا – التعزُّز والترفُّع

وهو أن يثقُلَ على الشخص أن يتقدم عليه غيرُه، فإذا أصاب أحدُ زملائه أو أقرانه مالًا أو منصبًا أو علمًا أو كرامه من الله حسده وتمنى زوال ذلك منه وهو ماتصفه الايه الكريمه

وقال سبحانه:

﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]

عن أبي جعفر (عليه السلام)، في تفسير قوله تبارك و تعالى:

{ أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ }: فنحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون الخلق جميعا

ثالثا – التكبُّر

ظن ابليس ان النار افضل من الطين وانه افضل من ادم فاصله من نار وأصل أدم من طين لذلك أحس التكبر في نفسه فحسد ادم  وعصى امر الله سبحانه وتعالى

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا)  الاسراء 61

 رابعا – التعجب والعجب    

ان بعض الناس يرى غيرَه في نعمة، فيندهش ويتعجب كيف حصل عليها هذا الشخص، وهو مثله، أو انه أحق بها منه؟ فعند ذلك يقع في الحسَد؛ لتزول هذه النعمة عن الغير

قال تعالى:

(إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴿ ١٤ ﴾ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿ ١٥ ﴾ [يس: 15]،

 وقال تعالى :

 ﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 47]

في هذه الآيات المباركة تعجَّبَ المشركون أن يفوز بشرٌ مثلُهم برتبة الرسالة  فحسَدوهم، وتمنَّوْا زوالَ النبوة والرساله عنهم

 خامسا – الخوف من فَوْتِ المقاصد

هذا مِن أكثر أسباب الحسَد وقوعًا، وأوسعها انتشارًا، وهذا يقع بين أصحاب المهنة الواحدة؛ فالطبيب يزاحم طبيبًا غيره؛ حتى يحصل على شهرة أكبر مِن صاحبه، وهكذا بين العلماء والفلاحين والمدرسين والمهندسين وغيرهم، وكذلك الإخوة يتحاسدون من أجل نيل المنزلة العالية في قلوب الأبوَينِ،

وحسد اخوه يوسف اخاهم لما رأوا ان اباهم يهتم به اكثر منهم لموت امه

 قال تعالى:

(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ﴿ يوسف ٥ ﴾

 سادسا – حب الرياسة وطلب الجاه مِن أسباب الحسَد

وهذا الذي منَع كثيرًا من صناديد قريش أن يؤمنوا برسالة النبي صلى الله عليه واله وسلم؛

   قال تعالى:

﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]،

حسدت قريش النبي (ص) على نبوته وتمنت النبوه لعروه بن مسعود الثقفي بدلا عن محمد (ص) والقريتين المقصودتين هما مكه والطائف

عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير الايه السابقه قال: " أنه عروة بن مسعود الثقفي، 

ولقد امتنع كثير من اليهود عن الإيمان بالنبي (ص) خشيةَ أن يفقدوا رياستهم، وكذلك هرقل ملك الروم، الذي أيقن نبوة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ولكنه لم يؤمن به خشيةَ أن يفقد رياسته على الروم

 سابعا – خُبْث النفس وسوء المنبت

كان تبني العبيد في الجاهليه شائعا وبالتبني تساوي الجاهليه بين العبد وبين الولد الشرعي ذو الشرف الرفيع والمكانه العاليه

 وبذلك يطمح العبد ان يساويه بالرفعه والسمو ولكنه يعجز لفساد في طبعه سيما اذا كان من ابناء الزنا وذوات الرايات والعهر وهذه مهن تخلق الشر في النفوس وتبعث على الحسد وهذا ماحدث مع اميه العبد الذي تبناه عبد شمس ومع بني اميه عموما ذو المنبت السئ وابناء الزنا وذوات الرايات

كل هؤلاء يملكون نفوسا تميل بطبعها الى الحسد والخسه تحسد كل شريف ساد باخلاقه واصله او تكريم الله له وقد أضمر أميه وبنو أميه حسدا وحقدا رهيبا على بني هاشم

ابليس اول الحاسدين

عبد ابليس ربه اكثر من سبعه الاف سنه حتى ظن الملائكه انه منهم وحين خلق الله أدم أمر ابليس بالسجود له

  قال تعالى:

 (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11)‏ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12)    الاعراف

تحركت العصبيه العنصريه  والكبر في نفس ابليس فقادته الى الحسد فقال أنا خير من أدم خلقتني من نار وخلقته من طين

وقال تعالى :

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿ ٣٤ ﴾ البقره

(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴿ ١١ ﴾ الاعراف

والحسد قاد ابليس الى عصيان امر الله والى أن يضمر العداء لادم وذريته الى يوم القيامه

قال تعالى:

 (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿ ١٦ ﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿ ١٧ ﴾ (الاعراف)

وقال :

قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا(الاسراء 62)

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:

(إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَسَداً لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي تَغْشَاهُ )

قابيل يحسد اخاه فيقتله

 قال تعالى:

 (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿ ٢٧ ﴾ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿ ٢٨ ﴾ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿ ٢٩ ﴾ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿ ٣٠ ﴾المائده

ويقول السيد هاشم الحسيني البحراني في البرهان في تفسير القرآن

عن سليمان بن خالد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)

جعلت فداك، فيم قتل قابيل هابيل؟

فقال: في الوصية

ثم قال لي: يا سليمان، إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية و اسم الله الأعظم إلى هابيل، و كان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل فغضب، فقال: أنا أولى بالكرامة و الوصية

 فأمرهما أن يقربا قربانا بوحي من الله إليه، ففعلا، فقبل الله قربان هابيل، فحسده قابيل، فقتله

اخوه يوسف يحسدون اخيهم فيرمونه في الجب

قال تعالى :

(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴿ 4 ) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿ يوسف 5)

وحدث ماتوقعه يعقوب (ع) فكاد اخوه يوسف له وحاولوا قتله

(إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿ ٨ ﴾ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴿ ٩ ﴾ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿ ١٠ ﴾

استعر الحسد في قلب اخوه يوسف من حب ابيهم له فكادوا له ورموه في الجب ليموت هناك

اليهود والنصارى يحسدون رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم

قال تعالى

(إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿ ٥٦ ﴾غافر

يقول الزمخشري في الكشاف

{ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } إلا تكبر وتعظم، وهو إرادة التقدّم والرياسة، وأن لا يكون أحد فوقهم، ولذلك عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدّمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك، لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة. أو إرادة أن تكون لهم النبوّة دونك حسداً وبغياً

قال تعالى : (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿ ١٠٥ ﴾البقره

قال البيضاوي في انوار التنزيل

وفسر الخير بالوحي. والمعنى أنهم يحسدونكم به وما يحبون أن ينزل عليكم شيء منه { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء }

وقال علي بن ابي طالب (عليه السلام) ان المقصود بالرحمه هنا هي نبوه محمد (صلى الله عليه وعلى اله وسلم)

وقال الله تعالى:

﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [البقرة: 109]

قال الإمام الحسن بن علي العسكري أبو القائم (عليهما السلام)، في قوله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً }. " بما يوردونه عليكم من الشبهة { حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } لكم، بأن أكرمكم الله بمحمد و علي و آلهما الطيبين { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ } المعجزات الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه و آله وسلم)، و فضل علي (عليه السلام) و آلهما

وقال سبحانه :

 ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]

عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)

{ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَاٰبَ } فهو النبوة { وَٱلْحِكْمَةَ } فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة، و أما الملك العظيم، فهو الأئمة الهداة من الصفوة

والمقصود ان الله انعم على محمد (صلى الله وسلم عليه وعلى اله) بالنبوه وعلى علي (عليه السلام) بالامامه  وعلى الائمه الهداه من بعده بالملك العظيم اي الطاعه المفروضه

اليهود والنصارى يعرفون محمدا صلى الله عليه واله تمام المعرفه وتنكروا لهم حسدا

اليهود والنصاري يعرفون محمدا صلى الله عليه واله وسلم باسمه ويتوسلون به قبل نبوته تمنيا أن يكون منهم ولما بعث الله محمد من بني هاشم حسدوه وانكروه

يقول الله عز و جل: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } يعرفون محمدا في التوراة و الإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * }

 اولا : تدل الايه على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً صلى الله عليه واله وسلم كما يعرفون أبناءهم

وهذه المعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة الآية الكريمة

ثانيا : تصريح بعض أهل الكتاب باسمه فيما كانوا يبشرون به من خروج نبي آخر الزمان ، فقد كان بعض العرب قد سمى ابنه محمدا طمعا في أن يكون النبي المنتظر لما سمعوه من التبشير بخروجه

كما ان بعض اليهود سموا ابنائهم محمدا متمنين ان تكون النبوه فيه ومن هؤلاء محمد بن مسلمه

فأهل الكتاب يجدون ذكر نبوة محمد صلى الله عليه واله وسلم في كتبهم التوراة والإنجيل

قال تعالى :

 {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }[ سورة الصف الآية :6]

وقال تعالى:

وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ(89)البقره

قال الإمام العسكري (ع):

 ” ذم الله اليهود، فقال: { وَلَمَّا جَآءَهُمْ } يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم، و إخوانهم من اليهود، جاءهم { كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } القرآن { مُصَدِّقٌ } ذلك الكتاب لِما مَعَهُمْ من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل، المؤيد بخير خلق الله بعده: علي ولي الله { وَكَانُواْ } يعني هؤلاء اليهود { مِن قَبْلُ } ظهور محمد (صلى الله عليه و آله) بالرسالة { يَسْتَفْتِحُونَ } يسألون الله الفتح و الظفر { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أعدائهم و المناوئين لهم، و كان الله يفتح لهم و ينصرهم

قال الله عز و جل: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ } جاء هؤلاء اليهود ما { عَرَفُواْ } من نعت محمد (صلى الله عليه و آله) و صفته { كَفَرُواْ بِهِ } جحدوا نبوته حسدا له، و بغيا عليه، قال الله عز و جل: { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

قريش وبنو اميه يحسدون بني هاشم على النبوه والامامه

 قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] دَعَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الْأَقْرَبِينَ، فَضِقْتُ ذَرْعًا وَعَلِمْتُ أَنِّي مَتَى أُبَادِرُهُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ أَرَ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَنِي جِبْرَائِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِلَّا تَفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ بِهِ يُعَذِّبْكَ رَبُّكَ. فَاصْنَعْ لَنَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِ رِجْلَ شَاةٍ، وَامْلَأْ لَنَا عُسًّا مِنْ لَبَنٍ، وَاجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أُكَلِّمَهُمْ وَأُبَلِّغَهُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ. فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ

فَأَكَلُوا، وَسَقَيْتُهُمْ ذَلِكَ الْعُسَّ، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا جَمِيعًا وَشَبِعُوا، ثُمَّ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَقَالَ: " يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ شَابًّا فِي الْعَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا قَدْ جِئْتُكُمْ بِهِ، قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخِي وَوَصِيَّتِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ عَنْهَا جَمِيعًا، وَقُلْتُ - وَإِنِّي لَأَحْدَثُهُمْ سِنًّا، وَأَرْمَصُهُمْ عَيْنًا، وَأَعْظَمُهُمْ بَطْنًا وَأَحْمَشُهُمْ سَاقًا: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عَلَيْهِ. فَأَخَذَ بِرَقَبَتِي ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا أَخِي وَوَصِيِّي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. قَالَ فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ فَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكَ وَتُطِيعَ (1)

سمعت قريش بنبا حديث الدار ووعته جيدا فالنبوه ستكون في بني هاشم والامامه و الخلافه من بعده لعلي اي لبني هاشم ايضا وانهم لانصيب لهم بذلك فاستعرت نار الحسد والحقد في قلوبهم

يقول احمد حسن يعقوب في كتابه المواجهه مع رسول الله

وهكذا برأى البطون (يعني بطون قريش) ينال الهاشميون شرف النبوه وشرف الملك معا، وتحرم من هذين الشرفين كافه بطون قريش، وفى ذلك اجحاف بحق البطون على حد تعبير عمر بن الخطاب

اعترضت قريش على رب العالمين كما اعترض ابليس على ربه

يورد لنا ابن الاثير في الكامل في التاريخ 3/24 محاوره ابن عباس مع عمر بن الخطاب في فتره خلافته وقد كشف عمرعن مكنونات قلبه وعن نوايا قريش حينها

قال عمر لابن عباس أثناء خلافته : يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ؟

قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت

إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدري فقال عمر

كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة و الخلافة ، فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا فاختارت قريش لأنفسها فأصابت و وفقت

قال : فقلت : يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام و تحط عني الغضب تكلمت ، قال : تكلم

قال ابن عباس فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين : اختارت لأنفسها فأصابت ووفقت فلو أن قريشا اختارت لأنفسها من حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود و لا محسود

و أما قولك : إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة و الخلافة فإن الله عز و جل وصف قوما بالكراهية فقال : ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم

فقال عمر : هيهات يا ابن العباس قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقرك عليها فتزيل منزلتك مني فقلت : يا أمير المؤمنين فإن كان حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك ، و إن كان باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه

فقال عمر

بلغني أنك تقول صرفوها عنا حسدا و بغيا و ظلما

قال ابن عباس : فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل و الحليم ، و أما قولك حسدا فإن آدم حُسد و نحن ولده المحسودون

فقال عمر : هيهات هيهات ، أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول

قال : فقلت يا أمير المؤمنين مهلا لا تصف بهذا قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا

ان بقاء الدين الجديد الذي اتى به محمد (صلى الله عليه واله )سيخلد ذكر محمد وال محمد من بني هاشم وعدم محو ذكرهم فهذا محمد يرفع اسمه في الاذان خمس مرات وهؤلاء اهل البيت لا تتم الصلاه الا بهم ولذلك وللقضاء على بني هاشم يجب القضاء على محمد وال محمد ودينهم دين محمد ( صلى الله عليه واله وسلم)

 حسد معاويه وحقده على لمحمد صلى الله عليه واله

قال في شرح النهج: 5 / 129: (وقد طعن كثير من أصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على تفسيقه، وقالوا عنه إنه كان ملحدا لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه، وسقطات ألفاظه، ما يدل على ذلك

روى الزبير بن بكار في الموفقيات، وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي عليه السلام والانحراف عنه  قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي على معاوية فكان أبى يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، ورأيته مغتما فانتظرته ساعة وظننت أنه لأمر حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بني، جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم! قلت: وما ذاك؟! قال: قلت له وقد خلوت به: إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات هيهات! أي ذكر أرجو بقاءه؟! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: أبو بكر! ثم ملك أخو عدي، فاجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر. وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله! فأي عمل لي يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله إلا دفنا دفنا

حسد ابو سفيان لمحمد صلى الله عليه واله

قال ابن عباس كنا في محفل فيه ابو سفيان فقال أبو سفيان وقد كف بصره وفينا علي (عليه السلام) فأذن المؤذن، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله قال أبو سفيان: ههنا من يحتشم؟ قال واحد من القوم: لا، فقال: لله در أخي بني هاشم، انظروا أين وضع اسمه؟ فقال علي (عليه السلام): أسخن الله عينك يا با سفيان، الله فعل ذلك بقوله عز من قائل: ورفعنا لك ذكرك

( ومعنى اسخن الله عينيك بمعنى ابكاك)

قريش تقول ..الموت ولا الاقرار بولايه علي عليه السلام

وفي تفسير فرات الكوفي ص 505

عن الحسين بن محمدالخارفي قال : سالت سـفـيان بن عيينة عن سال سائل , فيمن نزلت : قال  يا ابن اخي سالتني عن شي ما سالني عنه احد قـبـلك , لقد سالت جعفر بن محمد (ع ) عن مثل الذي سالتني عنه , فقال : اخبرني ابي عن جدي عن ابـيـه عـن ابن عباس (رض ) قال :لما كان يوم غدير خم , قام رسول اللّه (ص ) خطيبا فاوجز في خـطـبته , ثم دعا علي بن ابي طالب (ع ) فاخذ بضبعه ثم رفع بيده حتى رئي بياض ابطيهما وقال : الم ابلغكم الرسالة ؟ الم انصح لكم ؟ قالوا : اللهم نعم , فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه , وعـاد مـن عـاداه , وانصر من نصره واخذل من خذله ففشت في الناس فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري , فرحل راحلته ثم استوى عليها ورسول اللّه (صلى الله عليه واله ) اذ ذاك بمكة ـ حتى انتهى الى الابطح , فاناخ ناقته ثم عقلها ثم جاء الى النبي (صلى الله عليه واله ) فسلم فرد عليه النبي (صلى الله عليه واله ) فقال

يا محمد انك دعوتنا ان نقول لا اله الا اللّه فقلنا, ثم قلت صلوا فصلينا , ثم قلت صوموا فصمنا فاظمانا نهارنا واتعبنا ابداننا , ثم قلت حجوا فحججنا , ثم قلت اذا رزق احدكم ماتي درهم فليتصدق بخمسة كل سنة , ففعلنا

ثـم انك اقمت ابن عمك فجعلته علما وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم وال من والاه وعاد من عـاداه وانصر من نصره واخذل من خذله , افعنك ام عن اللّه ؟ قال : فنهض , وانه لمغضب وانه ليقول : اللهم ان كان ما قال محمد حقا فامطر علينا حجارة من السماء , تكون نقمة في اولنا وآية في آخرنا, وان كان ما قال محمد كذبا فانزل به نقمتك

ثـم اثـار نـاقته فحل عقالها ثم استوى عليها , فلما خرج من الابطح رماه اللّه تعالى بحجر من السماء فـسقط على راسه وخرج من دبره , وسقط ميتا فانزل اللّه فيه :    (سال سائل بعذاب واقع , للكافرين ليس له دافع , من اللّه ذي المعارج )

 

جمع الحسد بين قلوب الحاسدين الثلاثه قريش واليهود وبني اميه وشكلوا حلفا لمحاربه محمد وبني هاشم والقضاء عليه وعلى الدين الجديد وعلى بني هاشم

 

 

 

 

 

الفصل الثالث

 

 هاشم بن عبد مناف وأميه

 

انتقل نور رسول الله صلى الله عليه واله بالاصلاب والارحام  من نبي الى نبي حتى وصل الى هاشم

وكان اسمه عمروا العلى وكان نور محمد في وجهه وكان اذا اقبل تضئ منه الكعبه وتكتسي من نوره نورا شعشانيا ويرتفع من نور وجهه نور الى السماء (1)

 ودانت العرب لهاشم

فَتَعَجَّبَ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ وَ سَارَتْ إِلَيْهِ الرُّكْبَانِ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَ مَكَانَ وَ كَانَ هَاشِمٍ لَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَ لَا مَدَرٌ إِلَّا وَ يُنَادُونَهُ أَبْشِرْ يَا هَاشِمٍ فَإِنَّهُ سَيَظْهَرُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وَ أَشْرَفَ الْعَالَمِينَ

وَ كَانَ كُلِّ يَوْمَ يَمْضِي إِلَى الْكَعْبَةِ وَ يَطُوفُ بِهَا سَبْعاً وَ يَتَعَلَّقُ بأستارها وَ كَانَ هَاشِمٍ إِذَا قَصْدُهُ قَاصِدٍ أَكْرَمَهُ وَ كَانَ يُكْسِي الْكَعْبَةِ وَ يُكْسِي الْعُرْيَانِ وَ يُطْعِمُ الْجَوْعَانَ وَ يُفَرِّجُ عَنْ الْمُعْسِرِ وَ يُوفِي عَنْ الْمَدْيُونِ وَ مَنْ أُصِيبَ بِدَمِهِ يَرْفَعُهُ عَنْهُ وَ كَانَ بَابَهُ لَا يَنْغَلِقَ عَنْ صادر وَ لَا وَارِدٌ وَ إِذَا أَوْلَمَ وَلِيمَةٍ أَوْ أَطْعَمَ طَعَاماً وَ فَضْلِ مِنْهُ شَيْئاً أَمَرَ أَنْ يُرْمَى إِلَى الْوَحْشِ وَ الطَّيْرِ حَتَّى تُحَدِّثُوا بجوده فِي الْآفَاقِ وَ سيدوه أَهْلِ مَكَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ وَ شرفوه وَ عَظِّمُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ وَ السِّقَايَةَ وَ الْحِجَابَةِ وَ الرفادة وَ أُمُورِ النَّاسِ وَ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ قَوْسٍ إِسْمَاعِيلَ وَ قَمِيصٌ إِبْرَاهِيمَ وَ نَعْلٌ شَيْثٍ وَ خَاتَمِ نُوحٍ فَلَمَّا احْتَوَى عَلَى ذَلِكَ كُلُّهُ ظَهَرَ فَخِرْهُ وَ مَجِّدْهُ

 ودانت ملوك الارض لهاشم

ولما حضرت عبد مناف الوفاة أخذ العهد على هاشم أن يودع نور رسول الله (صلى الله عليه واله ) في الأرحام الزكية من النساء فقبل هاشم العهد و ألزمه نفسه و جعلت الملوك تتطاول إلى هاشم ليتزوج منهم و يبذلون إليه الأموال الجزيلة و هو يأبى عليهم

هاشم يرعى الحجيج ويطعمهم ويسقيهم

و كان يقوم بالحاج و يرعاهم و يتولى أمورهم و يكرمهم و لا ينصرفون إلا شاكرين   

و كان هاشم إذا أهل هلال ذي الحجة يأمر الناس بالاجتماع إلى الكعبة فإذا اجتمعوا قام خطيبا و يقول معاشر الناس إنكم جيران الله و جيران بيته و إنه سيأتيكم في هذا الموسم زوار بيت الله و هم أضياف الله و الأضياف هم أولى بالكرامة و قد خصكم الله تعالى بهم و أكرمكم و إنهم سيأتونكم شعثا غبرا من كل فج عميق و يقصدونكم من كل مكان سحيق فأقروهم و احموهم و أكرموهم يكرمكم الله تعالى و كانت قريش تخرج المال الكثير من أموالهم و كان هاشم ينصب أحواض الأديم و يجعل فيها ماء من ماء زمزم و يملي باقي الحياض من سائر الآبار بحيث تشرب الحاج و كان من عادته أنه يطعمهم قبل التروية بيوم و كان يحمل لهم الطعام إلى منى و عرفة و كان يثرد لهم اللحم و السمن و التمر و يسقيهم اللبن إلى ان تصدر الناس من منى ثم يقطع عنهم الضيافة

هاشم ينقذ قريش من الموت جوعا

أن قريشا كانوا إذا أصابت واحدا منهم مخمصة ، جرى هو وعياله إلى موضع معروف ، فضربوا على أنفسهم خباء فماتوا

 و كان هاشم بن عبد مناف سيد زمانه ، وله ابن يقال له أسد ، وكان له ترب من بني مخزوم ، يحبه ويلعب معه . فقال له : نحن غدا نعتفر ( اي يذهبون الى خباء ) ليموتوا به جوعا واحدا بعد واحد . قال : فدخل أسد  ابن هاشم على أمه يبكي ، وذكر ما قاله له صاحبه  . فأرسلت أم أسد إلى أولئك بشحم ودقيق ، فعاشوا به أياما . ثم إن صاحبه أتاه أيضا فقال : نحن غدا نعتفر ، فدخل أسد على أبيه يبكي ، وخبره خبر تربه ، فاشتد ذلك على هاشم ( عمرو بن عبد مناف) ، فقام خطيبا في قريش وكانوا يطيعون أمره ، فقال : إنكم أحدثتم حدثا تقلون فيه وتكثر العرب ، وتذلون وتعز العرب ، وأنتم أهل حرم الله جل وعز ، وأشرف ولد آدم ، والناس لكم تبع ، ويكاد هذا الاعتفار يأتي عليكم . فقالوا : نحن لك تبع . قال : ابتدئوا بهذا الرجل - يعني أبا ترب أسد - فأغنوه عن الاعتفار ، ففعلوا . ثم إنه نحر البدن ، وذبح الكباش والمعز ، ثم هشم الثريد ، وأطعم الناس ; فسمي هاشما . (2)

كان بعض العرب يعتقد ان هاشم هو النبي الموعود

ذكرأبو نعيم في (الدلائل) حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن زكرياء الغلابي، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي السوية المنقري، حدثنا عباد بن كسيب، عن أبيه، عن أبي عتوارة الخزاعي، عن سعير بن سوادة العامري قال:

كنت عشيقا لعقيلة من عقائل الحي، أركب لها الصعب والذلول، لا أبقي من البلاد مسرحا أرجو ربحا في متجر إلا أتيته، فانصرفت من الشام بحرث وأثاث أريد به كبة الموسم ودهماء العرب، فدخلت مكة بليل مسدف، فأقمت حتى تعرى عني قميص الليل، فرفعت رأسي فإذا قباب مسامته شعف الجبال مضروبة بأنطاع الطائف، وإذا جزر تنحر، وأخرى تساق، وإذا أكلة وحثثة على الطهاة يقولون: ألا عجلوا ألا عجلوا

وإذا رجل يجهر على نشز من الأرض ينادي: يا وفد الله ميلوا إلى الغداء، وأنيسان على مدرجة يقول: يا وفد الله من طعم فليرح إلى العشاء، فجهرني ما رأيت، فأقبلت أريد عميد القوم، فعرف رجل الذي بي فقال أمامك، وإذا شيخ كأن في خديه الأساريع، وكأن الشعرى توقد من جبينه، قد لاث على رأسه عمامة سوداء، قد أبرز من ملائها جمة فينانة كأنها سماسم

قال في بعض الروايات: تحته كرسي سماسم، ومن دونها نمرقة، بيده قضيب متخصر به، حوله مشايخ، جلس نواكس الأذقان ما منهم أحد يفيض بكلمة، وقد كان نمى إلى خبر من أخبار الشام أن النبي الأمي هذا أوان نجومه، فلما رأيته ظننته ذلك

فقلت: السلام عليك يا رسول الله. فقال: مه مه كلا، وكأن قد وليتني إياه

فقلت: من هذا الشيخ؟ فقالوا: هذا أبو نضلة، هذا هاشم بن عبد مناف، فوليت وأنا أقول

هذا والله المجد لا مجد آل جفنة - يعني ملوك عرب الشام من غسان كان يقال لهم آل جفنة - وهذه الوظيفة التي حكاها عن هاشم هي الرفادة: يعني إطعام الحجيج زمن الموسم (3)

هاشم يؤسس معاهدات سلام وأخوه مع شعوب وملوك العالم

اوجد هاشم مكانا لقريش بين الممالك والدول المجاوره و أبرم معاهدات سلام وإخوة مع ملوك الروم والفرس والأحباش وحكام اليمن ، وبذلك يكون قد بذر البذره الاولى للدوله العربيه في الجزيره العربيه وكان يتصرف وكانه رئيس دوله

رتب هاشم حراسة مكة

 قالوا إن هاشماً جعل على رؤساء القبائل ضرائب يؤدونها إليه ليحمي بها أهل مكة، فإن ذؤبان العرب وصعاليك الأحياء وأصحاب الغارات وطلاب الطوائل، كانوا لا يؤمنون على الحرم، لا سيما وناس من العرب كانوا لايرون للحرم حرمة، ولا للشهر الحرام قدراً، مثل طيئ وخثعم وقضاعة وبعض بلحارث بن كعب، وكيفما كان الإيلاف فإن هاشماً كان القائم به دون غيره من إخوته) (4)

هاشم يؤسس رحلتي الشتاء والصيف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴿ ١ ﴾ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿ ٢ ﴾ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ ﴿ ٣ ﴾ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿ ٤ ﴾

وَ قَدْ وَقَعَ بِمَكَّةَ ضِيقِ وَ جَدْبٍ وَ غَلَاءُ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَيْ‌ءٌ يزودون بِهِ الْحَاجُّ قَالَ فَبَعَثَ هَاشِمٍ أباعرا فَبَاعَهَا وَ اشْتَرَى بِثَمَنِهَا عَسَلًا وَ زَبِيباً وخبزا وَ سُمِّيَ هَاشِمٍ لِأَنَّهُ هَشَمَ الثَّرِيدِ لِقَوْمِهِ وَ لَمْ يُتْرَكُ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمٍ وَاحِدٍ بَلْ بَذَلَ ذَلِكَ لِلْحَاجِّ فَكَفَى ذَلِكَ الطَّعَامِ جَمِيعاً وَ صَدْرِ النَّاسِ يشكرونه فِي الْآفَاقِ وَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَ فِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرِ ‌

 

يَا أَيُّهَا الرَّجُلِ الْمَجْدِ رحيله‌ **هَلَّا مَرَرْتُ بِدَارٍ عَبْدِ مَنَافٍ‌

ثَكِلَتْكَ أُمِّكَ لَوْ مَرَرْتُ بِدَارِهِ‌** لَعَجِبْتَ مِنْ كَرْمٍ وَ مِنْ أَوْصَافِ‌

عَمْرِو الْعُلَا هَشَمَ الثَّرِيدِ لِقَوْمِهِ‌** وَ الْقَوْمِ فِيهَا مسنتون عجاف‌

بَسَطُوا إِلَيْكَ الرَّاحَتَيْنِ كِلَاهُمَا **عِنْدَ الشِّتَاءِ وَ رَحْلَةٍ الإيلاف‌

يقول الطبري في تفسيره

أن الذي سنّ الإِيلاف هو هاشم ، وهو المروي عن ابن عباس ، وذكر ابن العربي عن الهروي  أن أصحاب الإِيلاف هاشم ، وإخوته الثلاثة الآخرون عبدُ شمس ، والمطلب ، ونوفل

 وأن كان واحد منهم أخذ حبلاً ، أي عهداً من أحد الملوك الذين يمرون في تجارتهم على بلادهم وهم مَلِك الشام ، وملك الحَبشة ، وملك اليمن ، ومَلِك فارس ،

ثم جمع هاشم كل بني أب على رحلتين : في الشتاء إلى اليمن ، وفي الصيف إلى الشام للتجارات ، فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير ، حتى صار فقيرهم كغنيهم ; فجاء الإسلام وهم على هذا ، فلم يكن في العرب بنو أب أكثر مالا ولا أعز من قريش ، وهو قول شاعرهم

والخالطون فقيرهم بغنيهم **حتى يصير فقيرهم كالكافي

نار الحسد تشب في قلب اميه

منافره اميه لهاشم

أن هاشما كانت إليه الرفادة  مع السقاية وكان رجلا موسرا، وكان إذا حضر موسم الحج قام في قريش فقال: يا معشر قريس، إنكم جيران الله وأهل بيته، وإنكم يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته وهم ضيف الله وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، وقد خصكم الله بذلك فأكرموا ضيفه وزواره وأغنوهم وأعينوهم فكانت قريش ترافد على ذلك كل على قدره، فيضمه هاشم إلى ما أخرج من ماله ويكمل العجز، وكان يخرج مالا كثيرا في كل سنة. وكان يطعم هؤلاء الضيوف ويثرد لهم الخبز واللحم والسمن والسويق والتمر ويحمل لهم الماء حتى يتفرق الناس لبلادهم. وكان هاشم هذا يسمى عمرا وإنما قيل له هاشم لهشمه الثريد بمكة،

 وكان أمية بن عبد شمس ذا مال فتكلف أن يفعل كما فعل هاشم من إطعام قريش فعجز عن ذلك فشمت به ناس من قريش وعابوه فغضب ونافر  هاشما على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة وعلى جلاء عشر سنين وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي جد عمرو بن الحمق الخزاعي فقال الكاهن فيما قال :

والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر، وما اهتدى بعلم مسافر، من مخبر وغائر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منه وآخر، وأبو همهمة  بذلك خابر

فأخذ هاشم الإبل فنحرها، وأطعم لحمها من حضر وخرج أمية إلى الشام  منفيا فأقام به عشر سنين. فكان هذا أول عداوة وقعت بين بنى هاشم وبنى أمية

ولم يكن أمية في نفسه هناك، وإنما رفعه أبوه وبنوه، وكان مضعوفا وصاحب عهار )(5)

وكان اميه ديوثا زوج ابنه ابو عمرو من زوجته في حياته في فعله لم يفعلها احد من العرب غيره وسنتطرق لسيرته في الفصول القادمه بالتفصيل ان شاء الله

 هاشم  يتزوج من سلمى بنت عبدو النجار بامر من الله

و َبلَغَ خَبَرُهاشم إِلَى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وَ إِلَى قَيْصَرَ مَلَكٍ الرُّومِ فكاتبوه وَ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَنْ يَهْدُوا لَهُ بناتهم رَغْبَةً فِي النُّورِ الَّذِي فِي وَجْهِهِ وَ هُوَ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ (ص)لِأَنَّ كهانهم وَ رهبانهم أعلموهم بِأَنْ ذَلِكَ النُّورُ الَّذِي فِي وَجْهَهُ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ فَأَبَى هَاشِمٍ عَنْ ذَلِكَ وَ تَزَوَّجُ مِنْ نِسَاءِ قَوْمِهِ وَ رِزْقٍ مِنْهُمْ أَوْلَاداً وَ كَانَ أَوْلَادِهِ أَسَدٍ وَ نَضْرِ وَ عُرْوَةَ وَ أَمَّا الْبَنَاتِ فصفية وَ رُقَيَّةُ وَ خالدة وَ الشعثاء فَهَذِهِ جُمْلَةٍ الْإِنَاثِ وَ الذُّكُورِ وَ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَزَلْ فِي وَجْهَهُ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ كَبَّرَ لَدَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي وَ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ‌‌

‌ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَداً فِيهِ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ( ص ) فَأَخَذَهُ النُّعَاسُ فانضجع فَأَتَاهُ هَاتِفٌ يَقُولُ لَهُ عَلَيْكَ بسلمى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ فَإِنَّهَا طَاهِرَةً مَطْهَرَةٌ الأذيال فَخُذْهَا وَ ادْفَعْ لَهَا الْمَالِ الْجَزِيلَ فَلَمْ تَجِدْ لَهَا شِبْهَ فِي النَّاسِ فَإِنَّكَ تُرْزَقْ سَيِّداً يَكُونُ مِنْهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه واله ) قَالَ فَانْتَبَهَ هَاشِمٍ فَأُحْضِرَ بَنِي عَمِّهِ وَ أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِمَا رَأَى فِي مَنَامِهِ وَ بِمَا قَالَ الهاتف فَقَالَ أَخُوهُ الْمُطَّلِبِ يَا ابْنِ أُمِّي إِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي قَوْمِهَا كَبِيرَةً فِي نَفْسِهَا طَاهِرَةً مَطْهَرَةٌ وَ قَدْ كَمَلَتْ قدا وَ اعتدالا وَ هِيَ سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ

المطلب يخطب سلمى لاخيه هاشم

و سَارَ هاشم هُوَ وَ بَنُو عَمِّهِ طَالِبِينَ يَثْرِبَ وَ سَهْلِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ سَفَرِهِمْ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى يَثْرِبَ فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَيْهَا تَهَلَّلَ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي غُرَّةِ هَاشِمٍ حَتَّى دَخَلَ المراقد وَ الْبُيُوتِ قَالَ فَلَمَّا رأوهم أَهْلِ يَثْرِبَ بَادِرُوا إِلَيْهِمْ مسرعين وَ قَالُوا لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسِ فَمَا رَأَيْنَا أَحْسَنَ مِنْكُمْ جَمَالًا وَ لَا سِيَّمَا صَاحِبُ هَذَا النُّورِ السَّاطِعُ وَ الضِّيَاءِ اللَّامِعِ

فَقَالَ لَهُمْ الْمُطَّلِبِ نَحْنُ وَفْدُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ سُكَّانِ حَرَّمَ اللَّهُ وَ نَحْنُ بَنِي كَعْبٍ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَ هَذَا هَاشِمٍ وَ قَدْ خَطَبْتُ الْمُلُوكِ وَ الْأَكَابِرِ فَمَا رغبنا فِيهِمْ وَ رغبنا فِيكُمْ وَ فِي نِسَائِكُمْ وَ نُرِيدُ أَنْ ترشدونا عَلَى بَيْتِ عَمْرِو بْنِ أَسَدٍ فأرشدوهم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ مَرْحَباً بِكُمْ يَا أَرْبَابِ الْعُلَا وَ الْمَآثِرِ وَ الشَّرَفَ وَ الْمَفَاخِرِ سَادَاتِ الْكِرَامِ وَ مطعمين الطَّعَامِ وَ نِهَايَةَ الْجُودِ وَ الْإِكْرَامِ فَلَكُمْ عِنْدَنَا مَا تُحِبُّونَ وَ أَفْضَلُ مَا تَطْلُبُونَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي خَرَجْتُمْ لِأَجْلِهَا وَ جِئْتُمْ طَالِبِينَ لَهَا هِيَ ابْنَتِي وَ قُرَّةُ عَيْنِي غَيْرِ أَنَّهَا مَالِكَةً نَفْسِهَا

 (جمله اعتراضيه )

وهنا لا بد لنا ان نتساءل لماذا يخطب المطلب سلمى لهاشم ولا يحضر الخطبه  ( اخويه ) عبد شمس و نوفل وهم اكبر سنا من المطلب ..هذه ماسنتطرق اليه ان شاء الله في فصل (بنو اميه ليسوا من قريش وانما من عبيدهم )

والد سلمى يرحب بهاشم والمطلب ويولم لهم

رحب  عَمْرِو والد سلمى بضيوفه وَ سَبَقَ إِلَى قَوْمِهِ وَ نَحَرَ لَهُمْ الْإِبِلِ وَ صَنَعَ لَهُمْ الطَّعَامِ وَ خَرَجَتْ لَهُمْ الْعَبِيدِ الطَّعَامِ بالأجفان فَأَكَلَ الْقَوْمِ بِحَسَبِ الْكِفَايَةِ وَ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ إِلَّا وَ خَرَجَ يَنْظُرُ إِلَى هَاشِمٍ وَ إِلَى نُورٍ وَجْهَهُ وَ خَرَجُوا الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ وَ النَّاسِ متعجبين مِنْ ذَلِكَ النُّورِ

اليهود يتعرفون على هاشم

وَ خَرَجَ الْيَهُودِ فَلَمَّا نظروه وَ عَرَفُوهُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي فِي التَّوْرَاةِ وَ الْعَلَامَاتِ قَالَ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ كَبَّرَ لديهم وَ بَكَوْا بُكَاءً شَدِيداً فَقَالَ بَعْضِ الْيَهُودِ وَ كَانَ مِنْ أحبارهم مَا بُكَاؤُكُمْ؟

 قَالُوا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنَّهُ سَيَظْهَرُ مِنْ صُلْبَهُ غُلَامٌ يَكُونُ فِيهِ سَفْكِ دِمَائِكُمْ وَ قَدْ جَاءَكُمْ السَّفَّاكُ الهتاك الَّذِي تُقَاتِلْ مَعَهُ الْأَمْلَاكِ الْمَعْرُوفِ فِي كُتُبُكُمْ أَنْوَارِهِ قَدْ ابْتَدَرَتْ وَ عَلَامَاتِهِ قَدْ ظَهَرَتْ قَالَ فبكوا الْيَهُودِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ

اليهود يريدون قتل هاشم قبل ان يتزوج سلمى

 ثُمَّ التفتوا إِلَى الْقَائِلُ لِهَذَا الْكَلَامِ فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَانَا إِنْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ فَهَلْ نَصْلٍ إِلَى قَتَلَهُ وَ نكفى شَرَّهُ فَقَالَ لَهُمْ هَيْهَاتَ حِيلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ مَا تَشْتَهُونَ وَ عَجَزْتُمْ عَمَّا تَأْمَلُونَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْمَوْلُودُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَكُمْ تُقَاتِلْ مَعَهُ الْأَمْلَاكِ مِنْ الْهَوَاءِ وَ يُخَاطِبُ مِنْ السَّمَاءِ وَ يَقُولُ قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ فَقَالُوا هَذَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ فَقَالَ إِنَّهُ أَعَزُّ مِنْ الْوَلَدِ وَ أَكْرَمَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَشْرَفَ خَلَقَ اللَّهِ فَقَالُوا لَهُ أَيُّهَا السَّيِّدُ الْكَرِيمِ نَحْنُ نسعو فِي إِطْفَاءِ هَذَا الْمِصْبَاحِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَكَّنْ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٌ وَ أَظْهَرَ الْقَوْمِ الْعَدَاوَةَ وَ الْبَغْضَاءَ وَ كَانَ سَبَبُ عَدَاوَةً الْيَهُودِ لِرَسُولِ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ (6)

‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌تزوج هاشم سلمى بنت عبدو النجار

تَزَوَّجَ هَاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بسلمى بِنْتِ عَمْرِو النَّجَّارِ وَ انْتَقَلَ النُّورِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ فِي وَجْهِ سَلْمَى وَ زَادَهَا حَسَناً وَ جَمَالًا وَ بَهَاءُ وَ كَمَالًا وَ قدا وَ اعتدالا حَتَّى كَانَ النَّاسِ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ حُسْنِهَا وَ جَمَالَهَا وَ شاع فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ وَ كَانَتْ إِذَا مَشَتْ يهنئها الشَّجَرِ وَ الْمَدَرِ وَ الْحَجَرِ بِالتَّحِيَّةِ وَ الْإِكْرَامِ وَ تَسْمَعُ قَائِلًا يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا سَلْمَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خِيَرَةً النِّسْوَانِ

ثُمَّ إِنْ هَاشِمٍ أَقَامَ فِي الْمَدِينَةِ أَيَّاماً حَتَّى اشْتَدَّ حَمَلَ سَلْمَى َثم خَرَجَ إِلَى غُرَّةِ الشَّامِ

وصيه هاشم لزوجته سلمى وتحذيرها من اليهود

يا سَلْمَى إِنِّي أُوَدِّعَكَ الْوَدِيعَةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهِ تَعَالَى آدَمَ ثُمَّ أَوْدَعَهَا آدَمَ شَيْثٍ ثُمَّ أَوْدَعَهَا شَيْثٍ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ لَمْ يَزَالُوا يَتَوَارَثُونَهَا مِنْ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى أَنْ وَصَلَتْ إِلَيْنَا وَ قَدْ شَرَفِنَا اللَّهِ بِهَذَا النُّورِ وَ قَدْ أَوْدَعَهُ إِيَّاكَ وَ أَنَا آخُذُ عَلَيْكَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقَ بِأَنْ تَوَقِّيهِ وَ تحفظيه وَ إِنْ أَنْتَ أَتَيْتَ بِهِ وَ أَنَا غَائِبٌ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَقَةِ مِنْ الْعَيْنِ وَ الرُّوحُ بَيْنَ الْجَنْبَيْنِ وَ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى أَنْ لَا تَرَاهُ الْعُيُونِ فَافْعِلِي فَإِنْ لَهُ حسادا وَ أضدادا وَ أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْهِ عَدَاوَةً الْيَهُودِ وَ قَدْ رَأَيْتُ مَا جَرَى بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ بِالْأَمْسِ يَوْمَ خطبتك وَ إِنْ لَمْ أَرْجِعَ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ مُكَرَّماً مَحْفُوظاً إِلَى أَنْ يترعرع وَ احمليه إِلَى الْحَرَمِ دَارِ عِزُّهُ وَ نَصَرَهُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ وَ حَفِظْتَ مَا قُلْتُ لَكَ.قَالَتْ نَعَمْ سَمِعْتُ وَ حَفِظْتَ غَيْرِ أَنَّكَ أَوْجَعْتِ قَلْبِي بكلامك وَ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمِ أَنْ يُرِدْكَ سَالِماً

وصيه هاشم لاخيه المطلب وبنو عمومته

ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ أَخِيهِ الْمُطَّلِبِ وَ أُقْبِلُ إِلَيْهِ وَ قَالَ يَا ابْنَ أَبِي وَ عَشِيرَتِي مِنْ بَنِي لُؤَيِّ اعْلَمُوا أَنْ الْمَوْتَ سَبِيلِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَ أَنَا رَاحِلٌ عَنْكُمْ وَ لَا أَدْرِي أَرْجِعَ أَمْ لَا وَ أَنَا أُوصِيكُمْ بِالاجْتِمَاعِ وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّفَرُّقَ وَ الشَّتَاتِ فَتَذْهَبُ حميتكم وَ تُهَانَ مقدرتكم عِنْدَ الْمُلُوكِ وَ يَطْمَعُ فِيكُمْ الطَّامِعُ وَ هَذَا أَخِي الْمُطَّلِبِ أَعَزُّ إِخْوَتِي مِنْ أُمِّي وَ أَبِي وَ أَعَزُّ الْخَلْقِ عَلِيِّ فَإِنْ سَمِعْتُمْ نَصِيحَتِي فَقَدِّمُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ وَ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَ لِوَاءَ نِزَارٍ وَ نَعْلٌ شَيْثٍ وَ قَمِيصٌ إِبْرَاهِيمَ وَ قَوْسٍ إِسْمَاعِيلَ وَ خَاتَمِ نُوحٍ وَ الْوِفَادَةِ وَ الرفادة وَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَنْبِيَاءِ وَ كُلُّ مَا كَانَ لِعَبْدِ مَنَافٍ فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَعِدْتُمْ وَ إِنِّي مُوصِيكُمْ بِوُلْدِي الَّذِي اشْتَمَلَتِ عَلَيْهِ سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو إِنَّهُ يَكُونُ لَهُ شَأْنِ عَظِيمٌ فَلَا تُخَالِفُوا قَوْلِي قَالُوا سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا غَيْرِ أَنَّكَ كُسِرَتْ قُلُوبَنَا بوصيتك وَ أزعجت فؤادنا بِقَوْلِكَ هَذَا

 

 

المصادر

 

(1) احمد بن عبد الله البكري في كتابه الانوار ومفتاح السرور والافكار في مولد النبي المختار

(2) تفسيرالقرطبي

(3) البدايه والنهايه

(4) شرح النهج (١٥/٢٠٢)

(5) المقريزي في كتابه النزاع والتخاصم فيما بين بنى أمية وبنى هاشم

(6) احمد بن عبد الله البكري في كتابه الانوار ومفتاح السرور والافكار في مولد النبي المختار

 

 

 الفصل الرابع

 

 عبد المطلب وحرب بن اميه

ولاده عبد المطلب

ثُمَّ إِنْ سَلْمَى بنت عمرو النجار اشْتَدَّ  حَمْلَهَا وَ جَاءَهَا الْمَخَاضِ وَ هِيَ لَا تَجِدْ وَجَعاً وَ لَا أَلَماً إِذْ سَمِعْتُ هَاتِفاً َيَقُولُ‌

يَا زِينَةٌ النَّسَا مِنْ بَنِي النَّجَّارِ** بِاللَّهِ اسدلي عَلَيْهِ بِالْأَسْتَارِ

وَ احجبيه عَنْ أَعْيَنَ النظار** لتسعدي مِنْ جُمْلَةٍ الْأَقْطَارِ

فَلَمَّا سَمِعْتُ بِذَلِكَ أُغْلِقَتْ الْبَابِ عَلَيْهَا وَ كَتَمْتَ أَمْرَهَا فَبَيْنَمَا هِيَ تُعَالِجُ مَا هِيَ فِيهِ إِذْ نَظَرْتَ حِجَابٌ مِنْ نُورٍ قَدْ ضَرَبَ مِنْ حَوْلَهَا مِنْ الْأَرْضِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ فَوَلَدَتْ يَوْمَئِذٍ بشيبة فَقَامَتْ مِنْ وَقْتِهَا وَ سَاعَتِهَا وَ تَوَلَّتْ نَفْسِهَا و سَطَعَ مِنْ غَرَّتْهُ نُورٍ شعشعاني وَ كَانَ ذَلِكَ النُّورِ نُورٍ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه واله) وَ قَدْ ضَحِكَ الطِّفْلِ وَ تَبَسَّمَ فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ أُمِّهِ ثُمَّ نَظَرْتَ إِلَيْهِ وَ إِذْ فِي رَأْسَهُ شَعْرَةٍ بَيْضَاءَ فَقَالَتْ نَعَمْ أَنْتَ شَيْبَةَ

 ولما اتم عبد المطلب السابعه أرسل لاعمامه رساله

فَلَمَّا تَمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ اشْتَدَّ حِيَلِهِ وَ قَوِيَ بَأْسُهُ وَ تَبِينُ لِلنَّاسِ فَضْلِهِ

وَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي الْحَرْثِ جاء إِلَى يَثْرِبَ فِي حَاجَةٍ فَإِذَا بِابْنِ هَاشِمٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ وَ قَدْ عَمٍّ نُورِهِ الْبِلَادِ فَوَقَفَ الرَّجُلِ وَ هُوَ ينتدب بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَ يَقُولُ أَنَا ابْنِ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا وَ الْمَقَامِ أَنَا ابْنِ هَاشِمٍ وَ كَفَى فَنَادَاهُ الرَّجُلِ وَ قَالَ يَا فَتَى

 فَقَالَ مَا تُرِيدُ يَا عَمٍّ؟

فَقَالَ مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ شَيْبَةَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ قَدْ مَاتَ أَبِي وَ جفوني عُمُومَتِي وَ نساني أَهْلِي وَ بَقِيَتْ عِنْدَ أُمِّي وَ أَخْوَالِي فَمَنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا عَمِّ؟

 قَالَ مِنْ مَكَّةَ

فَقَالَ وَ هَلْ ستحمل لِي بِرِسَالَةِ وَ تتقلد إِلَيَّ أَمَانَةٍ؟

فَقَالَ الْحَرْثِ وَ حَقٌّ أَبِيكَ وَ أَبِي أَفْعَلُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ثُمَّ قَالَ يَا عَمٍّ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى بَلَدُكَ سَالِماً وَ رَأَيْتَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَأَقْرِئْهُمُ عَنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُمْ إِنَّ مَعِي رِسَالَةِ مِنْ يَتِيمٍ قَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَ جَفَوْهُ أَعْمَامِهِ ثُمَّ قُلْ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيتُمْ وَصِيَّةِ هَاشِمٍ وَ ضَيَّعْتُمْ نَسْلِهِ

الحرث يبلغ الرساله

فَبَكَى الرَّجُلِ وَ اسْتَوَى عَلَى ظَهَرَ رَاحِلَتِهِ وَ أَرْسَلَ زِمَامَهَا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا رِسَالَةِ الْغُلَامُ ثُمَّ أَتَى إِلَى مَجْلِسٍ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فوجدهم جُلُوساً فأنعمهم صَبَاحاً وَ قَالَ

 يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَرَاكُمْ قَدْ غَفَلْتُمُ عَنْ عزكم وَ تَرَكْتُمْ مصباحكم يَسْتَضِي‌ءُ بِهِ غَيْرِكُمْ فَقَالُوا مَا سَبَبُ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَصِيَّةٍ الْغُلَامُ ابْنِ أَخِيهِمْ فَقَالُوا مَا شَاهَدْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ

 فَقَالَ لَهُمْ الْحَرْثِ وَ اللَّهِ إِنَّهُ ليعجز مِنْهُ الْفُصَحَاءُ لفصاحته وَ يَعْجِزُ عَنْهُ اللَّبِيبِ لِكَلَامِهِ وَ عَنْ خطابه وَ إِنَّهُ لفصيح قَوِيَ الْجِنَانِ فَائِقٌ عَلَى الْغِلْمَانِ أَدِيبُ إِلَى عَقْلِهِ الْكِفَايَةِ وَ إِلَى جُودِهِ

‌قَالَ وَ كَانَ الْمُطَّلِبِ أَشَدُّ أَهْلِ زَمَانِهِ بَأْساً وَ أَعْظَمُ مِرَاساً فَقَالُوا لَهُ إِخْوَتَهُ نَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمُ بِهِ أُمِّهِ سَلْمَى وَ لَا تَدَعْهُ يَخْرُجُ مَعَكَ لِأَنَّهَا شَرَطْتُ عَلَى أَخِيكَ بِذَلِكَ فَقَالَ يَا قَوْمٍ إِنْ لِي فِي ذلك أَمْراً دَبَّرَهُ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

‌ 

خرج المطلب في طلب ابن اخيه

 ثُمَّ إِنَّهُ تأهب لِلْخُرُوجِ وَ أَفْرَغَ عَلَيْهِ لِأُمِّهِ حَرْبِهِ وَ رَكِبَ مطيته وَ أَرْخَى زِمَامَهَا إِلَى أَنْ وَصَلَ يَثْرِبَ وَ أَخْفَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُشْعِرُ بِهِ أَحَدٌ فتخبر سَلْمَى عَنْهُ قَالَ وَ لَمْ يَزَلْ يُتَرَصَّدُ فَوَجَدَ شَيْبَةَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَعَرَفَهُ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَ الضِّيَاءِ اللَّامِعِ الَّذِي أَوْدَعَهُ اللَّهِ فِيهِ وَ قَدْ رَفَعَ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٌ وَ قَالَ أَنَا ابْنِ هَاشِمٍ الْمَعْرُوفِ بالعطايا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامِهِ أَنَاخَ مطيته وَ نَادَى ادْنُ مِنِّي يَا ابْنَ أَخِي فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ شَيْبَةَ وَ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ يَا هَذَا؟ فَقَدْ مَالِ قَلْبِي إِلَيْكَ وَ أَظُنُّكَ مِنْ بَعْضِ عُمُومَتِي فَقَالَ لَهُ أَنَا عَمِّكَ الْمُطَّلِبِ فأسبل عِبْرَتِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَ تُحِبُّ أَنْ تَمْضِيَ مَعِي إِلَى بِلَادِ أَبِيكَ وَ أعمامك وَ تَكُونُ فِي دَارِ عِزِّكَ؟

فَقَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ أَسْرَعُ بِنَا بالمسير فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَعْلَمُوا بِنَا أُمِّي وَ عَشِيرَتِهَا فيلحقوا بِنَا وَ يأخذوني مِنْكَ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَرْكَبُ لركوبها أبطال الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ

فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي فِي اللَّهِ الْكِفَايَةِ مِنْ كُلِّ رَزِيَّةٍ ثُمَّ سَارُوا وَ رَكِبُوا الْجَادَّةِ الْكُبْرَى

اليهود يلحقون بالمطلب لقتل عبد المطلب

 ثُمَّ إِنْ الْمُطَّلِبِ اسْتَوَى عَلَى ظَهَرَ نَاقَتِهِ وَ أَرْدَفَ ابْنِ أَخِيهِ قُدَّامَهُ وَ جَرَّدَ سَيْفَهُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا صَهِيلَ الْخَيْلِ وَ زعقات الرِّجَالِ وَ قَعْقَعَةَ اللجم وَ هَمْهَمَةً الْأَبْطَالِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ الْمُطَّلِبِ يَا ابْنَ أَخِي دهمنا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ

وإِنَّ الَّذِي أَعْطَاكَ هَذَا النُّورِ يَقْدِرُ أَنْ يَصْرِفُ عَنَّا كُلِّ مَحْذُورٍ قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ يتخاطبون فِي الْكَلَامِ إِذْ أدركتهما الْخَيْلِ وَ إِذَا هُمْ خَيْلٌ الْيَهُودِ فَلَمَّا رَأَوْا شَيْبَةَ عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ‌ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ‌ وَ يَكُونُ هَلَاكَهُمْ عَلَى يَدِهِ وَ كَانَ قَدْ بَلَغَهُمْ أَنْ شَيْبَةَ خَرَجَ مَعَ عَمِّهِ فأدركهم الطَّمَعُ فِي قَتَلَهُ  فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ يَقْدُمُهُمْ سَيِّدُ مِنْ ساداتهم يُقَالُ لَهُ دِحْيَةَ الْيَهُودِيِّ

عبد المطلب يدعو ربه

هنالك دعا عبد المطلب ربه حين رأى الخيل قد اقتربت منه فاستجاب الله دعاؤه وتوقفت الخبل في مكانها لاتتحرك فنزلوا عنها وتقدموا مشيا نحو عبد المطلب وعمه لقتلهما

فاخذ المطلب قوسه وهو قوس اسماعيل (عليه السلام ) فرماهم بالنبل وقتل منهم عددا عندها تقدم اليه كبير اليهود وفارسهم  دحيه اليهودي و طال النزال بهما وفي اثناء ذلك سمعوا صهيل الخيول وقعقعه السلاح واذا بهم فرسان الاوس والخزرج تتقدمهم سلمى

فانسحب اليهود وتقدمت سلمى ورأت المطلب مع شيبه سالمين فسالت ابنها عبد المطلب ان كان يرغب باللحوق باعمامه فقال لها نعم ان رضيت

فاخذ المطلب ابن اخيه على ناقته وحث المسير الى مكه وعندما دخلها رأت قريش الفتى والنور يسطع من جبينه فسألو المطلب عنه فقال هذا عبدي فصار اسمه عبد المطلب

التفت قريش حول عبد المطلب تتبرك بنور رسول الله بين عينيه

فلما قدم المطلب بابن أخيه شيبة و نور رسول الله (صلى الله عليه واله ) لائح بين عينيه أتت قريش يتبركون به حتى إذا أصابتهم مصيبة أو نزل بهم قحط أو دهمهم عدو يأتون إليه و يتوسلون بنور رسول الله(صلى الله عليه واله ) فيفرج الله عنهم ما نزل بهم

ابرهه يهاجم الكعبه ليهدمها

و كان أعجب عجيبة و أعظم آية ظهرت لهم فيما جرى لأصحاب الفيل و أبرهة بن الصباح كان ملك اليمن و قيل ملك الحبشة و هو صاحب الفيل الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز و كان قد أشرفوا أهل مكة على الهلاك و كان منه أنه أراد أن يهدم الكعبة التي شرفها الله تعالى فكشف الله عن البيت و أهله ببركة عبد المطلب

 وسبب ذلك  ان جماعة من قريش  ذهبت إلى بلاد الحبشه بتجارة فنزلوا في البلد و دخلوا في كنيسة من كنائس النصارى و أوقدوا فيها نارا يصطلون عليها و يصلحون لهم طعاما ثم إنهم خرجوا و لم يطفئوها فهبت عليها ريح فأحرقت كنيستهم و ما فيها فسأل النصارى عمن حرق الكنيسة فقالوا حرقوها تجار مكة

 قال فلما علم الملك النجاشي أن العرب أحرقوا معبده غضب و أقسم إني لأحرق معبدهم جهارا بما فعلوا بمعبدنا فأرسل وزيره أبرهة بن الصباح و أرسل معه أربعمائة فيلا و مائة ألف مقاتل و قال امضوا إلى كعبتهم و خربوها و ارموا أحجارها في البحر و اقتلوا رجالهم و انهبوا أموالهم

قال تعالى

‌بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿ ١ ﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿ ٢ ﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿ ٣ ﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴿ ٤ ﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿ ٥ ﴾

اقترب الجيش من مكه ونهبوا 80 جملا لعبد المطلب وجدوها في طريقهم وهرب أهل مكه خوفا من الجيش وقال لهم عبد المطلب ان للكعبه رب يحميها فلا تخافوا عليها وذهب لاسترداد ابله المنهوبه وقد اعدوا له فيلا ضخما مسلحا بسيفين في خرطومه ومركب على راسه قرنان من حديد مدرّب على القتال يمزق من يلاقيه ويقتله وقالوا لصاحب الفيل اطلق الفيل عند اقتراب عبد المطلب ولما اقترب عبد المطلب اطلقوا الفيل ولكن الفيل برك واخذ يتمرغ بالتراب امام عبد المطلب فدهش العسكر ودخل الرعب في قلوبهم من هيبه نور رسول الله (صلى الله عليه واله) في غره عبد المطلب وقابل عبد المطلب ابرهه وطلب اعاده ابله المنهوبه فاعادها اليه

تقدم الجيش لتدمير الكعبه وكان عبد المطلب قد بقى في ابتهال و دعاء و تضرع

 و قال اللهم ببركة هذا النور الذي وهبتنا إياه اجعل لنا فرجا و مخرجا و انصرنا على عدونا  إِنَّكَ عَلى‌ كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيرٌ فاستجاب الله دعاؤه ببركة رسول الله (صلى الله عليه واله)

ثم ان الله ارسل على الجيش طيورا تحمل في افواها وارجلها احجارا صغيره قتلت جنود أبرهه وحمى الله الكعبه وقريش ببركه عبد المطلب

نظر أهل مكة  الى الجيش المدمر والجنود القتلى والفيله الهاربه  فرجعوا فرحين مسرورين و بقوا ينقلون اسلحه واموال الجيش المدمر و كان ذلك ببركه نور رسول الله (صلى الله عليه واله) ‌


عاد أميه بعد أن مات هاشم وصدره بركان يغلي حسداً وحقداً على بني هاشم


يقول الاستاذ جعفر الخليلي في ( موسوعه العتبات المقدسه) ان الكثير من بني أمية قد حاولوا الاستظهار بعد ذلك على بني هاشم بمختلف الطرق ، وكان صدر أمية نفسه يغلي بالحقد والغضب بعد رجوعه من جلائه ، وكان هاشم قد مات ، ولكنّ بني هاشم أحياء وقد تزعمهم عبد المطّلب ، وعبد المطّلب في ذلك اليوم ذو شأن كبيرجدا في قريش ، فإذا استطاع أمية أن ينتقم لنفسه ويثأر منه فقد يعود له ولبنيه وأصحابه ما فقدوا من عِزّ وما لحق بهم من عار في حدود أعرافهم يومذاك
فجاء إلى عبد المطلب يراهنه في سباق فرسيهما مراهنة خرجت عن مألوف رهان الخيل العام وانه كان واثقا من فرسه والا لم يقدم على هذه المراهنه بل التحدّي لأخذ الثأر والانتقام فقد كان الشرط أن يدفع المغلوب الذي تقصّر فرسه عن بلوغ الشرط  مئة ناقة من الإبل وعشرة من العبيد ، ومثلها من الإماء ، ثمّ استعباد سنة وذلك بأن يستعبد السابق الغالب المتسابق المغلوب سنة كاملة ، يتّخذ منه عبداً ، وفوق كل ذلك فللغالب أن يجزّ ناصية المغلوب
ومن هذه الشروط القاسيه نفهم أنّ المقصود بذلك كله كان إذلال المغلوب وتحقيره ، والمعتقد أنّ أمية كان واثقاً من فرسه ومعتقداً بفوزه ، وإلاّ فليس هو من الغباوة بحيث يقدم على مثل هذه المغامرة مهما بلغ حسده وغروره وكبرياؤه 
وكانت النتيجة أن جاءت على خلاف ما كان قد اعتقد أمية وجزم ؛ فدفع الرهان كاملاً ، ولكنّه افتدى جزّ الناصية بمضاعفة استعباد عبد المطّلب له وجعلها عشر سنين ،(1)

ويقول ابن ابي الحديد في شرح النهح
( أنّ أمية بقي في حشم عبد المطلب وعضاريطه عشر سنين )


حرب بن أميه يرث من أبيه حقده وحسده لبني هاشم

المنافرة الثانية


غدا عبد المطلب سيداً مقدماً في قريش لحلمه وعقله وبسبب حلمه وحكمته ، ورغبة منه في نسيان الماضي الأليم اقترب عبد المطلب من حرب بن أمية ، ونادمه ، واصطفاه خليلاً
وكان في جوار عبد المطلب رجل تاجر، تآمر حرب بن أمية على قتله ، وألب عليه فتيان قريش فقتلوه، ولما علم عبد المطلب بذلك ، وعلم بتحريض حرب لقتله ، أتى حرباً فأنبه وطالبه بدية جاره، وبتسليم قاتليه
رفض حرب ، وأعلن أنه أجار قاتليه، ونشب الخلاف، وطارت شرارته ، فتداعيا للمنافرة
واقترحا أن يكون الحكم بينهما نجاشيّ الحبشة، فاعتذر النجاشي وأبى أن يدخل بينهما، ثم اتفقا على أن يكون الحكم نفيل بن عبد العزى العدوي
واجتمع القوم ببابه ، فخرج عليهم معلناً حكمه 
وقال لحرب بن أمية
يا أبا عمرو( ويقصد حرب بن اميه ) ؛ أتنافر رجلاً هو أطول منك قامة، وأوسم منك وسامة ، وأعظم منك هامة ، وأقل منك لامة ، وأكثر منك ولداً ، وأجزل منك صلة، وأطول منك مذوداً ( الذود المدافعة ) ، وإني لأقول هذا وإنك لبعيد الغضب ، رفيع الصوت في العرب، جلد النزيرة ( الإلحاح في الطلب ) تحبك العشيرة ، ولكنك نافرت منفَّرا
ونفَّر العدويّ عبد المطلب بن هاشم اي حكم لصالحه
وغضب حرب بن أمية ، وأغلظ لنفيل القول ، وقال له : من انتكاس الدهر أن جعلتك حكماً
ثم إن عبد المطلب أخذ من حرب بن أمية دية جاره مئة ناقة

قريش تسمى عبد المطلب ابراهيم الثاني

وقيل إن عبد المطلب إذا دخل شهر رمضان صعد حراء وأطعم المساكين جميع الشهر، وكان صعوده للتفكر في جلال الله وعظمته بعيدا عن الناس
ويؤثر عن عبد المطلب سنن جاء بها القرآن وجاءت بها السنّة ، منها الوفاء بالنذر، والمنع من نكاح المحارم، وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموءودة، وتحريم الخمر والزنا والحد عليه، وألا يطوف بالبيت عُريان، وتعظيم الأشهر الحرم. وكانت قريش تصفه بانه ابراهيم الثاني
ثم وضع عبد المطلب للناس سنناً ، فجعل الطواف سبعاً، وكان بعض العرب يطوفون عرايا لأن ثيابهم ليست حلالاً فحرم عبد المطلب ذلك ، ونهى عن قتل المؤودة ، وأوجب الوفاء بالنذر ، وعظم الأشهر الحرم ، وحرم الخمر والزنا وجعل عليه الحد ، ونفى البغايا ذوات الرايات إلى خارج مكة ، وحرم نكاح المحارم ، وأوجب قطع يد السارق ، وشدد على القتل وجعل ديته مئة من الإبل.. وأقر ذلك الإسلام مما يدل على أن عبد المطلب كان مؤمناً ملهماً من ربه وله مقام عنده

عبد المطلب يحفر بئر زمزم

عن علي بن ابي طالب(ع) انه قال:
قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر، إذ أتاني آت فقال لي: احفر طيبة. قال: قلت وما طيبة؟
قال ثم ذهب عني. قال فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فجاءني فقال: احفر برة. قال: قلت وما برة؟ قال ثم ذهب عني
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت، فجاءني فقال: احفر المضنونة. قال: قلت وما المضنونة؟ قال ثم ذهب عني. فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني قال: احفر زمزم. قال: قلت وما زمزم؟
قال: لا تنزف أبدا ولا تزم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل. قال: فلما بين لي شأنها، ودل على موضعها، وعرف أنه قد صدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب، وليس له يومئذ ولد غيره، فحفر
لم يكن لعبد المطلب يومئذ من الاولاد الا الحارث وكانت قريش تمر به وتستهزء منه لحفره البئر ولقله اولاده نذر ان رزقه الله عشره اولاد ليذبحن احدهم قربانا لله عند الكعبه
ومن الله على عبد المطلب واتم حفر البئر وكان ماؤها وفيرا ووجد فيها غزالين من ذهب واسياف وادرع (2)


نار الحسد والحقد الاموي تشب من جديد

المنافره الثالثه


قريش بقياده بنو اميه بالامس لم تعاون عبد المطلب في الحفر لا بل كانت تهزا منه واليوم اتته قائله:
يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا، فأشركنا معك فيها. قال: ما أنا بفاعل إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم، وأعطيته من بينكم. قالوا له: فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها
قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه. قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيم. قال: نعم وكانت بأشراف الشام
فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أمية، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، فخرجوا وفي الطريق نفد ماء عبد المطلب وأصحابه فعطشوا حتى استيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من معهم فأبوا عليهم وقالوا: إنا بمفازة وإنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم
فقال عبد المطلب: إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما لكم الآن من القوة، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته، ثم واروه حتى يكون آخرهم رجلا واحدا، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعه
فقالوا: نعما أمرت به. فحفر كل رجل لنفسه حفرة، ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشى، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: ألقينا بأيدينا هكذا للموت، لا نضرب في الأرض، لا نبتغي لأنفسنا لعجز، فعسى أن يرزقنا االله ماء ببعض البلاد
فارتحلوا حتى إذا بعث عبد المطلب راحلته، انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب، فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه، ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستسقوا حتى ملئوا أسقيتهم. ثم دعا قبائل قريش وهم ينظرون إليهم في جميع هذه الأحوال، فقال: هلموا إلى الماء فقد سقانا الله، فجاؤوا فشربوا واستقوا كلهم
ثم قالوا: قد قضى الله لك علينا والله ما نخاصمك في زمزم أبدا، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدا، فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة، وخلوا بينه وبين زمزم

نار الحسد تشتعل من جديد
وجد عبد المطلب في البئر غزالين من ذهب واسياف وادرع فعادت قريش تطالب بحصه منها
فقالت له قريش: يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق
قال: لا، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم، نضرب عليها بالقداح
قالوا: وكيف نصنع؟
قال: أجعل للكعبة قدحين، ولي قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج قدحاه على شيء كان له ومن تخلف قدحاه فلا شيء له
قالوا: أنصفت. فجعل للكعبة قدحين أصفرين، وله أسودين، ولهم أبيضين، ثم أعطوا القداح للذي يضرب
قال: وضرب صاحب القداح، فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة، وخرج الأسودان على الأسياف والأدرع لعبد المطلب، وتخلف قدحا قريش
فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب، فكان أول ذهب حلية للكعبة
ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحاج

 

 

المصادر

 

(1) وقد جاء في ج 3 ص 466 من شرح نهج البلاغة

(2) البدايه والنهايه

 

 

 

الفصل الخامس

 

 محاولات قريش وبنو أميه واليهود قتل محمد (صلى الله عليه واله)

 
سيف بن ذي يزن يبشر عبد المطلب بمحمد (صلى الله عليه واله وسلم )

ويحذره من غدر اليهود وقريش وبنو أُميَّه

 

لما ظفر سيف بن ذي يزن الحميري بالحبشة وذلك بعد مولد النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) أتته وفود العرب وأشرافها وكان من جملتهم وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم جد النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) وأمية بن عبد شمس وأسد بن عبد العزى وعبد الله بن جُدعان فقدموا عليه وهو في قصر يقال له غُمدان فطلبوا الإذن عليه فأذن لهم وتكلم عبد المطلب مهنئا. ولما فرغ أدناه وقربه ثم أُستنهضوا إلى دار الضيافة وقاموا ببابه شهراً لا يصلون إليه ولا يؤذن لهم في الانصراف، ثم إنتبه إليهم فدعا عبد المطلب من بينهم فخلا به وأدنى مجلسه وقال
يا عبد المطلب إني مفوض إليك من علمي أمراً لو غيرك كان لم أبح له به ولكني رأيتك معدنه فأطلعتك عليه فليكن مصونا حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره، إني أجد في العلم المخزون والكتاب المكنون الذي إدخرناه لأنفسنا وإحتجبناه دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيماً فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس كافة ولرهطك عامة ولنفسك خاصة
قال عبد المطلب :

مثلك يا أيها الملك برّ، وسرّ، وبشّر، ما هو؟ فداك أهل الوبر زمراً بعد زمر
قال إبن ذي يزن: 
(إذا ولد مولود بتهامة، بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، إلى يوم القيامة)
قال عبد المطلب :

 (أبيت اللعن لقد أُبت بخير ما آب به أحد فلولا إجلال الملك لسألته عما سارّه إلى ما ازداد به سرورا)
قال ابن ذي يزن :
هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد، يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه وقد وجدناه مرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا يعز بهم أولياءه، ويذل بهم أعداءه، ويفتتح كرائم الأرض، ويضرب بهم الناس عن عرض، يخمد الأديان، ويكسر الأوثان ويعبد الرحمن، قوله حكم وفصل، وأمره حزم وعدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله
فقال عبد المطلب:

 (طال عمرك، ودام ملكك، وعلا جدك، وعز فخرك، فهل الملك يسرني بأن يوضح فيه بعض الإيضاح؟)
فقال ابن ذي يزن:

(والبيت ذي الطنب، والعلامات والنصب، إنك يا عبد المطلب لجده من غير كذب )
فخرَّ عبد المطلب ساجدا، وقال ابن ذي يزن
إرفع رأسك، ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك؟
فقال عبد المطلب
أيها الملك، كان لي إبن كنت له محباً وعليه حدباً مشفقاً، فزوجته كريمة من كرائم قومه، يقال لها: آمنة بنت وهب بن عبد مناف، فجاءت بغلام بين كتفيه شامة فيه كل ما ذكرت من علامة، مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه
قال ابن ذي يزن : 
إن الذي قلت لك كما قلت، 
فاحفظ إبنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، إطوِ ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرياسة، فيبغون لك الغوائل وينصبون لك الحبائل وهم فاعلون وأبناؤهم، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مهاجره. فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار هجرته، وبيت نصرته، ولولا أني أقيه الآفات، وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنّه وأوطأت أقدام العرب عقبه ولكني صارف إليك ذلك عن تقصير مني بمن معك

ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة أعبد وعشر إماء سود وخمسة أرطال فضة وحلتين من حلل اليمن وكرش مملوءة عنبرا، وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال
(إذا حال الحول فأنبئني بما يكون من أمره)
فما حال الحول حتى مات ابن ذي يزن، فكان عبد المطلب بن هاشم يقول
يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه إلى نفاد ولكن يغبطني بما يبقى لي ذكره وفخره ولعقبي
فإذا قالوا له: وما ذاك؟ قال: سيظهر بعد حين ( 1)

بحيرى الراهب يحذر ابو طالب من غدر اليهود وسعيهم لقتل محمد

تهيأ أبو طالب للرحيل إلى الشام في تجارته، فكانت رحلته الأولى منذ كفل محمدًا  (صلى الله عليه واله ) بعد موت جده وقد أمسك  محمد بزمام ناقة عمه وقال:

يا عم، إلى من تكلني؟! لا أب لي ولا أم  فرقَّ له قلبُ أبي طالب وقال: واللهِ لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدًا

سارت القافله وابو طالب ومحمد في مقدمتها ومرت بالقرب من دير راهب مشهور اسمه بحيرى والراهب يراقب سير القافله ويرى غيمه تظلل راس فرد من افرادها

عمل بحيرى طعاما للقافله ودعاهم اليه فلبوا الدعوه لكن الغيمه ظلت ساكنه فوق القافله

فسالهم الراهب هل بقى احد مع القافله قالوا نعم بقى غلاما صغيرا معها

 قال احضروه فاحضروه والراهب يراقب مسير محمد والغيمه تظلله

تناولوا طعامهم وبحيرى يراقب محمد عن كثب  وبعد الطعام اختلى به وسأله

عده اسئله وكشف عن كتفه فراى خاتم النبوه

عاد الراهب الى ابي طالب واخبره ان ابن اخيه هو النبي الموعود وانه سيصبح له شانا كبيرا ويجب ان تعود به الى مكه فاذا راه اليهود وعرفوه فانهم سيقتلونه

عاد ابو طالب مسرعا للحفاظ على ابن اخيه من غدر اليهود (2)

 

 

محاولات اليهود وقريش وبنو اميه لقتل رسول الله صلى الله عليه واله

 

 المحاوله الاولى – محاوله استئصال بني هاشم دفعه واحده جوعا وعطشا

 

محاصره  محمد( صلى الله عليه واله) وبني هاشم ليموتوا جوعاً وعطشاً في شعب أبي طالب

إجتمع زعماء قريش، وقرَّروا أنْ يقاطعوا أبا طالب وبني هاشم، ، مقاطعة اقتصاديّة واجتماعيّة، وكتبوا عهداً بذلك وعلّقوه في جوف الكعبة

مضمون الصحيفة

ممّا جاء في تلك الصحيفة الظالمة: ألاّ يبايعوا أحداً من بني هاشم، ولا يناكحوهم، ولا يعاملوهم، حتّى يدفعوا إليهم محمّداً فيقتلوه

ثمّ حصرتْ قريش رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته من بني هاشم، وبني عبد المطلّب في شِعب أبي طالب

شدَّة الحصار

استمرَّ الحصار ثلاث سنين حتّى أنفق أبو طالب (عليه السلام) والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) مالهما، كما أنفقتْ خديجة أموالها الطائلة في هذا الحصار الظالم، وكان ذلك بعد ست سنين من مبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

وأشتدَّ خلالها الخطْب على المسلمين، وراحوا يعانون من الجوع والأذى، ويأكلون نباتات الأرض، ولم يكن يَصِلُهُم من الطعام شيء، إلاّ ما كان يتسرّب سرّاً من بعض المتعاطفين معهم

فقد عمد كفار قريش لمنع وصول المواد الغذائية للمحاصرين في الشعب، حتى إضطروا للتقوت بأوراق الشجر والجلود، وسمعت من خارج الشعب أصوات إستغاثة النسوة والأطفال من شدة الجوع

صبر بنو هاشم على الجوع والاذى وقد اشتدَّ العُسْر والأذى،  عندها جاء الفرج، و النصر الإلهي، فأرسل الله حشرة الأُرضة على صحيفة المقاطعة فأكلتْها، ما عدا ما كان فيها من إسم الله سبحانه، فعندها هبط جبرائيل (عليه السلام) وأخبر محمّدا بذلكً

توفي ابو طالب وخديجه عليهما السلام نتيجه للحصار القاسي وكان المخطط أن يموت جميع بني هاشم جوعا وعطشا لولا تدخل العنايه الالهيه وإنهاء الحصار

إستمر الحصار التجويعي الظالم ثلاث سنوات، لم تسجل المصادر التاريخية فيها أي مساعدة من المسلمين الأوائل للرسول وأهل بيته وأقاربه، كان من المحتمل جداً أن يتوفى الرسول بسبب الحصار كما توفي عمه ابو طالب وزوجه الصديقة الكبرى خديجة، لكن ذلك لم يكن كافياً ليحاول هؤلاء المسلمون الأوائل كسر الحصار أو حتى الإلتفات عليه

ثلاث سنوات كانت فيها حياة الرسول مهددة، وخاف عمه أبو طالب عليه من القتل، فكان يتوقى ذلك بتغيير مضجع الرسول، ومع ذلك لم يتطوع أحد من هؤلاء المسلمين الأوائل للدخول مع الرسول واقاربه في الشعب، تعبيراً عن التعاطف والتآزر معهم، ولو حدث ذلك لربما أعادت قريش النظر في المقاطعة

ثلاث سنوات من الحصار إنقطعت فيها الصلة بين الرسول الأعظم والمسلمين الأوائل فلم يشتاقوا خلالها لرؤيته والاستماع لهديه وأخذ الأحاديث الشريفة منه ، وإقتصر المستفيدون من هدي الرسول في تلك السنوات الثلاث على إبن عمه الأمام علي عليه السلام وبقية المؤمنين من أهل بيته، وهذه ميزة عظيمة للإمام ينفرد بها من دون جميع المسلمين الأوائل، ولكنهم عند تدوين السيرة والأحاديث أهملوها

لم يخرق المسلمون الأوائل الحصار، بالرغم من كل ما يروى عن شجاعتهم وبذلهم المال في سبيل العقيدة، فانبرى لذلك اقارب زوج النبي الصديقة خديجة بنت خويلد، وتروي مصادر التاريخ بأن ابن اخيها كان ينقل الطعام للمحاصرين تحت جنح الظلام

كانت كلفة الحصار باهضة جداً بالنسبة للرسول والرسالة، ضياع ثلاث سنوات من عمر الدعوة، ووفاة حامي وسند الرسول عمه أبي طالب وزوجته الصديقة الكبرى خديجة رضي الله عنهما

الحقيقة التاريخية الناصعة هي أن بعض المسلمين الأوائل خذلوا الرسول الأعظم وأهل بيته ثلاث سنوات وتركوهم عرضة للمجاعة والهلاك ولم يقدموا لهم أي عون 

إن كان  أُميَّه قد حاول استئصال عبد المطلب في الرهان على سباق الخيل فان أحفاده  بالتعاون مع قريش حاولوا إستئصال بني هاشم دفعه واحده ومحاصرتهم في شعب أبي طالب ليموتوا جوعا وعطشا  ولولا تدخل العنايه الالهيه لكان لهم ما أرادوا ولكن الله نجى رسوله وبني هاشم  من الموت جوعا ليتأجل هدف بنو اميه وقريش باستئصال بني هاشم  الى يوم كربلاء فرفعوا شعار

 (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه) (3)

المحاوله الثانيه – محاوله يهود الشام زرير وتمام ودريس

محاولة اليهود قتل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) في الشام

خرج رسول الله مع عمه ابو طالب في تجاره الى الشام وفي قصه طويله عرف بحيرى الراهب إن هذا الذي مع أبو طالب هو النبي الموعود
قال بحيرى لأبي طالب: أرجع بابن أخيك إلى بلده، 
وإحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغينه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده
فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام
وكان زريرا وتماما ودريسا، وهم نفر من أهل الكتاب قد رأوا من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) مثلما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب
فأرادوا قتله فردهم عنه بحيرى وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته، وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه
ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم، وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا عنه(4)  

المحاوله الثالثه – محاوله قريش

قررت قريش قتل محمد(صلى الله عليه واله وسلم ) فأتوا الى أبي طالب وقالوا له نعطيك عماره بن الوليد وإعطينا محمد لنقتله
فأبى ذلك وقال: أتقتلون إبن أخي وأغذو لكم إبنكم، إن هذا لعجب
فقالوا: خير من أن نغتال محمدا  (5)

فقال ابو طالب  لمحمد

 والله لنْ يصلوا إليك بجمعهم * حتّى أُغَيّبَ في التراب دفينا

ودعوتني وزعمتَ أنّك ناصحٌ * ولـقد صدقتَ وكنتَ ثمّ أمينا

وعرضتَ ديناً قد علمتُ بأنّه * مِـن خيرِ أديانِ البريّة دِيْنَا(6)

علمتْ قريش أنّهم لا يقدرون على قتْل رسول الله، وأنّ أبا طالب لا يسلمه،

وتوعّد أبو طالب زعماء بطون قريش قائلاً

 والله لو قتلتموه ما أبقيتُ منكم أحداً حتّى نتفانى نحن وأنتم

ودار على أندية قريش ومعه فتيان بني هاشم ، وقال

بلغني انكم تريدون إغتيال محمد والله لو خدشتموه خدشا ما أبقيت منكم أحدا إلا قتل (7)

المحاوله الرابعه - محاوله عمر بن الخطاب
عن أنس بن مالك قال جاء عمر متقلدا سيفه فلقيه رجل من بني زهرة، فقال: أين تعمد يا عمر؟
فقال: أريد أن أقتل محمدا
قال: وكيف تأمن في بني هاشم، وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟
قال: فقال عمر: ما أراك إلا صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه
قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركوا دينك الذي أنت عليه
وقال ابن عساكر إن عمر كان قبل اسلامه شديد الاذى لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وقد انتدبته قريش لقتل رسول الله فجاء متقلدا سيفه وطرق الباب فخرج اليه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فأخذ رسول الله  بمجامع ثيابه، ثم نتره نترة، فما تمالك أن وقع على ركبتيه في الأرض. فقال: ما أنت بمنته يا عمر؟
حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة فقال عمر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وباءت محاوله قريش هذه المره بالفشل ايضا (8)
المحاوله الخامسه– ليله الهجره ونوم علي محله

قال تعالى :

﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ الانفال 30
وبعد ان مات ابو طالب أجمعت قريش على قتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، وقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره، وقد مات أبو طالب، فأجمعوا جميعا على أن يأتوا من كل قبيلة برجل فيجتمعوا عليه فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فلا يكون لبني هاشم قوة بمعاداة كل قريش،نزل جبرائيل عليه السلام فاخبر رسول الله أنهم أجمعوا على أن يأتوه في الليلة التي أتحدوا فيها، خرج وخلف عليا لرد الودائع التي كانت عنده وصار إلى الغار فكمن فيه وأتت قريش فراشه فوجدوا عليا فقالوا: أين ابن عمك؟
قال: قلتم له أخرج عنا، فخرج عنكم. فطلبوا الأثر فلم يقعوا عليه، وأعمى الله عليهم المواضع فوقفوا على باب الغار وقد عششت عليه حمامة
فقالوا: ما في هذا الغار أحد، وانصرفوا ونجى الله رسوله من القتل

المحاوله السادسه – محاوله سراقه
تبع سراقة بن جشعم المدلجي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فلما لحقه قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): اللهم إكفنا سراقة
فساخت قوائم فرسه، فصاح: يا بن أبي قحافة، قل لصاحبك أن يدعو الله بإطلاق فرسي، فلعمري لئن لم يصبه مني خير لا يصبه مني شر
فلما رجع إلى مكة أخبرهم الخبر فكذبوه، وكان أشدهم له تكذيبا أبو جهل، فقال سراقة:
أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادي حيث ساخت قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول الله (9)
المحاوله السابعه – ابو سفيان والاعرابي
ذكر البيهقي: كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة: أما أحد يغتال محمدا، فإنه يمشي في الأسواق فندرك ثأرنا، فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منزله، وقال له: إن أنت قويتني خرجت إليه حتى أغتاله
قال: أنت صاحبنا، فأعطاه بعيرا ونفقة، وقال: إطوِ أمرك، فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينمِه إلى محمد
قال الأعرابي: لا يعلم به أحد
فخرج ليلا على راحلته ثم أقبل يسأل عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حتى أتى المصلى، فقال له قائل: قد توجه إلى بني عبد الأشهل، فخرج يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل، فعقل راحلته، ثم أقبل يؤمُ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فوجده في جماعة من أصحابه يحدثهم في مسجدهم
فدخل، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قال لأصحابه: إن هذا الرجل يريد غدرا، والله حائل بينه وبين ما يريد
فوقف، فقال: أيكم إبن عبد المطلب؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): أنا ابن عبد المطلب، فذهب ينحني على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، كأنه يساره، فجذبه أسيد بن الحضير، وقال له: تنح عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، فإذا الخنجرتحت إزاره
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): هذا غادر، وسقط في يدي الأعرابي، وقال: دمي دمي يا محمد،
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) أصدقني: ما أنت؟ وما أقدمك؟ فإن صدقتني نفعك الصدق، وإن كذبتني فقد أطلعت على ما هممت به
قال الأعربي: فأنا آمن؟
قال: فأنت آمن
فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له
فأمر به فحبس عند أسيد، ثم دعا به من الغد فقال: قد أمنتك فاذهب حيث شئت، أو خير لك من ذلك
قال: وما هو؟ قال (صلى الله عليه واله وسلم ): أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله
قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، والله يا محمد ما كنت أفرق الرجال، فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي، وضعفت نفسي، ثم إطلعت على ما هممت به مما سبقت به الركبان، ولم يعلمه أحد، فعرفت أنك ممنوع، وأنك على حق، وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان
المحاوله الثامنه – محاوله عمير بن وهب
وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش، وممن كان يؤذي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وأصحابه، ويلقون منه عناء وهو بمكة، وكان إبنه وهب بن عمير في أسارى بدر
فذكر عمير أصحاب القليب ومصابهم
فقال صفوان: والله لا خير في العيش بعدهم
قال له عمير: صدقت والله، أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاءه، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن ابني أسير في أيديهم
قال: فاغتنمها صفوان وقال
علي دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شئ ويعجز عنهم
فقال له عمير: فاكتم عني شأني وشأنك، قال: أفعل
قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشحذ له وسمّ، ثم إنطلق حتى قدم المدينة فدنا من النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) ثم قال
أنعموا صباحا، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة
فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد
قال (صلى الله عليه واله وسلم ): فما جاء بك يا عمير؟
قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه
قال (صلى الله عليه واله وسلم ): فما بال السيف في عنقك؟
قال: قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً
قال (صلى الله عليه واله وسلم ): أصدقني، ما الذي جئت له؟
قال: ما جئت إلا لذلك
قال (صلى الله عليه واله وسلم ): بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك
قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لا أعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة الحق
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ): فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره، ففعلوا  (10)


المحاوله التاسعه – محاوله عصابه من زعماء قريش
قال الله تعالى:
 (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا(النساء 64)
ذكر الحسن (ع) في تفسير هذه الآية أن اثني عشر رجلاً من المنافقين إئتمروا فيما بينهم واجتمعوا على مكيدة لرسول الله فأتاه جبرائيل فأخبره بها فقال (صلى الله عليه واله وسلم ) إن قوماً دخلوا يريدون أمراً لا ينالونه فليقوموا وليستغفروا الله وليعترفوا بذلك حتى أشفع لهم فلم يقوموا فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) مراراً الا تقومون فلم يقم أحد منهم فقال (صلى الله عليه واله وسلم)
قم يا فلان قم يا فلان حتى عدّ اثني عشر رجلاً ، فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا، فاشفع لنا
فقال: الآن أخرجوا أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار وكان الله أقرب إلى الإجابة، أخرجوا عني (11)
الواضح من هذا النص أن الذين اشتركوا في محاولة قتل النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) هنا من أعمدة الحزب القرشي، بحيث أبدل الراوي أو الناشر اسمهم إلى فلان وفلان وفلان
المحاوله العاشره – محاوله رجال قريش الذين دخلواالاسلام لغرض القضاء عليه من الداخل
حاول المتسترين بالاسلام من قريش من الطلقاء وابناء الطلقاء قتل النبي اثناء المعركه ومن بين هؤلاء القوم شيبه بن عثمان
ففي معركة حنين أراد البعض من الطلقاء اغتيال النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) فلم يفلحوا ومنهم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار، وكان أبوه قد قتله علي (ع) في معركة أحد
وقال اليعقوبي
وأبدى بعض قريش ما كان في نفسه. فقال أبو سفيان: لا تنتهي والله هزيمتهم دون البحر، وقال كلدة بن حنبل: اليوم بطل السحر، وقال شيبة بن عثمان: اليوم أقتل محمدا
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) للعباس: صح يا للأنصار، وصح يا أهل بيعة الرضوان، صح يا أصحاب سورة البقرة، يا أصحاب السمرة. ثم انفض الناس وفتح الله على نبيه وأيده بجنود من الملائكة ومضى علي بن أبي طالب إلى صاحب راية هوازن فقتله، وكانت الهزيمة
المحاوله الحاديه عشره – محاولة يهود بني النضير
بعد وصول النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى المدينة، حاولت طوائف اليهود اغتياله، فخطط يهود بني النضير لإلقاء صخرة عليه أثناء زيارته لهم، فأخبره الله تعالى بذلك
خرج رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى بني النضير يستعينهم في الدية، قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) إلى جانب جدار من بيوتهم قاعد
فقالوا: اما من رجل يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله بها فيريحنا منه، فانتدبوا لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة
فأتى النبي الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وقال لأصحابه: لا تبرحوا، فخرج راجعا إلى المدينة
فلما استبطأ النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلا المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حتى انتهوا إليه فأخبرهم الخبر بما أرادت اليهود من الغدر، وأمر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) بحربهم والسير إليهم، فسار بالناس حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصون (12)

 المحاوله الثانيه عشره – محاولة يهود خيبر
واستمر اليهود في محاولاتهم لقتل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) وفي السنة السابعة وبعد معركة خيبر أهدت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم للنبي (صلى الله عليه واله وسلم ) شاة مصلية وكانت قد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فقيل لها الذراع فأكثرت فيها السم، وسمت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) تناول الذراع فأخذها فلاك منها مضغة فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، وقد أخذ منها كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) فلفظها ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ثم دعا بها فاعترفت
فمات بشر بن البراء من أكلته ولم يأكل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) من ذلك السم شيئا (13)

المحاوله الثالثه عشره – محاوله ليله العقبه
وكانت غزوة تبوك بعد انتصار المسلمين على المشركين، وسيطرتهم على جزيرة العرب، فوجد المنافقون أن ملك المسلمين أصبح عظيما، وبلادهم واسعة، فسعوا لقتل النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) للسيطرة على خلافته
ورجع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قافلا من تبوك إلى المدينة
وقال لاصحابه من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم، وأخذ النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) العقبة(والعقبه هي الجبل الذي يعترض الطريق وطريقه صعب ) وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين مكروا برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا، وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، وأمر حذيفة أن يردهم، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضربا بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثمون، فرعبهم الله عزوجل حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، فلما أدركه، قال: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فأسرعوا حتى خرجوا من العقبة ينتظرون الناس،
وكان النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) قد قال لحذيفة: هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب، أو أحدا منهم؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل، وغشيتهم وهم متلثمون، فقال (صلى الله عليه واله وسلم ): هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها، قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟
قال: أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قد وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما، وقال: اكتماهم (ابن كثير في البدايه والنهايه)
ولما جمعهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وأخبرهم بما قالوه وأجمعوا له فحلفوا بالله ما قالوا
فأنزل الله تعالى الايه ( 74) سوره التوبه
 (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿ ٧٤ ﴾
كتم حذيفه الخبر ولم يبح باسماء هؤلاء النفر من قريش ولكي تعرف مدى قوه هؤلاء القوم في قريش اليك حديث حذيفه التالي
قال حذیفة:
لو كنت على شاطئ نھر، وقد مددت یدي لاغترف فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصلت یدي إلى فمي حتى أقتل
فلا عجب اذن ان يقول المؤرخون فلان وفلان ويتحاشون ذكر اسمائهم خوفا على حياتهم(14)

 المحاوله الرابعهعشره - محاوله عامر بن الطفيل

وفي تفسير الثعلبي(5/276):

 (قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل وهو مشرك. فقال: دعه فإن يرد الله به خيراً يهده، فأقبل حتى قام عليه فقال: يا محمد ما لي إن أسلمت؟ قال: لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين، قال: تجعل لي الأمر بعدك. قال: ليس ذلك إليَّ إنما ذاك إلى الله يجعله حيث يشاء. قال: فاجعلني على الوبر وأنت على المدر، قال الرجل: فماذا يجعل لي؟ قال: أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها.قال: أوليس ذلك لي اليوم؟ قال: لا. قال: قم معي أُكلمك، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يوصي إلى أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فَدُرْ من ورائهِ بالسيف، فجعل يخاصم رسول الله صلى الله عليه وآله فدار أربد بن ربيعة خلف النبي ص ليضربه فاخترط من سيفه شبراً ثم حبسه الله عنه فلم يقدر على قتله،وعامر يومئ إليه فالتفت رسول الله ص فرأى أربد وما منع بسيفه! فقال: اللهم أكفنيهما بما شئت، فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صاح صائف. وولى عامر هارباً، وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد والله لأملأنها عليك خيلا جرداً وفتياناً مرداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يمنعك الله من ذلك وأبناء قيلة

المحاولة الخامسه عشره - محاوله دعثور بن الحارث

روى الكليني في الكافي (8/127):

( عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير واد، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه، فرآه رجل من المشركين، والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل، فقال رجل من المشركين لقومه: أنا أقتل محمداً، فجاء وشد على رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف ثم قال: من ينجيك مني يا محمد؟ فقال: ربي وربك، فنسفه جبرئيل عن فرسه فسقط على ظهره، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ السيف، وجلس على صدره وقال: من ينجيك مني يا غورث؟ فقال: جودك وكرمك يا محمد! فتركه، فقام وهو يقول: والله لأنت خير مني وأكرم

 

المحاولة السادسه عشره - محاوله  النضر بن الحارث العبدري

في المناقب (1/68):

(الواقدي: خرج النبي صلى الله عليه وآله للحاجة في وسط النهار بعيداً فبلغ إلى أسفل ثنية الحجون فاتبعه النضر بن الحارث يرجو أن يغتاله، فلما دنا منه عاد راجعاً فلقيه أبوجهل فقال: من أين جئت؟قال:كنت طمعت أن أغتال محمداً فلما قربت منه فإذا أساود تضرب بأنيابها على رأسه فاتحة أفواهها. فقال أبوجهل: هذا بعض سحره

 المحاوله السابعه عشره - قريش تقتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وتستلم السلطه

أمر رسول الله بتجهيز حمله أسامه وأمر كبار الصحابه من قريش بالانضمام للحمله

اتخذت قريش قرارا عاجلا بقتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وذلك للاسباب التاليه:
اولا : إن الحزب القرشي قد عرف هدف الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) من حمله أسامه التي وضع فيها كبار وجوه قريش
ثانيا : كان مقصد الحملة بلاد الشام وهي بلاد بعيدة عن المدينة تحتاج إلى فترة طويلة للذهاب والعودة
ثالثا: كان النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) قد عين عليا (ع) وصياً له في يوم الغدير أي في تلك الفترة الزمنية
رابعا : لقد أخبر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) عن وفاته القريبة وهذا يعني ذهاب الخلافة إلى علي بن أبي طالب الذي بايعه النبي وجميع المسلمين في غدير خم
وهذا مالا تقبله قريش ابدا كما اعترف بذلك عمر بن الخطاب حيث قال
  (لاتجتمع النبوه والامامه في بني هاشم ابدا) (15)
لذلك صدر قرار قريش في التخلف عن الحمله او التريث في الخروج وقتل محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) بصوره سريه وعاجله وذلك بدسم السم له لكي يتسنى لهم اختطاف السلطه
تفاصيل الخطه
طلبت عائشه ان يكون تمريض رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) في بيتها وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) يغمى عليه ويفيق من شده الحمى وقد حاولوا أن يلدّوه ( واللدود هو نوع من الادويه يعطى للمريض)
ولكن اللدود الذي أُعطي للرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) كان ممزوجا بسم من الحبشه
فعندما أفاق الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) نهاهم عن ذلك وقال لهم
(الم أقل لكم لا تلدوني)
فقالوا لدفع التهمه عنهم إن العباس هو من أعطاك اللدود (16)
  وعن عائشة قالت: لددنا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني
قلنا: كراهية المريض للدواء
وأيد الحاكم في كتابه المستدرك على الصحيحين مقتل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) بالسم
وقال الشعبي:
والله لقد سمَّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )(17) 

وقبل ان يفارق الدنيا أراد أن يكتب للامه وصيه لاتضل بعدها أبدا
فهم عمر ومجموعه من قريش كانوا حول سرير رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) مايريد فمنعوه من كتابه الكتاب وقالوا حسبنا كتاب الله ان النبي غلبه الوجع وفي لفظ اخر إن النبي يهجر
عن ‏ ‏إبن عباس ‏‏(ر) ‏‏قال : ‏لما حضر رسول الله ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) ‏‏وفي البيت رجال فيهم ‏‏عمر بن الخطاب ‏، قال النبي ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، فقال عمر ‏: ‏أن النبي ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) ‏قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) ‏‏كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ‏‏، فلما أكثروا اللغو ‏ ‏والاختلاف عند النبي ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) ، قال رسول الله ‏(صلى الله عليه واله وسلم ) : قوموا ، قال عبيد الله ‏: ‏فكان ‏ ‏ابن عباس ،‏ ‏يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ‏ (صلى الله عليه واله وسلم ) ‏ ‏وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم(18) 
وفي لفظ اخر ..وعن ابن عباس يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وجعه ، فقال : ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فتنازعوا ، فقالوا : ما شأنه أهجر؟ استفهموه فذهبوا يردون عليه ، فقال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ،(19) 
إنقلب اليهود على موسى (ع) وعبدوا العجل وإنقلب النصارى على المسيح وباعوه بدراهم معدوده لليهود وإنقلبت امه محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) بدافع الحسد والنزاع على السلطه وكره الدين الجديد على نبيها محمد (صلى الله عليه واله وسلم)
وقال الله تعالى:
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (  ال عمران)144
وقال تعالى:
(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿ 2 ﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) ﴿ العنكبوت3 ﴾
سقطت قريش في الفتنه بدافع الحسد والتنازع على السلطه و العصبيه القبليه وكرهها لبني هاشم
رفضت قريش ان يكتب لهم رسول الله وصيه لن يضلوا بعدها ابدا وقالوا
(حسبنا كتاب الله )
وذلك يعني تخلي صريح عن الحديث والسنه النبويه فرفضوا الحديث ومنعوا تدوينه وحرقوا المدون منه ومنعوا التحديث بما يعارض مصالحهم عقودا وسنتطرق لذلك بالتفصيل لاحقا ان شاء الله

 

محاولات اليهود قتل رسول الله وهو في صلب ابيه واجداده 

المحاوله الثامنه عشره - محاوله قتل عبد الله والد النبي

رأى الكهنة و أحبار اليهود عبد الله و قد تخلص من الذبح و خاب أملهم و بطل عملهم فامتلئوا عليه غيظا و حنقا و كانوا فرحين بذبح عبد الله فلما فداه الله خاب أملهم قال بعضهم لبعض نعمل حيلة تكون في هلاكهم فقال كبيرهم و كان اسمه طيبون و قيل ربيبان و كانوا يسمعون كلامه و يطيعون أمره و قال لهم نعمل طعاما و نضع فيه سما و نهديه إلى عبد المطلب و نقول له هذا طعام عملناه كرامة و إجلالا لعبد الله لخلاصه من الذبح فإن أكلوا انقطعت آثارهم و عدمت شوكتهم التي كنا نخشى منها و هاشم أصلها و تخشى منها الأحبار و الكهان و عبد المطلب فرعها الذي يتوالدون منه و ثمرها قال فعزم القوم على ذلك و صنعوا طعاما و مزجوه بالسم و أرسلوه إلى دار عبد المطلب مع نساء من نسائهم مختفيات مبرقعات ليخفى أمرهم و لا يعلم أحد من أين أتين قال و كان عبد المطلب و أولاده مجتمعين في دار فاطمة ام عبد الله بن عبد المطلب فقرعن الباب و خرجت فاطمة  إليهن و رحبت بهن و قالت لهن من أين أقبلتن قلن نحن من أقاربكم من بني عبد مناف و قد دخل علينا السرور لخلاص ولدكم و قد عملنا وليمة و بعثنا ببعضها ثم دفعن ذلك لفاطمة فأخذت فاطمة منهن الطعام و دخلت به إلى عبد المطلب فذكرت له ما قالت لها النساء فلم ينكر شيئا من ذلك فغسلوا أيديهم و قال هلموا إلى ما خصكم به أقاربكم ثم إنهم هموا بالأكل و كان أول دلالة ظهرت من نور رسول الله ( ص) إن الله سبحانه و تعالى أنطق الطعام و قال لا تأكلوني فإني مسموم

فتفرقوا عنه القوم و خرجوا يطلبون النساء فلم يقفوا لهن على أثر فعلموا أنهن من أعدائهم اليهود ثم إنهم حفروا للطعام حفيرة و ألقوه فيها ( 20) ‌

المحاوله التاسعه عشره – المحاوله الثانيه لقتل عبد الله والد النبي

كانت عند اليهود جبه بيضاء ليحيى بن زكريا ملطخه بدمه وقد اخبر رهبان واحبار اليهود بعضهم بعضا انه متى قطر دم من الجبه فان النبي الموعود الذي يقتل اليهود سيظهر

ولما رأى اليهود ان الجبه قطرت دما علموا ان النبي الموعود قد ظهر

اجتمع الأحبار بأرض الشام و تكلموا في مولد رسول الله (ص) الذي جرى من جبة يحيى بن زكريا فلما تحققوا و علموا أنه قد قرب خروج السيف المسلول و تظاهرت أنواره تشاوروا فيما بينهم من المشورة أن يسيروا إلى حبرهم و كان في قرية من قرى الأزد و كانوا يقتبسون من نوره و كان قد بلغ من العمر مائة سنة فقصده القوم فلما وصلوا إليه قال ما قدوم الأحبار و علماء الأمصار؟ فقالوا قد أخبرنا في كتبنا من هذا الرجل الذي يقال له السفاك الهتاك الذي تقاتل معه الأملاك يقال له محمد بن عبد الله من آل عبد مناف و ما نلقى عند ظهوره من الأهوال و قد قرب ظهوره و قد جئناك لنشاورك في أمره قبل انتهائه

 فقال يا قوم اعلموا أن من أراد إبطال ما أراد الله جاهل مغرور و إنه لكائن بكم و هذا الرجل الذي ذكرتموه فقد سبق عند الله علمه فكيف تقدرون على إبطاله و هو يبطل سحرة الكهان و يزيل دولة الأصنام و سيكون له وزير و قرين و شأن و أي شأن

فلما سمعوا كلامه حاروا و كان لهم حبر من أحبارهم يقال له هيوبا بن داحورا و كان متمردا قويا شديد البأس عظيم المراس قال يا قوم إن هذا الرجل قد كبر و خرف و قد قل عقله إياكم أن تسمعوا قوله ثم قال لهم أرأيتم الشجرة إذا انقطع أصلها فهل تعود خضراء؟ قالوا لا قال فإن قتلتم صاحبكم الذي يخرج من صلبه هذا المولود فما الذي تخافون منه فتفرقوا من وقتكم و ساعتكم و خذوا معكم تجارة و سيروا إلى البلد الذي هو فيها يعني مكة فإذا حصلتم في مكة دبروا الحيلة في هلاك هذا الرجل

فقصدوا قوله و قالوا أنت سيدنا و عمادنا فقال لهم انظروا بما أفعل و ما آمركم به ثم أريد أن آخذ عليكم العهد و الميثاق و أنا معكم بسيفي و رمحي و أسير معكم حتى تعاهدوني و لا تخالفوني فليعمد كل واحد منكم إلى سيفه و يسقيه من السم فهو أشفى لعلتكم قال فأجابوه إلى ذلك و عاهدوه على أنهم يجتمعون قال و خرجوا بجمالهم و حملوا ما يصلح ما يحتاجوا إليه في السفر ثم إنهم ساروا حتى قدموا مكة و إذا بهاتف يسمعون صوته و لا يرونه و هو ينشد و يقول أفلح من يصلي على الرسول

 فلما سمعوا كلام الهاتف هموا بالرجوع فقال لهم هيوبا يا قوم اعلموا أن هذا الوادي قد كثرت فيه الكهان و الشياطين و أن هذا الهاتف شيطان قد أخذ سركم و علم قصدكم فلا تخلفون فعند ذلك تبادر القوم و كان كل من لقيهم يحدثهم بحسن عبد الله و جماله فوقع الكمد في قلوبهم إلى أن وصلوا مكة فلم ينكر عليهم أحد مما في قلوبهم و ظنوا أنهم تجار و جعلوا يسومون متاعهم و لا يبيعون منه شيئا و إنما يريدون بذلك المقام في مكة و الحيلة في قتل عبد الله بن عبد المطلب

كان عبد الله مولعا بالصيد و القنص و كان إذا خرج إلى الصيد لا يرجع إلا ليلا و كان خروجه من عند أبيه عبد المطلب فلم يجدوا إليه سبيلا حتى خرج ذات يوم وحده فطمعوا به و خرجوا في أثره و جدوا المسير عازمين على أن يظفروا به فقال بعضهم لبعض إننا نخاف من فتيان بني هاشم و هم رجال لا يطاقون و قد ذلت لهم العمالقة و فزعت من سيوفهم الجبابرة و نخشى أن يشعروا بنا فيخرجون وراءنا فلما سمع هيوبا مقالتهم قال لهم خاب سعيكم فإن كنتم هكذا فما الذي أتى بكم إلى هاهنا؟ ثم قال لا بد من قتل هذا الغلام و لو طال عليكم المقام فلم تجدوا يوما أحسن من هذا اليوم فإن قتلناه و اتهمونا بديته فأنا أسلمه من مالي

و بعثوا عبدا من عبيدهم ينظر إلى أين يتوجه عبد الله فرجع العبد و أخبرهم أن عبد الله غاب بين الشعاب و الجبال و قد خرج من العمران و ليس معه إنسان قال فعزم القوم على ما أملوه و جعلوا نصفا منهم عند متاعهم و النصف الآخر جعلوا سيوفهم تحت ثيابهم و خرج العبد الذي أخبرهم بأي مكان و ساروا حتى أوقفهم على رأسه ثم قال يا قوم دونكم ما تطلبون و كان عبد الله قد صاد حمار وحش و هم أن يسلخه و إذا بالقوم قد أقبلوا إليه قاصدين فقال لهم هيوبا بن داحورا هذا صاحبكم الذي خرجتم لأجله فما أحس عبد الله إلا و القوم قد أحاطوا به و كانوا قد تفرقوا فرقتين و قد قالوا للذين تركوهم عند متاعهم إذا دعوناكم أجيبونا مسرعين

فلما أشرفوا على عبد الله و قد سدوا الطريق عليه و زعموا أنهم حكموا عليه فرفع رأسه و نظرهم و إذا هم محدقين به فعلم أنهم يريدون قتله فترك ما كان في يده و أقبل عليهم و قال يا قوم ما شأنكم؟ فو الله ما سبقت يدي على أحد بمكروه أبدا فتطلبوني به و لا مال غصبته و لا قتلت أحدا فتقتلوني فما حاجتكم؟ فإن يكن سبق مني إليكم ذنب فأخبروني حتى أعرف ما هو وكان اليهود قد تلثموا و لم يبين منهم إلا حماليق الحدق فلم يردوا عليه جوابا فأشار بعضهم إلى بعض و هموا أن يهجموا عليه قال فوضع عبد الله سهما في قوسه و رمى به نحوهم فأصاب واحدا منهم فوقع ميتا بحينه ثم رماهم بأربع نبال أصاب بها أربعة رجال قال فاشتغلوا عنه بأنفسهم فأخذ الخامسة و أنشأ يقول أفلح من يصلي على الرسول‌

 

فعندها صاح بهم هيوبا بن داحورا فبادرواإليه و اجتمعوا عليه و هو يكر عليهم يمينا و شمالا و كلما رمى رجلا خر صريعا و نزل عبد الله و استند إلى جانب المضيق و قد هجموا عليه بأجمعهم و هم يرمونه بالحجارة من كل جانب و مكان فبينما هم بالمعركة و إذا هم برجال قد أقبلوا و بأيديهم السيوف الهندية متقلدين الرماح الخطية لابسين الدروع المجلية و هم مسرعين نحوهم فتأملوهم و إذا هم بنو هاشم و بنو عبد مناف و فتيان مكة و كان أولهم أبو طالب و الحمزة و العباس

و كان أخبرهم بخبره رجل يقال له وهب لأنه قد أشرف عليهم و هم بالمعركة فهم أن ينزل عليهم بنفسه فقال ما أصنع بأعداء الله و أنا واحد ثم أقبل إلى الحرم و صاح يا بني عبد المطلب فبادروا إليه مسرعين فأخبرهم بخبر عبد الله و أقبلوا إليه مسرعين فلما رآهم اليهود أيقنوا بالهلاك و نزل بهم من الله ما لا يرد ثم قال لهم ما شأنكم؟ قالوا إنما أردنا أن نعلم بحقيقة الحال فقال لهم هيهات قد علمناكم و جاهدتم أنفسكم بالهلاك

وأما الفرقة التي كانت عندالأمتعة فإنهم هموا بالفرار من المضيق حتى ظنوا أنهم نجوا فأتاهم أمر الله فسقطت عليهم من الجبل قطعة فسدت عليهم المضيق فلم يجدوا مهربا من الله فلحقهم عبد المطلب و أصحابه و أهل مكة و أما الفرقة الأخرى التي كانت من الجانب الآخر مع هيوبا عدو الله قتلوا منهم ما شاء الله ثم قال رجل من اليهود دعونا نصل إلى البلد و افعلوا بنا ما تشاءون فإن لنا مع الناس متاع و مال و أشياء كان خلفناها و أنتم أحق به فخذوه و لا تقتلونا حتى نصل إلى البلد فكتفوهم عن آخرهم و أقبلوا على ناحية الطريق و ساقوا الجميع إلى مكة و أقبل عبد المطلب إلى مكة و أقبل على ولده و هو يقول يا ولدي لولا وهب بن عبد مناف أخبرنا بما كان خبرك ما علمنا بخبرك و لكن الله يكفيك و يقيك من كل سوء ثم ساقوا اليهود مكتفين و ساروا إلى مكة فلما أشرفوا على مكة خرج الناس يهنئونهم بالسلامة و إذا باليهود مصفدين أسارى فجعل الناس يرمونهم بالحجارة و هموا أن يقتلوهم (21)

 

 

 

 المحاوله العشرون - محاوله اليهود قتل عبد المطلب بن هاشم

 حاول اليهود جاهدين منع زواج هاشم بسلمى بنت عمرو النجار وبعد ان تزوج هاشم بسلمى بنت عمرو النجار وولدت شيبه (عبد المطلب ) كانوا يتحينون الفرص لقتله لمعرفتهم بانه جد الرسول محمد بن عبد الله

فَلَمَّا تَمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ اشْتَدَّ حِيَلِهِ وَ قَوِيَ بَأْسُهُ وَ تَبِينُ لِلنَّاسِ فَضْلِهِ

 (مر بنا سابقا ان المطلب ذهب لاخذ ابن اخيه من امه ولاباس باعادتها باختصار لتوضيح محاوله قتل عبد المطلب )

جاء رَجُلًا مِنْ بَنِي الْحَرْثِ إِلَى يَثْرِبَ فِي حَاجَةٍ فَإِذَا بِابْنِ هَاشِمٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ وَ قَدْ عَمٍّ نُورِهِ الْبِلَادِ فَوَقَفَ الرَّجُلِ وَ هُوَ ينتدب بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَ يَقُولُ أَنَا ابْنِ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا وَ الْمَقَامِ أَنَا ابْنِ هَاشِمٍ وَ كَفَى فَنَادَاهُ الرَّجُلِ وَ قَالَ يَا فَتَى

 فَقَالَ مَا تُرِيدُ يَا عَمٍّ؟

فَقَالَ مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ شَيْبَةَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ قَدْ مَاتَ أَبِي وَ جفوني عُمُومَتِي وَ نسوني أَهْلِي وَ بَقِيَتْ عِنْدَ أُمِّي وَ أَخْوَالِي فَمَنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا عَمِّ؟

 قَالَ مِنْ مَكَّةَ

فَقَالَ وَ هَلْ ستحمل لِي بِرِسَالَةِ وَ تتقلد إِلَيَّ أَمَانَةٍ؟

فَقَالَ الْحَرْثِ وَ حَقٌّ أَبِيكَ وَ أَبِي أَفْعَلُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ثُمَّ قَالَ يَا عَمٍّ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى بَلَدُكَ سَالِماً وَ رَأَيْتَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فَأَقْرِئْهُمُ عَنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُمْ إِنَّ مَعِي رِسَالَةِ مِنْ يَتِيمٍ قَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَ جَفَوْهُ أَعْمَامِهِ ثُمَّ قُلْ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيتُمْ وَصِيَّةِ هَاشِمٍ وَ ضَيَّعْتُمْ نَسْلِهِ

الحرث يبلغ الرساله

فَبَكَى الرَّجُلِ وَ اسْتَوَى عَلَى ظَهَرَ رَاحِلَتِهِ وَ أَرْسَلَ زِمَامَهَا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا رِسَالَةِ الْغُلَامُ ثُمَّ أَتَى إِلَى مَجْلِسٍ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ فوجدهم جُلُوساً فأنعمهم صَبَاحاً وَ قَالَ

 يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَرَاكُمْ قَدْ غَفَلْتُمُ عَنْ عزكم وَ تَرَكْتُمْ مصباحكم يَسْتَضِي‌ءُ بِهِ غَيْرِكُمْ فَقَالُوا مَا سَبَبُ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَصِيَّةٍ الْغُلَامُ ابْنِ أَخِيهِمْ فَقَالُوا مَا شَاهَدْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ

 فَقَالَ لَهُمْ الْحَرْثِ وَ اللَّهِ إِنَّهُ ليعجز مِنْهُ الْفُصَحَاءُ لفصاحته وَ يَعْجِزُ عَنْهُ اللَّبِيبِ لِكَلَامِهِ وَ عَنْ خطابه وَ إِنَّهُ لفصيح قَوِيَ الْجِنَانِ فَائِقٌ عَلَى الْغِلْمَانِ أَدِيبُ إِلَى عَقْلِهِ الْكِفَايَةِ وَ إِلَى جُودِهِ

‌قَالَ وَ كَانَ الْمُطَّلِبِ أَشَدُّ أَهْلِ زَمَانِهِ بَأْساً وَ أَعْظَمُ مِرَاساً فَقَالُوا لَهُ إِخْوَتَهُ نَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمُ بِهِ أُمِّهِ سَلْمَى وَ لَا تَدَعْهُ يَخْرُجُ مَعَكَ لِأَنَّهَا شَرَطْتُ عَلَى أَخِيكَ بِذَلِكَ فَقَالَ يَا قَوْمٍ إِنْ لِي فِي ذَلِكَ أَمْراً دَبَّرَهُ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

‌  خرج المطلب في طلب ابن اخيه

 ثُمَّ إِنَّهُ تأهب لِلْخُرُوجِ وَ أَفْرَغَ عَلَيْهِ لِأُمِّهِ حَرْبِهِ وَ رَكِبَ مطيته وَ أَرْخَى زِمَامَهَا إِلَى أَنْ وَصَلَ يَثْرِبَ وَ أَخْفَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُشْعِرُ بِهِ أَحَدٌ فتخبر سَلْمَى عَنْهُ وَ لَمْ يَزَلْ يُتَرَصَّدُ فَوَجَدَ شَيْبَةَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَعَرَفَهُ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَ الضِّيَاءِ اللَّامِعِ الَّذِي أَوْدَعَهُ اللَّهِ فِيهِ وَ قَدْ رَفَعَ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٌ وَ قَالَ أَنَا ابْنِ هَاشِمٍ الْمَعْرُوفِ بالعطايا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامِهِ أَنَاخَ مطيته وَ نَادَى ادْنُ مِنِّي يَا ابْنَ أَخِي فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ شَيْبَةَ وَ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ يَا هَذَا؟ فَقَدْ مَالِ قَلْبِي إِلَيْكَ وَ أَظُنُّكَ مِنْ بَعْضِ عُمُومَتِي فَقَالَ لَهُ أَنَا عَمِّكَ الْمُطَّلِبِ فأسبل عِبْرَتِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَ تُحِبُّ أَنْ تَمْضِيَ مَعِي إِلَى بِلَادِ أَبِيكَ وَ أعمامك وَ تَكُونُ فِي دَارِ عِزِّكَ؟

فَقَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ أَسْرَعُ بِنَا بالمسير فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَعْلَمُوا بِنَا أُمِّي وَ عَشِيرَتِهَا فيلحقوا بِنَا وَ يأخذوني مِنْكَ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَرْكَبُ لركوبها أبطال الْأَوْسِ وَ الْخَزْرَجِ

فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي فِي اللَّهِ الْكِفَايَةِ مِنْ كُلِّ رَزِيَّةٍ ثُمَّ سَارُوا وَ رَكِبُوا الْجَادَّةِ الْكُبْرَى

اليهود يلحقون بالمطلب لقتل عبد المطلب

 ثُمَّ إِنْ الْمُطَّلِبِ اسْتَوَى عَلَى ظَهَرَ نَاقَتِهِ وَ أَرْدَفَ ابْنِ أَخِيهِ قُدَّامَهُ وَ جَرَّدَ سَيْفَهُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا صَهِيلَ الْخَيْلِ وَ زعقات الرِّجَالِ وَ قَعْقَعَةَ اللجم وَ هَمْهَمَةً الْأَبْطَالِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ الْمُطَّلِبِ يَا ابْنَ أَخِي دهمنا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ

وإِنَّ الَّذِي أَعْطَاكَ هَذَا النُّورِ يَقْدِرُ أَنْ يَصْرِفُ عَنَّا كُلِّ مَحْذُورٍ قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ يتخاطبون فِي الْكَلَامِ إِذْ أدركتهما الْخَيْلِ وَ إِذَا هُمْ خَيْلٌ الْيَهُودِ فَلَمَّا رَأَوْا شَيْبَةَ عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ‌ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ‌ وَ يَكُونُ هَلَاكَهُمْ عَلَى يَدِهِ وَ كَانَ قَدْ بَلَغَهُمْ أَنْ شَيْبَةَ خَرَجَ مَعَ عَمِّهِ فأدركهم الطَّمَعُ فِي قَتَلَهُ  فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ يَقْدُمُهُمْ سَيِّدُ مِنْ ساداتهم يُقَالُ لَهُ دِحْيَةَ الْيَهُودِيِّ

هنالك دعا عبد المطلب ربه

هنالك دعا عبد المطلب ربه حين رأى الخيل قد اقتربت منه فاستجاب الله دعاؤه وتوقفت الخبل في مكانها لاتتحرك فنزلوا عنها وتقدمو مشيا نحو عبد المطلب وعمه لقتلهما

فاخذ المطلب قوسه وهو قوس اسماعيل (عليه السلام ) فرماهم بالنبل وقتل منهم عددا عندها تقدم اليه كبير اليهود وفارسهم  دحيه اليهودي و طال النزال بهما وفي اثناء ذلك سمعوا صهيل الخيول وقعقعه السلاح واذا بهم فرسان الاوس والخزرج تتقدمهم سلمى

فانسحب اليهود وتقدمت سلمى ورات المطلب مع شيبه سالمين فسالت ابنها عبد المطلب ان كان يرغب باللحوق باعمامه فقال لها نعم ان رضيت

فاخذ المطلب ابن اخيه على ناقته وحث المسير الى مكه وعندما دخلها رأت قريش الفتى والنور يسطع من جبينه فسألو المطلب عنه فقال هذا عبدي فصار اسمه عبد المطلب

التفت قريش حول عبد المطلب تتبرك بنور رسول الله بين عينيه

فلما قدم المطلب بابن أخيه شيبة و نور رسول الله (صلى الله عليه واله ) لائح بين عينيه أتت قريش به يتبركون حتى إذا أصابتهم مصيبة أو نزل بهم قحط أو دهمهم عدو يأتون إليه و يتوسلون بنور رسول الله(صلى الله عليه واله ) فيفرج الله عنهم ما نزل بهم (22)

 

 

‌‌المحاوله الواحده والعشرون – قتل هاشم بن عبد مناف

ثُمَّ إِنْ هَاشِمٍ سَافَرَ إِلَى غُرَّةِ الشَّامِ بِالتِّجَارَةِ وَ حَضَرَ موسمها فَبَاعَهَا جَمِيعاً وَ لَمْ يَبْقَ مِنْ بِضَاعَتَهُ شَيْ‌ءٌ وَ اشْتَرَى مَا يَصْلُحُ لَهُ وَ اشْتَرَى لسلمى طَرَفاً وَ تُحَفاً ثُمَّ إِنَّهُ تَجَهَّزْ لِلسَّفَرِ

فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا عَلَى السَّفَرِ وَ الرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ طَرَقَتْهُ الْعِلَّةُ وَ الفجعة وَ جَاءَتْهُ السُّرْعَةَ وَ حَوَادِثِ الزَّمَانِ فَأَصْبَحَ مُثَقَّلًا فارتحلت الْقَافِلَةُ وَ بَقِيَ هَاشِمٍ وَحْدَهُ مَعَ عَبِيدِهِ وَ غِلْمَانِهِ وَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ الْحَقُوا برفقتكم فَإِنِّي هَالِكٌ لَا مَحَالَةَ ارْجِعُوا إِلَى مَكَّةَ وَ إِنْ مررتم بِيَثْرِبَ فأقرءوا زَوْجَتِي مِنِّي السَّلَامَ وَ أَخْبَرُوهَا بِخَبَرَيْ وَ عزوها بشخصي وَ وصوها بِوُلْدِي فَهُوَ أَكْبَرُ هَمِّي وَ لَوْلَاهُ مَا نِلْتَ أَمْرِي قَالَ فبكوا الْقَوْمِ بُكَاءً شَدِيداً وَ قَالُوا مَا نبرح مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى نَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنْ أَمَرَكَ ثُمَّ أَقَامُوا تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ الصَّبَّاحِ عَلَى هَاشِمٍ ترادف عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْقَلَقِ فَقَالُوا لَهُ كَيْفَ تَجِدْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَا مَقَامَ لَكُمْ عِنْدِي أَكْثَرُ مِنْ يَوْمِي هَذَا وَ غَداً توسدوني التُّرَابِ قَالَ فبكوا الْقَوْمِ وَ عَلِمُوا أَنَّهُ مُفَارِقٍ الدُّنْيَا وَ لَمْ يَزَالُوا يساهرونه إِلَى الْفَجْرِ

الوصيه الاخيره لهاشم

 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أقعدوني وَ ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ ثُمَّ إِنَّهُمْ أَتَوْهُ بِمَا طَلَبِ وَ جَعَلَ يُكْتَبُ وَ أَصَابِعَهُ تَرْتَعِدُ وَ هُوَ يَقُولُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ هَذَا كِتَابِ كَتَبَهُ عَبْدِ ذَلِيلٌ وَ قَدْ جَاءَهُ أَمَرَ مَوْلَاهُ بِالرَّحِيلِ

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ كَتَبْتُ لَكُمْ هَذَا الْكِتَابِ وَ رُوحِي مِنْ الْمَوْتِ تجذب وَ مَا لِي لَا أَجِدُ مِنْ الْمَوْتِ مَهْرَبٌ وَ إِنِّي نَفَذَتْ إِلَيْكُمْ جَمِيعِ أَمْوَالِي وَ ضَيْعَتِي يَا إِخْوَانِي تقاسموها بَيْنَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَ لَا تَنْسَوُا الْبَعِيدَةِ الْغَائِبَةِ الَّتِي أَخَذَتْ جمالكم وَ احتوت عَلَى عزكم وَ جمالكم سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو فَلَا تنسوها وَ أُوصِيكُمْ بِوُلْدِي الَّذِي مِنْهَا وَ قُولُوا لِخَالِدَةَ وَ صَفِيَّةَ وَ رُقَيَّةُ وَ بَاقِي النِّسَاءِ يَبْكُونَ بالفجيعة وَ يندبوني نَدَبَ الثَّكْلَى وَ بَلَغُوا سَلْمَى عَنِّي أَفْضَلُ السَّلَامِ وَ قُولُوا لَهَا آهِ ثُمَّ آهِ إِنِّي لَمْ أَشْبَعَ مِنْ قَرِبَهَا وَ لَا مِنْ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَ لَا إِلَى وُلْدِي وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إِلَى يَوْمَ النُّشُورُ ثُمَّ طُوًى الْكِتَابِ وَ خَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ وَ دَفَعَهُ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ أضجعوني فأضجعوه فشخص بِبَصَرِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ رِفْقاً بِي أَيُّهَا الرَّسُولِ بِمَا حَمَلَتْ مِنْ نُورٍ الْمُصْطَفَى

التحالف الاموي اليهودي ينفذ اول جريمه تحت شعار  ( لا تبقوا لاهل هذا البيت باقيه )

عدوان حاقدان على هاشم يتحينان الفرص لقتله اميه واليهود

يقول البلاذري

وَمَاتَ هَاشِمٌ بِغَزَّةَ مِنْ بِلادِ الشَّامِ، فَقَبْرُهُ بِهَا. وَقَدِمَ بِتَرِكَتِهِ وَمَتَاعِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْد العزى بْن أَبِي قَيْس، من بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَكَانَ لِهَاشِمٍ يَوْمَ مَاتَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَيُقَالُ عِشْرُونَ سَنَةً

وقال مطرود الخزاعي يرثيه

مات الندى بالشام لما أن ثوى... أودى  بغزة هاشم لا يبعد

لا يبعدن ربّ الفناء  نعوده ... عود السقيم يجود بين العوّد

فجفانه رذم  لمن ينتابه ... والنصر منه  باللسان وباليد

 

مَن قتل هاشم بن عبد مناف

 

اعتقد ان اميه قد دس السم بمساعده يهود الشام لهاشم وسبب هذا الاعتقاد مايلي

اولا

لنعد قراءه المقطعين التاليين:

 (   فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا عَلَى السَّفَرِ وَ الرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ طَرَقَتْهُ الْعِلَّةُ وَ الفجعة وَ جَاءَتْهُ السُّرْعَةَ وَ حَوَادِثِ الزَّمَانِ فَأَصْبَحَ مُثَقَّلًا فارتحلت الْقَافِلَةُ وَ بَقِيَ هَاشِمٍ وَحْدَهُ مَعَ عَبِيدِهِ وَ غِلْمَانِهِ وَ أَصْحَابِهِ  )

(ثُمَّ أَقَامُوا تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ الصَّبَّاحِ عَلَى هَاشِمٍ ترادف عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْقَلَقِ فَقَالُوا لَهُ كَيْفَ تَجِدْ نَفْسِكَ فَقَالَ لَا مَقَامَ لَكُمْ عِنْدِي أَكْثَرُ مِنْ يَوْمِي هَذَا وَ غَداً توسدوني التُّرَابِ قَالَ فبكوا الْقَوْمِ وَ عَلِمُوا أَنَّهُ مُفَارِقٍ الدُّنْيَا وَ لَمْ يَزَالُوا يساهرونه إِلَى الْفَجْرِ)

من هذين المقطعين يتبين ان العله لم تمهل هاشم اكثر من يوم وليله وان السم الذي سقي لهاشم كان مفعوله سريعا وقويا واليهود في الشام يمتازون بامتلاكهم تلك السموم التي راينا اثارها في كبد الحسن ومالك الاشتر وغيرم ممن قتل بالسم من اهل البيت

ثانيا

كان اميه منفيا الى الشام لعشر سنين ولاعوده له الا بقتل هاشم فهو صاحب المصلحه الحقيقيه بموت هاشم واذا قتل هاشم فانه سيعود سريعا ويصفو له الجو فلا منافس له  

ثالثا

يقول البلاذري

وَمَاتَ هَاشِمٌ بِغَزَّةَ مِنْ بِلادِ الشَّامِ، فَقَبْرُهُ بِهَا. وَقَدِمَ بِتَرِكَتِهِ وَمَتَاعِهِ أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْد العزى بْن أَبِي قَيْس، من بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَكَانَ لِهَاشِمٍ يَوْمَ مَاتَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً

وهذا يعني انه في ريعان شبابه ولا يعاني من ازمات صحيه

 

رابعا

 وفي روايه طويله يرويها  احمد بن عبد الله البكري في كتابه  الانوار ومفتاح السرور والافكار في مولد النبي المختار الجزء الاول صفحه 33  حضر اليهود برئاسه ارمون بن يقطون مع 400 من اليهود  مجلس خطبه سلمى بنت عمرو النجار وحاولوا عرقله الخطبه وقتل هاشم ومنع زواج هاشم من سلمى وانتقال نور رسول الله الى سلمى بنت عمرو النجار  وحدثت معركه انتهت بمقتل ارمون وهرب اليهود وتمت الخطبه

من هذا يتبين سعي اليهود الحثيث لقتل هاشم  وتحين الفرص لذلك

خامسا

لنستعرض وصيه هاشم لسلمى وتحذيرها من اليهود

يا سَلْمَى إِنِّي أُوَدِّعَكَ الْوَدِيعَةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهِ تَعَالَى آدَمَ ثُمَّ أَوْدَعَهَا آدَمَ شَيْثٍ ثُمَّ أَوْدَعَهَا شَيْثٍ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ لَمْ يَزَالُوا يَتَوَارَثُونَهَا مِنْ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى أَنْ وَصَلَتْ إِلَيْنَا وَ قَدْ شَرَفِنَا اللَّهِ بِهَذَا النُّورِ وَ قَدْ أَوْدَعَهُ إِيَّاكَ وَ أَنَا آخُذُ عَلَيْكَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقَ بِأَنْ تَوَقِّيهِ وَ تحفظيه وَ إِنْ أَنْتَ أَتَيْتَ بِهِ وَ أَنَا غَائِبٌ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَقَةِ مِنْ الْعَيْنِ وَ الرُّوحُ بَيْنَ الْجَنْبَيْنِ وَ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى أَنْ لَا تَرَاهُ الْعُيُونِ فَافْعِلِي فَإِنْ لَهُ حسادا وَ أضدادا وَ أَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْهِ عَدَاوَةً الْيَهُودِ وَ قَدْ رَأَيْتُ مَا جَرَى بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ بِالْأَمْسِ يَوْمَ خطبتك وَ إِنْ لَمْ أَرْجِعَ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ مُكَرَّماً مَحْفُوظاً إِلَى أَنْ يترعرع وَ احمليه إِلَى الْحَرَمِ دَارِ عِزُّهُ وَ نَصَرَهُ

 

سادسا

من يستعرض محاولات اليهود العديده لقتل محمد صلى الله عليه واله  بعد ولادته ولحين استشهاده ومحاولات اليهود المستميته لقتل جده عبد المطلب ووالده عبد الله لا يبق لديه اي شك بان جنودا من عسل امويه يهوديه قد قتلت هاشم بن عبد مناف  (23)

 

 

المصادر

 

 (1)البدايه والنهايه

 (2)الترمذي في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه والحاكم في مستدرك 

 (3)تاريخ اليعقوبي 2 / 31 

(4) تاريخ ابن الوردي

(5)زيني دحلان الشافعي في ( اسنى المطالب ( ص18 )

6- تاريخ اليعقوبي: 2/31

(7) طبقات ابن سعد1/186

(8)( مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر 18 / 269 

 (9)(البدايه والنهايه لابن كثير)

(10)الاستيعاب في معرفه الاصحاب ص 1221)

(11) جواهر التاريخ ج3 ص 211

(12)دلائل النبوه للبيهقي  3 / 354

 (13)الطبقات 2 / 201(13) 202

 (14) تهذيب الكمال 5/507

(15 )تاريخ الطبري 2/438

(16 )سنن البخاري 7/17

(17 )مستدرك الحاكم 3/60

(18)صحيح البخاري ج7 ص 9

(19)صحيح البخاري ج5

(20)الأنوار و مفتاح السرور و الأفكار في مولد النبي المختار المؤلف : البكري‌، أحمد بن عبد الله   

(21)المصدر السابق

(22) المصدر السابق

( 23 ) المصدر السابق

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Screenshot 2023-11-25 081706

Screenshot 2023-12-25 201917

Screenshot 2023-12-25 202839

أخترنا لك
بنو اميه ليسوا من قريش وإنما من عبيدهم (الفصل الثالث)

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف