إنارة العقول في كشف أسماء من حارب الرسول من قريش
الفصل الاول
الايات النازله بذم مجموعات من قريش
ذم الله سبحانه وتعالى مجاميع من قريش وهي كالتالي:
1-المستهزئون
2- ائمه الكفر
3- مطعموا جيش قريش يوم بدر
4- من حاول قتل النبي (ص) عند مروره بالعقبه
5- بنو اميه
6 - الكافرون من قريش
7- المشركون من قريش
8 - رؤساء قريش
9 - نساء من نساء النبي
10- المهدور دمهم
11- المنافقون من قريش
12- الاعراب
اولا- المستهزئون برسول الله (ص)
(إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ)
قال تعالى :
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴿ ٩٤ ﴾ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴿ ٩٥﴾ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴿ ٩٦ ﴾ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ( ٩٧ ﴾الحجر
يقول القرطبي في تفسيره
قال عبد الله بن عبيد: ما زال النبيّ صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزل قوله تعالى: (فاصدع بِما تؤمر) فخرج هو وأصحابه.
وقال مجاهد: أراد الجهر بالقرآن في الصلاة. (وأعرِض عنِ المشرِكين) لا تبال بهم.
وقال ابن إسحاق: لما تمادَوْا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى (فاصدع بِما تؤمر وأعِرض عنِ المشرِكين. إنا كفيناك المستهزِئِين. الذين يجعلون مع اللَّهِ إِلٰهاً آخرَ فسوف يعلمون).
والمعنى: اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله فإن الله كافيك مَن أذاك كما كفاك المستهزئين، وكانوا خمسة من رؤساء أهل مكة
وهم :
1-الوليد بن المغيره
2- العاص بن وائل
3- الأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة
4- الأسود بن عبد يَغُوث
5- الحارث بن الطُّلاطِلَة
أهلكهم الله جميعاً، قبل يوم بدر في يوم واحد لاستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وسبب هلاكهم فيما ذكر ٱبن إسحاق:
أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون بالبيت، فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرّ به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعَمِيَ ووجِعت عينه، فجعل يضرب برأسه الجدار.
ومرّ به الأسود بن عبد يَغُوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنُه فمات منه حَبَناً. (يقال: حَبِن بالكسر) حَبَنا وحُبِن للمفعول عظم بطنه بالماء الأصفر، فهو أحبن، والمرأة حبناء قاله في الصحاح.
ومرّ به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله، وكان أصابه قبل ذلك بسنين، وهو يَجُرّ سَبَله، وذلك أنه مرّ برجل من خزاعة يَرِيش نَبْلاً له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخَدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء، فانتقض به فقتله.
ومرّ به العاص بن وائل فأشار إلى أَخْمَص قدمه، فخرج على حمار له يريد الطائف، فرَبَض به على شِبْرِقة فدخلت في أخْمَص رجله شوكةٌ فقتلته.
ومرّ به الحارث بن الطُّلاطِلة، فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتله.
وقد ذُكر في سبب موتهم اختلاف قريب من هذا. وقيل: إنهم المراد بقوله تعالى:
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴿ ٢٦ ﴾النحل
شّبه ما أصابهم في موتهم بالسقف الواقع عليهم
وسنتطرق لاحقا الى سيره كل رجل من هؤلاء والايات التي نزلت في ذمه
ثانيا - ائمه الكفر
(فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ)
قال تعالى :
وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ﴿ ١٢ ﴾ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿ ١٣ ﴾ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴿ ١٤ ﴾ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿ ١٥ ﴾التوبه
يقول الطبري في تفسيره :
يقول تعالى ذكره: فإن نقض هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم من قريش عهودهم من بعد ما عاقدوكم، أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحداً من أعدائكم { وَطَعَنُوا فِي دينِكُمْ } يقول: وقدحوا في دينكم الإسلام، فثلموه وعابوه. { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ } يقول: فقاتلوا رؤساء الكفر بالله. { إنَّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ } يقول: إن رؤساء الكفر لا عهد لهم. { لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ } لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم.
قال أهل التأويل على اختلاف بينهم في المعنيين بأئمة الكفر، فقال بعضهم: هم أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب ونظراؤهم
وفي تفسير ابن كثير
وقد قال قتادة وغيره أئمة الكفر أبي جهل، وعتبة، وشيبة، وأمية بن خلف، وعدد رجالاً،
وقال البغوي في تفسيره :
قال ابن عباس: نزلت في أبي سفيان بن حرب، وأبي جهل بن هشام، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وسائر رؤساء قريش يومئذٍ للذين نقضوا العهد، وهم الذين همّوا بإخراج الرسول
ويقول مقاتل بن سليمان في تفسيره
{ فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ } ، يعني قادة الكفر كفار قريش: أبا سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وغيرهم،{ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ }؛ لأنهم نقضوا العهد الذي كان بالحديبية،
ويقول السيوطي في الدر المنثور
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله { أئمة الكفر } قال: أبو سفيان بن حرب، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وسهيل بن عمرو، وهم الذين نكثوا عهد الله تعالى وهمّوا باخراج الرسول من مكة
يقول: إن رؤساء الكفر لا عهد لهم. { لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ } لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم.
ويقول البغوي في تفسيره
فقال جلّ ذكره: { أَلاَ تُقَـٰتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَـٰنَهُمْ } ، نقضوا عهدهم، وهم الذين نقضوا عهد الصلح بالحديبية وأعانوا بني بكر على خزاعة. { وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ } ، من مكة حين اجتمعوا في دار الندوة، { وَهُم بَدَءُوكُمْ } ، بالقتال، { أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، يعني: يوم بدر، وذلك أنهم قالوا حين سَلِمَ العير: لا ننصرف حتى نستأصل محمداً وأصحابه. وقال جماعة من المفسرين: أراد أنهم بدأوا بقتال خُزاعةَ حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. { أَتَخْشَوْنَهُمْ } ، أتخافونهم فتتركون قتالهم؟ { فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ } ، في ترك قتالهم، { إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ }. { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ } ، يقتلهم الله بأيديكم، { وَيُخْزِهِمْ } ، ويذلهم بالأسر والقهر، { وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ } ، ويبرىء داء قلوب قوم { مُّؤُمِنِينَ } ، مما كانوا ينالونه من الأذى منهم
ويقول: إن رؤساء الكفر لا عهد لهم. { لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ } لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم.
وهم :
1- أبو سفيان صخر بن حرب
2- أبو جهل بن هشام
3- أمية بن خلف
4 - عتبة بن ربيعة
5- سهيل بن عمرو
6- معاويه بن ابي سفيان
7 -عمر بن العاص
وسناتي على بيان الايات النازله بذم كل منهم على انفراد
ثالثا - مطعموا جيش قريش يوم بدر
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )
نزلت الايات التاليه في مطعموا جيش قريش يوم بدر:
قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴿ ٣٦ ﴾ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿ ٣٧ ﴾ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ﴿ ٣٨ ﴾ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿ ٣٩ ﴾ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴿ ٤٠ ﴾الانفال
وقال مقاتل والكلبي:
نزلت في المُطْعِمِينَ يوم "بدر" وكانوا اثنى عشر رجلاً: أبو جهل بن هشام، وعُتْبة وشَيْبة ابنا ربيعة، ونُبَيْه ومُنَبِّه ابنا حجَّاج، وأبو البَخْتَرِي بن هشام، والنَّضْر بن الحارث، وحَكِيم بن حِزَام، وأُبيّ بن خلَف، وزمعة بن الأسود، والحارث بن عامر بن نَوْفَل، والعباس بن عبد المطلب، وكلهم من قريش، وكان يطعم كلّ واحد منهم كل يوم عشر جرائر
وهم :
1- أبو جهل
2- أمية بن خلف
3- العباس بن عبد المطلب
4- عتبة بن ربيعة
5- الحارث بن عامر بن نوفل
6- طعيمة بن عدي بن نوفل
7- أبو البَخْترِي
8- العاصي بن هاشم
9- حكيم بن حزام
10 - النضر بن الحارث
11 - نُبَيْه بنُ حجاج السهمي وأخوه مُنَبه
12 - سهيل بن عَمرو العامري
كانوا يطعمون في كل يوم عشر جزائر. وهذا الإنفاق وقع يوم بدر، وقد مضى، فالتعبير عنه بصيغة المضارع لاستحضار حالة الإنفاق وأنها حالة عجيبة في وفرة النفقات
وبعد ذلك تكون تلك الأموال التي ينفقونها حسرة عليهم، والحسرة شدة الندامة والتلهفُ على ما فات، وأسندت الحسرة إلى الأموال لأنها سبب الحسرة بإنفاقها.
وقال سعيد بن جُبَيْر وابن أبْزَى: نزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم أحد ألفين من الأحَابِيش يقاتل بهم النبي صلى الله عليه وسلم سوى من استحباب له من العرب، وفيهم يقول كَعْبُ بن مالك
فجئنا إِلى مَوْجٍ من البحر وَسْطَهُ * أحابِيشُ منهم حاسِرٌ وَمُقَنَّعُ
ثلاثةُ آلافٍ ونَحْنُ نَصِيَّــةٌ * ثَلاَثُ مِئينَ إِنْ كَثُرْنَا فأرْبَعُ
وقال الحكم بن عُتَيبة: أنفق أبو سفيان على المشركين يوم أحد أربعين أوقية من الذهب فنزلت فيه هذه الآية
فقد أنفقوا بعد ذلك على الجيش يومَ أُحُد استأجر أبو سفيان ألفين من الأحابيش لقتال المسلمين يوم أُحُد. والأحابيش فِرَق من كنانة تجمعت من أفذاذ شتى وحالفوا قريشاً وسكنوا حول مكة سمّو أحابيش جمع أحبوش وهو الجماعة أي الجماعات فكان ما أحرزوه من النصر كِفاءً لنصر يوم بدر، بل كان نصر يوم بدر أعظمَ
ولذلك اقتنع أبو سفيان يوم أُحُد أن يقول «يوم بيوم بدر والحرب سجال»
وكان يحسب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قُتل فخاب في حسابه،
ثم أنفقوا على الأحزاب حين هاجموا المدينة ثم انصرفوا بلا طائِل، فكان إنفاقهم حسرة عليهم. وقوله { ثم يُغلبون } ارتقاء في الإنذار بخيبتهم وخذلانهم، فإنهم بعد أن لم يحصلوا من إنفاقهم على طائِل
وقوله { ثم يُغلبون } ارتقاء في الإنذار بخيبتهم وخذلانهم، فإنهم بعد أن لم يحصلوا من إنفاقهم على طائِل تُوعدوا بأنهم سيغلبهم المسلمون بعد أن غلبوهم أيضاً يومَ بدر، وهو إنذار لهم بغلب فتح مكة وانقطاعِ دابر أمرهم، وهذا كالإنذار في قوله
{ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد } آل عمران 12
وسنتطرق في الفصل القادم الى الايات النازله بذم كل شخص من هؤلاء منفردا او مع جماعه
رابعا - الذين حاولوا قتل رسول الله ليله اجتيازه العقبه
(وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ)
1- قال تعالى :
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿ ٧٤ ﴾ التوبه
يقول الفيض الكاشاني في تفسير الصافي
وفي المجمع نزلت في أهل العقبة فإنّهم أضمرُوا أن يقتلوا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم في العقبة حين رَجْعهم من تبوك وأرادوا أن يقطعوا انساع راحلته ثم ينخسوا به فأطلعه الله على ذلك وكان من جملة معجزاته لأنّه لا يمكن معرفة ذلك إلاّ بوحي من الله فبادر رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم في العقبة وحده وعمّار وحذيفة أحدهما يقود ناقته والآخر يسوقها وأمر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي وكان الذين همّوا بقتله اثني عشر رجلاً أو خمسة عشر عرفهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وسمّاهم بأسمائهم
ويقول القرطبي في تفسيره
قوله تعالى: { وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } يعني المنافقين من قتل النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في غزوة تبوك، وكانوا اثني عشر رجلاً. " قال حذيفة: سمّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عدّهم كلهم. فقلت: ألاَ تبعثُ إليهم فتقتلَهم؟ فقال:
(أكره أن تقول العرب لمّا ظفِر بأصحابه أقبل يقتلهم بل يكفيهم الله الدُّبَيْلة).
قيل: يا رسول الله وما الدُّبيلة؟ قال: (شهاب من جهنم يجعله على نِياط فؤاد أحدهم حتى تزهق نفسه)والمعروف ان معاويه مات بالدبيله
قال الضحاك: هموا أن يدفعوا (النبي صلى الله عليه وسلم) ليلة العَقَبة، وكانوا قد أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم،. فجعلوا يلتسمون غِرّته، حتى أخذ في عَقَبَةٍ، فتقدَّم بعضهم، وتأخر بعضهم، وذلك كان ليلاً، قالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي، وكان قائده في تلك الليلة عمَّار بن ياسر، وسائقه حُذَيفة، فسمع حُذَيفة وقع أخفاف الإبل، فالتفت فإذا هو بقوم متلثمين، فقال: إليكم يا أعداء الله، فأمسكوا ومضى النبي عليه السلام حتى نزل منزله الذي أراد، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ﴾
وكانت غزوة تبوك بعد انتصار المسلمين على المشركين، وسيطرتهم على جزيرة العرب، فوجد المنافقون أن ملك المسلمين أصبح عظيما، وبلادهم واسعة، فسعوا لقتل النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) للسيطرة على خلافته
رجع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قافلا من تبوك إلى المدينة
وقال لاصحابه من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم، وأخذ النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) العقبة(والعقبه هي الجبل الذي يعترض الطريق وطريقه صعب ) وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين مكروا برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) لما سمعوا بذلك استعدوا وتلثموا، وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) حذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، وأمر حذيفة أن يردهم، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضربا بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثمون، فرعبهم الله عزوجل حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )، فلما أدركه، قال: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار، فأسرعوا حتى خرجوا من العقبة ينتظرون الناس،
وكان النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) قد قال لحذيفة: هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب، أو أحدا منهم؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل، وغشيتهم وهم متلثمون، فقال (صلى الله عليه واله وسلم ): هل علمتم ما كان شأن الركب وما أرادوا؟ قالوا: لا والله يا رسول الله، قال: فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها، قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاءك الناس فتضرب أعناقهم؟
قال: أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قد وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما، وقال: اكتماهم (ابن كثير في البدايه والنهايه)
ولما جمعهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وأخبرهم بما قالوه وأجمعوا له فحلفوا بالله ما قالوا
فأنزل الله تعالى الايه ( 74) سوره التوبه
{ يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } * { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }التوبه 74
كتم حذيفه الخبر ولم يبح باسماء هؤلاء النفر من قريش ولكي تعرف مدى قوه هؤلاء القوم في قريش اليك حديث حذيفه التالي
قال حذیفة
لو كنت على شاطئ نھر، وقد مددت یدي لاغترف فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصلت یدي إلى فمي حتى أقتل
فلا عجب اذن ان يقول المؤرخون فلان وفلان ويتحاشون ذكر اسمائهم خوفا على حياتهم
2 - قال تعالى
يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ﴿ ٦٤ ﴾ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴿ ٦٥ ﴾ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴿ ٦٦ ﴾التوبه
قال الطبرسي في تفسيره :
نزلت في اثني عشر رجلاً وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم عند رجوعه من تبوك فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأمره أن يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم وعمار كان يقود دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذيفة يسوقها. فقال لحذيفة: " اضرب وجوه رواحلهم " فضربها حتى نحاهم فلما نزل قال لحذيفة:
من عرفت من القوم ؟
قال: لم أعرف منهم أحداً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنه فلان وفلان حتى عدَّهم كلهم " فقال حذيفة: ألا تبعث إليهم فتقتلهم فقال:
" أكره أن تقول العرب لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم "
عن ابن كيسان. وروي عن أبي جعفر الباقر( ع) مثله إلا أنه قال: ائتمروا بينهم ليقتلوه. وقال بعضهم لبعض إن فطن نقول إنا كنا نخوض ونلعب وإن لم يفطن نقتله. وقيل:
إن جماعة من المنافقين قالوا في غزوة تبوك يظن هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات هيهات فاطلع الله نبيّه صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال:
( احبسوا علي الركب فدعاهم فقال لهم قلتم كذا وكذا )
فقالوا: يا نبي الله صلى الله عليه وسلم إنما كنا نخوض ونلعب وحلفوا على ذلك فنزلت الآية
{ ولئن سألتم ليقولنّ } " الخ
عن الحسن وقتادة. وقيل: كان ذلك عند منصرفه من غزوة تبوك إلى المدينة وكان بين يديه أربعة نفر أو ثلاثة يستهزؤون ويضحكون وأحدهم يضحك ولا يتكلم فنزل جبريل وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فدعا عمار بن ياسر وقال إن هؤلاء يستهزؤون بي و بالقرآن أخبرني جبرائيل بذلك ولئن سألتهم ليقولن كنا نتحدث بحديث الركب " فاتبعهم عمار وقال لهم: ممَّ تضحكون قالوا نتحدث بحديث الركب فقال عمار صدق الله ورسوله احترقتم أحرقكم الله فأقبلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعتذرون فأنزل الله تعالى الآيات عن الكلبي وعلي بن إبراهيم وأبي حمزة.
خامسا - بني اميه
الشجره الملعونه في القران
قال تعالى :
وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ﴿ ٦٠ ﴾ الاسراء
يقول الفيض الكاشاني في تفسير الصافي
قال القمّي نزلت لمّا رأى النبيّ صلّى الله عليه وآله في نومه كأنّ قروداً تصعد منبره فساءه ذلك وغمّه غمّاً شديداً فأنزل الله وما جعلنا الرّؤيا الّتي اريناك الاّ فتنة ليعمهوا او الشجرة الملعونة كذا نزلت وهم بنو اميّة،
والعيّاشي عن الباقر عليه السلام وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الاّ فتنة لهم ليعمهوا فيها والشجرة الملعونة في القرآن يعني بني اميّة ومضمراً انّه سئل عن هذه الآية فقال انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله نام فرأى ان بني اميّة يصعدون منبره يصدّون الناس كلّما صعد منهم رجل رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله الذلّة والمسكنة فاستيقظ جزوعاً من ذلك فكان الذين رآهم اثني عشر رجلاً من بني اميّة فأتاه جبرئيل بهذه الآية ثم قال جبرئيل انّ بني اميّة لا يملكون شيئاً الاّ ملك اهل البيت ضعفيه
وفي الاحتجاج عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث قال انّ معاوية وابنه سيليانها بعد عثمان ثم يليها سبعة من ولد الحكم بن ابي العاص واحداً بعد واحد يكمّله اثني عشر امام ضلالة وهم الذين رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله على منبره يردّون الامّة على ادبارهم القهقرى عشرة منهم من بني اميّة ورجلان اسّسا ذلك لهم وعليهما اوزار هذه الامة الى يوم القيامة
وفي مقدمة الصحيفة السجادية عن الصادق عن ابيه عن جدّه ان رسول الله صلّى الله عليه وآله اخذته نعسة وهو على منبره فرأى في منامه رجالاً ينزون على منبره نزو القردة يردّون الناس على اعقابهم القهقرى فاستوى رسول الله صلّى الله عليه وآله جالساً والحزن يعرف وجهه فاتاه جبرئيل بهذه الآية وما جَعَلنَا الرّؤْيا التي اريناك الآية يعني بني اميّة قال يا جبرئيل اعلى عهدي يكونون وفي زمني قال لا ولكن تدور رحى الاسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشراً ثمّ تدور رحى الاسلام على رأس خمس وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمساً ثم لا بدّ من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها ثمّ ملك الفراعنة قال وانزل الله في ذلك انّا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر تملكها بنو اميّة ليس فيها ليلة القدر قال فاطلع الله نبيّه انّ بني اميّة تملك سلطان هذه الامة وملكها طول هذه المدة فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها حتى يأذن الله بزوال ملكهم وهم بذلك مستشعرون عداوتنا اهل البيت وبغضنا اخبر الله نبيّه بما يلقى اهل بيت محمد صلّى الله عليه وآله واهل مودّتهم وشيعتهم منهم في ايّامهم وملكهم
أقول ُ: وانّما اُرِيَ صلىَّ الله عليه وآله وسلم ردّ الناس عن الاسلام القهقرى لأنّ الناس كانوا يظهرون الاسلام وكانوا يصلّون إلى القبلة ومع هذا كانوا يخرجون من الاسلامِ شيئاً فشيئاً كالذي يرتدّ عن الصراط السّويّ القهقرى ويكون وجهه إلى الحق حتى إذا بلغ غاية سعيه رأى نفسه في الجحيم
وفي الاحتجاج عن الحسن بن عَليّ عليهما السلام في حديث أنه قال لمروان بن الحكم أمّا أنت يا مروان فلست أَنَا سَبَبْتُكَ ولا سَبَبْت أباك ولكن الله عزّ وجلّ لعنك ولعَنَ أباك وأهل بيتك وذرّيّتك وما خرج من صلب أبيك إلى يوم القيامة عل لسان نبيّه محمّد صلىَّ الله عليه وآله وسلم وَاللهَ يا مروان ما تنكر أنت ولا أحد ممّن حضر هذه اللعنه من رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم لك ولأبيك من قبلكَ وما زادك الله يا مروان بما خوّفك إلاّ طغياناً كبيراً
وصدق الله وصدق رسوله بقول الله تعالى والشّجَرة الملعونة في القرآن وخوّفهم فما يزيدهم إلاّ طغياناً كبيراً وأنت يا مروان وذّريّتك الشجرة الملعونة في القرآن
عن رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم وعن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث وجعل أهل الكتاب القائمينَ به والعاملين بظاهره وباطنه من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماءِ تؤتي أكلها كلّ حين بإذن رَبّها أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت وجعل أعدائها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ ان يُتمّ نوره ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بيّنت لك تأويلها لأسقطوها
وسنتطرق الى الايات النازله في ذم بني اميه كلا على انفراد في الفصول القادمه ان شاء الله
سادسا – الكافرون
( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا)
1- قال تعالى
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿ ١ ﴾ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴿ ٢ ﴾ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿ ٣ ﴾ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ ﴿ ٤ ﴾ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿ ٥ ﴾ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴿ ٦ ﴾الكافرون
ويقول الطبرسي في مجمع البيان
نزلت السورة في نفر من قريش منهم الحارث بن قيس السهمي والعاص بن أبي وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب بن أسد وأمية بن خلف
قالوا هلم يا محمد فاتبع ديننا نتّبع دينك ونشركك في أمرنا كله تعبد إلهتنا سنة ونعبد آلهك سنة فإن كان الذي جئت به خير مما بأيدينا كنّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه
فقال صلى الله عليه وسلم: معاذ الله أن أشرك به غيره
فنزلت { قل يا أيها الكافرون }
فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم ثم قرأ عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا عند ذلك فآذوه وآذوا أصحابه
قال ابن عباس :
وفيهم نزل قوله{ قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون [الزمر: 64
2- قال تعالى:
إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ﴿ ٦٤ ﴾ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿ ٦٥ ﴾ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴿ ٦٦ ﴾ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴿ ٦٧ ﴾ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴿ ٦٨ ﴾ الاحزاب
يقول مقاتل بن سليمان في تفسيره
{ يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } * { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً } * { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } * { وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } * { رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً }
{ يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } يعنى القيامة، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب، فسأله رجل عن الساعة، فأوحى الله عز وجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم: { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ } يعنى القيامة { تَكُونُ قَرِيباً } [آية: 63]
{ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَافِرِينَ } يعنى كفار مكة { وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً } [آية: 64] يعنى وقوداً
{ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً } يمنعهم { وَلاَ نَصِيراً } [آية: 65] يعنى ولا مانعاً يمنعهم من العذاب { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } [آية: 66] يعنى محمداً صلى الله عليه وسلم
{ وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا } فهذا قول الأتباع من مشركى العرب من أهل مكة، قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا، نزلت فى اثنى عشر رجلاً وهم المطعمون يوم بدر فيهم أبو جهل بن هشام، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وكبراءنا، يعنى ذوى الأسنان منا فى الكفر { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } [آية: 67] يعنى المطعمين فى غزوة بدر والمستهزئين من قريش فأضلونا عن سبيل الهدى، يعنى التوحيد
ثم قال: الأتباع: { رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } يعنون القادة والرءوس من كفار قريش { وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } [آية: 68] يعنى عظيماً، يعنى اللعن على أثر اللعن
سابعا – مشركو قريش
(فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ) الحجر 94
قال تعالى :
1-{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } الحجر 94
يقول القرطبي في تفسيره
وقال عبد الله بن عبيد: ما زال النبيّ صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزل قوله تعالى: «فاصدع بِما تؤمر» فخرج هو وأصحابه. وقال مجاهد: أراد الجهر بالقرآن في الصلاة. «وأعرِض عنِ المشرِكين» لا تبال بهم.
وقال ابن إسحاق: لما تمادَوْا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى «فاصدع بِما تؤمر وأعِرض عنِ المشرِكين. إنا كفيناك المستهزِئِين. الذين يجعلون مع اللَّهِ إِلٰهاً آخرَ فسوف يعلمون».
والمعنى: اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله فإن الله كافيك مَن أذاك كما كفاك المستهزئين،
2- { وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }(الملك 13 )
يقول القرطبي
نزلت في مشركي قريش
قال ابن عباس: نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخبره جبريل عليه السلام بما قالوا فيه ونالوا منه، فيقول بعضهم لبعض، أسروا قولكم لئلا يسمع محمد
ويقول الطبري في تفسيره
يقول تعالى ذكره: إن الذين يخافون ربهم بالغيب: يقول: وهم لم يرَوْه { لَهَمْ مَغْفِرَةً } وعفو من الله عن ذنوبهم { وأجْرٌ كَبِيرٌ } وثواب من الله على خشيتهم إياه بالغيب جزيل.
وقوله: { وأسِرُّوا قَوْلَكُمْ أو اجْهَرُوا بِهِ } يقول جلّ ثناؤه:
وأخفوا قولكم وكلامكم أيها الناس أو أعلنوه وأظهروه { إنَّهُ عَلِيمٌ بذَاتِ الصُّدُورِ } يقول: إنه ذو علم بضمائر الصدور التي لم يُتَكَلَّم بها، فكيف بما نطق به وتكلم به، أخفى ذلك أو أعلن، لأن من لم تخف عليه ضمائر الصدور فغيرها أحرى أن لا يخفى عليه
ثامنا – ايات في رؤساء قريش
وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا( ٩٣) الاسراء
1 - قال تعالى
وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ﴿ ٩٠ ﴾ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ﴿ ٩١ ﴾ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا ﴿ ٩٢ ﴾ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ﴿ ٩٣ ﴾ الاسراء
قال القرطبي في تفسيره
قوله تعالى: { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً }
نزلت في رؤساء قريش مثل عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبي سفيان والنضر بن الحارث، وأبي جهل وعبد لله بن أبي أمية، وأمية بن خلف وأبي البختريّ، والوليد بن المغيرة وغيرهم.
وذلك أنهم لما عجزوا عن معارضة القرآن ولم يرضَوْا به معجزة، اجتمعوا ـ فيما ذكر ابن إسحاق وغيره ـ بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، ثم قال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكلّموه وخاصموه حتى تعذروا فيه، فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك فآتهم، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بدو، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً يحبّ رشدهم ويعزّ عليه عَنَتهم، حتى جلس إليهم فقالوا له:
يا محمد! إنا قد بعثنا إليك لنكلمك، وإنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمتَ الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة وسفّهت الأحلام وفرّقت الجماعة، فما بقي أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك، أو كما قالوا له. فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا فنحن نسوّدك علينا، وإن كنت تريد به ملكاً ملّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رَئِيًّا تراه قد غَلَب عليك ـ وكانوا يسمّون التابع من الجن رئياً ـ فربما كان ذلك بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نُعذر فيك. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما بي ما تقولون ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولاً وأنزل عليّ كتاباً وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً فبلّغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردّوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم»
أو كما قال صلى الله عليه وسلم. قالوا: يا محمد، فإن كنت غير قابل منا شيئاً مما عرضناه عليك، فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلداً ولا أقلّ ماء ولا أشدّ عيشاً منا، فسَلْ لنا ربَّك الذي بعثك بما بعثك به، فليسيِّر عنا هذه الجبال التي قد ضيّقت علينا، وليبسط لنا بلادنا وليخرق لنا فيها أنهاراً كأنهار الشأم، وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا قُصي بن كلاب فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول، أحقٌّ هو أم باطل، فإن صدّقوك وصنعت ما سألناك صدّقناك، وعرفنا به منزلتك من الله تعالى، وأنه بعثك رسولاً كما تقول. فقال لهم صلوات الله عليه وسلامه:
ما بهذا بعثت إليكم إنما جئتكم من الله تعالى بما بعثني به وقد بلّغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردّوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم.
قالوا: فإذا لم تفعل هذا لنا فخذ لنفسك! سَلْ ربك أن يبعث معك مَلَكاً يصدّقك بما تقول ويراجعنا عنك، واسأله فليجعل لك جناناً وقصوراً وكنوزاً من ذهب وفضة يغنيك بها عمّا نراك تبتغي فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربّه هذا وما بعثت بهذا إليكم ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً ـ أو كما قال ـ فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظّكم في الدنيا والآخرة وإن تردّوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم
قالوا: فاسقط السماء علينا كسَفاً كما زعمت أن ربّك إن شاء فعل فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ذلك إلى الله عز وجل إن شاء أن يفعله بكم فعل
قالوا: يا محمد، أَفَما عَلم ربّك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب، فيتقدّم إليك فيعلمك بما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذ لم نقبل منك ما جئتنا به. إنه قد بلغنا أنك إنما يعلّمك هذا رجل من اليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبداً، فقد أعذرنا إليك يا محمد، وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلكك أو تهلكنا.
وقال قائلهم: نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله. وقال قائلهم: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلاً.
فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قام عنهم وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وهو ابن عمته، هو لعاتكةَ بنت عبد المطلب، فقال له: يا محمد! عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أموراً ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول، ويصدقوك ويتبعوك فلم تفعل! ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ومنزلتك من الله فلم تفعل! ثم سألوك أن تعجّل لهم بعض ما تخوّفهم به من العذاب فلم تفعل! ـ أو كما قال له ـ فوالله لا أؤمن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سُلَّماً، ثم تَرْقَى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها، ثم تأتي معك بصَكٍّ معه أربعةٌ من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول. وأيْم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك! ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزيناً آسفاً لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه، ولما رأى من مباعدتهم إياه
2- قال تعالى:
حم ﴿ ١ ﴾ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴿ ٢ ﴾ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿ ٣ ﴾ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴿ ٤ ﴾ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴿ ٥ ﴾ فصلت
قال الملأ من قريش وأبو جهل قد التبس علينا أمر محمد، فلو التمستم رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم أتانا ببيان من أمره فقال عتبة بن ربيعة:
والله لقد سمعت الكهانة والشعر والسحر، وعلمت من ذلك علماً لا يخفى عليّ إن كان كذلك. فقالوا: إيته فحدّثه.
فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: يا محمد! أنت خير أم قصيّ بن كلاب؟ أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟ فبم تشتم آلهتنا، وتضلل آباءنا، وتسفِّه أحلامنا، وتذم ديننا؟ فإن كنت إنما تريد الرياسة عقدنا إليك ألويتنا فكنت رئيسنا ما بقيت، وإن كنت تريد الباءة زوجناك عشر نساء من أي بنات قريش شئت، وإن كنت تريد المال جمعنا لك ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك، وإن كان هذا الذي يأتيك رَئِياً من الجن قد غلب عليك بذلنا لك أموالنا في طلب ما تتداوى به أو نغلب فيك
والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت، فلما فرغ قال: «قد فرغت يا أبا الوليد؟»
قال: نعم. قال فاسمع مني
فقال: «يا ابن أخي اسمع»
قال: { بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ حـمۤ * تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } إلى قوله: { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } فوثب عتبة ووضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم، وناشده الله والرحمَ ليسْكُتَّنّ، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش فجاءه أبو جهل فقال: أصبوتَ إلى محمد؟ أم أعجبكَ طعامه؟ فغضب عتبة وأقسم ألا يكلم محمداً أبداً، ثم قال: والله لقد تعلمون أني من أكثر قريش مالاً، ولكني لما قصصت عليه القصة أجابني بشيء والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر ثم تلا عليهم ما سمع منه إلى قوله: { مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } وأمسكت بفيه وناشدته بالرَّحِم أن يكفّ، وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب، فوالله لقد خفت أن ينزل بكم العذاب يعني الصاعقة. وقد روى هذا الخبر أبو بكر الأنباري في كتاب الردّ له عن محمد بن كعب القرظي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ «حمۤ. فُصِّلَتْ» حتى انتهى إلى السجدة فسجد وعتبة مصغ يستمع، قد اعتمد على يديه من وراء ظهره. فلما قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة قال له: " يا أبا الوليد قد. سمعتَ الذي قرأتُ عليك فأنت وذاك "
فانصرف عتبة إلى قريش في ناديها فقالوا: والله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي مضى به من عندكم. ثم قالوا: ما وراءك أبا الوليد؟ قال: والله لقد سمعت كلاماً من محمد ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة، فأطيعوني في هذه وأنزلوها بي خلُّوا محمداً وشأنه واعتزلوه، فوالله ليكونن لما سمعت من كلامه نبأ، فإن أصابته العرب كُفِيتموه بأيدي غيركم، وإن كان ملكاً أو نبياً كنتم أسعد الناس به لأن مُلْكَه مُلْككُم وَشَرَفه شرفُكم.
فقالوا: هيهات! سحرك محمد يا أبا الوليد. وقال: هذا رأيي لكم فاصنعوا ما شئتم.
قوله تعالى: { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } الأكِنة جمع كِنانٍ وهو الغطاء
قال مجاهد: الكنان للقلب كالجنة للنبل. { وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ } أي صَمَم فكلامك لا يدخل أسماعنا، وقلوبنا مستورة عن فهمه. { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } أي خلاف في الدين، لأنهم يعبدون الأصنام وهو يعبد الله عز وجل. قال معناه الفراء وغيره. وقيل: ستر مانع عن الإجابة. وقيل: إن أبا جهل استغشى على رأسه ثوباً وقال: يا محمد بيننا وبينك حجاب. استهزاء منه. حكاه النقاش وذكره القشيري. فالحجابُ هنا الثوب. { فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } أي اعمل في هلاكنا فإنا عاملون في هلاكك
قاله الكلبي. وقال مقاتل: اعمل لإلهك الذي أرسلك، فإنا نعمل لآلهتنا التي نعبدها. وقيل: اعمل بما يقتضيه دينك، فإنا عاملون بما يقتضيه ديننا.
تاسعا – نساء من نساء النبي
(إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿ ١١ ﴾الحجرات
يقول القرطبي في تاريخه :
نزلت في امرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سَخِرَتَا من أمّ سَلَمَة وذلك أنها ربطت حِقْوَيْهَا بِسَبَنِيَّة - وهي ثوب أبيض - وسدلت طرفها خلفها فكانت تجره، فقالت عائشة لحفصة: انظري إلى ما تجر خلفها كأنه لسان كلب فهذا كان سخريتها
وقال أنس: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم، عيرن أمّ سَلَمَةَ بالقصر
وقال عكرمة عن ابن عباس: إن صفية بنت حُيَيّ بن أخْطَب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن النساء يعيرنني ويقلن: يا يهودية بنت يهوديين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هَلا قلتِ: إن أبي هارون، وإن عمي موسى، وإن زوجي محمد. فأنزل الله تعالى هذه الآية
2- قال تعالى:
وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ﴿ ٣ ﴾ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ﴿ ٤ ﴾ عَسَىٰ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ﴿ ٥ ﴾ التحريم
قال هاشم الحسيني البحراني في تفسيره :
الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثني محمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال:
وجدت حفصة رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع أم إبراهيم في يوم عائشة، فقالت: لأخبرنها. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): “اكتمي ذلك، و هي علي حرام”. فأخبرت حفصة عائشة بذلك، فأعلم الله نبيه (صلى الله عليه و آله)، فعرف حفصة أنها أفشت سره، فقالت له: من أنبأك هذا؟ قال: “نبأني العليم الخبير”. فآلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) من نسائه شهرا، فأنزل الله عز اسمه: { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا }
قال ابن عباس: فسألت عمر بن الخطاب: من اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: حفصة و عائشة
عاشرا- الذين اهدر النبي دمهم يوم فتح مكه ولو كانوا متعلقين باستار الكعبه
عند فتح مكه حرم رسول الله (ص)على جيشه القتال في مكة الامجموعه من (22) نفر ممن اهدر النبي دمهم حتى لو كانوا متعلقين باستار الكعبه وذلك لجنايات ارتكبوها استحقوا بها القتل
وهم :
1-عبد العزى بن خطل
2 -عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح
3 -عكرمة بن أبي جهل
4 - الحويرث بن نقيدر
5 - مقيس بن صبابة
6 - هبار بن الأسود
7 - الحويرث بن الطلاطل الخزاعي
8 - كعب بن زهير
9 - وحشي بن حرب
10 - سارة مولاة عمرو بن هاشم بن المطلب، بن عبد مناف
11 - هند بنت عتبة
12 - أرنب، مولاة ابن خطل
13 - فرتنا. قينة لابن خطل
14 - قريبة. قينة أخرى لابن خطل
15 - صفوان بن أمية
16 - الحارث بن هشام
زهير بن أمية، أخو أم سلمة زوج الرسول «صلى اللّه عليه و آله» 17 -
18 - عبد اللّه بن ربيعة
19 - زهير بن أبي سلمى
أسيد بن إياس (أناس)20-
21 - عبد اللّه ابن الزبعرى
22 - هبيرة بن أبي وهب
وقد اعدم الجيش ثلاثه في مكه
والذين تم إعدامهم بمكة يوم الفتح هم ثلاثة رجال فقط وهم
1 -عبد الله بن خطل
يقول السيد جعفر مرتضى العامله في كتابه الصحيح من السيره النبويه :
و قد أهدر النبي «صلى اللّه عليه و آله» دم ابن خطل، و كان اسمه عبد العزى، و كان قد أسلم، فسماه رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» عبد اللّه، و هاجر إلى المدينة، و بعثه رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» ساعيا، و بعث معه رجلا من خزاعة (أو من أسلم، أو من الروم) ، و كان يصنع له طعامه و يخدمه، فنزلا في مجمع هو المكان الذي تجتمع الأعراب يؤدون فيه الصدقة فأمره أن يصنع له طعاما، و نام نصف النهار، و استيقظ،
و الخزاعي نائم، و لم يصنع له شيئا، فعدى عليه فضربه فقتله، و ارتد عن الإسلام، و ساق ما أخذ من الصدقة، و هرب إلى مكة
فقال له أهل مكة: ما ردك إلينا؟
قال: لم أجد دينا خيرا من دينكم
و كان يقول الشعر يهجو به رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله
و كانت له قينتان، و كانتا فاسقتين، فيأمرهما ابن خطل أن يغنيا بهجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله
و عن أنس قال: دخل رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» مكة يوم الفتح على رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل، فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله : اقتلوه
وزاد في نص آخر قوله: إن الكعبة لا تعيذ عاصيا، و لا تمنع من إقامة حد واجب. فقتله سعيد بن حريث، و أبو برزة،
و لما دخل رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» إلى ذي طوى، أقبل ابن خطل من أعلى مكة مدججا بالحديد، على فرس، و بيده قناة. فمر ببنات سعيد بن العاص، فقال لهن: أما و اللّه لا يدخلها محمد حتى ترين ضربا كأفواه المزاد
قالوا: ثم خرج حتى انتهى إلى الخندمة، فرأى خيل اللّه، و رأى القتال، فدخله رعب، حتى ما يستمسك من الرعدة، فرجع حتى انتهى إلى الكعبة،
فنزل عن فرسه، و طرح سلاحه، و أتى البيت، فدخل تحت أستاره، فأخذ رجل من بني كعب سلاحه، و أدرك فرسه عائرا، فاستوى عليه، و لحق برسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» بالحجون، و أمر «صلى اللّه عليه و آله» بقتله
بل زاد على ذلك: بأن ارتد عن الإسلام، و استولى على ما كان في يده من أموال الصدقة، و هرب إلى مكة، و صار يقول الشعر في هجاء رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» .. و يأمر جاريتيه بأن يغنيا بهجائه صلى اللّه عليه و آله
مع أنه لو اقتصر على الجريمة الأولى، لأمكن أن يكون له مخرج، بأن يعفو ولي المقتول، فيسقط القصاص. و لعل العفو يأتي من قبل النبي «صلى اللّه عليه و آله» مباشرة إذا رأى المصلحة في ذلك، فإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم
و لكن شدة خبث سريرة هذا الرجل، و سوء نواياه، قد حجب اللطف الإلهي عنه، و وكله اللّه سبحانه إلى نفسه على قاعدة:
( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اَللَّهُ قُلُوبَهُمْ )الصف
فساقته شقوته إلى الإيغال في طريق الغي، فقد كان من الذين يقول اللّه تعالى فيهم:
وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ اَلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ اَلغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَ كَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ
الكعبة لا تعيذ عاصيا و لا تمنع من إقامة الحد: ثم إننا نقول
1-إن ابن خطل قد ارتكب جرائمه في حرم اللّه تعالى، فاستحق العقوبة عليها، و لا تراعى له حرمة في ذلك، لأنه لم يراع حرمات اللّه في حرم اللّه. و لو أنه ارتكب جرمه خارج الحرم، ثم دخل الحرم متعوذا لكان اللازم هو التضييق عليه حتى يخرج منه، ليؤخذ، و يقام عليه الحد الواجب.. و ذلك واضح لا يخفى
2- إن دخول ابن خطل تحت أستار الكعبة، يدل على معرفته بأن رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» يعظم بيت اللّه، و لا يمكن أن يفعل أي شيء يؤدي إلى هتك حرمته، أو المساس بقدسيته
و قد فاته: أن تطهير البيت من دنس الشرك و المشركين، و كبح جماح المجرمين، و الذين تجرؤوا على حرمات اللّه، في حرم اللّه، و عند بيته المعظم- إن ذلك-لا يتنافى مع تعظيم البيت و تكريمه، بل هو واجب إلهي، و فرض إنساني و أخلاقي لا بد من تأديته على أكمل وجه و أتمه
فليس لهؤلاء أن يتوقعوا أن يتركوا يمارسون هتك حرمة بيت اللّه، ثم يتخذون من الكعبة ملاذا و معاذا، يمنع من التصدي لهم لإقامة حدود اللّه عليهم، و ردعهم عن معصية اللّه في حرم اللّه
2 - الحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد قصى
وقد قتله علي بن أبي طالب، وهو يحاول الهرب من مكة يوم تحريرها فقد قال الواقدي:
وأما الحويرث بن نقيذ فإنه كان يؤذى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأهدر دمه، فبينا هو في منزله يوم الفتح قد أغلق بابه عليه وأقبل على - عليه السلام - يسأل عنه، فقيل هو في البادية فأخبر الحويرث أنه يطلب، وتنحّى عليّ عن بابه، فخرج الحويرث يريد أن يهرب من بيت آخر، فتلقاه علي فضرب عنقه
وأنه كان ممن يؤذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه نخس الجمل الذي يحمل فاطمة وأم كلثوم ابنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرماهما أرضًا وهما في طريقهما إلى المدينة مهاجرتين
3 - مقيس بن صبابة
فقد نفذ فيه ابن عمه حكم الإِعدام بين الصفا والمروة. وقد نفذ حكم الإِعدام في مقيس قصاصًا، لأنه قتل رجلا من المسلمين ثم ارتد. فقد ذكر ابن إسحاق أن مقيس بن صبابة كان أخوه هشام (كان مسلمًا) قد قتله رجل بن الأنصار خطأ، حين ظنه من المشركين وذلك في غزوة بني المصطلق. فأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن تدفع إلى مقيس دية أخيه هشام (وكان مقيس قد قدم المدينة) فلما أخذ الدية عدا على الأنصاري فقتله، ثم هرب إلى مكة مشركًا
4 - عبد الله بن ابي سرح
1- قال تعالى:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ( 93 ﴾الانعام
وقوله تعالى{ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ } أي ومن أظلم ممن قال سأنزل، والمراد عبد الله بن أبي سَرْح الذي كان يكتب الوَحْيَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ٱرتدّ ولَحِق بالمشركين.
وسبب ذلك فيما ذكر المفسرون: أنه لما نزلت الآية التي في «المؤمنون»:{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } [المؤمنون: 12]
دعاه النبيّ صلى الله عليه وسلم فأملاها عليه فلما انتهى إلى قوله «ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ» عَجِب عبد الله في تفصيل خلق الإنسان فقال: «تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَن الْخَالِقِينَ».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هكذا أنزلت عليّ»
فشك عبد الله حينئذ وقال: لئن كان محمد صادقاً لقد أوحِيَ إليّ كما أوحِي إليه، ولئن كان كاذباً لقد قلتُ كما قال. فارتدّ عن الإسلام ولحِق بالمشركين فذلك قوله: «وَمَنْ قَالَ سَأنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ» رواه الكلبي عن ابن عباس. وذكره محمد بن إسحاق قال حدّثني شَرَحْبِيل قال:
" نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح «وَمَنْ قَالَ سَأنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ» ٱرتدّ عن الإسلام، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أمر بقتله وقتل عبد الله بن خَطَل ومِقْيَس بن صُبَابة ولو وُجدوا تحت أستار الكعبة ففرّ عبد الله بن أبي سرح إلى عثمان وكان أخاه من الرضاعة، أرضعت أمُّه عثمانَ، فغيّبه عثمان حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما ٱطمأن أهل مكة فاستأمنه له فصمَت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً ثم قال:
«نعم». فلما ٱنصرف عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما صَمَتُّ إلا ليقوم إليه بعضُكم فيضربَ عُنُقَه».
فقال رجل من الأنصار: فهلاّ أوْمَأْتَ إليّ يا رسول الله؟ فقال: «إن النبي لا ينبغي أن تكون له خائنة الأعين
5 - عكرمة بن أبي جهل
أما عكرمة بن أبي جهل، فإنه إنما أمر بقتله، لأنه كان هو و أبوه أشد الناس أذية للنبي «صلى اللّه عليه و آله» ، و كان أشد الناس على المسلمين
و لما بلغه أن النبي «صلى اللّه عليه و آله» أهدر دمه فرّ إلى اليمن، فاتبعته امرأته و هي بنت عمه، أم حكيم بنت الحارث بن هشام بعد أن أسلمت، فوجدته في ساحل البحر يريد أن يركب السفينة و قيل: وجدته في السفينة فردته
و روي: أن عكرمة قال:
بلغني أن رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» نذر دمي يوم الفتح، و كنت في جمع من قريش بأسفل مكة فلقينا هناك خالد بن الوليد، فأوقع بنا، فهربت منه أريد أن ألقي نفسي في البحر، و أموت تائها في البلاد قبل أن أدخل في الإسلام، فخرجت حتى انتهيت إلى الشعيبة
و كانت زوجتي أم حكيم بنت الحارث امرأة لها عقل، و كانت قد اتبعت رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» ، فدخلت على رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» ، فقالت: يا رسول اللّه، إن ابن عمي قد هرب يلقي نفسه في البحر، فأمنه
و عن سعد بن أبي وقاص، عن عروة: أن عكرمة ركب البحر، فأصابتهم ريح عاصف، فنادى عكرمة اللات و العزى، فقال أهل السفينة: أخلصوا، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا
فقال عكرمة: و اللّه لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره، اللهم لك عهدا، إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفوا غفورا كريما، فجاء و أسلم
و قيل: وقع بصره على دفة السفينة، فرأى عليها مكتوبا: وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ اَلْحَقُّ و كان معه محك، فأراد أن يمحو به تلك الكتابة فلم يستطع، فعلم أنه كلام الحق جل و علا، فوقع في باطنه تغيّر
و في المشكاة: أن عكرمة هرب حتى قدم اليمن، فسافرت أم حكيم حتى قدمت عليه اليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم، و ثبتا على نكاحهما
و قالوا: إن أم حكيم قالت لرسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» : يا رسول اللّه، قد ذهب عكرمة عنك (أو هرب عكرمة منك) إلى اليمن، و خاف أن تقتله، فأمنه يا رسول اللّه
فقال رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» : هو آمن
فعاد واسلم
6- صفوان بن اميه
و لما علم صفوان بن أمية أن النبي «صلى اللّه عليه و آله» أهدر دمه يوم فتح مكة، هرب مع عبد له، اسمه يسار إلى جدة
و قالوا: خرج صفوان بن أمية يريد جدة ليركب منها إلى اليمن، فقال عمير بن وهب: يا نبي اللّه، إن صفوان بن أمية سيد قومي و قد خرج هاربا منك، ليقذف نفسه في البحر، فأمنه
فقال «صلى اللّه عليه و آله» : أدرك ابن عمك، فهو آمن
فقال: أعطني آية يعرف بها أمانك، فأعطاه «صلى اللّه عليه و آله» عمامته لعمير التي دخل بها مكة
فرجع معه صفوان حتى انتهى إلى رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» و هو يصلي بالمسلمين العصر في المسجد، فلما سلم رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» صاح صفوان: يا محمد، إن عمير بن وهب جاءني ببردك، و زعم: أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرا، و إلا سيّرتني شهرين
فقال: انزل أبا وهب
قال: لا و اللّه حتى تبين لي
قال: بل لك تسيير أربعة أشهر
فنزل صفوان
و لما خرج رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» إلى هوازن أرسل الى صفوان يستعير سلاحه، فأعاره سلاحه، مائة درع بأداتها، فقال: طوعا أو كرها
قال «صلى اللّه عليه و آله» : عارية مؤداة
فأعاره، فأمره رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» فحملها إلى حنين، فشهد حنينا و الطائف، ثم رجع «صلى اللّه عليه و آله» إلى الجعرانة، فبينا رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» يسير في الغنائم ينظر إليها
و فرق غنائمها، فرأى رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» صفوان ينظر إلى شعب ملآن نعما و شاء و رعاء، فأدام النظر إليه، و رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» يرمقه، فقال: «يا أبا وهب يعجبك هذا الشعب» ؟
قال: نعم
قال: هو لك و ما فيه
فقبض صفوان ما في الشعب، و قال عند ذلك: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا اللّه، و أن محمدا عبده و رسوله و أسلم مكانه
وأن مراجعة تاريخ صفوان، لا تشجع على تصديق ما يذكرونه عنه بانه حسن اسلامه ، فهو قبل أن يتظاهر بالإسلام كان من المعاندين و الجاحدين، الذين يجهدون لإطفاء نور اللّه تبارك و تعالى بماله، و بلسانه، و بيده
و إذا تتبعنا أحوال هذا النوع من الناس، فقد لا نعثر على أي واحد منهم يمكن الإطمينان إلى إخلاصه و سلامة دينه، بعد أن أظهر الإسلام
و يكفي أن نذكر: أن صفوان هو الذي أخرج خمس مائة دينار ليجهز بها جيش المشركين إلى بدر
و هو الذي ضمن لعمير بن وهب قضاء دينه، و أن يضم عياله إلى عياله، على أن يقتل محمدا «صلى اللّه عليه و آله» ، إذا أصيب في هذا السبيل، ثم جهزه و أرسله إلى المدينة، لينفذ ما تآمرا عليه
7-هند بنت عتبه (اكله الكبود)
و هي التي شقت عن كبد حمزة بن عبد المطلب، عم رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» ، و لاكت كبده
عن هند بنت عتبة، و هي تذكر رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» فتقول
أنا عاديته كل العداوة، و فعلت يوم أحد ما فعلت من المثلة بعمه و أصحابه، و كلما سيّرت قريش مسيرة فأنا معها بنفسي أو معينة لقريش، حتى إن كنت لأعين كل من غزا إلى محمد، حتى تجردت من ثيابي،
و عن عبد اللّه بن الزبير: أن هندا أتت رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» و هو بالأبطح، فأسلمت، و قالت: الحمد للّه الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه، لتمسني رحمتك يا محمد، إني امرأة مؤمنة باللّه، مصدقة به
ثم كشفت عن نقابها، فقالت: أنا هند بنت عتبة
فقال رسول اللّه «صلى اللّه عليه و آله» : «مرحبا بك
فقالت: يا رسول اللّه، و اللّه، ما كان على وجه الأرض من أهل خباء أحب إلي من أن يذلوا من خبائك، و لقد أصبحت و ما على الارض أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من خبائك
ومن شعر هند بنت عتبه تقول
نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر * ولا أخي وعمه بكري
شفيت نفسي وقضيت نذري * شفيت وحشي غليل صدري
فشكر وحشي على عمري * حتى ترم أعظمي في قبري
وقالت شعرا لتحرض الجيش على القتال
شهدت هند معركة أحد، مع المشركين، وكانت تحرضهم على قتال المسلمين،
وقرأتْ أبياتا بعد المعركة بشأن انتقام أقاربها في معركة بدر؛ فإن أباها عتبة وعمها شيبة، وأخاها الوليد، قتلوا فيها ومِن هنا كانت هند تدعو قريش بعد معركة بدر للثأر من المسلمين
تمثيلها بحمزة وشهداء أحد
أمرت هند في معركة أحد غلامها وحشيا بقتل أحد الثلاثة: محمد،صلی الله عليه وآله وسلم علي،عليه السلام حمزة،عليه السلام فقتل وحشي حمزة، وبقرت هند صدره وبطنه،وأخرجت كبده فمضغتها بأسنانها، ثم ذهبت بأعضاء حمزة التي مثّلت بها إلى مكة.
وأنشدت أبياتا في تمثيلها بجسد حمزة
وقد وصفها النبي صلی الله عليه وآله وسلم بآكلة الأكباد، وذلك عندما لاكت كبد حمزة في معركة أحد، وكان أبناؤها يدعون بأبناء آكلة الأكباد.
وبعد أن مثلت هند ومَن معها من النساء المشركات بجثث شهداء معركة احد اتخذت هند من الآذان والأنوف قلائد وأساور
انها خلاصه الحقد الاموي وفقدان القيم الانسانيه استحقت هدر دمها بجداره
ونكتفي بعرض هذه النماذج من المجرمين المحاربين لله ولرسوله وللقيم الانسانيه
احد عشر – المنافقون
(بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) ﴿ ١٣٨ ﴾ النساء
عانى رسول الله (ص) من المنافقين اكثر مما عانى من المشركين والكفار وقد نزلت سوره كامله باسم (المنافقون) واربعه وعشرين ايه متفرقه اخرى وقد اخبر الله رسوله بقسم منهم واخبره بمعرفه الاخرين بلحن القول وتكتمت قريش بنشر اسماء من عرفت لانهم من ساداتها وليس من عامه الناس وغالبا مايشار اليهم بكلمه ( فلان ) او (رجل)
قال تعالى :
1 - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ﴿ ١٣٧ ﴾ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿ ١٣٨ ﴾ النساء
يقول الفيض الكاشاني في تفسيره
نزلت في الذين آمنوا برسول الله اقراراً لا تصديقاً ثم كفروا لما كتبوا الكتاب فيما بينهم أن لا يردوا الأمر في أهل بيته أبداً فلما نزلت الولاية وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الميثاق عليهم لأمير المؤمنين عليه السلام آمنوا اقراراً لا تصديقاً فلما قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم كفروا فازدادوا كفراً
وقال العياشي عن الباقر عليه السلام قال هما والثالث والرابع وعبد الرحمن وطلحة وكانوا سبعة (الحديث) وذكر فيه مراتب ايمانهم وكفرهم
وعن الصادق عليه السلام نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا برسول الله في أول الأمر ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية حيث قال من كنت مولاه فعليّ مولاه ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام حيث قالوا له بأمر الله وأمر رسوله فبايعوه ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فلم يقروا بالبيعة ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الإِيمان شيء،
وفي رواية أخرى عنهما عليهما السلام نزلت في عبد الله بن أبي سرح الذي بعثه عثمان إلى مصر قال وازدادوا كفراً حتى لم يبق فيه من الإِيمان شيء وفي أخرى من زعم أن الخمر حرام ثم شربها ومن زعم أن الزنا حرام ثم زنى ومن زعم أن الزكاة حق ولم يؤدها { لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } إلى الجنة لأن بصائرهم عميت عن الحق فلا يتأتى منهم الرجوع إليه
وقال تعالى :
2 - يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ﴿ ٦٤ ﴾التوبه
وقد مر تفسيرها في مجموعه اهل العقبه
3- وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا( ٦١ )النساء
4 - فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴿ ٨٨ ﴾ النساء
5 - وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴿ ١٤٠ ﴾ النساء
6 - إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿ ١٤٢ ﴾النساء
7- إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴿ ١٤٥ ﴾النساء
8 - إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَٰؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿ ٤٩ ﴾الانفال
9 - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴿ ١٦٧ ﴾ال عمران
10 - الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿ ٦٧ ﴾التوبه
11 - يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(٧٣)
12 - وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ﴿ ١١ ﴾العنكبوت
13 - يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿ ١ ﴾ الاحزاب
14 - وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴿ ١٢ ﴾ الاحزاب
15 - لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿ ٢٤ ﴾ الاحزاب
16 - وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ( ٤٨) الاحزاب
17 - لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ﴿ ٦٠ ﴾الاحزاب
18 - لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿ ٧٣ ﴾الاحزاب
19 - وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴿ ٦ ﴾الفتح
20 -يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴿ ١٣ ﴾الحديد
21 - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿ ١١ ﴾الحشر
22 - إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴿ ١ ﴾المنافقون
23 - يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴿ ٨ ﴾المنافقون
24 - يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿ ٩ ﴾التحريم
اثنا عشر - الاعراب
((الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا
1- قال تعالى :
( وَمِنْهُمْ مَن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) التوبة، 58
كان الاعراب المنافقون يترقبون الفرص للصد عن الإسلام والطعن بالنبي صلّى الله عليه وآله بأثارة الشُبهة والاستنكار في عدالة القسمة وتوزيع اموال الزكاة والصدقات والغنائم، وايجاد الريبة في قلوب ضعفاء الايمان،
أورد البخاري في صحيحه عن هشام عن معمر، قال:
بينا رسول الله صلّى الله عليه وآله يقسم قسماً من غنائم حنين، اذ جاءه ابن ذي الخويصرة وهو حرقوص بن زهير التميمي (وهو رجل من بني تميم من اعراب نجد) فقال:
اعدل يا محمد، فقال: ويلك ومن يعدل اذا لم اعدل، فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله أتأذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال النبي صلّى الله عليه وآله: دعه فإن له اصحاباً يحتقر احدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
وقال تعالى:
2 - وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿ ٩٠ ﴾التوبه
3- قال تعالى :
(الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٩٧ ) التوبه
يؤكد العلامة الواحدي في تفسيره ( اسباب النزول) انها نزلت في اعراب اسد وتميم وغطفان
ويقول الشوكاني في تفسيره فتح القدير: ان كفر الاعراب سكان البوادي في نجد ونفاقهم اعظم من غيرهم وأشد، واولى ألا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله صلّى الله عليه وآله من الفرائض والسنن لانهم اغلظ طبعاً وأقسى قلباً وأكثر جهلاً
واخرج ابو الشيخ عن الكلبي ان هذه الآية نزلت في قبائل أسد وغطفان ، وقبيلتا أسد وغطفان يسكنان نجد
4 - قال تعالى :
وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿ ٩٨ ﴾التوبه
اي ان من الاعراب من يرون أن ما ينفقونه في الجهاد او الصدقة غرماً وخسارة لهم ولا يرجون لها ثواباً لانهم لا يؤمنون بالبعث البتة. وهم يجمعون الى الجهل بالانفاق سوء الدخلة وخبث القلب حيث ينتظرون ان تحل بكم الدواهي وغلبة العدو والشرور فتتبدل قوتكم الى ضعف وعزتكم الى ذل وانتصاراتكم الى هزيمة وإنكسار، فجعل الله تعالى هذه الاماني فيهم لا عليكم واحاطت بهم دائرة الهزيمة والشر والعذاب كما قال الاخفش والقرطبي بذلك
قال محمد رشيد رضا في تفسيره: عن ابن زيد في ان هذه الآية الكريمة نزلت في اعراب بني تميم واسد بن خزيمة وهوازن وغطفان ، ونحو ذلك ما قرره ابن البغوي في تفسيره وقال العلامة اثير الدين الاندلسي في التفسير الكبير: ان الآية نزلت في اعراب أسد وغطفان وتميم ، وهذه القبائل من عمق نجد واصولها
وقال تعالى :
5 - وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿ ٩٩ ﴾ التوبه
6- قال تعالى :
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴿ ١٠١ ﴾التوبه
يُخبر الله تعالى رسوله الكريم صلّى الله عليه وآله: ان في اعراب وقبائل نجد ممن حول المدينة منافقين ومنهم من يعيشون معكم داخل المدينة المنورة، مردوا على النفاق واقاموا عليه، وأزدادوا طغياناً، بحيث يخفون معالمهم وامارات كفرهم، وسوف نعذبهم في الدنيا وبعذاب القبر بعد الموت، وثم يُردّون الى يوم القيامة الى عذاب عظيم في نار جهنم. وقال العلامة اثير الدين الاندلسي في التفسير الكبير: ان الآية خصت اعراب عُصيّة ولحيان واشجع وغيرهم، فالأعراب الذين ورد ذكرهم في مثل هذه الايات الكريمة، كما فسرها العلماء واشاروا الى اسباب نزولها هم أهل نجد ومن على شاكلتهم
7 - قال تعالى :
مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿ ١٢٠ ﴾التوبه
يقول ابن كثير في تفسيره :
يعاتب تبارك وتعالى المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك من أهل المدينة ومن حولها من أحياء العرب، ورغبتهم بأنفسهم عن مواساته فيما حصل له من المشقة، فإنهم نقصوا أنفسهم من الأجر لأنهم { لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ } وهو العطش { وَلاَ نَصَبٌ } وهو التعب { وَلاَ مَخْمَصَةٌ } وهي المجاعة { وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ }. أي ينزلون منزلاً يرهب عدوهم { وَلاَ يَنَالُونَ } منه ظفراً وغلبة عليه { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } بهذه الأعمال التي ليست داخلة تحت قدرهم وإنما هي ناشئة عن أفعالهم أعمالاً صالحة وثواباً جزيلاً
8 - قال تعالى :
يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا ﴿ ٢٠ ﴾الاحزاب
ويقول ابن كثير في تفسيره :
وهذا أيضاً من صفاتهم القبيحة في الجبن والخور والخوف { يَحْسَبُونَ ٱلأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ } بل هم قريب منهم، وأن لهم عودة إِليهم، { وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِى ٱلأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَآئِكُمْ } أي ويودون إِذا جاءت الأحزاب أنهم لا يكونون حاضرين معكم في المدينة، بل في البادية يسألون عن أخباركم، وما كان من أمركم مع عدوكم، { وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ مَّا قَاتَلُوۤاْ إِلاَّ قَلِيلاً } أي ولو كانوا بين أظهركم، لما قاتلوا معكم إِلا قليلاً، لكثرة جبنهم وذلتهم، وضعف يقينهم، والله سبحانه وتعالى العالم بهم
9- قال الله تعالى:
( وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ ) سورة الفتح، الآية ٢٠
وذلك ان النبي صلّى الله عليه وآله لما قصد خيبر وحاصر اهلها، همّت اعراب المشركين من بني اسد وغطفان وكانوا احلافاً ليهود خيبر أرادوا ان يغيروا على اموال المسلمين وعيالهم بالمدينة المنورة، فكفّ الله ايديهم عنهم بإلقاء الرعب في قلوبهم،
وقيل ان مالك بن عوف وعُيينة بن حصين مع بني اسد وغطفان جاؤوا لنصرة اليهود في خيبر فقذف الله تعالى الرعب في قلوبهم وانصرفوا.
10- قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿ ١٦ ﴾الفتح
أي قل يا محمد صلّى الله عليه وآله: لهؤلاء الذين تخلّفوا عن الالتحاق بجيش المسلمين في غزوة الحديبية، انكم ستدعون الى قتال قوم مشركين اشداء في كفرهم وعنادهم، فتقاتلونهم او يسلمون من غير حرب ولا قتال. قال الزهري انها نزلت في بني حنيفة، اهل اليمامة (الرياض حالياً) من قبائل نجد، كما اشار اليه ابن كثير في تفسيره. وفي تفسير الطبري جامع البيان عن تاويل القران، عن قتادة قال (اولي بأس شديد) هم هوازن وغطفان في يوم حنين. وعن بشر عن يزيد هم هوازن وثقيف. وهذه القبائل إن كانت بني حنيفة او هوازن او غطفان او ثقيف فكلهم من اهم قبائل نجد المذمومة
11- قال تعالى :
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿ ١٤ ﴾ الحجرات
وفي تفسير الخازن وغيره انها نزلت في بني اسد ابن خزيمة وغطفان قدموا على النبي صلّى الله عليه وآله في سنة مجدبة فاظهروا الإسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر، فأفسدوا طرق المدينة بالقذارات وأغلوا اسعارها، وكانوا يغدون ويروحون الى رسول الله صلّى الله عليه وآله ويقولون أتتك العرب انفسهم على ظهور رواحلها وجئناك بالاثقال والعيال والذراري ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، يمنّون على رسول الله صلّى الله عليه وآله بذلك يريدون الصدقة ويقولون اعطنا
واخرج ابو الشيخ عن الكلبي ان هذه الآية نزلت في قبائل أسد وغطفان ، وقبيلتا أسد وغطفان يسكنان نجد
12- قال تعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ) الحجرات4
نزلت هذه الآية الكريمة في جفاة بني تميم من اعراب نجد، وقد قدم وفد منهم على النبي صلّى الله عليه وآله، فدخلوا المسجد على عادتهم من الجفاء وعلو الصوت في الكلام فنادوا النبي صلّى الله عليه وآله من وراء حجراته ان اخرج الينا يا محمد وفيهم الاقرع بن حابس، عيينة بن حصن، الزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم وعمرو بن الاهتم، من قبائل تميم وهوازن وأشجع وأسد. فاجتمعوا عند النبي صلّى الله عليه وآله بالمفاخرة والشعر وكثر اللغط والهرج عنده صلّى الله عليه وآله فأنزل الله تعالى الآية الكريمة:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض ) الحجرات 2.
لان رتبة النبوة والرسالة يجب ان توقّر وتُبجلّ ولا يكون الكلام مع الرسول صلّى الله عليه وآله كالكلام مع غيره
13- وقال الله تعالى:
( وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) النور
عن مجاهد: ان اقواما من الاعراب في نجد، في الجاهلية والإسلام كانوا يكرهون فتياتهم وإماءهم ونساءهم على الزنا ليأخذن اجوراً على بغائهن، طلباً للمال والربح، ويلّدن اولاداً ينسبونهم اليهم. وقال مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله، ان الآية الكريمة نزلت في عبد الله بن ابي سلول، رأس المنافقين، من بني تميم النجدية كانت عنده كثير من البنات والاماء، يكرههن على الزنا، وقد ولدن له كثيراً من الأولاد، كما يصفه ابن كثير في تفسيره ، فكرهت احداهن هذا العمل الشنيع، وحلفت ان لا تفعله مرة اخرى، فأكرهها اهلها على ذلك، فكان الوحي بالمرصاد، ونزلت الآية الكريمة،
وفي عشرات من الآيات البينات، يتناول القران الكريم كفر ونفاق ودجل وفساد اعراب نجد وقبائلها، ويكشف زيف اسلامها فضلاً عن ايمانها
وقال تعالى:
14 - سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿ ١١ ﴾الفتح